خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
الرئيس الإيراني؛ “إبراهيم رئيسي”، في جولة رسّمية تسّتغرق خمسة أيام بدول “أميركا اللاتينية”؛ حيث حل في دولة “فنزويلا” كأول محطة، تلك الدولة الثورية صاحبة الصمود في مواجهة الاستعمار الإسباني والبرتغالي سابقًا، و”الولايات المتحدة” حاليًا، ولذلك تجمعها بـ”الجمهورية الإيرانية” الكثير من المشتركات.
والسؤال: هل يبعث فقط المشترك التاريخي والثقافي على تقارب البلدين، أم أن هناك قواسّم أكبر في المجالات الأمنية والاقتصادية والاستراتيجية ؟.. بحسب تقرير “هادي محمدي”؛ المنشور بصحيفة (خراسان) الإيرانية.
استراتيجية حكومة “رئيسي”..
لطالما أعلنت “وزارة الخارجية” بالحكومة الثالثة عشر؛ بقيادة “رئيسي”، حرص الحكومة على تطبيق سياسات الجوار، وتطرح باستمرار فكرة أن الجيرة لا تعني الاشتراك في الحدود الجغرافية فقط، وإنما تُشكل كذلك حدود المشترك الثقافي والتاريخي وغيرها، وإن كانت الأولية للدول التي تشترك مع “إيران” في الحدود الجغرافية، لكن من هذا المنظور تدخل قارات “آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية”؛ ضمن مفهوم الجيرة في فقه الحكومة الثالثة عشر.
وقد سّعت الحكومة في ضوء “العقوبات الغربية” الشديدة، وفرض ضغوط على الدول الأخرى للحيلولة دون إقامة علاقات مع “إيران”، إلى توسّيع نطاق علاقاتها.
النفوذ الإيراني يقترب من الفناء الخلفي لـ”أميركا”..
ويبدو أن هذه السياسة كانت إيجابية بشكلٍ نسّبي، وتبادل الزيارات السياسية رفيعة المستوى بين “إيران” ودول المنطقة؛ هو دليل على نجاح هذه السياسات.
جديرٍ بالذكر؛ أن “الولايات المتحدة الأميركية” كانت قد سّعت منذ فترة؛ “باراك أوباما”، الرئاسية، إلى تقيّيد الوجود الإيراني في “أميركا اللاتينية”، في المقابل سّعت “إيران”؛ وبخاصة في عهد؛ “أحمدي نجاد”، إلى إفشال الجهود الأميركية، وتكثيف التواجد في “أميركا اللاتينية” باعتبارها الفناء الخلفي لـ”الولايات المتحدة”.
وانصب محور النفوذ الإيراني في “أميركا الجنوبية”، على دولة “فنزويلا” التي تمتلك؛ (بغض النظر عن سياساتها المعادية للإمبريالية)، كم هائل من المعادن النفيسّة و”النفط والغاز”، مع هذا تُعاني من الفقر والتضخم الشديد نتيجة الضغوط الأميركية؛ خلال السنوات الأخيرة، والعقوبات المغلظة، وبالتالي تلجأ لاستيراد التكنولوجيا الحديثة وتُعاني في هذا الصّدد الكثير من المشكلات بشكلٍ يحد من قدرات هذا البلد الإنتاجية، وعدم قدرته على استخراج ثرواته الباطنية.
التعاون بين إيران وفنزويلا..
ولذلك فإن هذا الموضوع أهم مجالات التعاون الإيراني مع “فنزويلا”. وتستطيع “إيران” بما تمتلك من خبرات؛ وبخاصة خلال السنوات الأخيرة في مجال تجهيز وصيانة المصافي البتروكيماوية وبناء وتجهيز محطات الكهرباء والصادرات الفنية والهندسية، تقديم مسّاعدات كبيرة للدولة الفنزويلية، في المقابل تستطيع “فنزويلا” بما تمتلك من مصادر نفطية هائلة، ومناجم ذهبية الدفع مقابل الخدمات الفنية واللوجتسية الإيرانية، على غرار السنوات الماضية؛ حيث سّددت “فنزويلا” كل مديونياتها لـ”الجمهورية الإيرانية” بوسائل مختلفة.
وهذا التعاون كان جيدًا نسّبيًا للطرفين؛ إذ تحررت “فنزويلا” من المطالب الأميركية، وقررت اختيار “إيران” بما تمتلك من تقنيات حديثة وسّعر هذه الخدمات؛ فضلًا عن تجارب “فنزويلا” السّلبية مع السابقة مع الأميركيين.
لكن ما يُلفت الانتباه في الزيارة الأخيرة مقارنة بالسابق، أن “إيران” تمكنت عبر إصلاح ثلاث مصافي نفطية في “فنزويلا”، من الحصول عمليًا على مصفاة لإنتاج المشتقات النفطية؛ وهو ما يعتبر خطوة استراتيجية بالغة الأهمية في منطقة “أميركا اللاتينية”.
وعليه فسوف تستطيع “إيران” تحويل نفطها؛ الذي هو أعلى جودة من “النفط الفنزويلي”، إلى مشّتقات أخرى في مصافي “فنزويلا” تحت إشراف إيراني، وبيع هذه المشّتقات في السوق الفنزويلي، وداخل “أميركا اللاتينية”.
كذلك سوف تستطيع “إيران” بيع مليون برميل نفط يوميًا، وتقضي على مشكلة الدول الصديقة داخل هذه المنطقة مع الوقود.
ولم تكن العلاقات التجارية الإيرانية مع “فنزويلا”؛ خلال السنوات السابقة كبيرة، وقد تراجع معدل التجارة بين البلدين في فترة (كورونا) بشكلٍ كبير جدًا. وقد بلغ حجم التجارة بين الجانبين في العام 2021م، حوالي: 600 مليون دولار، لكن هذا الرقم تضاعف بمقدار خمسة أضعاف خلال السنوات الأخيرة؛ وبلغ أكثر من: 03 مليار دولار، وهي زيادة كبيرة رغم حديث قيادات البلدين عن ضرورة الإرتقاب بهذه الأرقام إلى: 20 مليار دولار.