23 نوفمبر، 2024 10:22 ص
Search
Close this search box.

اعتزال متسرّع وتراجع أسرع

اعتزال متسرّع وتراجع أسرع

لا شكّ أنّ القرار الذي اتخذه زعيم تيّار الأحرار السيد مقتدى الصدر باعتزاله السياسة والتوّجه نحو إكمال دراسته العلمية والحوزوية , كان قرار مفاجئا لكل الأوساط السياسية , بالرغم من أنّه كان قرار صائبا و صحيحا, حيث استقبلته هذه الأوساط بدرجات متفاوته من اليقين , بل كان هنالك شبه إجماع على عدم جدّية هذا القرار وحتميّة التراجع عنه , لكنّ الشئ الذي لم يكن متوّقعا هو سرعة التراجع عن هذا القرار , ويبدو أنّ اللقاء الذي جمع مقتدى الصدر بعمار الحكيم في طهران , قد أنهى موضوع اعتزاله للعمل السياسي وإقناعه بضرورة العودة سريعا لممارسة دوره الناشط والمؤثر , ولربما أقنعه أيضا بأهمية عودته من أجل قطع الطريق على نوري المالكي الزاحف نحو الولاية الثالثة بقوة .

وبغض النظر عن أسباب ومسببات هذا التراجع السريع , فإنّ عودة مقتدى الصدر للحياة السياسية وبهذه القوة , ستشّكل عامل إزعاج حقيقي أمام مساعي رئيس الوزراء نوري المالكي للفوز بولاية ثالثة , وبكل تأكيد فإنّ زيارة عمار الحكيم إلى طهران ولقائه مقتدى الصدر , ترتبط ارتباطا وثيقا بالزيارة التي قام بها عادل عبد المهدي و أحمد الجلبي إلى أربيل ولقائهم بمسعود البارزاني , فكل المؤشرات تؤكد أنّ تحالفا باتت ملامحه واضحة , يجمع الأحرار والمواطن ومتحدّون والديمقراطي الكردستاني والوطنية بزعامة اياد علاوي , أي أنّ هذا التحالف سيكون تحت عنوان ( يا أعداء نوري المالكي اتحدوا ) .

وخطورة هذا التحالف لا تتعلق بقطع الطريق أما نوري المالكي بتوّلي رئاسة الحكومة القادمة , بل أنّ خطورة هذا التحالف تكمن في الثمن الذي سيدفعه الوطن العراقي مقابل قطع الطريق على نوري المالكي ومنعه من توّلي رئاسة الحكومة القادمة , فمن المؤكد أنّ مبررات كل طرف من هذه الأطراف باستبعاد نوري المالكي , تختلف عن مبررات الطرف الآخر , فكل طرف له قصة مع نوري المالكي , وإزاحته عن الحياة السياسية العراقية , بات هو القاسم المشترك لكل هذه الأطراف , فهي جميعا موتورة منه , لكنّ أخطر هذه المساعي تلك المتمثلة بالحلم التاريخي لمسعود في إنشاء الوطن القومي للأكراد , فمسعود لا يهمه أن يتحقق حلمه على أنقاض الوطن العراقي , ونوري المالكي قد أصبح حجر عثرة أمام تحقيق هذا الحلم , ولا بدّ من إزاحة هذا العائق لتحقيق أولا الاستقلال الاقتصادي الذي هو عماد الاستقلال السياسي , فوقوف نوري المالكي أمام مساعي مسعود البارزاني بالسيطرة على نفط حقول كردستان و إنتاجه وتصديره , أصبح يؤرق مسعود ولا بدّ من إحياء تحالف أربيل .

فعودة مقتدى الصدر القوية قد أنعشت الآمال مجددا بعودة الحياة لتحالف أربيل , سيّما وأنّ الأطراف الأخرى غير قادرة على زعزعة الاستقرار بنفس الإمكانات التي يمتلكها تيّار الأحرار , والدليل على ذلك هذه الدعوة للتظاهر في ما يطلق عليه بيوم المظلوم , فمن يعتقد أنّ مقتدى الصدر سيترك العمل السياسي يوما , واهم تماما , بالرغم من أن مواضبة الدرس واستكمال الدراسة الحوزوية هي ميدانه وميدان آبائه و أجداده الذين أبدعوا فيه , و استحوذوا من خلاله على قلوب مقلديهم و أتباعهم , لكنّها السياسة والمصالح , فمغرياتها باتت اليوم أكبر من مغريات العلم والاجتهاد .

أحدث المقالات

أحدث المقالات