في أجواء الذكرى الثالثة عشرة لرحيل السيد محمد حسين فضل الله المرجع الديني والعلامة الذي عاش كل حياته من اجل الإسلام ومن اجل إعادة صناعة الخط الحضاري لهذه الامة من خلال الانطلاق رساليا من القاعدة القرأنية وايحاء النصوص المقدسة في الواقع مع ربطها بما هو مسند وقوي في المتن من أحاديث نبوية.
ان الخط الرسالي القرأني الذي عاش من اجله السيد فضل الله كل حياته هو كان الأساس الذي ارتكز عليه في مشروعه التغييري في الواقع , و كان احد مواقع السيد فضل الله ك “متخصص في الدين الإسلامي” هو خصوصيته الذاتية ك ” احد فقهاء المذهب الإسلامي الاثنى عشري الجعفري” و هو في مرحلة زمنية من الزمن بعد فراغ الساحة العلمائية من الامام الخميني و بعدها من استاذه السيد أبو القاسم الخوئي و احساسه ان المسئولية باتت تقع عليه لكي يحتل الموقع المرجعي للمسلمين الشيعة , و الذي لم يكن ليضيف له شيئا جديدا على المستوى الشخصي الذاتي , لأنه كان في موقع شخصي ذاتي مهم و مؤثر لبنانيا و عربيا و صاحب امتدادات حركية و علاقات ممتدة الى افريقيا و استراليا من خلال المكاتب التابعة و المؤسسات التي انشأها و أيضا الاتباع الشخصيين المتأثرين ثقافيا بما طرحه المرحوم فضل الله وأيضا علاقاته المتشعبة في التنظيمات الإسلامية الدولية حيث على سبيل المثال لا الحصر: هو كان صديق شخصي للمرحوم الشيخ يوسف القرضاوي.
اذن كان الإعلان عن مرجعيته الفقهية انطلاقا من التكليف الشرعي الخاص به كانسان متدين حيث حسب تصوري انه رأي الساحة العلمائية في خطر بعد رحيل الامام الخميني في الخصوص لما يمثله من حالة مميزة علمائية وبعد حركي وعمق ثقافي ديني وذكاء شخصي وعبقرية في ترتيب خطوط الصراع وأولوياته واخلاصه اللا متناهي الذي هو منتوج ايمانياته العرفانية وكذلك خطابه الشفاف المباشر الذي يصل الى قلوب الناس.
ان المرحوم الامام روح الله المصطفوي الخميني قد شكل حالة فريدة في الوسط العلمائي القمي و النجفي , و هي كان يمثل حالة لم يتم دراستها عربيا في شكل اكاديمي مستحق , حيث تم اغراقه في بحار البروباغندا و الدعايات الاعلامية الاستخباراتية المضللة عن واقع الرجل و حقيقة مشروعه الاسلامي , بالإضافة ان هناك تخلف “حاصر الرجل” وايضا معقدين طائفيا استهلكوا دعاية الحلف الربوي الطاغوتي العالمي ضد الامام الخميني بدون تفكير و لا تمحيص و لا تدقيق , بل ان هناك من الشخصيات الثقافية العربية من الذين ساهموا من باب العقدة الطائفية السخيفة في تشويه سمعة هذا الانسان المؤمن و هؤلاء أتصور ان عقابهم في يوم القيامة مضاعف لأنهم يعرفون انهم يكذبون و انهم يشوهون و انهم يفترون.
لقدد اكتشفت ان “أحدهم” كان يستقطع “سطرا واحدا” من كتاب فقهي صعب اختصاصي كلاسيكيا للفقهاء من تأليف الامام الخميني فيه أربعة الاف صفحة ؟!، ليقوم هذا الشخص في عمل فيلم دعائي ضد الرجل ومشروعه عن طريق استغلال هذا السطر الواحد ؟!، وفي موقع اخر نفس هذا الشخص اخذ “جزء من سطر واحد” من كتاب اخر ليعمل فيلم هندي من البكائيات والدعاية الردحية التشويهية، وهناك كذلك من زور ترجمات غير صحيحة لكتاب كشف الاسرار وهو كتاب قديم للمرحوم الامام الخميني، فقط لصناعة حالة “استحمار دعائي” ضد الرجل وحركته التي عاشها.
وكذلك ساهم في تشويه صورة الامام الخميني “الحالة المنحرفة” التابعة للجمهورية الإسلامية لما بعد وفاته، عندما تشكلت “الطبقة الاستخباراتية العسكرية المرتبطة مع مصالح تجارية داخلية وخارجية”، ك “منظومة حاكمة داخل الجمهورية الإسلامية المقامة على ارض إيران” لأن كلام روح الله المصطفوي الخميني ونهجه اخذ يشكل لهذه المنظومة الحاكمة، “ازعاج” وأيضا “احراج معرفي”، وكذلك شوكة في ضمائرهم، ومطالبات من الإسلاميين خارج تلك المنظومة ب “العودة الى الخط”.
لذلك تم اغراق الامام الخميني في مؤتمرات المدح والتبجيل بدون ذي معني او فائدة او منتوج معرفي ثقافي شارح لتجربة الرجل تعمل على تقييم “الخطوط الذي سار عليه “في ابعادها السياسية والدينية والانطلاقة الثقافية الفلسفية والعرفانية وارتباطها مع تاريخ الأرض الإيرانية التي استطاع الامام روح الله المصطفوي الخميني ان يؤسس الجمهورية الإسلامية ذات الدستور والقانون والمؤسسات ك “تجربة معرفية ثقافية في الواقع المعاصر للحكم الإسلامي ” وهي التجربة الام لكل التجارب الأخرى اللاحقة.
هذه المؤسسات الدستورية القانونية المعطلة عن العمل والحركة حاليا، ك “منتوج” الانتخابات المرتبة سلفا وك “نتيجة” خروج المرشد الحالي عن ارض الواقع وعيشه في عالم الاحلام والأوهام وهذا الموضوع ناقشناه في أكثر من موقع اعلامي وخبري سابقا والمسألة ليست تجريحا في شخص عمره أكثر من ثمانين سنة ومصاب في مرض السرطان، ومتوقع رحيله للرفيق الاعلى في أي وقت، هو تقييم أدائه وتوصيف دوره.
بكل الأحوال ان السيد على الخامنئي علينا ان نذكر للأنصاف انه كان صاحب تجربة طويلة في العمل السياسي والإداري، ولكنها مطالبة في عزله واستبداله أداء للتكليف الشرعي كما ذكرنا التي جائت ضمن حالة حياد في التقييم والمتابعة لما انتهت اليه الجمهورية الإسلامية من “قومية” في شعار اسلامي وحالة امتداد “المرضي” خارج أراضيها في شكل “غير طبيعي” وضمن نموذج أكثر من سيء وخاطئ من خلال مليشيات مسلحة تتحرك في مناطق تكون فيها الدولة الاصلية “فاشلة” وغير موجودة ؟! حيث أصبحت تلك المليشيات المسلحة تعمل لخدمة “حالة قومية إيرانية” وليس ضمن الانتماء الرسالي المعرفي الإيماني ب الجمهورية الإسلامية ك “تجربة وثقافة ” وانظمة في التربية والاقتصاد والسياسة والاجتماع والأمان المعيشي كان على نظام الجمهورية الإسلامية ان تتحرك فيها على ارض التطبيق ضمن حركتها الواقعية التنفيذية الملموسة داخل الجغرافيا الإيرانية بعيدا عن فقاعات الوهم الإعلامي والدعاية التي تنتجها مواقعها الردحية من قنوات فضائية وصحف وتنظيمات وشخصيات ممولة منهم وتحت سلم الرواتب والمدفوعات ومصالح الاستفادة الشخصية والعائلية.
ان حالة الحصار الدولي الخانق ضد الجمهورية الإسلامية المقامة على ارض إيران “مستمرة” وستستمر وستتواصل الى اسقاط التجربة من الوجود وهذا الوهم القومي الإيراني الحالي عند الطبقة الاستخباراتية العسكرية التجارية الحاكمة والمسيطرة على الجمهورية الإسلامية والذي يدفع به المرشد الحالي السيد على الخامنئي هو “فقاعة وهم” تم تفجيرها لأكثر من مرة على مدى السنين.
ان حلم إعادة دورها القومي “القديم” ك “شرطي للمنطقة” ضمن حالة تقاسم نفوذ بينهم وبين الامريكان والصهاينة بما يضمن استمرار المنظومة العسكرية الاستخباراتية التجارية في الحكم داخل ارض إيران ضمن الشعار الإسلامي للجمهورية الإسلامية وضمن استغلال المواقع الجغرافية لتواجد المسلمين الشيعة ك “رافعة” ومنطلق لتحقيق مصالح قومية إيرانية، ان كل ذلك وهم وفقاعات كلما تكبر ستنفجر.
بكل بساطة ان الحلف الطاغوتي الربوي العالمي والحركة الصهيونية لن يدعوا التجربة الإسلامية المعاصرة على الأرض الإيرانية ان تستمر وتمر عليهم وتخرج من سيطرة الحلف الطاغوتي الربوي العالمي والتحكم الصهيوني.
لأن “الجمهورية الإسلامية ” تختزن في ذاتها وداخل عمقها ثقافة رسالية حركية فلسفية عرفانية تريد صناعة نموذج إسلامي وهذا العمق الرسالي سيعود لينطلق إيجابيا في أي لحظة زمنية والحلف الطاغوتي الربوي العالمي والحركة الصهيونية لن تخاطر بذلك.
وهذا الامر شاهدناه واقعا يحدث امامنا في موقع اقل أهمية وليس إسلاميا وهو الموقع اليوغسلافي السابق والذي حاليا انتهي من الوجود ضمن تصفية قام بها الحلف الطاغوتي الربوي نفسه فما بالك مع التجارب الدينية الإسلامية؟
و هذا مع خصل مع الحصار والتصفية التي حصلت و التي كانت موجودة ضد الدولة الإسلامية في السودان كذلك اثناء محاولتها تطبيق الإسلام على ارض الواقع الى ان انهار النظام رغم انه تنازل عن كل شيء و لم يريد الا ان يبقي في السلطة ك “منظومة حاكمة مسيطرة” و لكن الحلف الطاغوتي الربوي العالمي لم يترك السودان لأنه الدولة الإسلامية في السودان أيضا لديها في عمقها “مشروع حضاري إسلامي” كان مرعبا لكل الحلف الطاغوتي الربوي العالمي , لذلك كانت كل هذه الهيستريا ضد السودان عندما حاول الحركة إسلاميا في الواقع , و هو لم يتركوه الا ليدمروه , و لا زالوا.
ان نظام الجمهورية الإسلامية المقام حاليا على ارض ايران , و الدولة الإسلامية التي “كانت” موجودة على ارض السودان وانهارت , هي تجارب في الحكم الديني المعاصر , لا زالت الجمهورية الإسلامية صامدة في البقاء مع سلبياتها وايجابياتها و مع دمار التجربة السودانية و التي للمناسبة قدم الإسلاميون هناك مراجعة لتجربتهم حسب ما علمت ضمن لقاء موسع تمت اقامته في العاصمة الخرطوم و ان لم تصلني نقاشات و حوارات هذا اللقاء النقدي المهم , و لكن ان تم نشر هذه الحوارات الناقدة و التي تراجع تجربة الدولة الإسلامية داخل السودان , فأني اتمني ان تتم مراجعتها و دراستها من الإسلاميين كافة في مختلف البلدان لكي لا يعيدون صناعة العجلة مرة أخرى ويتعلمون من التجربة.
اذن يمثل “الامام الخميني” الحركة والتجربة، “العمق المعرفي الفلسفي العرفاني والتجربة تاريخية مع كل التراث الفكري للمجموعة التأسيسية أمثال الدكتور على شريعتي “مفكر الثورة” ومرتضي مطهري “مفكر النظام والدولة”.
ان هذا التاريخ والعمق المعرفي أصبح يمثل للمنظومة العسكرية الاستخباراتية الحاكمة داخل الجمهورية الإسلامية “مشكلة” وأصبح إعادة اقوال وأفكار الامام الخميني هي الطريق للاعتقال والمحاكمة وأصبح عقلية ان الكل “عدو” هي السائدة إذا أراد أحد ان يتحرك إسلاميا !؟ وهذا جزء من نتائج الانتخابات المرتبة سلفا وعدم قدرة المؤسسات الدستورية هناك في حل التناقضات المجتمعية داخلها، لأنها أصبحت تعبر عن منظومة عسكرية استخباراتية تجارية مصلحية مسيطرة وحاكمة، ولا تعبر عن “الناس” وعن باقي الإسلاميين خارج هذه المنظومة.
مع وفاة الامام الخميني وغياب الأستاذ أبا القاسم الخوئي وأيضا انكشاف وضع السيستاني المريب امره وأيضا الضعيف فقهيا وحركيا والغائب ثقافيا والغير موجود كلاميا والغير حاضر في أي صلاة جماعة !؟ او في خطبة او في ندوة او في موقف او في أي تحرك، من دون أي إصدارات إسلامية او معرفية ذات قيمة او وزن، أعلن السيد فضل الله مرجعيته الفقهية.
وهذا من الأمور التي اثبت المستقبل صحة موقف السيد فضل الله بأنه اتخذها و قام بها حيث اثبت الزمن المستقبلي اللاحق الوضع المأساوي التي كانت تعيش فيه حوزة النجف آنذاك و هذا ما انكشف إعلاميا اكثر و بشكل اعمق مع الغزو الأمريكي للعراق الجريح ,وهذا ما يقوله و يوثقه الأستاذ “زهير الاسدي” في دراسته المعنونة “السيستاني في الميزان : ” إن من يعيش في هذا الزمان ( زمان الاحتلال, العولمة, دكاكين الأحزاب , بسطات المشاريع المستوردة ) ويشهد الأحداث الجارية في الساحة لا بد أن يصاب بالذهول – إن لم أقل المرارة والحيرة والاشمئزاز – للصمت غير المبرر لبعض المراجع التي من بينها مرجعية ( السيستاني) أزاء ما يجري للعراقيين بأيدي قوات الاحتلال والمرتزقة المتعاونين معهم وفئات اخرى , فمن المفترض برجل الدين الذي هذّبه القرآن الكريم وسيرة رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم و المعصومين عليهم السلام أن يكون من أول الشاعرين بمأساة إخوانه المسلمين, ومن السبّاقين بمد يد العون والمساعدة إليهم وقت الحاجة , والمدافعين عنهم وقت الشدة والأزمات بمواقفه وفتاواه التي تحرّم قتلهم واستباحة أعراضهم ومقدساتهم وممتلكاتهم , وتحرّم التعاون مع أعداءهم ضدهم, وينبغي بالمرجع أن يكون أبعد الجميع عن اللامبالاة والاستهتار بدماء المسلمين ومصيرهم , حيث حرمة دم المسلم أكبر من حرمة الكعبة نفسها كما هو مؤكد وثابت.
ولكن للأسف الشديد لم نر أو نسمع من مرجعية السيستاني ما يشير إلى أنه في الصورة المفترضة تلك، حيث أنه إلى الآن لم يصدر فتوى واضحة تحّرم قتل العراقيين، ولا فتوى تحرّم الركون إلى الذين ظلموا (أعنى التعاون مع قوات الاحتلال)، ولا بيان شجب أو ادانة للجرائم والانتهاكات التي يمارسها الاحتلال والمرتزقة بحق العراقيين ومقدساتهم، حتى بات المتابع يتساءل هل هذا القتل وانتهاك الحرمات حلال أو مباح من وجهة نظر مرجعية السيستاني التي بات الصمت سمة مميزة لها طوال محنة الاحتلال؟؟.
إن ما يجري اليوم في العراق – وكل محنة-إنما محك واختبار حقيقي لإظهار معادن الناس وبيان حقيقة إيمانهم بمواقف عملية بعيداً عن المهاترات والمراوغات التي يجديها البعض، ولا يكفي أن يدّعي المرء أنه مؤمن أو تقي أو ذو معرفة بالأحكام الشرعية ما لم يثبت ذلك بالعمل والموقف الواضح من قضايا الأمة وبالذات فيما يخص حياتهم وأمنهم
.
السيستاني كما غيره يعلم أن العراقيين اليوم يعانون من احتلال ظالم غير شرعي، وأن هناك أحداثاً كثيرة جرت وتجري عليهم نحو قتلهم وانتهاك مقدساتهم وانتهاك حرمات إنسانيتهم في السجون (كما حدث في أبو غريب) يجب عليه كمسلم فضلاً عن كونه مرجع أن يظهر موقفه ويمارس دوره من موقع المسؤولية في الدفاع عنهم ووضع الحواجز الشرعية التي تحول دون استسهال قتلهم، وأن ويسارع في صف الصفوف في مواجهة الأزمة التي تمس أهم ما يمت إليهم من صله (أرواحهم، إنسانيتهم، مقدساتهم).”
“يجمع كل الفقهاء والمراجع – ضمنهم السيستاني– دونما استثناء على أن الرجولة من بين الشروط الشرعية الواجب توفرها بمرجع التقليد، ولعل السبب الشرعي في ذلك هو أن المرجع الرجل ينبغي ان يصلّي بالناس جماعة، وأن يخطب فيهم بالمناسبات العامة والخاصة، وأن يخالط الناس أصحاب التأثير وقيادي المجتمع الذين هم في الغالب من الرجال، وأن يجاهد في سبيل الله وقت الجهاد ويحرّض المؤمنين عليه، وأن يدافع عن مصالح المسلمين في المحافل الرسمية التي غالباً ما تكون من عمل الرجال
.
وحينما نبحث عن هذه الشروط الشرعية (الرجولية) الواجب توفرها في المرجع, لا نجدها في سلوك السيستاني حيث لم نرَ له موقفاً جهادياً واحداً في حياته الفقهية كلها, لا كلمة حق أمام سلطان جائر -وما أكثرهم – ولا فتوى تحرّم قتل المسلمين, سواء كانوا في العراق أو فلسطين أو أي مكان آخر , ولا بحث فقهي يبيّن للمسلمين أحكام الجهاد و الدفاع عن النفس والأرض والمقدسات , بل تجاهل فريضة الجهاد والدفاع في كتبه الفقهية كلها (هي خمسة فقط) ولم يذكر مسألة واحدة تخص أمن وحياة المسلمين, وهذا السلوك لو مارسته أنثى بحجة أن الجهاد واجب على الرجال من دون الإناث وهي غير معنية به, وكانت في موقع فقيه مجتهد لما سوّغ لها ذلك, و لكانت مأثومة أمام عدالة الله لأنها أسقطت ذاتها ( أنوثتها) على شرع الله وقدمته للمسلمين على أنه هو الحق, فكيف يصدر ذلك عن فقيه رجل الجهاد من ضمن واجباته الشرعية ؟؟
أنا هنا لا أتعرّض لذكورة المرجع بل لمواقفه الرجولية وشتان بين الأثنين .”
“وهو – السيستاني- طوال عمره الفقهي لم يصلِ مع الناس جماعة لا إماماً ولا مأموماً , ولم يخطب في حياته( 73 سنة) خطبة واحدة بين جموع الناس , وقد قضى أكثر من عشرين سنة معزولاً في بيته عن الناس ولم يخرج خلالها حتى لزيارة مرقد الإمام على( عليه السلام) الذي لا يبعد عن بيته سوى أمتار وهو يدّعي حبه ومولاته , وهذا سلوك لا تمارسه حتى الأنثى المؤمنة التي تعتز بخدرها وتصون عفتها بالعزلة عن عالم الرجال , بل نجدها تشارك في صلاة الجماعة والزيارات والأنشطة الدينية والاجتماعية وحتى المسيرات الوطنية, وتهتم بأمور المسلمين تشجب وتدين وتحرّم قتلهم وتبدي رأيها من خلال القنوات التي تحافظ على خصوصيتها كأنثى مؤمنة , بل وحتى تجاهد وتُقتل في سبيل الله من أجل النفس والوطن والمقدسات, فما بال الرجل -المحتاط حتى في صلاته- لا يمارس ذلك ؟؟
أرى أن المشرّع الذي فرض أن يكون القيادي الشرعي رجلاً وليس أنثى، ليس له موقفاً سلبياً من الأنثى بقدر ما يريد أن يضع الأمانة الشرعية بيد من هو كفواً لها، يستطيع ان يتحرّك في المجتمع طوال الوقت بلا موانع بيولوجية (حمل، ولادة، دورة شهرية، خجل)، وأن تكون لديه جرأة وحضور في مجتمع المسلمين الذي هو مؤتمن على دينهم وحياتهم، وأمنهم القومي أيضا فيما يتعلق بالجهاد والدفاع عن، الوطن، النفس، العرض، المقدسات.
وعلى حسب هذه الحقائق الموضوعية فإنه لا يجوز شرعاً وعقلاً من كان لا تتوفر فيه الجرأة الاجتماعية والحضور الدائم في المجتمع والشجاعة في مواجهة أعداء الدين والملة وكانت صلاته كلها احتياط، أن يكون مؤتمناً على الشريعة ومرجعاً للمسلمين، لأن في ذلك مفسدة كبيرة، فضلاً عن مَنْ أسقط الجهاد من رسالته العملية التي يقدمها للمسلمين، في زمان باتت فيه النساء والفتيات يجاهدن في سبيل الله ويقمن بعمليات بطولية في غاية الشجاعة والنبل والحس الإنساني العميق، وقد تقتل من أجل حياة المسلمين بعزة وكرامة.
ما يثير الدهشة حقاً ان مسألة رفع فريضة الجهاد التي فيها أمن وحياة ومستقبل المسلمين , من أركان الإسلام ليست عارضة أو سهواً, بل سعى إلى تثبيتها في جميع كتبه الفقهية, على الرغم من التحديثات والطبعات الجديدة التي تجري عليها بعض التغييرات الشكلية الطفيفة بين آونة وأخرى , إلا أنه يصر في كل مرة على ألا يتناول الجهاد كفريضة واجبة ( ولا حتى مستحبّة) ولم يذكر مسألة واحدة قط تخص حياة وأمن المسلمين وحقهم في الدفاع ولو من باب المسائل الكلاسيكية القديمة, ولا حتى مجرد التعليق على آية قرآنية ذكر فيها أسم القتال في جميع كتبه وفي كل الطبعات والتحديثات , فالذي يطالع كتبه في طبعاتها القديمة والأقراص المدمجة ( c d) وما يصدر في هذه الأيام من تحديث لها يجد بعض التغيرات الطفيفة جداً التي لا تذكر , ويجد إصراراً مدهشاً على تجاهل فريضة الجهاد وعدم ذكرها في أي من كتبه والأقراص المدمجة ومواقع الانترنت التي تتحدث باسمه وتجيب عن بعض الاستفتاءات وتظهر المستجد من الفتاوى والبيانات, على الرغم من أبتلاء المسلمين – خصوصا العراقيين- بالاحتلال وما ينجم عنه من مآسي , مما يعني أن موقفه من فريضة الجهاد واضح وأكيد وقد عاشه طوال عمره الفقهي ولا يزال وهو يعيش في بلد محتل من قبل الشيطان الأكبر وأعوانه (كما يقول البعض من القوم)
.
يؤلمنا جداً هذا الوضع البائس , وأن يصدر هذا البتر للشريعة المحمدية ويجري رفع أهم بند من بنود الإسلام من بعد الصلاة , فضلاً عن تقديم صلاة تتضمن 113 احتياط, من قبل أكبر المراجع في الحوزة و يصر على تثبيته في جميع إصداراته الفقهية وتحديثاتها وكأن شيئاً لم يكن على الرغم مما يشهده العراقيون اليوم من احتلال يوصف بالهمجية والكفر , وهم بحاجة إلى التفقّه ومعرفة تكليفهم الشرعي في هذه الأيام .
أرى أن سكوت السيستاني على مثل هذه الأمور التي تمس أمن و حياة المسلمين لم ينفع إتباعه ومقلديه فهم لا يعلمون رأيه في الجهاد وشروطه واجباته , والبعض منهم يجهل حقه في الدفاع عن النفس والوطن والمقدسات, و يجهل أن الركون إلى الذين ظلموا خيانة عظمى لله وللرسول وللمسلمين تستوجب سخط الله والعذاب الشديد , لأن مرجعهم لم يذكر لهم مسألة واحدة لا في كتبه ولا في بياناته, وهذا تقصير واضح بحقهم , إن لم يكن غشاً شرعياً واستهتاراً بما يجري لهم في دنياهم وفي آخرتهم.
والسؤال هو:
على أي أساس وأي حجة شرعية قد سوّغ تجاهل فريضة واجبة صرح بها القرآن الكريم بعشرات الآيات ومارسها رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم طوال حياته النبوية الشريفة، وهي موضع ابتلاء المسلمين اليوم وهو يدّعي أنه نقل– عن الخوئي-للمؤمنين أهم ما يبتلى به المكلف؟
أعني هنا فريضة الجهاد والدفاع الواجبة التي يصرح بها القرآن الكريم لا عن فتوى إعلان الجهاد فهذه غير تلك كما أسلفت.
والسؤال الآخر: مَنْ المسؤول أمام الله تعالى مجده عن هذا الذي يحدث للعراقيين وللأمة اليوم ؟؟ هل هو وحده باعتباره تجاهل حق الدفاع عن النفس والوطن والمقدسات ولم يعتبره من واجبات المسلمين ولم يظهر لهم أحكامه، وصمت طويلاً ولم يحرّم ولم يشجب قتل العراقيين وانتهاك مقدساتهم … أم آخرون غيره؟؟
أرى أنه – دونما قصد- قد غشّ إتباعه ومقلديه ولم ينصح لهم حينما فقهتهم وشغلهم بمسائل اقل ما يقال عنها انها مضيعة للوقت بما لا ينفع, نحو أحكام ماء البئر و كيفية تذكية الجرادة والحية وكراهة ذبح الذبيحة أمام الحيوانات الأخرى وجواز بلع السمكة وهي حيّة ..الخ, ولم يذكر لهم مسألة واحدة تتعلق بحياتهم وأمنهم وكرامتهم كمسلمين على الرغم مما يجري لهم اليوم من قبل قوات الاحتلال والحكومة العميلة , وكأن ذبح الدجاجة وتذكية الجرادة والحية وبلع السمكة وهي حية في رأيه أهم من ذبح وقتل المسلم وبلع وطنه وتاريخه وهو حي , فقد أخذت تلك المسائل( غير الضرورية) فصول ومسائل كثيرة في كتبه الفقهية , بينما قتل المسلمين واحتلال بلدهم وهدم مساجدهم والاعتداء على مقدساتهم لم يذكرها ولو بكلمة واحدة إلى اليوم, لا في مسألة ولا فتوى ولا حتى في بيان على الرغم من مرور عشرون شهراً على ابتلاء العراقيين بالاحتلال , وهذا الأمر لا يمكن أن يكون مصادفة أبداً فقد سعى إلى تثبيته في جميع كتبه الفقيهة وتحديثاتها , ولم يجب على الاستفتاءات التي وجهناها له عن مسائل ابتلاء العراقيين بالاحتلال وتبعاته ورأي المرجعية مما يجري اليوم .”
“إن من يزور العراق هذه الأيام يجد أموراً تدمي فؤاد حتى الكافر فضلاً عن المسلم حزناً وكمداً على أوضاع البعض من الفقراء حيث يسكنون -وقد رايتهم بعيني – في مدارس وحسينيات وفرق حزبية ومعسكرات الجيش التي خلفها النظام المقبور , إنهم بأمس الحاجة لحقوقهم الشرعية وبناء المجمعات السكنية والمستشفيات التي تعالجهم على غرار تلك التي يبنيها السيستاني في إيران, بل هم – على حسب نظرية التزاحم -أولى من الإيرانيين باعتبارهم عانوا طويلاً من حصار جائر كانوا هم الضحية , ومن بعد ذلك احتلال أجنبي وحكومة عميلة , بينما الإيرانيون لم يعانوا تلك المعاناة ولديهم حكومة إسلامية وولاية فقيه لديه أموال شرعية كما السيستاني.
فهل ينبري أحد ممن يدعون التديّن أو الوطنية أو العمل من أجل العراقيين تحت عباءة السيستاني أن يفسر لنا هذا التوزيع غير العادل لأموال المسلمين ؟؟ وأن يخبرنا بدليل واضح وأكيد عن مؤسسة أو مجمع أو مستشفى أو بيت أو مشتمل أو غرفة صغيرة بناءها السيستاني في العراق لمصلحة عراقي واحد، وأن يخبرنا بوضوح عن موقف مرجعية السيستاني من هؤلاء الفقراء والمساكين (الشيعة) الذي يقطنون الحسينيات والمدارس والفرق الحزبية ومعسكرات الجيش التي خلفها النظام المقبور ؟؟؟ وهل أعطاهم حقهم وبنى لهم مدن ومجمعات سكنية ومستشفيات كما فعل للإيرانيين ؟؟. بل هل أعطاهم السيستاني حقهم عليه من الفتوى وحرم بصورة واضحة قتلهم لكي يضع حاجزاً شرعياً يحول دون استسهال قتلهم أو التعاون مع أعداءهم ؟؟؟ لا نريد شعارات زائفة لا تسمن وتغني من جوع، بل نريد أشياء واقعية ملموسة يستفيد منها العراقي كتلك التي تعملها مرجعية السيستاني في إيران.
يا مرجعية يا رجال الدين يا قابضي أموال الخمس باسم السيستاني، يا سياسيون، هل من مجيب ؟؟
نريد أن نعرف أين حقوق العراقيين (الشيعة) من تلك الملايين التي يدفعها التاجر والمقلد (العراقي) الطيب والتي تصرف باسم المرجعية بتلك الصورة التي يعلنون عنها بكل وقاحة ودونما خوف من الله ؟؟”
“على حسب الذي علمناه عن هذا الفقيه إلى الآن-والآتي أعظم-، من إسقاط فريضة الجهاد من دين المسلمين عن سابق تصوّر وتصميم، وتقديم رسالة عملية تتضمن 113 احتياط في مسائل الصلاة وهي عمود الدين، وتوزيع غير عادل للأموال الشرعية، وعدم تحريمه قتل العراقيين، ولا الركون إلى الذين ظلموا، ولا شجب ولا إدانة. أرى أن لا عدالة لهذا الفقيه، وعن نفسي فإن تقليد هذا الفقيه ودفع الأموال الشرعية إليه من بعد هذا العلم -الذي هو مصدره-محرّم شرعاً، لأنه يعد مشاركة فعلية معه في تلك المظاهر غير العادلة (الظالمة)، أما الإنسان البسيط الغافل عن تلك الحقائق فإن الله غفور رحيم.
إن الذي جعلني أطلق ذلك الحكم – وإن كان بصورة شخصية- هو اننا نقرأ في المصادر الإسلامية- ضمنها رسالة السيستاني- انه محرّم تقليد من لا عدالة له ولا يجوز دفع الأموال الشرعية إليه , وغير العادل يعتبر ظالم في الفقه الإسلامي , وعلى هذا فإن الذي يحجب حقوق الفقراء والمؤسسات في العراق ويصرفها على أبناء قومه ( إيران) بصورة مبالغ فيها كتلك التي يعرضها على صفات الانترنت التي تتحدث باسمه وتحمل صوره الشخصية, يعتبر من ظالمين , والتعاون مع الظالمين من أكبر المحرمات الشرعية كما هو معلوم, ألسنا نكره الحُكّام الظالمين لأنهم يحرمون الفقراء من حقوقهم ويصرفون الأموال العامة على حسب أهواءهم ومصالحهم الشخصية ؟؟
فما الفرق بين هذا الفقيه وذلك الحاكم الظالم ؟؟ ألسنا ضد الدكتاتورية وحكم الفرد الذي يجعل نفسه فوق القانون ؟؟ فما الفرق بين هذا الفقيه الذي لا يرغب أن يجعل على سلوكه رقابة ولا يُسأل يوماً عن مسؤولياته وواجباته وبين ذلك الحاكم الظالم المستبد؟؟؟ أليست هناك سمات مشركة بين الاثنين؟؟
لقد بات الكثير من أتباع هذا المرجع (السيستاني) بعد أحداث النجف يقارنون بين الآثار المترتبة بين سلوك الحاكم الظالم والمرجع الظالم , وصاروا يرون أن تأثير الدكتاتور الظالم ينحصر على حياة الناس المظلومين الأولى فحسب ولا يتعدى إلى آخرتهم , بينما الفقيه الظالم الذي يعلّم الناس صلاة فيها 113 احتياط , ودين من أربعة أركان ليس فيه فريضة الجهاد الواجبة, ويصرف أموالهم الشرعية بطريقة غير عادلة ويتخلّى عنهم في محنتهم(يهرب على لندن) ويستهين بدمائهم بصمته وسكوته ولم يعطهم حقهم ولو بورقة صغيرة من سطرين تحمل ختم مرجعيته يحرم شرعاً قتلهم , قد يتعدى إلى آخرتهم أيضاً لأنهم يشاركوه من حيث يعلمون بالتقليد ودفع الأموال الشرعية , فالمؤمن يعلم أن الله يتعبّد الناس بالعقل ,( تفكّر ساعة خير من عبادة سنة- حديث شريف) ولا يرضى أبداً أن يتحوّل الإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقويم إلى ببغاء يقلّد الآخرين تقليد أعمى أو ينظر للواقع بعيون الآخرين ويلغي عيونه, فالله يحاسب على هذا السلوك الذي يذمه بصراحة في كتابه المجيد, حيث يقول :
( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ) (23) الزخرف
على حسب علمي لم يعد أحد ممن يقرؤون كتب هذا الفقيه ويطلعون على نشاطاته في مواقعه على الانترنت وفي الواقع , يحتملون ممارساته غير العادلة وسكوته المريب مما يجري بحق أخوانهم العراقيين واستهتاره بالدين الذي يقدمه لهم, فأصحاب الغيرة على الدين لا يرضون ولا يسمحون لأي إنسان وإن كان من أصحاب الألقاب الكبيرة أن يسقط ركن من أركان الإسلام ( وهو الجهاد) ويصرف الأموال الشرعية بتلك الصورة التي يعلن عنها في مواقعه على الانترنت, أن يكون مرجعاً أعلى لهم , أليس إظهار الشهادة واجب وكتمها من المحرمات الشرعية المنصوص عليها بصراحة في القرآن المجيد ؟؟ (. وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (283) البقرة (. وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ.) (2) الطلاق إنه لأمر في غاية الغرابة هذا الذي يحدث للدين وللناس في هذا الزمان العجيب، إنها من أكبر العلامات على اقتراب الساعة ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
يقول حديث الصادقين عليهم السلام: ( لتغربلن غربلة وليتبلبلن بلبلة حتى يكون أعلاكم أسفلكم وأسفلكم أعلاكم )
قد يدّعي الكثير من الناس الإيمان والتقوى والزهد والعدالة والحرص على مصالح المسلمين ..الخ , ولكن ليس كلهم يثبتون ما يدّعون , وتظهر الحقيقة جلية واضحة من خلال الاختبار الذي يسميه القرآن الكريم أبتلاء , فالبعض يسقط من القمة إلى الأسفل باختبار بسيط يكشف هشاشة ادعاءاته ومواقفه, والبعض يعلوا إلى أعلى عليين مع الشهداء والصديقين من خلال موقف, وهذا ما حصل فعلاً وظهر بوضوح في إحداث النجف الأولى والثانية التي كانت اختباراً حقيقياً كشف حقيقة المراجع القابعين في النجف الذين صمتوا في الأولى وهربوا بأنفسهم في الثانية وتركوا المسلمين ومقدساتهم تحت نيران الاحتلال وعملاءه, وفي المقابل أظهرت حقيقة معدن المؤمنين (المجاهدين الشجعان) الذين دافعوا عن أنفسهم ومقدساتهم بكل بسالة وبطولة دونما على الأحوط.. لا وجوبا ولا استحباباً، بل ذهبوا بأنفسهم إلى ساحات المواجهة وأثبتوا أصالة إيمانهم وحبهم وتفانيهم لمقدساتهم ”
ويثبت المرحوم “نصير المهدي” ويقدم شهادة لله وللتاريخ عن تلك المسألة المتعلقة في “الامر الأمريكي” للسيستاني هو وباقي مراجع التقليد من النجف اثتاء تصفية جيش المهدي المقاوم للاحتلال الأمريكي حيث تم قصف مدينة النجف واستشهد العشرات من العراقيين وهم يقاومون الغزاة، لقد تم الامر الأمريكي في نقل مرجع النجف الرئيسي تحت ذريعة حالة طوارئ قلبية أي ذبحة صدرية ؟! الى لبنان ومن ثم لندن!؟ حيث كشف المرحوم “نصير المهدي” آنذاك في أحد منشوراته الحقيقة التالية حيث يتناول المسألة بطريقة ساخرة نوعا ما ؟: “حسب الأخبار الواردة من لندن. سماحة السيد حفظه الله وأبقاه ذخرا للأمة بصحة جيدة تماما. وهو قد توجه من المطار الى مسكن أعد لإقامة سماحته في منطقة سري جنوب لندن. ثم أدخل في اليوم التالي الى مستشفى كرومويل المتخصص في استقبال المرضى من البلدان العربية حيث يوجد عدد من الأخصائيين العراقيين. أثبتت الفحوصات والتحليلات إن السيد حفظه الله صحيح معافى الى درجة ان الطبيب المشرف على علاجه في كرومويل قال ان السيد أصحى مني. وحتى لا يعود السيد حفظه الله الى البيت فتتكشف الأبعاد السياسية للمرض المزعوم. قام مرتضى الكشميري بنقل السيد الى مستشفى كينغتون في منطقة ريجينت بارك وسط لندن حيث يرقد الآن. ويمكن ان يبقى سنة كاملة وأكثر مادام يدفع الأجور. ولن ينتهي مرض السيد رعاه الله حتى تنتهي محنة النجف وتبسط قوات الاحتلال سيطرتها الكاملة على المدينة ويزول الخطر الإرهابي الذي يمثله الصدريون الذين ينغصون عيش السيد ويمنعونه من أداء واجباته المرجعية. مع خالص التحيات للجميع.”
ونعود للأستاذ زهير الاسدي في دراسته الكاشفة للحقائق حيث يذكر:” أنه غادر النجف “يقصد السيستاني” بناء على طلب أفراد من حكومة الاحتلال العميلة، وكذلك بقية مراجع النجف الكبار الذين اختفوا طوال أيام محنة النجف فهم كما كبيرهم كانوا على علم مسبق بما سيجري في النجف، وكانت لهم غايات ومصالح لا يفكّر بها حتى الكافر فكيف تصدر عن مراجع كبار ؟؟. (احتفظ هنا بالتفاصيل المذهلة) باعتباري مسلم شيعي – وغيري ملايين-اشعر بالعار من هذا السلوك المشين سواء صدر من مرجع كبير أو إنسان بسيط وأعتبره خيانة عظمى لله وللرسول وللمسلمين، وأعلن البراءة منه ومن كل شخص يتجاهل دماء ومقدسات المسلمين وهو في موقع المسؤولية ويهرب إلى أحضان أعداءنا أو يصمت على هذا الذي يحدث للعراقيين اليوم، فالساحة والحمد لله مليئة بالمخلصين لأمتهم والساعين لتوحيد صفوف الأمة وتحرير العراق مهما كلف الأمر.
وإذا كنت تبحث عن تفسير لسلوك السيستاني مما يجري، فانظر كيف يصرف الأموال الشرعية، وهل جعل للعراقيين لها من نصيب ؟؟ أم كلها في مصلحة الإيرانيون ؟؟
وأنظر أيضاً مصالح الحكومة الإيرانية في العراق وكيف هذا الفقيه يتحمل مشاريعها الكبرى بالنيابة عنها ويصرف عليها من الأموال الشرعية التي جعلها الله حق للفقراء والمساكين. واعلم أن هناك مشروع خفي أبشع من مشروع الصهيونية في المنطقة، وهناك خطوط خفية تتحكم في سلوك السيستاني وأمثاله (سوف أكتب عن كل ذلك في حينه إن شاء الله تعالى)، فأنبتوا يا أولي الألباب
.
ومن المفارقات التي تلفت الانتباه أن السيستاني يخبر الناس- في كتبه الفقهية- ان من المكروهات الشرعية ذبح الذبيحة أمام الحيوانات الأخرى, ولكنه لم يخبر أحداً بفتوى أو بيان أو حديث خاص ان ذبح العراقيين بقنابل ورصاص الاحتلال والمرتزقة أمام عيون البشر محرّم أو حتى مدان, على الرغم من كل تلك الفظاعات التي ارتكبها الاحتلال بحق العراقيين ومقدساتهم, و كان من الأوائل الذين أدانوا وشجبوا تفجير الكنائس في بغداد والموصل التي راح ضحيتها 11 من إخواننا العراقيين (مسيحيين ومسلمين اختلطت دماءهم الزكية), هذا موقف جيد لو عممه على جميع الحالات المماثلة التي تصيب العراقيين بغض النظر عن دينهم أو عرقهم لأنهم أبرياء, ولكنه عاد إلى صمته حينما قصفت الطائرات الأمريكية حسينية في الكوت قتلت وجرحت عدداً كبيراً من المصلين فيها ( اكثر من سبعين), وأستمر سكوته طوال فترة أزمة النجف ( وأزمات في مدن عراقية أخرى), إلا تصريح واحد طالب فيه الأطراف المتحاربة إنهاء الأزمة بأسرع وقت ممكن … هكذا بكل برود, لا تحريم ولا شجب ولا إدانة , وكأنه تصريح صادر من دبلوماسي مراوغ بشان قضية لا تعنيه ولا يكترث بالدماء وقداسة المكان المتحارب فيه
.
وحينما زحف العراقيون إلى النجف لحل أزمتها كما طلب منهم , قصفت قوات الاحتلال ومعهم الحرس الوطني مسجد الكوفة , وقتلت وجرحت عدداً كبيراً من المتواجدين فيه الذين كانوا يستعدون للزحف , وقد صوّر مراسل (قناة العربية) قوات الاحتلال وهي تمارس تلك الجريمة, و تكرر نفس المشهد على الزاحفين العزّل في أبو صخير والحلة وأطراف النجف , كل الشرفاء أدنوا وشجبوا هذه الجرائم بحق الأبرياء إلا هذا الفقيه ( السيستاني) لاذ بالصمت كعادته مستهيناً بحرمة المساجد ودماء الابرياء وكأن شيء لم يكن, وبعد عدة أيام طالب بإجراء تحقيق , هكذا دونما تحريم لزهق الأرواح البريئة أو شجب أو إدانة للجرائم البشعة
.
ومع ذلك نحن هنا نتساءل أين نتائج التحقيق الذي طالبت به يا سيستاني ؟؟ الايام تمر ولم تظهر نتيجة التحقيق كما لم تظهر نتائج التحقيق في قضية اغتيال السيد محمد باقر الحكيم والعشرات معه رحمهم الله
.
بعد أحداث النجف مباشرة, اجتمع الهاربون الأربعة في النجف وقد نقلت وسائل الإعلام عنهم, أن المراجع يحرّمون استخدام المواجهات المسلحة مع قوات الاحتلال ( يبدو انه مطلب الاحتلال كما في قضية هروبهم), ثم جاء خبر على لسان أحدهم يقول: أن الأمر ليس كذلك, بل أن المرجعية ترى أن الوسائل السلمية مع الاحتلال لن تستنفذ بعد , وليس هناك داعي للمواجهة المسلحة في الوقت الحاضر ولم يوضحوا ما هي الوسائل السلمية وما الغرض منها , ذلك التصريح ( البارد) جاء والدماء الطاهرة التي سالت في صحن مرقد الإمام على (عليه السلام) لم تجف بعد , وما زالت العوائل تبحث بين أنقاض حسينية الكوت ومسجد الكوفة وفي النجف عن أشلاء الاحبة الابرياء والمجاهدين
.
هكذا أظهر المراجع مواقفهم بلا اكتراث لأرواح المسلمين ومقدساتهم , لا حلال ولا حرام ولا شجب ولا ادانة ولا استنكار , ولا حتى كلمة تعاطف تشعر العراقيين أن هناك من يدافع عنهم أو على الأقل يتعاطف معهم في محنتهم أمام الاحتلال وأعوانه , بل لولا تواطؤ المراجع الأربعة وقبولهم طلب الاحتلال – بواسطة الحكومة العميلة- بترك النجف والصمت على ما يجري لما جرت أحداث النجف الأولى والثانية, ولو كانت لدينا مرجعية صالحة عادلة ونزيهة في صرف الأموال الشرعية وأمينة في ممارسة مهنتها أمام الله وتدافع عن الإسلام والمسلمين بجرأة وحزم , لما استمر احتلال العراق بهذه الصورة وما استسهلوا قتل العراقيين وانتهاك مقدساتهم بتلك الصورة الواضحة للقاصي والداني
.
إن ذات المواقف المخزية تكررت في أحداث النجف وكربلاء الأخيرة التي راح ضحيتها العشرات من المسلمين الأبرياء، ولم تصدر من مرجعية السيستاني فتوى تحرّم قتل العراقيين، ولا حتى شجب أو إدانة، كما هو متوقع من كل مرجع في مثل هكذا ظرف ليحول دون استسهال قتلهم ويظهر تعاطفه مع الضحايا، والسؤال هنا لماذا لم تصدر فتوى التحريم من مرجعية السيستاني ؟؟ هل هذا الصمت يعني علامة الرضا، أم أنه يريد استمراره الوضع على ما هو عليه ؟؟ فإذا كان حريصاً على حقن دماء المسلمين، فإن من واجبه أن يعلن فتوى تحرم صراحة قتل العراقيين ليضع حاجزاً شرعياً يحول دون استسهال قتلهم، ويبرئ ذمته أمام الله انه قد قال كلمته وأعلنها ولم يكتم الشهادة.
أمام واقع مرير كهذا صار الكثير من الناس يشك في سلوك السيستاني ويفسر صمته وعدم تحريمه قتل العراقيين أو على الأقل إدانته او شجبه , أو إعلان تعازيه للضحايا , على أنه راضي عنه وبدوافع عنصرية كتلك الدوافع التي جعلته يصرف الأموال الشرعية على أبناء قومه ( الإيرانيون ) ويبني لهم العشرات من المجمعات السكنية ومدينة كبرى تحمل اسمه الشخصي و مستشفيات ومستوصفات طبية و مؤسسات ثقافية ومكتبات, دون أن يبنى مشتمل واحد لعراقي مسكين أو يعطيه حقه من مال الله , أو يضع حجراً واحداً في بناء ما في العراق, أو يتكرم على العراقيين بفتوى مجانية لا تكلف سوى سطرين وختم تحرم على أعداءهم قتلهم , وقد استمر على ذلك النهج عشرات السنين دونما خوف من الله أو وازع من ضمير
.
من المؤسف حقاً ان يصبح حال المرجعية التي قدمت خيرة فقهاءها وعبقريتها شهداء في سبيل الله ومن أجل الإسلام بهذه الصورة المزرية. فإذا كانت مواقف هؤلاء من قضايا المسلمين كما في صلاتهم (على الأحوط وجوباً)، فإن الاستهتار بدماء المسلمين والسكوت على الظلم من أكبر المحرمات الشرعية، وهذا حكم مؤكد بلا احتياط يقره الجميع.
ومن خلال هذه المواقف – وغيرها كثير لن نذكرها للاختصار– يظهر لنا أن شخصية هذا البحث (السيستاني)، ليس محتاطاً في صلاته وأحكام الدين فحسب، بل في جميع مواقفه مما يجري في الواقع أيضاً، بل لو لم يكن محتاطاً (متردداً) في حياته وسلوكه لما انعكس ذلك على ابحاثه الفقهية وصلاته ودينه الذي يقدمه للآخرين، والدليل على ذلك إنه لم يصدر منه موقفاً واضحاً وصريحاً بحق الكثير من القضايا التي تحدث للمسلمين ومقدساتهم طوال حياته الفقهية.
لن نناقش مرجعية كهذه عن أحكام إعلان الجهاد والدفاع الخاصة بالمسلمين فمواقفه معروفة سلفاً من خلال توزيعه للأموال الشرعية وصرفها بتلك الصورة التي يعلن عنها في مواقعه على الانترنت دون خجل خوف من الله، بل نسأله باعتباره رجل دين يدّعي المعرفة بالأحكام الشرعية وعمله ينحصر في هذا حلال وذاك حرام.
أقول: متى يمارس مهنته بأمانة وإخلاص ويحرّم قتل العراقيين ويقول هذا حرام كي يساهم في وضع حاجزاً شرعياً يحول دون استسهال قتلهم ؟؟ متى ينصح للمسلمين (الشيعة) من مقلديه ويحرمّ عليهم الركون إلى الذين ظلموا كي لا يدخلوا جهنم وبئس المصير ولا يخرجوا عن ولاية الله كما يصرح القرآن الكريم (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ) (هود 113) أعني ان يعلن حرمة التعاون مع الاحتلال الذين يقتلون ابناء قومهم وينتهكون حرمات مقدساتهم. لماذا يغشهم بهذا الصمت الآثم؟ متى يشجب ويدين ممارسات الباطل بحق العراقيين أصحاب الحق في أرضهم كي نقول: أن المرجع متعاطف معنا وحريص على دمائنا الغالية وأنه شجاع لا يهرب أو يتمارض وقت المحنة. والسؤال الأهم: على أي أساس وأي حجة شرعية يطالب السيستاني إقامة الانتخابات مع وجود قوات الاحتلال الموصوفة بالهمجية والظلم والكفر في البلاد؟؟ ألم يسمع كلام الله الواضح الصريح في تلك الآية – وعشرات غيرها-ويعلم أن هذا تهديد واضح بالخروج عن ولايته في حال حدوث ذلك ؟؟ فكيف يطلب من اتباعه الركون والاعتماد على قوات الاحتلال (الظالمة) بإقامة الانتخابات التي تحدد مصير العراقيين ومستقبل الأمة ؟؟
الجواب واضح:
إن طريقته في توزيع الأموال الشرعية –التي لم يجعل للعراقيين نصيباً يذكر – واستمراره طوال سنوات بإقامة المشاريع الكبرى في إيران من الأموال الشرعية على حساب العراقيين, يجعلنا ندرك مواقفه من العراقيين بكل وضوح , ونعلم أي دافع عنصري يقف من وراء ذلك , وما الدعوة الحميمة لإقامة الانتخابات والصمت الآثم إزاء قتل العراقيين إلا مظهر من مظاهر التوجهات العنصرية التي يبطنها السيستاني , فهو يظهر موقفه منهم بتلك الصورة التي لا يرضى عنها الله ولا ورسوله وحتى أي إنسان يحتفظ بأبسط مقومات الإنسانية , فالذي يغدق الملايين من الأموال الشرعية على أبناء قومه ( إيران) ويبنى لهم المشاريع والمؤسسات الكبرى والصغرى ولم يذكر شيئاً عن الفقراء والمساكين وممن يسكنون المدارس والحسينيات والفرق الحزبية في العراق دونما خوف من الله أو وخزة ضمير , ويتجاهل الطلبات المتكررة التي وجهناها له ( ندعوه فيها للالتفات إلى محنة العراقيين وإعطاءهم حقوقهم عليه أو إصدار بيان يشجب قتلهم) ولا يجيب عليها , يقدر على أن يفعل ما هو أكبر من ذلك بشأن الانتخابات أو غيرها
.
إن الانتخابات هامة ولكن ليس بوجود وإشراف الاحتلال الذي لفق أكاذيبه وشن حرباً باطلة شرعاً وقانوناً على بلادنا, وليس ضمن قانون الانتخابات الذي سنه الاحتلال الظالم الموصوف بالكفر, بل في الحرية أولاً وضمن قانون إسلامي صرف لا دخل لأي جهة أجنبية فيه وبإشراف جهات نثق بنزاهتها وليكونوا من المسلمين, وإن دماء وأمن ومقدسات المسلمين أهم عند الله وعند كل إنسان يحتفظ بأبسط مقومات الإنسانية , وهذا الاهتمام المفرط من قبل السيستاني بأمور الانتخابات والصمت المريب إزاء أرواح ومقدسات المسلمين وتوزيعه غير العادل للحقوق الشرعية, ووجود 113 احتياط في مسائل الصلاة التي يطرحها في رسالته العملية, واسقاط فريضة واجبة من تكاليف المسلمين ( الجهاد) ولم يذكرها حتى من باب المسائل الكلاسيكية القديمة, يكشف لنا حقيقة المرجع بأوضح صورة, فانتبهوا يا أولي الألباب.
السيستاني لا يصدق القول حينما يظهر انه لا يتفق مع الحكومة الإيرانية وطموحاتها, بل هو منسجم معهم إلى ابعد حدود الانسجام والدليل على ذلك تلك المشاريع والمؤسسات الكبرى والصغرى التي يقيمها في إيران بالنيابة عن الحكومة الإيرانية التي هي من مسؤوليتها الرسمية وليست من مسؤولية فقيه يقطن النجف , فهو عملياً يدعم الحكومة الإيرانية بكل مقدرات الحوزة من الأموال الشرعية ويحجب الفتوى التي تحرّم قتل العراقيين ربما ليعطي غطاءً شرعياً لاستمرار الفوضى في العراق ليستفيد منه الإيرانيون ويأمنون من التفات الأمريكان إليهم من بعد الفراغ من العراق, وما أدرانا لعل أبناء قومه الإيرانيون هم الذين يقومون بتلك التفجيرات في العراق أو بعضها وهو لا يريد أن يحرّم عليهم ذلك أو ربما يباركه , وإلا فما تفسير صمته مما يجري؟؟ , فهل نكذّب الواقع وما يفعله عملياً بطريقة صرفه للأموال الشرعية وموقفه من العراقيين , ونصدّق ادعاءاته وعدم انسجامه مع الحكومة الإيرانية ؟؟ هذا غير ممكن ولا يصدر عن عاقل وإن حاول البعض. نكرر القول إن البحث يمثل وجهة نظر الكاتب الشخصية ولا نريد منه إلا أن يكون شهادة لله تعالى مجده أمام الأمة العراقية ومن أجل حقوقهم من الأموال الشرعية والفتوى التي في ذمة السيستاني، ما ضاع حق وراءه مطالب.”
“إن من يتابع مواقف السيستاني السياسية بمعزل عن مواقفه الفقهية لا بد أن يصاب الذهول -ولا أقول المرارة والخيبة-لما يراه من تناقض واضح في مواقفه المعلنة، فهو يطالب بشيء ونقيضه في آن وأحيانا يظهر مواقف لا يبدو أنها شرعية ولا تليق بفقيه مثله ابداً، ولكن الوطأة تخف على اللبيب الذي يطلع على رسالته العملية وما فيها من الاحتياطات الكثيرة، وبالذات في عمود الدين (الصلاة) حيث نجد 113 احتياط في مسائل الصلاة أما في مجمل الرسالة فهي أكثر بكثير، ليستنتج بعدئذ أن التردد وعدم اليقين (الاحتياط) هو السبب.
ولما كان الاحتياط يعني تردد الفقيه أمام المسألة التي يبحثها وعدم يقينه بمعرفة الحكم المؤكد فيها وإلا أظهره كحكم مؤكد وما لجأ إلى الاحتياط، ويعني أيضاً عدم جرأته على اتخاذ القرار الحازم في المسألة التي يناقشها فيحكم بالاحتياط ريثما يظهر له اليقين ليجزم به، فإن ذات الأسباب هي التي تجعل الفقيه يظهر الشيء ونقيضه أو يظهر تردده أو صمته إزاء قضايا الأمة السياسية.
فإذا كان السيستاني محتاطاً (متردداً) في أهم المسائل الشرعية على الإطلاق وهي مسائل الصلاة , ولديه فيها 113احتياط فلا عجب ان يظهر نفس السلوك ( الاحتياط) في مسائل اقل أهمية من الصلاة -من وجهة نظره هو على الأقل -وهي المسائل السياسية , فالشخصية التي لم تستطع أن تحسم أمر مسائل الصلاة وجعلت فيها 113 احتياط هي ذات الشخصية التي تظهر المواقف السياسية وتناقش مسائلها أمام المعنيين وتظهر للأمة وجهة نظرها, ولما كانت 113 مواقف غير يقينية في صلاة السيستاني التي يقدمها للأمة وهي أهم شيء بالنسبة له كمسلم وكفقيه متخصص بالفقه قضى جل عمره في ميدانه , فإننا نتوقع أن نجد ما يفوق ذلك العدد من أحكام غير يقينية في المسائل السياسية التي يتعاطى معها السيستاني الذي لا يؤمن بولاية الفقيه ولا يعتبر أن من مسؤوليته التعاطي في الشؤون السياسية .”
“لا نستطيع أن نطمئن بأن هذا الرجل قادر على التعاطي بالأمور السياسية ومؤهل للإفتاء بمسائلها بأحكام ومواقف يقينية، باعتباره لا يؤمن بولاية الفقيه ولا يعتبر أن من مسؤوليته التعاطي بشؤون السياسة ولم ينشأ علاقة جماهيرية مع الرعية ولم يخطب لهم خطبة واحدة ولا حتى أقام لهم صلاة جمعة واحدة لأنه لا يؤمن بإقامتها في زمان الغيبة”
“في مسائل السياسة قدّم لنا مواقف وفتاوى كثيرة غير يقينية سوف نستعرض نماذج منها .
1-انه قبل أيام من شن العدوان على العراق واحتلال أراضيه أفتى السيستاني بالجهاد، وقد عرض تلفزيون بغداد السيد عدنان البكاء وهو يقرأ نص الفتوى، ان هذه الفتوى من المفترض أن تمثل حكم شرعي مقدس يجب احترامه والعمل به، ولكنه تجاهله تماماً بعد سقوط النظام الظالم (صدام حسين) واحتلال بغداد، ولم تظهر له أي فتوى أو بيان لفترة الثمانية الشهور الأولى، وكأنه هنا في وضع (على الأحوط) كما في الصلاة ومسائل اخرى >
2- بعد (مرحلة الاحتياط ) الأولى وثمانية شهور من احتلال العراق , طالب السيستاني من موقعه كفقيه بالانتخابات, ثم ألغى طلبه ومكانته الشرعية في آن حينما ربط مطلبه ليس بمصدر ديني أو بشخصه كفقيه شرعي بل بجهة خارجية وطلب أن تكون الأمم المتحدة حكماً يقرر إذا كان بالإمكان إجراء الانتخابات أو عدمها , إنه هنا يظهر موقفاً متناقضاً , يقول بالشيء ونقيضه في آن, بل هو من خلال ربط مطالبه كفقيه بموافقة جهات خارجية ينقض المبادئ الشرعية كلها التي تسمح له من خلالها كفقيه مجتهد أن يقول راية في مصير الأمة أو أن يفتي بشؤونهم العامة , فهو بذلك السلوك يلغي دوره كمجتهد يعمل برأيه الاجتهادي-الذي يخوله أن يقول كلمته بأهم الشؤون التي تخص الفرد والجماعة في الأمة الإسلامية- ويعطي الآخر حق تقرير المصير في المسألة التي يريد تعميمها على الأمة , ويا ليت الآخر كان من المجتهدين أو حتى من المسلمين بل هو الأمم المتحدة التي تميل لصف العدو في الكثير من القضايا المصيرية للمسلمين نحو أصوات الظلم الأمريكي (الفيتو) فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وغيرها, فكيف فاتته تلك الحقائق واخذ يعطي للظالم حق أقامه انتخابات أو عدمها وهو يعلم أن الظلم الأمريكي يمر من خلال الأمم المتحدة ؟؟ ولماذا لم يجعل الحاكم هو الشرع (الله أو رسوله الأمين (ص)) من خلال نص قرآني أو حديث شريف يستنبط منه حكم شرعي فيما يخص الانتخابات أو تقرير المصير ويصر على أنه هو الحق الذي يجب أن نطالب به، ويتوكل على الله ويعتمد على جماهير الأمة، لا على أعداء الله وأعداء الأمة (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ.) (الطلاق3)
أقول : بما أن المطالبة بالانتخابات حق طبيعي مشروع , فإنها بالتأكيد ذات ارتباط سببي بالحق تعالى مجده باعتباره هو الحق ولا يصدر عنه إلا الحق ( حاشاه من الباطل ), وعلى هذا فإن الجهة التي تتولى مظاهر الحق التي تعيّن مصير الأمة ومستقبلها يجب ان ترتبط بالله تعالى مجده وما انزله من حق مبين, ولا يمكن أن يرتبط الحق ومظاهره بمصادر غير شرعية ( الاحتلال أو الأمم المتحدة أو غيرها) ثبت مراراً أنها دوائر لتمرير الباطل بحق الكثير من قضايانا المصيرية ضمنها احتلال العراق وفلسطين وتكريس حق الفيتو ونحو ذلك , فالأمم المتحدة وكما هو بين لها توجهاتها الخاصة ، التي تتجنب الاصطدام بإرادة القوة المستكبرة (أمريكا) ، التي تستضيف الهيئة العامة بكل موظفيها على أرضها ، وهذا مصدر تأثير على موظفيها وصانعي القرار ظاهر للعيان يجب ان ينتبه له كل من يريد ان يتعامل مع الأمم المتحدة.
وعلى هذا فإن الفقيه الذي يتقن عمله ويريد مصلحة الأمة يجب عليه ألا يربط مطالبه-من موقعه كفقيه-بأي صورة من صور التبعية أو السيطرة أو الوصاية الأجنبية، فكما المسائل الشرعية (الصلاة، الصوم، الزكاة، الحج، الخ) تكون مستقلة عن أي وصاية أو ولاية أجنبية وتتبع ولاية الله ورسوله (ص) كذلك المسائل التي تخص مصير الأمة والأفراد نحو الانتخابات والإشراف والتحكيم، يجب أن ترتبط بولاية الله ورسوله لا بأعدائه والتبعية لهم.
ومن هنا نستطيع القول إن الانتخابات إذا لم ترتبط بولاية الله وتستمد شرعيتها منه وبقيت تابعة للاحتلال وإذناب فإنها باطلة من الناحية الشرعية والقانونية. وأن توكيل أمرها إلى جهة خارجية (خارجة عن ولاية الله ورسوله) هي أقرب للخصم من المناصر، ينم عن عجز عن إدراك الحق ومشروعية المطلب، وهذا لا ينسجم مع مبادئ الشريعة ولا مع مبادئ الاجتهاد التي تعطي للفقيه حق الكلمة العليا دونما الاعتماد (الركون) إلى جهات خارجية.
3- ارتكب السيستاني نفس الخطأ أزاء ما سموه بـ (قانون الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية) الذي صرح السيد عبد العزيز الحكيم والجلبي وآخرون ، بأن هذا القانون فُرض عليهم فرضا وقد جاءتهم صيغته جاهزة ومعلبّة من اميركا دون ان يكون لأي عراقي دور في كتابته او اقتراح البعض من فقراته , فبدلاً من أن يمارس السيستاني وظيفته كفقيه مجتهد له كلمته في أهم القضايا التي تهم الأمة والأفراد ويصدر فتوى يبين فيها بطلان ذلك القانون ويكوّن قوة جماهيرية واعية ببطلانه تعمل على مناهضته أو عدم القبول به , ترك الامة و أرسل برقية شكوى إلى كوفي عنان يطالبه بعدم تأييد القانون أو تكريسه , وكأنه يشكوا إلى جهة عادلة أو ذات مكانة أعلى من مكانة فقيه يستمد قدسيته من السماء , لقد جعل كلمة العدو أعلى من كلمة الله الواجب على الفقيه أن يظهرها ويجعلها هي العليا من خلال الفتوى التي تحرّم الباطل الذي اعترض عليه .
وبعمله هذا لم يظهر كلمه الله بل طالب أن تكون كلمة عنان هي العليا وهي التي تحكم الأمة وتقرر نعم أولا، وها هنا خطأ كبير، كانت النتيجة المترتبة عليه أنهم تجاهلوا شكواه وعملوا بالقانون، ولا يزال القانون الذي اعترض عليه يعمل ولم يصدر الفتوى التي تحرّمه وتحصن الناس من قبوله بل زاد على ذلك وصار يحث الناس على الانتخابات في ظل الاحتلال وضل ذلك القانون، وهنا هنا تقصير واضح بحق الأمة عليه كمرجع مسؤول عن أظهار حكم الله للعامة.
4- عندما حصلت التفجيرات الإجرامية في العاشر من محرم ( عاشوراء) في كربلاء والكاظمية , لم تصدر من السيستاني فتوى تحرّم الفعل الاجرامي وتدين الفاعل ذاته ليضع حاجزاً شرعيا يحول دون تكراره أو على الأقل , ليظهر كلمه الله ( حكم الله ) للناس, بل أصدر فتوى بحرمة دخول الأراضي العراقية دون أذن السلطات , والسلطات هم الاحتلال بالطبع , وها هنا خطأ شرعي وقانوني كبير أكبر من ذلك الذي اشرنا إليه في الفقرة السابقة ,إنها فتوى تعطي الشرعية للاحتلال بكل وضوح وكأنه هو صاحب الحق والسيادة في العراق يجب على الناس احترام إرادتهم وقوانينهم وعدم مخالفتهم, وفي نفس الوقت تخفف عن الاحتلال الضغوط الخارجية التي تأتي من الجوار وتحاربه , وما أدرانا لعل الاحتلال هو الذي قام بتلك التفجيرات , وصوّر للسيستاني وللناس من خلال أبواق الإعلام إنها من فعل الغرباء الوافدون من الخارج , ليصدر السيستاني تلك الفتوى التي تصب لصالح الاحتلال . كان الأولى به أن يحرم الاحتلال ذاته، ويحرّم فعل التفجيرات الإجرامية ذاتها، لا أن يقدم خدماته للاحتلال بتلك الفتوى
.
5- حينما ارتكب الاحتلال جرائمه الأخلاقية بحق السجناء المسلمين في أبو غريب ثارت ثائرة كل الشرفاء والخيرين في العالم بل وحتى العاهرات في الكثير من دول العالم وأدانوها بشدة, إلا السيستاني صمت وكأن شيء لم يكن, لم يحرّم هذا الفعل ولم يطالب بمعاقبة الفاعلين , ولم يدين ولم يشجب كما فعل الآخرون , إن موقعه كفقيه مرجع يدعي انه نائب للمعصوم عليه السلام يحتم عليه أن يمارس دور المعصوم بالنيابة ويقوم بواجبه بالدفاع عن المسلمين ولو عن طريق الرفض والاستنكار, وأن الصمت في مثل تلك المناسبات يعطي إيحاءات خطير في جميع الاتجاهات , وقد يفسرها العدو والصديق بتفسيرات كثيرة تحط من منزلة الإسلام كدين حضاري يرفض تلك الممارسات الإجرامية الشاذة البشعة وتحط من منزلة المرجع نفسه باعتباره لا يكترث بمثل تلك الأمور, فإذا كان الأمريكيون أنفسهم هم الذين كشفوها للعالم وأدانوها وطالبوا بمعاقبة المذنبين وحاكموهم, فماذا كان سيخسر السيستاني لو اصدر بياناً لا يكلف سوى بضع سطور و ختم المرجعية ؟؟ وما السبب يا ترى من وراء صمته ؟؟
يبدو أنه يريد أن يظهر انضباطه التام أمام الاحتلال وهذه فرصة مناسبة ليظهر لهم تفرده المميز عن الآخرين، حيث كل العالم تشاغبوا ونغصّوا على الاحتلال فعلته وأحرجوه بما فيهم الأمريكيون أنفسهم ما سوى السيستاني الذي اظهر انضباطه وحسن سيره وسلوكه في حضرتهم. (إن الله أولى من الاحتلال بذلك).
6- بعد تنصيب قوات الاحتلال العميل أياد علاوي الذي يتفاخر أمام وسائل الإعلام بكل وقاحة أنه يتعاطى مع الكثير من أجهزة الاستخبارات العالمية( يقال أن عددها 16) وكان بعثي سابق مشهور بجرائمه, بدل أن يحرّم السيستاني التعاون مع هذه الحكومة ورئيسها سارع إلى تأييده وحكومته بأسرع ما يمكن, وهذا لا يليق بفقيه مثله أبداً بل هو محرم عليه شرعاً بنص قراني واضح وصريح يهدد المخالف بعذاب النار والخروج من ولاية الله (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ) ( هود113) أي لا تعتمدوا على الظالمين في شؤون حياتكم ومن يفعل ذلك يخرج عن ولاية الله وله عذاب النار
.
أقول: إن تأييد السيستاني من موقعه كفقيه لرجل لم يصلِ بحياته ركعة واحدة لله تعالى مجده بل مشهور بالفسق يركع ويسجد لـ 16صنم من أصنام الاستخبارات العالمية، يعطي إيحاءات خطيرة تفسد على العامة والمقلدين النسب والمفاهيم الثابتة التي كرستها الشريعة الإسلامية من خلال القرآن والأحاديث الشريفة وسيرة المعصومين عليهم السلام، إنه تأييد يشرعن الباطل على حساب الحق الواجب على الفقيه إظهاره للعامة
.
7 – إثناء التحرشات الأمريكية بالنجف وأبناء النجف وقبل الاقتراب منها اعتبر السيستاني النجف خطاً احمراً لا يجوز تجاوزه من قبل قوات الاحتلال , و لكنه لم يحفظ كلمته تلك من موقعه كمرجع أمام الأمة ولا أمام الاحتلال وصمت على تجاوزات خطوطه الحمراء بل وعلى جرح قدسية قبة الإمام علي عليه السلام من قبل قوات الاحتلال دون أن يعلن موقفا ًواضحاً إزاء ذلك سوى أنه طالب الجهات المتحاربة ( الطرفين) أن تخرج من النجف, هل هذه مسألة في الصلاة كي يبنى حكمه على الاحتياط أم مسالة واضحة وضوح الشمس فيها طرفان حق وباطل , يجب عليه ان يقف مع الحق مهما كلف الأمر , ويجب عليه ان يتمسك بالدفاع عن خطوطه الحمراء ولو ببيان شجب أو إدانة ولكنه للأسف لم يفعل.
انه من خلال تلك الممارسات يثبت للناس انه لا يصلح أن يكون مرجعاً أو قائداً لمجموعة مهما كانت صغيره لأنه يخذلهم ولا يدافع عنهم, ولا حتى يظهر تعاطفه معهم بفتوى أو بيان أو كلمة موجهة, وهذا الموقف لا يزال يتكرر إزاء التفجيرات والاعتداءات التي ضحيتها من العراقيين وأطراف اخرى, فإذا أراد أن يقنعنا أن آراءه السياسية صائبة في مسالة الانتخابات أو غيرها فليحسم لنا أولاً مسائل الصلاة التي هي في صميم اختصاصه كفقيه قضى جل عمره فيه, ومن بعد ذلك يحاول إقناعنا انه قادر على التعاطي بمسائل السياسة التي هي طارئة عليه وليست من ضمن اختصاصه ولا حتى ضمن مسؤوليته باعتباره لا يؤمن بولاية الفقيه ويرى ضرورة عزل الدين عن السياسة .”
ان هذه المطولات التي قدمها الأستاذ زهير الاسدي في دراسته هي من الأهمية الكبيرة لأنها كاشفة عن عمق الادراك المعرفي و الوعي الصابر الذي كان يحمله المرحوم محمد حسين فضل الله للواقع التعيس الذي يعيشه الموقع النجفي المتأكل من الاختراقات الأمنية و الاستخباراتية و الكلام ليس عموميا و ليس اطلاقيا , بل اننا نتحدث عن المواقع السلبية , فهناك المؤمنين و المخلصين في الموقع النجفي , فكما هناك مرتبطين و فاسدين في النجف فهناك مرتبطين و فاسدين في الموقع القمي و هذا ما واجهه المرحوم الامام الخميني أيضا في واقع “الثور الإسلامية” ضمن الطريق لتثبيت الجمهورية الإسلامية ك “نظام حكم” , و هذه الوثائق تتحدث و أيضا الكلام ليس اطلاقيا و ليس عموميا بل ان الوثائق تتناول المرتبطين مع الأجنبي الذي يوظفهم و يعمل على جعلهم خدما بخباثة لأجنداته في السيطرة و التحكم , هي أيضا تثبت ان هناك من المخلصين المؤمنين الثابتين على الموقف و المبدأ والتكليف الشرعي.
كان لكاتب هذه السطور دراسة سابقة تحت عنوان “خلف كواليس كربلاء” عن هذا الموضوع حيث ذكرت التالي وانا اعيدها هنا للأهمية و أيضا لحساسية الموضوع الذي يجب ان يأخذ ابعاده التاريخية و التوثيقية حسب القدرة و الاستطاعة حيث كتبت التالي : ” لعل ان من المناسب ان نذكر وان نكشف ما هو وثيقة و ما هو حقيقة ودليل عن وجود تواصل و تنسيق ما بين أجهزة الاستخبارات الدولية و بين بعض المتخصصين في الدين او بعض المعممين في الحوزات و طبعا لست هنا اعمم و أقول الكل , و الكلام ليس اطلاقيا , فالمتخصصين في الدين او المعممين او مراجع التقليد ليسوا ملائكة و ليسوا الهة و لا يمثلون الله سبحانه و تعالى على الأرض , هؤلاء هم بشر و من بنى ادم فهناك منهم المخلص و المؤمن و المناضل و الواعي و النهضوي و هناك العميل و السارق و الحرامي و المشبوه ..الخ ما نريد ان نقوله ان هذا “المجتمع الخاص” هو مجتمع انساني به الصالح و الطالح , وهنا يأتي دور الوثيقة و التحليل و المنطق العقلي و أيضا البحث عن التمويل و العلاقات الجانبية لكي نكتشف من يرتبط في من و من له علاقة بأي طرف , و من هو المنافق؟ ومن هو المخلص؟ ومن هو من تراجع عن التزامه؟ ومن هو من استمر في تقواه؟ وهذه هي حالة صناعة الوعي والبصيرة القرأنية التي حث عليها رب العالمين في آيات الذكر الحكيم، فعلينا ان نكون العاقلين والواعين وأصحاب الصراط المستقيم ومن يتبع الهدى والحكمة، بعيدا عن الاثارات العاطفية او تقليد الإباء وتقديس الموروث الاجتماعي.
علينا ان نسأل على سبيل المثال لا الحصر: من اين لأشخاص كل هذا التمويل المليوني لأنشاء عشرات الفضائيات ومواقع الانترنت والإذاعات والمجلات ونشر الكتب الفارغة التي لا يقرأها أحد؟ وهناك أموال طائلة يتم صرفها من غير حساب على حجز أقمار صناعية للبث ودفع رواتب موظفين وأيضا رواتب معممين عاطلين عن العمل الحقيقي وكذلك موظفين واتباع وازلام وكادر ترويج اعلامي وتنظيمي ؟، وكذلك من قدم لهؤلاء الاقامات في أوروبا وبريطانيا وسلم لهم الجوازات والجنسيات الأوروبية والامريكية وسهل تنقلهم بين بلدان العالم وسمح في انشطتهم؟ لماذا يستخدمون نفس الأساليب الصهيونية في التسقيط وغسيل الدماغ؟ من اين لهم كل هذا؟ ومن دربهم ومن علمهم؟ والفضيحة الأكبر؟ من اين جاء العشرات من هذه الشخصيات التي تضع عمائم؟ الى حواضرنا الإسلامية العريقة؟ نحن نجد أسماء يتم الإشارة إليهم الى انتمائهم لمناطق جغرافية وليس لهم بعد عائلي؟ او عشيرة؟ او اشخاص يعرفونهم؟ في إيران او باكستان او أفغانستان او تركيا؟ فجأة يتواجدون في مدينة النجف الاشرف؟ او مدينة قم؟ او في كربلاء؟ او في مشهد؟ ينقل لي المرحوم الدكتور تحسين طالب النقيب “نوري الصفار” عندما كان متواجدا في النجف الاشرف بعض من هذه التساؤلات؟ عن شخصيات كانت هناك، ونعيد ونكرر ان الكلام ليس اطلاقيا وليس عموميا، فهناك من المتخصصين في الدين الإسلامي من عاشوا الاخلاص والتفاني الى اقصى مدى وحد لغاية الاستشهاد في سبيل الإسلام و العدالة، وأيضا هذا الإخلاص والالتزام مذكور في الوثائق الاستخباراتية ونحن هنا نستند الى الوثائق الامريكية الاستخباراتية التي استحصل عليهم الطلبة السائرون على خط الامام الخميني بعد اقتحامهم للسفارة الامريكية في إيران والتي هي للمعلومية ليست مبنى واحد بل منطقة من عدة مباني وتمثل مجمع ضخم منفصل في وسط طهران , اذن هذه مجموعة من الوثائق التي تم العثور عليها في السفارة الامريكية الخاصة في النشاط الاستخباراتي السري.
أحد الوثائق ينص على التالي: “لا يزال الزعماء السياسيين وبالأخص علماء الدين غير راغبين في التباحث معنا، وان أيا من هذه المجموعات (ويقصد هنا المجموعات والتيارات المعارضة للنظام الإسلامي) لا تتجرأ على الالتحام مع علماء الدين بسبب القدرة التحطيمية التي يملكونها والمتمثلة بدعم ومساندة عامة الناس لهم” (سري – من العلاقات العامة في السفارة الامريكية في طهران الى السيد Curran) الصفحة سبعين من مجموعة الوثائق التي عثر عليها في السفارة الامريكية، الكتاب الثاني.
وفي نفس الوقت تقر هذه الوثائق انها حاولت و لديها اتصالات مع علماء دين اخرين تعاونوا معها و ارتبطوا بها و تم ارسال عد منهم الى دورات التدريبية في داخل الولايات المتحدة الامريكية و أيضا تم الطلب من احد مراجع التقليد بأن يقدم خطاب اعلامي ضد الولايات المتحدة الامريكية و بأن يقوم بتقليد و تكرار نفس ما يقوله ويخطب به المرحوم الامام روح الله الخميني ؟!, و واضح هنا محاولة استحمار الناس و خداعهم و أيضا محاولة صناعة مصداقية مزيفة , و هنا علينا ان نعرف و أيضا علينا ان نشدد القول: على ان الحلف الطاغوتي الربوي العالمي و الصهاينة ليس لديهم مشكلة في أي خطابات إعلامية ضدهم , ان ما يهمهم هو ان لا يتحول الخطاب الإعلامي الى حركة على ارض الواقع و الى تطبيق ملموس ومحسوس , فليس لديهم مشاكل في الشعارات والضوضاء الخطابية بل لديهم مشكلة في الشعار المستند على فكر و ثقافة يتحولون الى حركة تصنع الاستقلال و العدالة والتنمية الحضارية الحقيقية بعيدا عن النموذج الربوي الطاغوتي.
تقول الوثائق: “يجب علينا تكثيف الجهود الى إقامة اتصالات مع علماء الدين والعناصر اليسارية وعدم الاهتمام بعواقب هذه الأمور”
وتذكر:
“الحصول على بعض الإمكانيات المساعدة في اعداد وتربية رجال متخصصين بالدين الإسلامي لغرض الاستفادة منهم كجسور مباشرة ورابطة بين ال CIA والزعماء المسلمين في إيران وإمكانية التعاون مع ال CIA ومسئولي وزارة الخارجية الامريكية”. نفس المصدر السابق الصفحة الواحد والسبعين.
وتضيف الوثائق:
“وكان لدي الامريكان مخططا للتبادل الثقافي والعلمي والذي التزمته ال CIA ويتمكنون بموجبه من انجاز عمليات تبادل الطلبة مع الحوزة العملية في قم وبالأخص المدرسة الفيضية ويضمنون بذلك وجود شخص موالي لهم في المدرسة الفيضية ليكون مصدر جيد لتزويدهم بالمعلومات المهمة ليتمكنوا بالتالي من الحصول على تحليلات جيدة حول علماء الدين والاعمال التي يقومون بها” نفس المصدر السابق وفي نفس المصدر وثائق عن اجتماعات لمرجع التقليد شريعتمداري وعلماء اخرين.
هنا الوثائق تتحدث وهي تكشف وعلينا ان نقرأ؟”
وأيضا يضيف الكاتب العراقي المعروف الأستاذ “عادل رؤوف” على المسألة نقاط مهمة و قيمة تتعلق في الموقع النجفي ضمن كتابه المهم “انبياء و اصنام” حيث يذكر التالي: “علينا أن نتوقف من جديد إذن على ضوء مجموعتي النصوص المطولة حول ذات المجموعة «المرجعية» الرباعية «علي السيستاني (الايراني)، واسحاق فياض (الافغاني)، وبشير النجفي (الباكستاني)، ومحمد سعيد الحكيم»، و«حوزتهم» في مرحلتين، مرحلة نظام صدام حسين البائد، ومرحلة العراق المحتل أميركيا، وعلينا أن نلحظ الواقعين للمرحلتين… والتوقف عندهما، و«المرحلة» لا شأن لها هنا بأي منجز فكري أو معرفي أو حتى فقهي، لان هذه الرموز لا شأن لها بما هو فكري ومعرفي معاصر، أما في الجانب الفقهي فإن تمايزوا وإن لم يتمايزوا في المنجز، فالأمر سيان، كون هذا المنجز في الحالتين ما هو إلا امتداد لـ «مدرسة» فقهية ـ اجتراريه ـ تقليدية، يتساوى فيها العمق واللاعمق من حيث العلاقة مع شؤون الأمة، وشؤون العصر… فعنوان التوقف والملاحظة الأبرز ارتبط بـ «الجهاد» و«فتاواه» الإكراهية، في ظل نظام صدام حسين، و«فتاواه الواقعية» في ظل الاحتلال الأميركي.. فالأمر بدا أنه انتقال من «الجهاد الإكراهي» إلى «المرونة والواقعية مع الاحتلال»… وبما أن هذا «الجهاد» كان إكراهياً، فإن الانتقال بمعنى آخر سيكون من «التقية» الدفاعية عن صدام حسين إلى «الواقعية»، ومن الإذلال إلى «الفضيحة»، ومن «الارتباط المحلي» إلى «الارتباط مع المحتل الأميركي»، ومن توظيف صدام حسين إلى توظيف الأمريكان، ومن المؤثر المحلي إلى المؤثر الإقليمي، ومن المؤثر المحلي إلى المؤثر الدولي الاحتلالي، ومن اصطفاف «مرجعي» رباعي، إلى اصطفاف «مرجعي» رباعي مميز برمز اعلى، ومن دور إلى الدور ذاته في أحد محاوره، ففي مرحلة صدام حسين كان هذا الرباعي قد اتخذ موقفا عدائيا ضد الشهيد محمد صادق الصدر، وفي مرحلة الاحتلال الأميركي اتخذ أيضاً الموقف ذاته، إزاء امتداد ظاهرة الصدر الثاني المليونية، فهذه الظاهرة بغض النظر عما آلت إليه، وبغض النظر عن الجوانب المعرفية والتنظيمية والانقسامية إلا أنها يمكن القول عنها.. إنها ظاهرة لم يشهد تاريخ العراق مثيلا لها من حيث حجمها الجماهيري المليوني، وكان من الممكن تصور حمايتها وتفعيلها والوقوف بوجه الاستهداف الأميركي لها، الذي لا يحتاج إلى معرفة، لو توفر لها «الغطاء المرجعي» الفاقدة له، إلا أن الظروف، التي حكمت ظاهرتي الصدرين ال
…