وكالات – كتابات :
يؤدّي مئات الآلاف من الحجّاج، الأحد 25 حزيران/يونيو 2023، “طواف القدوم” حول الكعبة المشرفة في مدينة “مكة المكرّمة”؛ وسط أجواء حارة، وذلك في مسّتهل مناسك حج ينطلق بأعداد مماثلة لما قبل جائحة (كورونا)، التي كانت قد ألقت بآثارها على أداء المسلمين للحج.
وفاضت شوارع “مكة المكرمة” بالحجّاج من الجنسيات كافة، بعدما سّمحت “السعودية” للمسلمين بأداء فريضة الحج هذا العام من دون أي قيود على عدد الحجاج وأعمارهم، حيث وصل أكثر من: 1.6 مليون حاج من خارج المملكة بالفعل، بحسّب ما أعلنت السلطات السعودية، مساء الجمعة 23 حزيران/يونيو 2023.
هذا الرقم يتجاوز بالفعل عدد الحجيج العام الماضي بفارق كبير، إذ اقتصر الحج العام الماضي على: 926 ألف حاج، بينهم: 781 ألفًا من الخارج، بعد عامين من اقتصاره على بضعة آلاف من سكان المملكة وحدها، فيما لم تُعلن بعد أعداد الحجاج من داخل “السعودية”.
تتوقع السلطات السعودية مشاركة أكثر من: 02 مليون حاج من: 160 بلدًا في الحج هذا العام.
في يوم السبت 24 حزيران/يونيو 2023، طاف حول “الكعبة” حجاج بملابس الإحرام البيضاء، بينهم نساء ارتدى بعضهن عباءات ملونة، وقد حمل كثير منهم مظلات للوقاية من الشمس الحارقة، فيما كان آخرون يصلون ويدعون، على الأرضيات الرخامية البيضاء التي تفوح منها رائحة المسّك.
الموظف المصري المتقاعد؛ “عبدالعظيم”، (65 عامًا)، قال: “أعيش أجمل أيام حياتي”، وفقًا لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية، وتابع الرجل فيما كان يهم بالطواف: “الحلم أصبح حقيقة”، مشيرًا إلى أنه دفع: 175 ألف جنيه؛ (5600 دولار)، في الرحلة الدينية التي يدّخر لها منذ 20 عامًا.
كذلك تفيض الشوارع المحيطة بالمسجد الحرام بألوف الحجاج الذين يصلّون على سجاجيد ملوّنة أمام الفنادق والمتاجر، وفيما كانت تسّير وسط أمواج المصلين الخارجين من المسجد الحرام بعد صلاة العشاء، قالت ربة المنزل الهندية؛ “شيما مقصود”؛ (52 عامًا)، إنها تعيش: “سعادة غامرة، لأن حلمها قد تحقّق” بزيارة “مكّة المكرّمة” وأداء الحج.
بدءًا من مساء الأحد، ينتقل الحجاج بأعداد كبيرة إلى “منى”، على بُعد حوالي خمسة كيلومترات من المسجد الحرام، قبل المناسك الرئيسة، وهي صعود “جبل عرفات”؛ يوم الثلاثاء المقبل.
أقامت السلطات الكثير من المرافق الصحية والعيادات المتنقّلة، وجهّزت سيارات إسعاف ونشرت: 32 ألف مسّعف لتلبية احتياجات الحجّاج، كما تنتشر سيارات المطافيء بألوانها الصفراء المميزة في أرجاء المكان، إذ سّبق أن تسبّبت حرائق في حوادث دامية في “منى”.
يقول الطالب الإندونيسي؛ “يوسف برهان”، (25 عامًا): “هذه نعمة عظيمة. لم نتخيل من قبل أننا سنؤدي الحج هذا العام”، مضيفًا: “لا أستطيع وصف مشاعري. أشكر الله”.
في حين أعرب صديقه؛ “مهدي الحامدي”، (27 عامًا)، عن فخره بأداء الحج قائلاً إن: “الحجاج قوم مختارون من الله”، وقال الشاب الذي ارتدى زيّ “الباتيك” الإندونيسي التقليدي، وقد غمرته مشاعر السعادة: “هناك ملايين من الناس، والله اختار عددًا قليلاً لأداء الحج. هذا شرف عظيم لنا”.
بدورها أتمت السلطات السعودية استعداداتها لاستقبال الحجاج، إذ أقامت الشرطة السعودية في المدينة الجبليّة نقاط تفتيش وقاموا بدوريّات راجلة، حاملين مظلات بيضاء للحماية من الشمس، فيما تجاوزت الحرارة 44 درجة مئوية.
ووقف رجال أمن يرشّون رذاذ المياه على الحجاج المنهكين من الحر الشديد، وقد افترش بعضهم الساحات المحاذية لأبواب الحرم.
وداخل المسجد الحرام وقف مسّعفون على أهبة الاستعداد في مواقع مختلفة، فيما كان شبان متطوعون يدفعون كراسي متحركة ينتظرون في طابور طويل لمساعدة كبار السّن والمرضى ممن لا يستطيعون المشي مسافات طويلة.
في أرجاء المكان انتشر عمال بملابس خضراء يوزعون زجاجات المياه الباردة، وآخرون يرشون رذاذًا منعشًا من أسطوانات مربوطة حول ظهورهم، كما وضع الكثير من الحجاج أسماء دولهم وأعلامها على ملابسهم. وارتدت مشارِكات آسيويات وإفريقيات عباءات ملونة مميزة.
عادة ما يُشكل الحج مصدر دخل رئيسًا للمملكة، وتُقدّر إيرادات المناسك والعمرة والزيارات الدينية الأخرى على مدار العام بنحو: 12 مليار دولار سنويًا.
يأمل أصحاب الأعمال في “مكة” بأن تُعوّضهم عودة الحج إلى طبيعته عن الخسّائر الفادحة التي تكبّدوها خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وأكد “سمير الزافني”، الذي يُدير مجموعة فنادق في “مكة” و”المدينة” أنّ فنادقه كاملة العدد حتى الأسبوع الأول من تموز/يوليو المقبل على الأقل.
أضاف في مكتبه: “بعد ثلاث سنوات عجاف، هذا العام لا يوجد سرير واحد شاغر في مجموعتنا التي تضمّ: 67 فندقًا”.
يُذكر أنه في العام 2019؛ شارك نحو: 2.5 مليون مسلم من جميع أنحاء العالم في مناسك الحج السنوية، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، وفريضة لا بُد للمسلمين القادرين من تأديتها مرّةً واحدة على الأقل في حياتهم.