25 فبراير، 2025 2:05 م

من قرار “المحكمة الاتحادية” إلى تصميم “بارزاني” .. هل تنعقد انتخابات إقليم كُردستان في تشرين ثان ؟

من قرار “المحكمة الاتحادية” إلى تصميم “بارزاني” .. هل تنعقد انتخابات إقليم كُردستان في تشرين ثان ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

مع صدور قرار من “المحكمة الاتحادية العُليا”؛ (أعلى سلطة قضائية في العراق)، بالعاصمة “بغداد”، في 30 آيار/مايو الماضي، بعدم شرعية تمّديد عُمر “برلمان كُردستان العراق”، وكذلك تأخير تنظيم الانتخابات العامة في الإقليم، أكد رئيس حكومة إقليم كُردستان؛ “مسرور بارزاني”، على ضرورة إجرائها في موعدها المحدد خلال العام الجاري.

كذلك أكدت “المفوضية العُليا المستقلة للانتخابات”؛ بـ”العراق”، استعدادها للتعاون مع “كُردستان” لإتمام انتخابات الإقليم بنجاح.

وذلك خلال زيارة لمقر المفوضية بالعاصمة؛ “بغداد”، قام بها وفد من رئاسة “إقليم كُردستان العراق” ترأسه رئيس ديوانه؛ “فوزي حريري”، والذي استقبله رئيس مجلس المفوضين؛ القاضي “عمر أحمد محمد”، لبحث سُبل إشراف المفوضية على انتخابات “كُردستان العراق”.

يأتي هذا اللقاء في ظل الغموض الذي يكتنف مصّير تلك الانتخابات المُزّمع تنظيمها في الإقليم؛ في تشرين ثان/نوفمبر القادم، وسط الخشية من عدم التمكن من إجراءها خلال العام الجاري، وهو ما يُزيد من المخاوف من حدوث فراغ قانوني.

وذلك على وقع تصاعد الخلاف بين الحزبين الكُرديين الرئيسيين؛ (الديمقراطي) و(الاتحاد الوطني)، والذي وصل لحد الاشتباك بالأيدي والعّراك بين نوابهما في برلمان الإقليم قبل نحو أسبوعين، حول تعديل قانون الانتخابات وتقسّيم الدوائر والمفوضية وسّجلات الناخبين، وتوزيع مقاعد (كوتا) المكونات؛ والبالغة: 11 مقعدًا.

عدم دستورية تمّديد عمل البرلمان..

وكانت “المحكمة الاتحادية العُليا”، قد أصدرت الثلاثاء الماضي، قرارًا يقضي بعدم دستورية تمّديد عمل “برلمان كُردستان” لعام إضافي، بعد أن جدّد لنفسه، في عام 2022، معتبرة أن كل القرارات الصادرة عنه بعد تلك المدة: “باطلة”.

ومدّد برلمان الإقليم، المكّون من: 111 مقعدًا، في تشرين أول/أكتوبر الماضي، مدة دورته عامًا إضافيًا مرجئًا بذلك الانتخابات، التي كان يفترض أن تُجرى في الشهر ذاته، على خلفية نزاعات سياسية بين الحزبين الكبيرين، الحزب (الديمقراطي الكُردستاني) و(الاتحاد الوطني الكُردستاني).

جاء قرار “المحكمة الاتحادية” ردًا على دعوى تقدم بها نواب معارضون في البرلمان الاتحادي وبرلمان الإقليم وآخرون، من بينهم رئيس برلمان إقليم كُردستان الأسبق؛ “يوسف محمد”.

ووافقت الأحزاب الكُردية الحاكمة؛ بما في ذلك الحزب (الديمقراطي الكُردستاني) و(الاتحاد الوطني الكُردستاني)، على قرار التمّديد، عام 2022، بعد الإخفاق في التوصل إلى توافق حول قانون انتخابي جديد.

وتعّهدت الأحزاب بإجراء انتخابات، في تشرين ثان/نوفمبر من عام 2023، لكنها لم تتوصل بعد إلى توافق في الآراء بشأن اللوائح الجديدة.

وفي 22 آيار/مايو الماضي؛ تشاجر نواب الحزب (الديمقراطي الكُردستاني) و(الاتحاد الوطني الكُردستاني) داخل البرلمان الإقليمي خلال مناقشات حول اللوائح الانتخابية، في إشارة إلى أن الاتفاق لا يزال بعيد المنال.

خلافات المصالح الحزبية..

ويؤكد رئيس البرلمان الكُردي الأسبق؛ “يوسف محمد”، أن: “الحزبين الكُرديين، للأسف الشديد، لديهما إرث سيء في الإقليم، يتمثل بعدم إجراء أي من الانتخابات التشّريعية أو الرئاسية أو المحلية في موعدها المحدد قانونًا”.

ويُضيف “محمد”؛ لموقع (الحرة) الأميركي؛ أن: “الخلافات بين الجانبين استمرت وتعمقت مؤخرًا، مما سّاهم بألا تُجرى الانتخابات في موعدها المُقّرر”، مشّددًا على أن: “الخلافات تتعلق بمصالح حزبية، ولا علاقة لها بما يخدم مواطني الإقليم”.

ويرى “محمد”، الذي شغل سابقًا كذلك منصب رئاسة كتلة (حركة التغييّر) الكُردية المعارضة في البرلمان الاتحادي، أن الحزبين، (الديمقراطي والاتحاد): “لديهما قوات مسّلحة وأجهزة أمنية واستخباراتية، وبالتالي هذا عقّد من قضية التبادل السّلمي للسلطة في الإقليم”.

وأشاد “محمد” بقرار “المحكمة الاتحادية”، ووصفه بأنه: “مهم جدًا، لأنه فتح الباب مجّددًا لإعادة الشرعية لمؤسسات الحكم في الإقليم؛ وحل الخلفات المسّتعصية بين الطرفين المتصارعين”.

“الديمقراطي” يدعو للتعاون وتسّهيل إجراء انتخابات نزيهة..

وبعد قرار “المحكمة الاتحادية”، دعا الحزب (الديمقراطي الكُردستاني)؛ في بيان: “جميع الأطراف والمواطنين في كُردستان للتعاون وتسّهيل إجراء انتخابات نزيهة”؛ و”الحكومة والمؤسسات ذات الصلة إلى اتخاذ الخطوات اللازمة”.

ويُهيّمن الحزبان الكبيران المتخاصمان؛ (الاتحاد الوطني الكُردستاني) والحزب (الديمقراطي الكُردستاني)، على الحياة السياسية في الإقليم.

ففي البرلمان الحالي؛ يملك الحزب (الديمقراطي الكُردستاني) الأغلبية مع: 45 مقعدًا، يليه (الاتحاد الوطني الكُردستاني) مع: 21 مقعدًا، وباقي المقاعد موزعة على أحزاب المعارضة وأخرى صغيرة.

انعكاس للانسّداد السياسي في “بغداد”..

ويُشير عضو الحزب (الديمقراطي الكُردستاني)؛ “عماد باجلان”، إلى أن: “الانسّداد السياسي الذي حصل في بغداد بعد الانتخابات، انعكس على إجراء انتخابات برلمان الإقليم”.

مبينًا أن: “انقسامات حصلت في الرؤى بين الحزبين بعد أن تحالف الحزب (الديمقراطي) مع (التيار الصدري)، بينما تحالف (الاتحاد الوطني) مع (الإطار التنسّيقي)”.

فتسّبب هذا الأمر في تعميق الانقسامات وأدى لفتور في علاقاتهما، وهو أمر انعكس على الاتفاق بشأن الانتخابات، وفقًا لـ”باجلان”.

اتهام لـ”الديمقراطي” بالتسّبب في الأزمة..

فيما يتهم عضو “مجلس النواب” العراقي عن (الاتحاد الوطني الكُردستاني)؛ “أسو فريدون”، خصمه (الديمقراطي الكُردستاني) بالتسّبب في أزمة الإقليم الانتخابية.

ويرى “فريدون” أن: “حزب (الاتحاد الوطني) لم يكن لديه أي اعتراض على إجراء الانتخابات في موعدها، لكن كانت لدينا تحفظات على بعض بنود قانون الانتخابات وكيفية إجرائها، وفقًا للدائرة الواحدة أم الدوائر المتعددة”.

ويُضيف “فريدون” أن (الاتحاد الوطني): “كان لديه تحفظ على التمثيل داخل المفوضية؛ وكذلك على عدم اكتمال أعضائها”.

مشيرًا إلى أن: “(الديمقراطي الكُردستاني) وافق على إجراء الانتخابات وفقًا للدوائر المتعدّدة، لكنه لم يوافق على باقي مقترحاتنا وهذا ما عّرقل التوصل لاتفاق”.

الكرة في ملعب “الوطني” !

لكن “باجلان” رمى بدوره الكرة في ملعب (الاتحاد الوطني)، بالقول إن: “الحزب (الديمقراطي) وافق على مقترح الدوائر المتعّددة، لكن مشكلة أخرى ظهرت وتمثّلت بالتصّويت على المفوضية”. وأضاف أن: “الفتور بين الطرفين استمر لحين قرار المحكمة الاتحادية”.

ويتابع “باجلان” أن: “كل الأحزاب في الإقليم مسؤولة عن تأخر إجراء الانتخابات، لكن (الاتحاد الوطني) هو المسؤول الأول والأكبر”.

خلافات ممّتدة..

ومدّد برلمان الإقليم، أكثر من مرة في السنوات الماضية، ولايته، على خلفية خصومات سياسية داخلية بلغت ذروتها في التسعينيات، مع تقاتل داخلي بين عائلتي “بارزاني” و”طالباني”.

ويختلف الحزبان كذلك؛ في العديد من القضايا، لا سيما تلك المتعلقة بتوزيع تخصيصات الموازنة.

مخرج أم تعقيّد للأزمة ؟

ويرى مراقبون أن تولي “المفوضية العُليا المستقلة للانتخابات” العراقية، تنظيم الانتخابات التشريعية بالإقليم، يُشكل مخرجًا من الأزمة، فيما يرى آخرون أن ذلك قد يُزيد من تعقيّد الوضع، حيث لن يكون بمقدور برلمان الإقليم في ظل ما صُدر من “المحكمة الاتحادية”، المضي بتعديل قانون الانتخابات وهو يُشكل أحد أبرز نقاط الخلاف بين الأطراف السياسية، والتي عرقلت عقد الانتخابات العامة في موعدها المحدد في 2022.

رأي المفوضية..

يقول عضو المكتب الإعلامي بمفوضية الانتخابات العراقية؛ الدكتور “عماد جميل”، في لقاء مع موقع (سكاي نيوز عربية): “ناقشنا خلال اللقاء مع وفد رئاسة الإقليم المعطيات الجديدة في ضوء قرار المحكمة الاتحادية بعدم دستورية تمّديد برلمان كُردستان العراق، وكذلك ملف الانتخابات البرلمانية في الإقليم”.

حيث أكد رئيس وأعضاء مجلس المفوضين على استعداد المفوضية الكامل للتعاون مع “إقليم كُردستان العراق” لإجراء انتخاباته قدر المسّتطاع، وهذه المناقشات قادت لتسّهيل بعض الأمور في سبيل أن تتمكن المفوضية من الإشراف المباشر على تلك الانتخابات.

وتعتبر قرارات “المحكمة الاتحادية العُليا” باتة ومُلزمة التنفيذ لكافة الأطراف سواء الحكومة الاتحادية أو حكومة الإقليم أو “المفوضية العُليا المستقلة للانتخابات”، ولهذا فنحن نعتمد على قرارها في موافقتنا.

كما أنه بالنسّبة لقانون انتخابات الإقليم لا بُد من أن يكون كاملاً حين نسّتلمه لكي نتمكن على ضوء فقراته وبنوده، من الإشراف على الانتخابات وتنفيذها، ولا علاقة لنا كمفوضية بالخلافات حول القانون الانتخابي وحول (كوتا) المكونات، كونها أمور خاصة بالأخوة في “كُردستان”.

الرأي القانوني..

من جهته؛ يقول المستشار القانوني العراقي؛ “محمد السامرائي”، بعد قرار “المحكمة الاتحادية” ثّمة إشكالية دستورية من حيث تحول حكومة الإقليم لحكومة تصريف أعمال يومية فقط، ولا تستطيع بالتالي اتخاذ قرارات عداها مطلقًا، كما أن انتهاء مدة عمل مفوضية انتخابات الإقليم هي أيضًا إشكالية ثانية، بحيث لا تستطيع الإشراف على الانتخابات بالإقليم.

ولهذا فالحل يكون بتولي “المفوضية المستقلة الاتحادية للانتخابات” لإجراء انتخابات الإقليم؛ بالإضافة لاختصاصاتها الاتحادية، تطبيقًا لحكم المادة (109) من الدستور العراقي التي نصت على أن مهام السلطات الاتحادية هي المحافظة على وحدة “العراق” وسلامته واستقلاله وسّيادته ونظامه الديمقراطي الاتحادي، والتأكيد على الانتقال السّلمي للسلطة بالطرق والآليات الدسّتورية الديمقراطية، وفق ما نصت عليه المادة (6) من الدستور العراقي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة