23 ديسمبر، 2024 3:29 م

الاحزاب العراقية وغياب الخطط الاستراتيجية

الاحزاب العراقية وغياب الخطط الاستراتيجية

ان الاحزاب السياسية في العراق الجديد التي بدأت في وقتاً قريب نسبياً الذي لم يتجاوز الثمان سنوات تملك كل شئ تقريباً , سواء السلاح ,او الاعلام ,او المال, الذي هو اساس وجودها لكن دون ان نعلم مصدر هذا المال خصوصاً اذا علمنا ان العراق الجديد الذي يقوم على اساس القانون ! لم يشرع فيه حتى اللحظه قانوناً للاحزاب لتنظيمها و يلزمها بتقديم مصادر اموالها , التي يمكن ان تقسم الى مصدرين الاول هو المال العام الذي لا يستطيع احد  استغلاله الا الاحزاب الحاكمه و المتنفذة , و الثاني هو مصدر خارجي من دولاً اقليميه و غير اقليمية؛ و لكن الشئ الوحيد الذي لم يقدمه حزباً واحداً من هذه الاحزاب ( الكثيرة جداً التي يعتقد البعض انها حالة صحية في العملية السياسية في حين ان الوصف الصحيح لها هو الفوضى ) هو البرنامج الانتخابي الذي يمثل خطةً استراتيجيةً لحزباً جاداً في وعوده الانتخابية و له رغبة حقيقة في العمل من اجل بناء الدولة المدنية التي تضم مؤسسات هادفة تؤدي الدور المناط بها بكل مهنية و مصداقية.

ان البرنامج الانتخابي او السياسي محل حديثنا لا يشمل بأي حال من الاحوال الشعارات الانتخابية المبتذلة التي اصبحت محل سخرية المواطن العراقي البسيط قبل المثقف و الواعي ؛ و من ابرز هذه الشعارات (عدالة اجتماعية) او (حرية) او (دولة ديمقراطية) فهذه ليست وعوداً يسعى لتحقيقها الحزب الفلاني و يتجنبها الحزب الاخر بل هي حق شعبي و دستوري يجب على ما يتولى زمام الامر في العراق تحقيقه قبل ان يعمل لتحقيق برنامجه الانتخابي ؛ و ايضاً البرنامج الانتخابي ليس مجرد حبراً على ورق ينتهي بمجرد انتهاء الانتخابات بل سياسة شامله لمؤسسات الدولة سواء التعليمية او الامنية او الاقتصادية يجب تنفيذها في اطاراً زمني محدد و هو الدورة الانتخابية , و هو مايعني اتباع الاساليب الاكثر فاعلية و اهمية و السعي لتطبيقها بعيداً عن التبذير سواء في المال العام او الزمن ؛ في هذه الحالة فقط نستطيع ان نقول ان في العراق حزباً سياسياً متكامل و واقعي يضع حلولاً موضوعية للمشكلات التي يعيشها العراق بسبب فوضى عارمة اجتاحته بعد الاحتلال و سيطرة احزاباً متعشطة للسلطه و الهيمنه و المال فقط , بل من الخطأ ان تسمى احزاباً من الاساس ؛ و اعتقد انها تقف وراء عدم تشريع  قانون الاحزاب لانها تشريعه سيكشف الغطاء عنها و عن فضائها و فسادها و تبعيتها لدولاً مختلفة.

ان الوصول الى دولة ديموقراطية لا يمكن ان يتم الا بأتباع الوسائل الصحيحة ؛ فمن غير الممكن ان تكون الدوله ديموقراطية دون وجود ما ينضم الممارسات الديمقراطيه (سياسياً) و يضع حداً لفوضى اربكت المجتمع العراقي و ادت الى تقسيمه و اشعال الفتنه بين مكوناته بسبب ممارسات التكتلات التي تعرف بالاحزاب التي استغلت غياب القانون من اجل الكسب الانتخابي بل ذهب البعض منها الى ما هو ابعد من ذلك وقام بتأسيس جماعات مسلحة (الميليشيات) و التي لا يمكن ان توصف الا بالخارجه عن القانون و السؤال هنا كيف يمكن لمثل هذه الاحزاب (ان افترضنا انها احزاب) ان تؤسس دولة مدنيه تقوم على اساس القانون و احترام الاراء و التعددية ؟ و بالنتيجة وجود برامج انتخابية (خطة استراتيجية شاملة) و قبله قانون ينضم عمل هذه الاحزاب هو الوسيلة المثلى لحياة سياسية صحيحة , يكون فيها القانون جحراً لاساسها و هو يضعنا امام نتيجة لا مفر منها و هي ان ما يجري في العراق بعيداً كل البعد عن السياسه او ما يعرف بالعملية السياسية , بل الاصح ان تسمى فوضى سياسية , و ايضاً ان ما تستخدمه الاحزاب او التكتلات بشكلاً ادق هو شعارات سياسية و ليست برنامجاً انتخابياً حقيقياً و ان على الشعب ان يعي خطورة هذه الامر فهم يستغلون حقوقه التي نص عليها الدستور في الوصول الى المناصب التي تنفع من يصل اليها فقط.