الإسلام يقر العمل السياسي وفق شروط ومحددات، يحكمها الضابط الشرعي والادعاء خلاف ذلك، محض افتراء ينم عن جهل وقلة دراية، حيث يحاول أعداء الإسلام ترسيخ مفهوم يعلمون ببطلانه، لكن لديهم أهداف بعيدة من وراء إشاعته وترسيخه، هو الفصل بين الدين والسياسة، لذا أصبح هذا المفهوم سلاح بيد المتأسلمين لضرب الإسلاميين في الساحة السياسية، الآمر الذي جعل الإسلام السياسي يعيش حالة من التناقض بين الدفاع عن شرعية العمل السياسي، وبين الحصول على السلطة واستعجال تطبيق مايؤمنون به، دون الرجوع إلى تاريخ الدعوة الإسلامية وأهمية التدرج في عملية التطبيق، حرق المراحل هذا أوقع الإسلاميين في أخطاء عززت الدعوة الباطلة للفصل بين الدين والسياسة.
التيار الصدري كتيار إسلامي مرجعي، وقع بهذا الفخ الذي نصبه له بعض المتأسلمين، حيث تم استغفالهم أو استدراجهم على اسم الصدر، ليتم استغلال قوتهم كتيار شعبي مقاوم في الحصول على السلطة من قبل حزب الدعوة، بواسطة الإيحاء للشركاء باستخدام القوة ضد كل من يصوت لصالح أي مرشح من غير مرشحي حزب الدعوة ونال الجعفري ومن بعده المالكي رئاسة الحكومة.
وتعزز هذا بتنازل المجلس الأعلى عن المنصب لرفعه شعار (أم الولد)، ورغم أن التيار الصدري اختلف مع المالكي في الولاية الأولى، وانسحب من الحكومة في محاولة لإسقاط حكومته، لكنه عاد ليتخلى عن ثوابت عمل الإسلامي بالسياسة، ويرتدي ثوب سياسي بحت ويعمل بمبدأ ( الغاية تبرر الوسيلة)، وينقض تحالفه مع المجلس الأعلى ويتحالف مع المالكي وفق صفقات لا تمت للإسلام بصلة.
ليكرر الخطأ بحق نفسه وبحق أنصاره وبحق العراق ومستقبله، لتصل الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم، حيث ترك السيد مقتدى الصدر العمل السياسي إلى غير رجعه، لشعوره بصعوبة الحفاظ على اسم عائلته العريق والوفاء لأنصاره ومريديه، وسط هذا الانحراف في عمل التيار الذي قاده بعض النواب والوزراء المحسوبين على التيار الصدري.
هنا يقف أنصار التيار الصدري اليوم أمام مرحلة صعبة جدا، وهي التكفير عن ما اقترفه بعض المندسين في التيار بحق فقراء هذا الوطن، وإعادة بوصلة الأمور إلى ما طمح ويطمح إلية الشعب العراقي، ودفع لأجله التضحيات الجسام، خاصة العوائل العلمائية كآل الصدر وآل الحكيم وآل المبرقع وغيرها، الأكيد هذا لن يتحقق بسهولة، بل يحتاج إلى جهود مضاعفة تصل لدرجة المؤمن الذي يرتكب ذنب ويتضرع إلى السماء لطلب الغفران، بأبعاد من اندس في جسد التيار الصدري، وبما أن التيار الصدري تيار مرجعي يتماثل مع المجلس الأعلى، إضافة لتصريحات السيد مقتدى الصدر المتكررة بان الأقرب له ولأفكاره هو المجلس الأعلى، لذا وجب على أتباع الصدر التحالف والتعاون مع المجلس الأعلى والقوى الوطنية الأخرى، لغرض المساهمة بالتغيير، لإعادة الأمور إلى نصابها الأول، هذا يتم من خلال مشاركة واسعة واعية فاعلة بالانتخابات، تضع الالتزام بوصايا وتوجيهات المرجعية أولوية أولى، عندها لا نشك بأن الأمور عندما تصلح وفق هذه الرؤية، سيعود السيد الصدر بقوة وبفاعلية من جديد، ليقود هذا التيار الإسلامي والأصيل في الساحة السياسية في العراق…