” لا يمكن إنكار وجود أزمات واضحة داخل المشهد السياسي العراقي شيعياً وسنياً وكردياً وكلها تأتي في إطار المنافسة على المكاسب المتحققة من الأداء السياسي ” وكما يبدو فقد ازدادت الخلافات ذروتها عند التصويت على موازنة الثلاث سنوات المثيرة للجدل وكل يغني على ليلاه , أن الشارع الشيعي والكردي والسني منقسم منذ تشكيل العملية السياسية سنة 2003 وحتى الآن لأن الكتل والأحزاب التي تمثل الشارع منقسمة على نفسها ولديها خلافات كبيرة في ما بينها على الثروات والمناصب , والانقسام طغى على السطح وزاد الوقت التي احتاجت إليه الكتل السياسية للتوافق والمستقبل مجهول، ولا حل قريباً يلوح في الأفق, بعد الشحن الكبير بين أطراف الصراع في الشارع الكردي, الذي يتركز على الصراع بين الحزبين الكرديين الكبيرين “البارتي واليكتي ” وكلاهما يمتلك خبرة في المفاوضات ولديهما تفاهمات بالحفاظ على مكتسبات الشعب الكردي ولا يمكن التفريط بها أو اللجوء لتهييج الشارع والاحتكام للتظاهرات.
إن أصوات التصدع العالية باتت مسموعة جداً خلف جدران البيت السني أيضاً حيث أكدت قيادات في حزب تقدم، الذي يقوده رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، قرب تفكك تحالف السيادة لعدم التزام الشركاء في التحالف بالمواثيق والثوابت الوطنية، لقد خرجت الخلافات بين قطبي السيادة السني في العراق إلى العلن، وسط تصريحات من قيادات تؤكد قرب تفكك هذا التحالف الذي جرى تشكيله في العام الماضي ، إن التحالف الذي تم بين حزب تقدم الذي يقوده رئيس البرلمان محمد الحلوبسي، وتحالف العزم بزعامة رجل الأعمال السني المعروف خميس الخنجر، كان وليد ظرفية معينة، وليس نتاج مراجعات أفضت إلى بناء قواسم مشتركة، يمكن الاستناد عليها للذهاب بعيدا في هذا التحالف , وأن الوضع قد اختلف اليوم عما كان أمس وأن الحلبوسي والخنجر لم يتجاوزا صراع النفوذ الدائر بينهما منذ سنوات حول الساحة السنية لاسيما مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات، المقرر إجراؤها في وقت لاحق من العام الجاري.
أما ما يدور في اوساط بعض أطراف الإطار التنسيقي الشيعي يتعلق بمواقف السيد السوداني بخطواته الإصلاحية التي ستجعل منه كـ ” بديل للكهول السياسية الشيعية ” المعتادة منذ اكثر من عشرين عاماً خلت إذا ما استمر في تنفيذ برامجه بعيداً من أي وسائل ضغط سياسية لتمرير أجندات مصلحية على حساب المواطن والوطن, حيث حاول السوداني منذ توليه زمام الأمور الاستقلال بإدارة الدولة وفق منظومة مؤسسات قويمة بعيدة من إرادة الأطراف السياسية التي أوصلته إلى هرم السلطة وهذا التمرد له ثمن سيدفعه رئيس الحكومة عبر محاولة وضع العصي في دواليب الإصلاح التي ينتهجها والتي تضر بنفوذ أطراف سياسية عدة, ومن خلال تلك الاحداث المتسارعة نوعاً ما قد تنتج عملية قيصرية في العملية السياسية بعد انتخابات مجالس المحافظات والانتخابات البرلمانية القادمة في بروز قيادات شيعية وسنية وكردية شابة كبديل لـ “الكهول السياسية ” المعتادة منذ عشرين عاماً خلت.