خاص: كتبت- سماح عادل
فيلم closer فيلم أمريكي رومانسي يحكي عن تشابك العلاقات العاطفية وعن تصورات الذكر لها، حتى وإن كان في إحدى الدول الغربية التي تدعي تقدمها الحضاري.
الحكاية..
يبدأ الفيلم ب”دان” الكاتب الأمريكي الذي يذهب إلى لندن لكي يبحث عن إلهام جديد لتأليف رواية، ليتقابل مع فتاة عشرينية تدعي “أليس” ويعجب بها من أول مقابلة، ويدخل معها في علاقة حب ويكتب عنها في روايته، ثم يتقابل “دان” مع “آن” المصورة التي تجهز له صور لكتابه الجديد، وأثناء جلوسه للتصوير تبدي “آن” اعجابها بروايته التي نجحت والتي كتبها عن علاقته ب”أليس”، لكن تحدث لحظة الانجذاب بين “دان” و”آن” ويقتربان من بعضهما حتى أنه يقبلها، ثم تأتي “أليس” لأنها قد اتفقت مع “دان” أن تمر عليه، يخرج “دان” ليستقبلها وتدخل معه إلى مكتب “آن” لكنها تشعر بأن هناك أمر قد جري بين “دان” و”آن” لكنها لا تقول شيئا، وتطلب من “آن” أن تلتقط لها صورة وبالفعل تلتقط لها “آن” صورة وهي تبكي.
لهفة..
ثم يتطور الأمر ويشعر “دان” باللهفة الشديدة نحو “آن” ويحاول التقرب إليها لكنها ترفض بسبب علاقته مع “أليس” وتهرب منه. فيقوم “دان” بعمل موقف غريب حيث يقوم بعمل شات مع طبيب يدعي “لاري”، مدعيا أنه “آن” ويغازله بوقاحة ثم يطلب منه مقابلته في المكان الذي عرف “دان” أن “آن” تجلس فيه بشكل دوري، وهو متحف للأسماك، ويذهب “لاري” بشغف التعرف على الفتاة التي حدثته بجرأة على الشات. ويعجب ب “آن” وجمالها ويحاول التقرب منها، وبالفعل يحدث الانجذاب ويرتبط “لاري” و “آن”. ورغم ذلك يظل “دان” يلاحقها ويذهب إليها في كل الأماكن التي تذهب إليها ليعلن لها عن حبه. نعرف ذلك من الحكي بين الشخصيات.
تبادل..
ويوم افتتاح معرض ل “آن” تعرض فيه صورها الفوتوغرافية التي التقطتها لبعض الوجوه، يذهب “دان” و”أليس” ويتقابل هناك مع “لاري” و”آن”، ويحاول “دان” التقرب مجدد من “آن” معلنا لها عن حبه لها وتعلقه بها. ونشعر كمشاهدين بتجاوب “آن” معه وأنها أيضا تبادله نفس الشعور، ويتقابل “لاري” مع “أليس” ويتحدث معها قليلا معاملا إياها بطريقة غير لائقة. ثم يلاحظ “لاري” أن “دان” و”آن” يتحدثان ويظهر عليها تقارب فيسألها عما يحدث لكنها تراوغه.
خيانة..
ثم تنتقل الكاميرا على مشهد انتظار “آن” ل”لاري” في بيتهما بعد أن تزوجته وهي تشعر بتوتر شديد وخوف، لكن يبدو على ملامحها هدوء شديد، ويعود “لاري” بعد سفر قصير لأحد المؤتمرات وتستقبله هي بهذا الهدوء. ثم يقول لها أنه قام بعمل نزوة قصيرة وأنه نادم عليها ولا تهتم هي أو يظهر عليها أي رد فعل غاضب، ويندهش “لاري” من رد فعلها الهادئ، لكن يستوعب الأمر بأن “آن” لم تأخذ رد فعل غاضب لأنها هي أيضا قد خانته.
ويقوم باستجوابها كمحقق شرس ليعرف أنها كانت تتقابل مع “دان” وأنهما أقاما علاقة حميمة أكثر من مرة في بيتهما، ويجن جنون “لاري” رغم أنه للتو كان قد قام بخيانة “آن” لكنه مع ذلك لم يستطع استيعاب أنها خانته وفي بيته، وأنها أحبت شخصا آخر، لكن أسئلته كلها كانت تدور حول طريقة معاملة “دان” لها جنسيا، وكيف كانت تشعر به، مما يعكس إحساس ملكية يشعره “لاري” نحو “آن” زوجته، التي هي ملكية خاصة لا يجب أن يلمسها أحد أو يعبث معها، مما تتضح وجه نظر الذكور في العلاقة.
ويظل “لاري” يسأل “آن” وهي خائفة من الإجابة خوفا من أن تتعرض للعنف منه، لكنه يقول لها أنه لن يؤذيها مما يعكس فكرة أن إيذاء الذكور للإناث في أمريكا أمر وارد وشائع.
سرقة..
ثم تترك “آن” “لاري” ويشعر هو بالقهر، لأنه مازال يحبها ولأنه أيضا يشعر أنها ملكية له وقد سرقها منه رجل آخر ويدخل في حالة نفسية سيئة ويحاول استعادتها باستماته، لكن “آن” ترتبط ب “دان” في علاقة عاطفية ويبدو عليهما الانسجام والحب وتبدو “آن” محبة ل”دان” ومراعية له، وفي ظل حالة “لاري” النفسية السيئة يذهب الى بار ويصادف “أليس” هناك، لكنها تضع شعرا مستعارا وترتدي ملابس عارية، لأنها تقوم بإغراء الزبائن وفق قواعد وشروط معينة، ويجري معها “لاري” تحقيقا آخر مما يعكس جوانب من شخصية “لاري”، حيث يستجوبها عن اسمها وعن علاقتها ب”دان”، لكنها ترفض الإجابة مدعية أنها ليست “أليس” التي ظن أنه يعرفها، ومع استماتة “لاري” في الحديث معها عن “دان” وتجاهلها للأمر والتزامها بقواعد نادي التعري الذي تعمل به، يطلب منها أن يقابلها خارج النادي ولا نعلم هل وافقت أم رفضت.
انتقام..
ثم ننتقل إلى “دان” و “آن” الذين يتقابلا في مكان للنزهة وتخبره بعد أن تأخرت عليه أنها قابلت “لاري” لكي يوقع على أوراق الطلاق، ويبدو عليها بعض الارتباك فيفهم “دان” أنها قامت بعمل شيء، ويفهم أنها قامت بعمل علاقة حميمة مع “لاري”، ولا تنكر “آن” لأنها لا تحب أن تكذب عليه، وتقول له أنه اشترط عليها ذلك لكي يوقع على أوراق الطلاق، وأنها وافقت فقط لكي تتخلص من زواجها من ” لاري”.
لكن “دان” لا يقبل بذلك أبدا، رغم أنه هو من بدأ بعمل علاقة حميمة مع “آن” وهي متزوجة من “لاري”، لكنه مع ذلك يشعر بالغبن ويكون رد فعله كارثيا، حيث يدخل في حالة نفسية سيئة، ويظل يستوجب “آن” حول ما فعلته مع “لاري” ويظل يبكي وينهار، مما يجعل “آن” تشعر بالسوء، حيث لم يقبل “دان” أن يملس “لاري” “آن” وهي في علاقة عاطفية معه وذلك نابع من شعور الذكر بامتلاكه للمرأة. وتنتهي علاقة “آن” و”دان” على ذلك لأنه لم يتقبل أنه ضاجعت “لاري”.
مقابلة..
يذهب “دان” لمقابلة “لاري”، في عيادته ولا نفهم لما فعل ذلك، ويتعامل معه “لاري” من موقع المنتصر الذي فاز على غريمه وانتقم منه أشد الانتقام، ويظهر “دان” في موقع المهزوم الضعيف الذي يشعر بالتنكيل والقهر، ولا يكتفي “لاري” بذلك بل يعامله بقسوة شديدة، ونعرف أن “دان” ذهب فقط ليفهم لما فعل به ذلك، فيقول له “لاري” أنه لم يفعل شيء وأنه فقط طلب من “آن” أن تسمح له بأن يودعها للمرة الأخيرة، وأنها وافقت وأن المشكلة لديه هو لأنه لم يقبل ذلك وخسر “آن” لأجل ذلك.
عودة..
وتعود “آن” ل”لاري” لأنها تشعر أنه يريدها ويتمنى عودتها، ويعود “دان” ل”أليس” بعد أن تركها لأجل “دان” وهي تقبل العودة له ويتقابلان في أحد الفنادق، ويحاولان تذكر تفاصيل علاقتهما القديمة قبل أن يتركها ويذهب ل”آن” رغم أنها هي التي رحلت فور أن علم أنه يحب “آن”.
تملك وعنف..
وأثناء الحديث بينهما يتطرق الحكي إلى “لاري” ويسأل “دان” عن مضاجعة “لاري” ل “أليس” لأن “لاري” نفسه كان قد أخبره بذلك، في أثناء المقابلة معه، لكن “دان” كان يود أن يكون ذلك كذبة من” لاري، ومع الإلحاح تعترف “أليس” أنها قابلت “لاري” بعد أن ذهب إلى نادي التعري الذي تعمل به، وأنها قابلته بعد مناوبة عملها. وكانت “أليس” تحاول ألا تعترف بما جري بينها وبين “لاري” لكن دان يصر على استجوابها وبعد أن كانا يتذكران علاقتهما بمحبة يتحول موقف “دان” ويستشيط غضبا. ويتطور الأمر مع “أليس” حتى أنه يصفعها على وجهها، وذلك لأنه غضب لأن “لاري” لم يكتف بالانتقام منه لأنه اخذ “آن” منه لكنه أيضا أفسد علاقته ب”أليس”، وتحدث مشاجرة عنيفة بين “دان” و”أليس” وترحل ونكتشف أن اسم “أليس” هذا ليس اسمها الحقيقي.
الذكور يحبون بشكل مختلف..
الإخراج جيد، والديكورات والأماكن التي دارت فيها المشاهد، وجاء أداء الممثلين جيد أيضا مصورين عقد البشر النفسية وخاصة الذكور حينما يتعلق الأمر بالحب والمشاعر التي تختلط بمشاعر الامتلاك.
ويطرح الفيلم أفكار هامة جدا، وهي أن الذكر رغم تطوره في مجتمع يدعي أنه يتحرى المساواة بين الذكر والأنثى، إلا أن الذكر مازال كما هو بدائيا يشعر أن المرأة ملكية خاصة له بمشاعرها وجسدها، وانها لا يجب عليها أن تفرط في تلك الملكية تحت أي ظرف من الظروف، رغم أنه هو نفسه قد يقوم بنفس الفعل وهو خيانة العلاقة بينهما، أو الانجذاب لأخرى.
يطلب منها مسامحته حينما يفعل ذلك لكنه هو نفسه لا يستطيع مسامحتها، وفي حالة “لاري” كان الحب لديه أقوى من شعوره بالخيانة وبالجرح، واستطاع أن يعود لها مرة أخرى، لكنه لم يفعل ذلك إلا بعد أن انتقم لكرامته وكبرياءه كذكر، حين طلب منها أن تقوم بعمل علاقة حميمة معه، فقط لينكل ب”دان” ويهزمه ويرد له نفس الفعل الشنيع في وجهة نظره ونظر “دان”.
كان “دان” الأكثر تشبثا بفكرة الملكية لأنه لم يستطع مسامحة “آن” على إقامة علاقة حميمة مع “لاري”، ولم يستطع استعادة إحساسه بالحب نحوها لأنها تلوثت في وجهة نظره بلمسات رجل آخر وكذلك فعل مع “أليس” لأن إحساس الملكية كان أكبر من شعوره بالحب نحو أي من الفتاتين.
وعلى مستوى “آن” و”أليس” نجد رد فعل الأنثى التي تخشى العنف من الذكر رغم أنها معه في علاقة حب، كما أنها تستجيب لمشاعرها لكنها تشعر دوما بأنها غير مسموح لها بذلك من قبل الذكر، وأن ما تفعله لا يعتبر حق كامل لها وأنها دائما ملامة.
الفيلم..
فيلم دراما أمريكي، تاريخ العرض: 10 ديسمبر 2004، ﺇﺧﺮاﺝ: مايك نيكولز، ﺗﺄﻟﻴﻒ: باتريك ماربر، طاقم العمل: “ناتالي بورتمان، جود لو، جوليا روبرتس، كليف أوين، نيك هوبز، كولن ستينتون”.