خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
استمرار بعض المشكلات والضغوط المترتبة على التطورات الخارجية المتسّارعة، تدفع النظام المصري؛ ككل الأطراف الإقليمية، للبحث عن حلول.
وهذه الظروف الصعبة تسّتدعي المزيد من الجهد لإدارة الأوضاع الداخلية؛ وبخاصة على صعيد الحد من الاستياء والسّخط والعام والتناقضات السياسية؛ بحسب ما استهل “سید عبدالأمیر نبوي”؛ الجزء الأول من مقاله التحليلي المنشور على موقع مركز (الشرق الأوسط) للبحوث العلمية والدراسات الاستراتيجية الإيراني.
استقرار “الجمهورية الجديدة”..
مع هذا المنطلق دعا الرئيس المصري؛ “عبدالفتاح السيسي”، بتاريخ 26 نيسان/إبريل الماضي، للبدء في حوار بين جميع الأحزاب والقوى السياسية المصرية، خلال حفل إفطار بحضور عدد من المعارضين السياسيين، والطريف أنه تطرق في خطابه للحديث عن استقرار “الجمهورية الجديدة”.
ومن منظور “السيسي”؛ فلابد من مشاركة جميع التيارات والفصائل السياسية في هذا الحوار؛ بهدف تحديد أولويات التحركات الوطنية في المرحلة الراهنة.
وقد حظيت تلك التصريحات بترحيب شديد؛ لاسيما في ظل المخاوف الكبيرة حول مستقبل هذا البلد، نتيجة سرعة وعمق التطورات الداخلية، وكذلك تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية.
تشكيل أطراف الحوار..
من هذا المنطلق؛ وقع الاختيار على؛ “ضياء رشوان”، نقيب الصحافيين السابق ورئيس وحدة الاستعلامات برئاسة الجمهورية، كمسؤول تنسّيق يشرف بعد التشاور مع الأحزاب والمؤسسات والقوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية، على تشكيل “هيئة أمناء الحوار”.
وقد تشّكلت هذه الهيئة بعد 20 يومًا من المشّاورات، من عدد: 19 شخصًا بعضهم مستقل نسّبيًا والآخر محسّوب على المعارضة.
كذلك وجهت الدعوة إلى المنظمات غير الحكومية، واتحادات العمال، والغرف التجارية، والجامعات، والنخب الفكرية، ومجلسي “الشيوخ” و”النواب”، و”الأزهر”، و”الكنسية”، و”الصحافيين”، و”الفنانين” لضمان تمثّيل الجميع في هذه العملية.
وإطلاق موقع حكومي لطلبات المشاركة. بالتوازي مع تفعيل “لجنة العفو الرئاسي” مجددًا، والإفراج عن عدد من السجناء بهدف إثبات حُسّن النية وبناء أجواء مناسبة للحوار.
على كل حال؛ انعقدت أولى الجلسات بتاريخ 05 تموز/يوليو 2022م، بمشاركة أعضاء “هيئة الأمناء”؛ فقط ودون مشاركة الأحزاب السياسية.؛ حيث جرى الاتفاق في هذه الجلسة وما تلاها على آليات تيسّير “الحوار الوطني” وشكل الأنشطة، وصولًا للجلسة السادسة بتاريخ 10 أيلول/سبتمبر 2022م، حيث اختيار مديري اللجان الأساسية والفرعية، وعددهم: 44 شخص، منهم: 12 من المحور السياسي، و18 من المحور الاقتصادي، و14 من المحور الاجتماعي.
وتشّكل هذه التركيبة مجموعة من المؤيدين والمعارضين أمثال: “عليّ الدين هلال”؛ أحد رموز النظام المخلوع، و”حمدين صباحي”؛ الناشط السياسي الشهير، و”مصطفى كامل السيد”؛ الأستاذ الجامعي، و”حسام بدراوي”؛ مستشار الرئيس المصري.
وقد أعلن “رشوان”، أن إصلاح الدستور الحالي لن يكون على جدول المناقشات.
بلا معارضة..
وتقيّيد فعالية مجلس أمناء “الحوار الوطني”، في الاتفاق على المحاور الرئيسة، وتشكيل اللجان الفرعية في الأشهر التي تلت دعوة “السيسي”؛ أثار الشكوك حول جدية هذا المجلس.
وبلغ الأمر حد انتقاد: “بطء الاستعداد والغرق في التفاصيل”. بالمقابل أوضح أعضاء المجلس أن التأخير متعمد ونابع عن جهود لفت انتباه كل المعارضين والنقاد السياسيين: لـ”لمشاركة الواقعية”؛ على نحو يشمل تقديم مندوبين وإرسال المقترحات، للمضي (دون خطوط حمراء)؛ في إعداد جدول أعمال جلسات اللجان الرئيسة والفرعية.
بل أعلن أمين المجلس عقب إعلان الدعوة لـ”الحوار الوطني”، دعم القوى السياسية المختلفة بنسّبة: 96%، في مقابل: 4% طالبوا بضمانات للحوار، وبالتالي تُمثل هذه الإحصائيات مؤشر جدية على جذب انتباه الجميع وعدم وجود معارضة.
استبعاد “الإخوان المسلمون”..
في غضون ذلك؛ تُعتبر “جماعة الإخوان المسلمون”؛ الغائب الكبير عن مائدة “الحوار الوطني”. يُذكر أن “السيسي” كان قد أعلن؛ في خطاب بتاريخ 03 تمز/يوليو 2022م، أن الهدف من بدء “الحوار الوطني” هو جمع جميع العلماء، والوجوه الثقافية، والنقابات، والفصائل السياسية باستثناء جماعة واحدة. وقد أراد بهذا الاستثناء “جماعة الإخوان المسلمون”.
وفي النهاية اُفتتح “الحوار الوطني” بخطاب “السيسي”، بتاريخ 03 آيار/مايو 2023م، وعبر عن الدعم الكامل للحوار واعتبره أحد مميزات “الجمهورية الجديدة”.
وأعلن سكرتير المجلس، مراعاة المقترحات والتوصيات بعد مناقشاتها تمهيدًا للرفع إلى رئيس الجمهورية.