انا وحيد تماما وليس معي سوى الحسين
……………………
من عاهات عصرنا ان الظواهر في كوكب الارض لاتكتسب اهميتها الا عبر المرور بالميديا الغربية ، لم تعد حضارتنا الغربية تنتج سوى المادة لاراحة الجسد حيث هنا راحة بدون سعادة ، في الحضارات الاخرى ثم سعادة وان انعدمت الراحة ، المخبز عندنا يشع لمعانا، النظاقة مرعية بادق التفاصيل ، الافران حديثة ودرجة حرارتها تضبط باجزاء الدرجة، البائعات مثل الورود، الخبز طازج ، لكنك تعرف بسرك ان ابتسامة البائعة الية مهنية لذلك يكون رغيف جارتنا هناك اشهى الخبز.
هنا يقولون جسدي لايعمل بصورة صحيحة هناك يقولون روحي لاادري مابها.
هنا قانون لكل شي وفي اي شي وهناك فوضى في كل شي ، هنا سهولة في كل شي وهناك صعوبة في كل شي، هنا الراحة وهناك السعادة.
عندما تكون بين الحرمين ، يختفي احساسك بالخوف من الموت وكلما ابتعدت عن الحسين ازددت رعبا من الموت.
هنا لاترى الجنائز ، تاتي بسيارت سوداء انيقة مظللة، هناك الاموات يطوفون مع الاحياء حول ضريح الحسين.
ارض فوقها النخيل وتحتها الحسين لايمكن ان تشعر فيها بالتعاسة وان انهكتك ظروف العيش.
تبعني احدهم قال لابد انك لست من هنا انا متاكد انك من هناك اريد ان اعرف كيف يمكنني الهروب من هنا ، قلت انت بوظيفة محترمة كمدرس لك بيت واهل واصدقاء حولك اعمامك واخوالك لغتك وبلدك ماذا يمكن ان تجد هناك لكنه اظهر اصرارا على تفنيد كل حجة اسوقها فقلت في كل دولة بالعالم ستجد مساجد وبيوت وفنادق وملاعب ومسارح ودور سينما وطرق وحدائق ومنتجعات ومقاه ومطاعم لكن في دولة واحدة يوجد الحسين فقط وانت اينما ذهبت ستجد انك تريد العودة الى الحسين.
وجد طلابه يتحلقون حوله وانسحب متمتما سابقى مع الحسين.
في يوم ما من شهر صفر يتحول العراق الى نهر من البشر ، اجساد متهالكة تحمل رايات خفاقة تمشي الى الحسين.
ظاهرة كونية غير مرصودة اتوقع لها ان تصبح مركزا للخلاص في كل انحاء العالم.
لم تعد كل الطرق تؤدي الى روما بل اصبحت كل الطرق تؤدي الى الحسين.
في يوم ما من شهر صفر في الشتاء الجاف القارص او الصيف الحارق بدرجة ٥٠ مئوية يتحول العراق الى خيط متصل
من الارواح الهائمة بحب الحسين.
مسيرة الحسين لايملكها دين ولا رجل دين ولا حزب ولا دولة ، مسيرة غير موجة وجهتها الحسين.
ملايين البشر تنطوي تحت اقدامهم مئات الكيلو مترات دون ان يشعروا كم مشوا.
صامتون حزانى يملا الدمع عيونهم.
في اليوم العادي يثور الانسان هناك لاي سبب وفي مسيرة الحسين عادة ماتعبر الناس عن مشاعرها بطريقة واحدة هي البكاء.
ان امرا ما هناك يجري ، انه ظهور الانسان.
في مسيرة الحسين لايحمل الناس نقودا ولايحملون اسلحة مع ان السلاح جزء من ثقافتهم اليومية.
يمشون ويمشون ويمشون فقط باتجاه الحسين.
مائدة متصلة على امتداد مئات الكيلومترات.
المضيفون يتوسلونك الى حد تقبيل اقدامك…
لاتدري ان كان الذي يعتني بقدميك تاجرا ام فقيرا طبيبا ام عامل بناء.
في كل دول العالم تجهد الشرطة لحماية الناس من بعضها في مسيرة الحسين تتقيد الشرور.
في المنقطعات بين المدن نشأ طريق الحسين في الاماكن التي تخلو من مضائف دائمة او مؤقتة تظل انت القادم من هنا تسئل اين يمكن ان تذهب
كل هذه الاعداد من البشر عندما يخيم الليل؟
قبل اذان المغرب بقليل كانت هناك الاف السيارات وزعت نفسها على الطريق واصحابها ينتظرون.
خلال دقائق يكون اهل القرى قد حملوا الزائرين بسياراتهم الى عمق الريف وفي الصباح يعيدونهم الى نفس المكان الذي التقطوهم منه.
ان الحسين ليس ردة فعل على مظلومية الناس هناك، هناك خان الحكام شعوبهم اضطهدوها سرقوها خدعوها كذبوا عليها حولوا حياتها الى حجيم لكن مع هذا فان مسيرة الحسين ليست ردة فعل انها فعل الاحساس بالحرية.
من اسيا اوروبا اميركا استراليا افريقيا تاتي الناس مشيا الى الحسين.
عندما لاتكون داخل هذه الظاهرة لايمكنك فهمها وعلى الاغلب انك تظنها ظاهرة دينية مذهبية وهي ليست كذلك انها ظاهرة انسانية وحسب.
ملايين البشر في عدة كيلومترات ، كان هناك دائما من يشكك بالارقام اعتقادا منه انها ارقام عقائدية الحقيقة ان بين الحرمين جنة ارضية يزدحم عليها بلا تدافع ملايين الناس.
يصلون الى الحسين…يسلمون عن بعد او يطوفون حول الضريح ثم يخرجون سراعا من المدينة فاسحين المجال لغيرهم بالزيارة.
عندما تكون بين ضريحي الامام الحسين والامام العباس ، بين الحرمين ، تشعر ان الحياة بعمق الحزن وليس بسطحية الفرح.
الوان ، لغات ، بشر بكل الاعمار ، من كل اصقاع الدنيا ، هناك فقط توجد سعادة مطلقة لذا تشعر بروحك ويفارقك الاحساس باهمية الجسد.
ماذا يمكنك ان تكتب عن مشاعر اناس يرددون بصدق لو قطعوا ارجلنا واليدين ناتيك زحفا ياحسين؟
انه شعار يحمل السلام بالمطلق فيه لايتوعد الانسان بالثار لنفسه بل يعد بان يواصل مسيرته نحو الحسين.