16 نوفمبر، 2024 5:46 ص
Search
Close this search box.

البقاء في المنزل (2).. العزلة خوف مرضي ممكن معالجته

البقاء في المنزل (2).. العزلة خوف مرضي ممكن معالجته

خاص: إعداد- سماح عادل               

هناك يفضل البقاء في المنزل وعدم الخروج منه سواء توفر ما يشغل وقته  أو لا، ويؤدي هذا إلى جانب قلة الحركة إلى سوء المزاج والإصابة بالأمراض النفسية والعقلية والجسدية، يرى الباحثون أن الإنسان كي يضمن سلامته الصحية يحتاج للخروج من المنزل بشكل دوري إما مع الأصدقاء أو فقط لوحده في نزهة قصيرة.

العزلة ومساوئها..

قالت الاختصاصية النفسية “د. نرمين اسبيتان”: إن “عدم الخروج من المنزل من أهم الأمور التي يجب الابتعاد عنها، نظرًا لمساوئه الكثيرة، فالجلوس في البيت والعزلة فيه وعدم الخروج إلا للأمور الضرورية كمراجعة الطبيب أو شراء بعض احتياجات المنزل، يؤدي إلى بعض التطورات الجسدية والنفسية السيئة والتي ستؤثر سلبًا على حياة الأفراد الذين يتخذون من البيوت أماكن للتقوقع والعزلة”.

وأضافت أنهم يحرمون أنفسهم من مباهج الحياة، وقد تبدأ تلك العزلة بإظهار المشاكل البيولوجية وتتبعها بعض العواقب النفسية التي تقلب حياة الفرد، لذلك علينا البدء بمعالجة تلك الظواهر قبل تفاقمها. وأرجعت د أسباب تفضيل البعض أن يبقي وحيدًا، شعوره بأن كثيرين من يتلاعبون بمشاعره وخداعه باسم الحب، أو الصداقة أو المعرفة، فيكتشف الطرف الآخر مدى الكذب والخداع الذي كان يوهمه به، فينسحب من حياته، فيخسر بذلك الكثير من العلاقات. وأوضحت أن الخجل يحرم الشخص من التمتع بعلاقته مع الآخرين، ويقيده ويضعف من ثقته بنفسه، ويجعله بعيدًا، ويعيش منعزلاً عن الناس، واستمرار الشخص في التعلق بحب شخص سابق قرر الابتعاد عنه أو الخروج من حياته لأي سبب من الأسباب، ما يجعله يعيش في ذكرياته وحبه، ولا يعطي مساحة وفرصة لشخص آخر يحل مكانه ويعوضه الفراغ الذي تركه حبه القديم”.

وأشارت إلى أن هناك من يعتقد أن الارتباط والزواج يسلب منهم الحرية، ويجعلهم مقيدين بشخص آخر، ومسئولين عن أشخاص آخرين، بجانب رفض الالتزامات وتجنبها والابتعاد عنها، ففكرة الالتزام ببيت وزوجة وأطفال يشكل شبحًا يرعب بعض الرجال. “الثقة الزائدة في النفس تجبر الطرف الآخر على كراهيتك والابتعاد عنك، والكثير يطلق على الثقة الزائدة غرورا، والاعتقاد الخاطئ بأن الارتباط والالتزام يحتاج إلى كثير من الأموال، ما يعرقل فكرة الزواج ويجعل الوحدة مفضلة، فالبعض يهتم بوظيفته وجني الأموال، والخروج مع الأصدقاء، ويرى الزواج والزوجة والاهتمام بالبيت آخر الأشياء”. أما عن أضرار عدم الخروج من المنزل، بينت أن ذلك يتسبب بالعزلة وعدم الخروج من البيت يعمل على زيادة فرصة الإصابة بالاكتئاب، حيث إن الذين يصرون على عدم مغادرة البيت يصابون بحالات تدني الحالة المزاجية، ويصبحون كأفراد لا يؤثرون في محيطهم، كما أن العزلة تقلل من الثقة والاعتزاز بالنفس، ويدخل صاحبها في موجة الشعور باليأس. ونبهت إلى أن البقاء في المنزل يؤدي إلى زيادة القلق والتوتر وهذا يعمل على انخفاض التفاعل الاجتماعي، فيما يعمل القيام ببعض الأنشطة التحفيزية على زيادة عمل خلايا الدماغ، والخروج من المنزل يساعد في رفع مستوى التفاعل الاجتماعي.

مؤكدة أن من الأمراض المصاحبة للعزلة في المنزل، والاعتياد على الجلوس له أضرار صحية كثيرة منها زيادة الوزن وذلك بسبب عدم القيام بأي مجهود عضلي يساعد على حرق الدهون، الإنسان الذي يحتجز نفسه داخل جدران منزله يفوته ضوء الشمس والأشعة المفيدة. وأجملت أن: “معالجة مشكلة الشخص البيتوتي من خلال القيام بمكافحة المعتقدات والأفكار السلبية التي يقوم الأشخاص بتشكيلها عن أنفسهم وعن الآخرين، والمشاركة بالنوادي والأنشطة الرياضية، والأعمال التطوعية مع الأقارب والأصدقاء، والقيام بعمل حلقات اجتماعية للتواصل مع الآخرين، وإكسابه مهارات مختلفة للخروج من عالمه الخاص”.

أمراض العزلة..

أثبتت الدراسات أن الإنسان الذي يحتجزُ نفسه داخل جدران منزله يفوته ضوء الشمس التي تؤثر على ساعته البيولوجية، فتختلّ شهيّته وساعات النوم ويضطرب مزاجه.. السكري من أهم الأمراض التي تغزو أجسادَ المعتكفين والمنعزلين بسبب زيادة الوزن أو بسبب الضغوط النفسية، كما أنهم الأكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر..

تعتمدُ طبيعة الإنسان على وجود “الناس” والاختلاط بهم، كُل أولئك الذين يقدّسون العُزلة ويستمرّون في مديحها في الأصل مُصابون بخللٍ ما، لا أقصد هنا التمسّك بالعلاقات “السامّة” إنمّا البقاء مع أصدقاءٍ تحبهم، الخروج معهم وتبادل الأحاديث..

رهاب الخروج من المنزل..

يعاني البعض من التوتر والقلق الشديد عند الخروج من المنزل، وهو ما يُصنّف في علم النفس كأحد أعراض رُهاب الخلاء، الذي غالباً ما يتم وصفه بشكل خاطئ، على أنه مجرد “خوف من مغادرة المنزل”، ولكن رُهاب الخلاء هو في الواقع اضطراب يشمل القلق من التواجد في مواقف معينة، يكون الهروب فيها صعباً أو محرجاً، أو حيث لا تتوفر المساعدة بسهولة، وبشكل أكثر تحديداً، ينصبّ التركيز على الخوف من التعرُّض لنوبة هلع في مثل هذه المواقف.

وبينما يعتقد الكثير من الأشخاص، أن رُهاب الخلاء هو مجرد خوف من الأماكن المفتوحة، إلا أنه في الواقع حالة أكثر تعقيداً؛ إذ يخشى الشخص المصاب برُهاب الخلاء مغادرةَ البيئات التي يعرفها، أو يعتبرها آمنة، مثل المنزل، ويختلف ما يُعتبر “آمناً” و”غير آمن”؛ اعتماداً على الشخص، ولكن بعض أنواع المواقف التي يعتبرها الإنسان المصاب برُهاب الخلاء عادةً “غيرَ آمنة”، هي أن يكون وحيداً خارج المنزل، والتواجد ضمن حشد من الناس، أو الوقوف في طابور، والجري على الجسر، والسفر بالحافلة أو القطار أو السيارة.

طرق العلاج..

الخوف والتوتر المرتبط برُهاب الخلاء، شديد لدرجة أن الشخص عادةً ما يبذل قصارى جهده لتجنُّب هذه المواقف، يمكن أن تنمو سلوكيات التجنُّب هذه بمرور الوقت؛ مما يُضعف بشكل كبير نوعيةَ حياة الشخص. وفي الحالات القصوى، يمكن أن يتطور رُهاب الخلاء إلى خوف من مغادرة المنزل تماماً؛ إذ يصبح المنزل بالنسبة للمريض “منطقته الآمنة”، وقد يتجنّب مغادرة منزله لأيام أو شهور أو حتى سنوات.

1- التأقلم:

تساعد تقنيات الاسترخاء مثل اليوجا والتنفس العميق على التخلص من التوتر والقلق، في حين أن المساعدة الذاتية ليست بديلاً عن العلاج المهني، إلا أنه بالنسبة لأولئك الذين قد لا يتلقَون أيّة مساعدة بطريقة أخرى؛ فإن المساعدة الذاتية هي نقطة انطلاق جيدة، ويمكن استخدام إستراتيجيات المساعدة الذاتية بعدة طرق، مثلا، عند الشعور بنوبة هلع بعد الخروج من المنزل، ابقَي في مكانكِ، وحاولي مقاومة الرغبة في الهروب إلى مكان آمن أثناء نوبة الهلع، وإذا كنتِ تقودين سيارتكِ، أوقفي سيارتكِ حيث يكون القيام بذلك آمناً. ومن المهم بالنسبة لك، التركيز على شيء لا يشكل تهديداً ومرئي، مثل: الوقت الذي تمر فيه ساعتكِ، أو العناصر الموجودة في السوبر ماركت. وذكّري نفسك بأن الأفكار والأحاسيس المخيفة، هي علامة على الذعر، وستزول في النهاية.

2- تعلم تقنيات الاسترخاء:

من خلال تعلُّم وممارسة تقنيات الاسترخاء، يمكنكِ تقليل مستوى التوتر والقلق وتكرار نوبات الهلع، وتتضمن بعض إستراتيجيات الاسترخاء الشائعة: تمارين التنفس العميق، واسترخاء العضلات التدريجي، واليوجا، والتأمل الذهني، والتخيل. وهذه المهارات سهلة التعلُّم بشكل عام، وتمكن ممارستها لفترات زمنية قصيرة؛ لتقليل القلق بشكل فعّال.

3- تحديد مُسببات التوتر:

يبدو أن التوتر والقلق يسيران جنباً إلى جنب؛ إذ يزداد أحدهما والآخر يتبعه فوراً، ويمكن أن تساعدكِ تقنيات الاسترخاء على إدارة التوتر والقلق في الوقت الحالي، وقد تكون مفيدة أيضاً في التعامل مع مسببات التوتر لديكِ بشكل مباشر؛ لذلك حددي تلك الأشياء التي تسبب لكِ أكبر قدر من التوتر في حياتكِ؛ حتى تتمكني من وضع خطة للقضاء عليها.

4- إزالة التحسس المنتظم:

الهدف من إزالة التحسس المنتظم، هو أن تصبحي أقل حساسية تدريجياً تجاه المحفزات التي تسبب لك الضيق، وتبدأ هذه العملية عادةً بتخيّل نفسكِ تدريجياً في مواقف أكثر إثارة للقلق، واستخدام تقنيات الاسترخاء لمكافحة مشاعر القلق لديكِ. وبمجرد أن تتعاملي مع قلقكِ في خيالك بنجاح، يمكنك استخدام تقنيات الاسترخاء في مواقف الحياة الواقعية، كما يمكن تعلُّم هذه التقنية من خلال مجموعة متنوعة من موارد وتطبيقات المساعدة الذاتية، ولكن يمكن أن يكون أكثر فائدة في تعلُّم إزالة التحسس، من خلال توجيهات معالج محترف.

العلاج بالأدوية..

هذا الاختيار قد يسبب قلق للعديد من الأشخاص حيث أن الجميع لديه خلفية غير صحيحة عن أدوية العلاج النفسي ويعتقدون أنها تسبب مضاعفات خطيرة، ولكن إذا تم وصفها من قبل الطبيب تأكد من أنها مهمة لحالتك، ولا يتم تقديم الأدوية لجميع الحالات.

وتشمل الأدوية التي تستخدم في علاج رهاب الخروج من المنزل ما يلي:

  • أدوية تساعد على التخلص من الاكتئاب الذي غالبا ما يكون مصاحب لهذا الاضطراب، وهذا النوع من العلاج يحتاج لشهر على الأقل حتى يبدأ المريض بالشعور بالتحسن.
  • البنزوديازيبينات هذا النوع من الدواء يصفه الطبيب في حالة إذا كان المريض يعاني من أعراض شديدة حيث يساعد في السيطرة عليها، ولكن يجب أن يتم استخدامه لفترة قصيرة لعدم الدخول في دائرة الاعتماد الكلي عليه.

مع العلاج المُناسب يمكن أن يتم الشفاء من رهاب الخروج من المنزل، فحوالي ثلث الأشخاص يتعافون منها، بينما حوالي النصف تتحسّن حالتهم كثيراً، لكن قد يظهر الخوف لديهم بين الحين والآخر، وفئة قليلة جداً تستمر لديها الرهاب حتى مع العلاج.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة