خاص: إعداد- سماح عادل
هل البقاء في المنزل فترة طويلة يؤثر على سلوك الشخص الذي يفعل ذلك، وما هي تلك الآثار النفسية التي تحدث له.
في تقرير صادر عن موقع «Web MD» يحكي عن مخاطر الجلوس في المنزل قال استشاري الصحة النفسية الدكتور “محمد هاني”: “إن الجلوس في المنزل لفترات طويلة بمثابة فتح الطريق للإصابة بالكسل والخمول، والدخول في نوبات اكتئاب شديدة لأن الإنسان يحتاج من فترة إلى أخرى لتجديد النشاط والدموية بالجسم، قرار أن تقوم وتلبس في حد ذاته بيجدد الطاقة النفسية، خاصًة في فصل الشتاء”.
وأضاف: “أنه مع البرودة الشديدة عادًة تغلق جميع البيوت، ولا تفتح النوافذ كثيرا، ولا توجد الشمس مثل الصيف، التي تعتبر من أكثر المقومات للصحة النفسية لأنها تحتوي على عناصر ترفع هرمون السعادة في الجسم، لذلك فإن الإنسان بحاجة إلى الخروج، حتى يتجنب حدوث الأضرار العضوية أيضا”.
وصنف نوعين من العزلة، هما:
– العزلة الإرادية، يحتاج الإنسان أحيانًا التوقف والخروج من الروتين، ما يجعله يجلس في المنزل لمدة يوم أو اثنين.
– العزلة اللاإرداية، التي تمثل خطرًا على الأشخاص، يفضل بها الأشخاص عدم الخروج من المنزل نهائيا، فتدخله إلى نوبات اكتئاب ورغبة في الهروب من الناس.
نصائح..
ونصح استشاري الصحة النفسية، الجميع ولا سيما كبار السن، بوجوب الخروج من المنزل ولو مرة في الأسبوع، حتى لا يصابون باكتئاب حاد، أما بالنسبة للشباب فنصحهم بالتحرك كثيرا، وعدم الاستسلام إلى الروتين: «القعدة في البيت هتكبرك في السن، استمتع بحياتك».
الأعراض..
وعن بعض الأعراض التي تنتج عن عدم الخروج من المنزل بشكل يومي، وفقًا لتقرير عن موقع “live strong”.
1- الاكتئاب:
قد تشعر بالراحة النفسية لمدة يومين أو أكثر من ذلك بقليل عند الامتناع عن الخروج من المنزل، لكن بعد ذلك ستعاني من القلق وزيادة الشعور بالاكتئاب وتغير الحالة المزاجية، فقد وجدت دراسة نشرت عام 2019 في مجلة علم النفس البيئي أن التعرض للطبيعة وما تحويه من شمس ورياح وهواء، يُحسن من الحالة العصبية، ويحسن المزاج، ويساعد على الوقاية من الاكتئاب.
2- صعوبة النوم:
قد تعاني من صعوبة النوم وتزداد فرص إصابتك بالأرق عند الامتناع عن الخروج من المنزل، حيث أوضحت مجلة النوم الأمريكية أن الاكتئاب والتوتر يؤثرا على فرص النوم خلال ساعات الليل، كما أظهرت نتائج دراسة منشورة في أغسطس 2013 أن عدم التعرض لضوء الشمس يوميًا يقلل من فرص الحصول على نوم هادئ وجيد خلال الليل.
3- انخفاض مستوى فيتامين “د”:
يعتبر انخفاض مستوى فيتامين “د” في الجسم من أكثر المشكلات الصحية التي يواجهها بعض الأشخاص نتيجة لعدم التعرض لأشعة الشمس، والذي يؤثر على المناعة ويعزز دورها في مواجهة الأمراض والشفاء سريعًا، إلى جانب ظهور بعض الأعراض، مثل صعوبة التركيز، وآلام العظام. ويتعرض كبار السن وأصحاب البشرة الداكنة بشكل خاص لانخفاض مستويات فيتامين “د” في الجسم عند الجلوس يوميًا في المنزل.
4- زيادة الوزن:
أفادت الإحصائيات بأن أغلب الأشخاص الذين خرجوا من الحجز المنزلي، اشتكوا من تعرضهم لزيادة كبيرة في الوزن، وذلك بسبب عدم المحافظة على نظام غذائي صحي إلى جانب تناول الكثير من الأطعمة غير الصحية خلال فترة الجلوس من المنزل، فضلًا عن الابتعاد عن الحركة اليومية التي يوفرها الخروج من المنزل بشكل منتظم.
5- ضعف الجهاز المناعي:
تنتج عن العزلة عن العالم الخارجي الشعور بالوحدة والتوتر النفسي بسبب قلة الحركة اليومية، وبالتالي التأثير السلبي على الجهاز المناعي بالجسم.
ضعف جهاز المناعة..
أشارت نتائج إحدى المراجعات لمنظمة “الصحة البيئية والطب الوقائي” في العام 2010 للدراسات المتعلّقة بتأثير الخروج من المنزل على جهاز المناعة، إلى أن البيئة في الخارج عموما وفي الأماكن الخضراء تمتلك تأثيرًا صحيا مفيدا على وظيفة المناعة البشرية، إذ إن الخروج من المنزل يعزز عمل الجهاز المناعي، وبالتالي يُقلل من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض، كنزلات البرد، والإنفلونزا والالتهابات المختلفة، وعدم الخروج من المنزل يؤدي إلى ضعف جهاز المناعة رغم وجود بعض فوائد للجلوس في المنزل، كالشعور بالراحة والاستقرار، إلا أن هذه الإيجابيات لا تستمر طويلًا، إذا ما أطال الشخص المكوث سيشعر بالتوتر عند الخروج من المنزل، إلى جانب أضرار صحية جسدية تتمثل في نقص فيتامين د، واضطرابات الشهية وضعف الجهاز المناعي.
كما توجد أضرار اجتماعية لعدم الخروج من المنزل حيث يؤثر البقاء في المنزل على العلاقات الاجتماعية بشكل كبير، ومن هذه الأضرار: التوتر والقلق مع أفراد العائلة الذين لا يرى سواهم، حيث إنّ الوحدة ترفع من مستويات التوتر في الجسم وتزيد من الشعور بالاكتئاب أيضًا فضلًا عن المشاكل الصحية، حيث يسبب الاكتئاب الانفصال بين أفراد العائلة وسوء التعامل بين الزوجين والأطفال، وإهمال المناسبات التي تربط بينهم، وقد يؤدي إلى غياب الدعم المعنوي بين أفراد العائلة.
وعدم الخروج من المنزل، يعني فقدان الشخص للتواصل الاجتماعي مع الأصدقاء والمقربين، أي يصبح الفرد منعزلًا اجتماعيًا، ومع مرور الوقت، يُصبح الشخص أقل قدرة ورغبة على مشاركة مشاعره مع الآخرين، وأكثر ترددًا في مناقشة أي مواضيع هامة معهم، والاكتفاء بالأمور السطحية، إلى جانب ذلك كلّه، يفقد الإنسان الدعم العاطفي الذي كان يتلقّاه سابقًا أثناء تواصله مع أصدقائه وأحبائه.
وعندما يمكث الشخص في منزله فترات طويلة، فإنّه سيفتقد بطبيعة الحال فرص بناء علاقات اجتماعية جديدة، والتي يحتاجها الأفراد لتعزيز التطوّر والنمو الفكري والثقافي، فالإنسان يمتلك مجموعة من المعتقدات الخاصة والمتعلقة بالثقافة والعادات ووجهات النظر تجاه المواضيع المختلفة، والتي يحصل عليها من خلال تواصله مع آبائه وأجداده وأفراد المجتمع ووسائل الإعلام، وفي الوقت الذي يُقرّر فيه الشخص بناء علاقات جديدة والتعرّف إلى آخرين جدد، فإنّه يُثري بهذا معارفه كافّة ويُضيف لها كل ما هو جديد، ليرى العالم حينها من وجهات نظر مختلفة، والتي يُصبح من خلالها قادرًا على تفهّم غيره من الناس، والتعاطف معهم، وتعزيز إنسانيته. وإنّ عدم الخروج من المنزل، وعدم التعرّف إلى أناس جدد، يجعل من الشخص ضحية لأفكار نمطية قد تكون خاطئة، ويُصبح بعيدًا عن التجارب الواقعية في الحياة، كما يُصبح أقل ارتباطًا بغيره من البشر.
وبالمقابل فإن الخروج من المنزل يمنح الشخص راحةً نفسية، ويعزز احترام الذات ويحسن المزاج، ويكفي لذلك قضاء فترة زمنية من الوقت يوميا في بيئة طبيعية خارج المنزل، حتى ولو كانت فترة قصيرة.