22 ديسمبر، 2024 4:41 م

زيارة “بلينكن” لـ”بكين” .. هل تُعيد العلاقات بين الصين وأميركا أم تسّمح بتقليل التوتر فقط ؟

زيارة “بلينكن” لـ”بكين” .. هل تُعيد العلاقات بين الصين وأميركا أم تسّمح بتقليل التوتر فقط ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في زيارة تزيد حولها التكهنات؛ أكدت “الولايات المتحدة” أن وزير الخارجية؛ “آنطوني بلينكن”، أعاد تحديد موعد زيارة نادرة لـ”بكين” في نهاية هذا الأسبوع، سّعيًا: لـ”إدارة مسؤولة” للعلاقات المتوترة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية؛ “ماثيو ميللر”، في إشارة إلى “الصين”: “سيلتقي بلينكن مع كبار المسؤولين الصينيين؛ حيث سيناقش أهمية الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة لإدارة العلاقات بين واشنطن وبكين بشكلٍ مسؤول”.

وقابلت “الصين” هذا الإعلان؛ بحّث وزير الخارجية الصيني؛ “تشين قانغ”، “الولايات المتحدة”؛ على التوقف عن التدخل في شؤونها والإضرار بأمنها في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي أمس الأول، وهو ما يُنذر بتوتر قبل زيارة “بلينكن” المتوقعة إلى “بكين”؛ خلال الأيام القادمة.

قضية “تايوان”..

وأضافت “وزارة الخارجية” الصينية أن “تشين” أبلغ “بلينكن”؛ بأنه يتعيّن على “الولايات المتحدة” احترام المخاوف الأساسية لـ”الصين”؛ مثل “قضية تايوان” في محاولة لكبح العلاقات المتراجعة بين القوتين العظمتين.

من جانبها؛ ذكرت “وزارة الخارجية” الأميركية؛ في ملخص مقتضب عن الاتصال الهاتفي، أن “بلينكن” أكد ضرورة التواصل: “لتجنب سوء التقدير والصراع”، وقال إن “الولايات المتحدة” ستستمر في التطرق للقضايا محل القلق؛ بالإضافة إلى مجالات التعاون المحتمل مع “الصين”.

وفي حال تمت زيارة “بلينكن” كما هو مخطّط لها، فستكون الزيارة الأولى التي يقوم بها وزير خارجية أميركي؛ لـ”الصين”، منذ خمس سنوات، وأرفع زيارة لمسؤول بإدارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، التي اختلفت بشدة مع “بكين” بخصوص ملفات منها؛ ما قيل عن تجسّس وخلاف حول قطاع أشباه الموصلات من بين قضايا أخرى.

مؤشر على “ذوبان الجليد”..

واهتمت الصحف الأجنبية بتلك الزيارة ونتائجها وتداعياتها المستقبلية، فاعتبرت صحيفة (الغارديان) البريطانية أن زيارة وزير الخارجية الأميركي؛ “آنتوني بلينكن”، إلى “بكين”، في 18 حزيران/يونيو، أكبر مؤشر حتى الآن على أن: “ذوبان الجليد”؛ الذي توقعه الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، في العلاقات بين “الولايات المتحدة” و”الصين” قد يتحقق بالفعل.

ولكن ذهبت الصحيفة إلى أنه بعد عدة أشهر من تصاعد التوترات بين البلدين، سيحتاج الطرفان إلى التغلب على انعدام الثقة المتبادل الذي سُمح ببنائه في أعقاب عدد من الحوادث الأخيرة.

وأدلى “بايدن” بتصريحاته التي توقع خلالها ذوبان الجليد في قمة “مجموعة السبع”؛ في “اليابان”، في آيار/مايو الماضي، رغم إصدار مجموعة الدول بيانًا شديد اللهجة يوبخ سلوك “الصين” في مجموعة من القضايا، بما في ذلك الأمن الإقليمي و”الإكراه الاقتصادي”.

وأضافت الصحيفة في تحليلها أن إظهار الوحدة من الاقتصادات الحليفة، مع وجود “الولايات المتحدة” على رأسها، جعل أي انفراجة في العلاقات “الأميركية-الصينية” يبدو وكأنه احتمال بعيد. لكن في الأسابيع الأخيرة ظهرت علامات تدريجية على زيادة الحوار بين القوتين العظميين.

لقاءات دبلوماسية للتهيئة..

وفي الأسبوع الماضي؛ التقى مسؤولان أميركيان متوسطي المسّتوى مع نظرائهما الصينيين؛ في “بكين”. سافر: “دانيال كريتنبرينك”، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهاديء، و”سارة بيران”، كبيرة مديري مجلس الأمن القومي للصين، إلى “بكين”، للقاء نائب وزير الخارجية؛ “ما تشاوشو”، و”يانغ تاو”؛ مدير قسم شئون أميركا الشمالية والمحيطات.

في آيار/مايو، ورد أن “ويليام بيرنز”؛ مدير وكالة المخابرات المركزية، سافر إلى “بكين” لعقد سلسلة من الاجتماعات السّرية مع مسؤولي المخابرات، بينما التقى مستشار الأمن القومي الأميركي؛ “جيك سوليفان”، بكبير الدبلوماسيين الصينيين؛ “وانغ يي”، في “فيينا”.

واعتبرت الصحيفة البريطانية أن كل هذه المحاولات كانت جزءًا من جهد لإعادة بناء العلاقات منذ أن أدت ملحمة بالون التجسّس في وقتٍ سابق من هذا العام؛ إلى إلغاء زيارة “بلينكن” الأصلية إلى “بكين”، والتي كان من المقرر إجراؤها في شباط/فبراير.

وفي شباط/فبراير، أسقطت طائرات مقاتلة أميركية منطادًا صينيًا ضخمًا قبالة سواحل “كارولينا” الجنوبية. وخلصت إدارة “بايدن” إلى أن الطائرة كانت عبارة عن منطاد للمراقبة حّلق فوق مواقع عسكرية حسّاسة. اعترفت “الصين” بامتلاك المنطاد؛ لكنها قالت إنها سفينة مدنية تُستخدم في أبحاث الأرصاد الجوية.

تقليل من احتمالية التقدم في القضايا الرئيسة..

من جهتها؛ تقول (واشنطن بوست)؛ إن المسؤولين الأميركيين قللوا من احتمال التقدم الكبير في القضايا الرئيسة خلال الزيارة، مثل مصير “تايوان”، والحرب في “أوكرانيا”، وحقوق الإنسان، لكنهم يقولون إن “بلينكن” سيُعطي الأولوية للتشّديد على: “القيم والمصالح” الأميركية، وإنشاء قنوات اتصال موثوقة، بالإضافة إلى استكشاف فرص التعاون حول تغيّر المناخ والقضايا الاقتصادية.

وأضاف “كريتنبرينك”: “سنزور بكين؛ ونحن نتحلى بنهج واقعي حاملين رغبة صادقة في التعامل مع خلافتنا بأكبر قدر ممكن من المسؤولية”.

واتُفق على زيارة “بلينكن”؛ في بداية الأمر، بين الرئيسين؛ “بايدن” و”شي”، خلال اجتماعهما في “إندونيسيا”، العام الماضي، إلا أنها تأجلت بعد حادثة منطاد التجسّس.

وفي الأشهر التي تلتها، اشتبك الجانبان بسبب “تايوان” و”أوكرانيا” وسلسلة أخرى من حوادث خطيرة. وكشف “البيت الأبيض”، السبت الماضي، وجود مركز صيني للتجسّس في “كوبا”.

استعادة العلاقات..

وأوضحت إدارة “بايدن” أنها حريصة على استعادة العلاقات، خاصةً القنوات العسكرية، التي يقول المسؤولون الأميركيون إنها ضرورية لمنع تصعيد الحوادث بين السفن أو الطائرات الأميركية  والصينية، وتحولها إلى مواجهة عسكرية.

ورغم ذلك؛ تردد المسؤولون الصينيون قبل استئناف الاتصالات، خوفًا من استخدام “واشنطن” التحقيق المرتقب لـ”مكتب التحقيقات الفيدرالي”؛ في حادثة المنطاد، للتسّبب في مزيد من الحرج لـ”بكين”.

وفي الشهر الماضي؛ رفض وزير الدفاع الصيني؛ “لي شانغ فو”، طلبًا لعقد اجتماع مع وزير الدفاع الأميركي؛ “لويد أوستن”، على هامش مؤتمر أمني في “سنغافورة”. وأعلنت “وزارة الدفاع” الأميركية؛ (البنتاغون)، يومها أنها تأسف لقرار “الصين”، قائلة إنها: “تؤمن بشدة بأهمية الحفاظ على خطوط مفتوحة للتواصل العسكري بين واشنطن وبكين؛ لضمان منع تحول المنافسة إلى صراع”.

وتزامن انقطاع التواصل بين المؤسستين العسكريتين في البلدين مع عدة حوادث بين القوات الأميركية والصينية في “المحيط الهاديء”، بما فيها ما وصفته “الولايات المتحدة”: بـ”تفاعل غير آمن” بين سفينة حربية صينية ومدمرة أميركية في “مضيق تايوان”، وحادث آخر في آيار/مايو الماضي، عندما اقتربت طائرة حربية صينية من أخرى أميركية بشكلٍ خطير فوق “بحر الصين الجنوبي”.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض؛ “جون كيربي”، في وقتٍ سابق من هذا الشهر: “عما قريب ستقع إصابات نتيجة لهذه الحوادث”.

زيارة صعبة للجانبين..

وقال “وانغ وين بين”، المتحدث باسم “وزارة الخارجية” الصينية، إن: “الإجراءات التي اتخذها الجيش الصيني معقولة تمامًا وشّرعية ومهنية وآمنة”.

ومن جهته؛ قال “داني راسل”، الباحث في شؤون الصين في “جمعية آسيا”، إن الزيارة: “ستكون صعبة؛ لأن الجانبين، وإن كانت لهما مصلحة في استقرار العلاقات، إلا أنهما يرغبان في تحديد الخطوات التي على الآخر اتخاذها لتجنب المزيد من التوتر أو ما أسوأ منه”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة