بعد تقارب “الرياض-طهران” .. هل فتحت أسواق الغاز العراقية أمام الاستثمارات السعودية ؟

بعد تقارب “الرياض-طهران” .. هل فتحت أسواق الغاز العراقية أمام الاستثمارات السعودية ؟

وكالات – كتابات :

تسّعى “السعودية” إلى الاستفادة من تقاربها الأخير مع “إيران”؛ لتسّهيل فرص الاستثمار في قطاع “النفط والغاز”؛ في “العراق”، لكن المشكلة تكّمن في أن ضمان عدم اعتراض “إيران” لا يلغي وجود عقبات، من بينها استعداد “العراق” لاستقبال استثمارات سعودية كبرى، وثانيتها اعتراض “الولايات المتحدة” التي تنظر إلى هذا الدخول السعودي على أنه تهديد لمصالح شركاتها، بحسّب تقرير لصحيفة (العرب) اللندنية.

وذكر التقرير؛ أن شركة (آرامكو) السعودية تمتلك الخبرات الكافية، وخاصة القدرة على الاستثمار، ما يجعل مشاريعها في “العراق” مرشّحة للتنفيذ وفق المواعيد المضبوطة بالرغم من المنافسة.

استثمارات سعودية طموحة..

وعقدت “الرياض” اتفاقًا أوليًا مع “بغداد”؛ من أجل الاستثمار والمشاركة في تطوير حقل (عكاز) النفطي؛ بمحافظة “الأنبار”، وتوجيه “الغاز المصّاحب” نحو بناء مشروع (نبراس) للبتروكيماويات.

وتُحدد التقديرات الرسّمية وصول احتياطيات “العراق” المؤكدة من “الغاز الطبيعي” التقليدي إلى: 3.5 تريليون متر مكعب، أي حوالي: 1.5 في المئة من الإجمالي العالمي، مما يضع “العراق” في المرتبة الـ (12) ضمن أصحاب الاحتياطيات في العالم.

لكن حوالي ثلاثة أرباع إجمالي الاحتياطيات المؤكدة في “العراق” تتكون من “الغاز المُصّاحب”، وهو مُنتج ثانوي يُصاحب الإنتاج كان “العراق” يُحرقه دون مقابل على مر السنين، بدلاً من استخدامه في توليد الطاقة المحلية التي تشّتد الحاجة إليها، أو بيعه لتحصيل عائدات تحتاجها البلاد أيضًا.

بين الاعتماد على إيران وغضب أميركا..

ويشعل “العراق”، بعد “روسيا”، أكبر كمية “غاز” في العالم، بحرق حوالي: 17 مليار متر مكعب في 2022، وفقًا لدراسة أجراها “البنك الدولي”.

وبسبب تبّديد هذا المورد ذي الأهمية الكبيرة، لا يزال “العراق” يعتمد على “إيران”؛ في توفير حوالي: 40 في المئة من حاجته إلى الطاقة؛ (من خلال واردات الكهرباء والغاز)، مما أغضب الأميركيين الذين يُريدون من “بغداد” تقليص علاقاتها مع “طهران” والالتزام بالعقوبات المفروضة على “إيران”.

ويواجه “العراق” سنويًا مشاكل هائلة في الميزانية بسبب هذا الهدر، وفترات طويلة من انقطاع التيار الكهربائي، خاصة خلال فصل الصيف.

الإضرار بالمصالح الإيرانية..

ورغم أن الاستثمار السعودي في مجال “النفط والغاز” يبّث في نفوس العراقيين أمل التغيّير، يرى مسؤولون عراقيون أن مشاريع “الغاز” التي يسّعى “العراق” إلى تنفيذها عبر شركات سعودية تستهدف الإضرار بمصالح “طهران”.

وبعد اشتراك “بغداد” في مبادرة “صفر حرق روتيني”؛ التابعة لـ”الأمم المتحدة” و”البنك الدولي”، والتي تهدف إلى إنهاء عمليات حرق “الغاز” بحلول 2030، أعلن “العراق” عن تبّني الخطة نفسها ثلاث مرات دون تأثير يُذكر.

وشمل آخر تحديث للخطة تسّخير شركة لاستثمار “الغاز المُصّاحب” في حقلي (الغراف) و(الناصرية)؛ بطاقة: 200 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم، بالإضافة إلى حقول “النفط” الأخرى شمال “البصرة”، وذلك بهدف حل مشكلة الغاز المزمنة.

وسيخدم تطوير (آرامكو)؛ لحقل (عكاز)، الهدف نفسه المتمثل في تعّزيز إمدادات الغاز المحلية في “العراق”. وتتمتع الشركة السعودية بالقدرة على تحقيق ذلك.

مشاريع واعدة..

وستسمح هذه العوامل بالتطوير الشامل لمشروع (نبراس) للبتروكيماويات؛ الذي طال انتظاره. ووقّعت شركة (رويال داتش شل)، في كانون ثان/يناير 2015، اتفاقًا مع “العراق” بقيمة: 11 مليار دولار لبناء مجمع للبتروكيماويات في “البصرة”. وتمتلك الشركة: 44 في المئة من أسّهم مشروع “شركة غاز البصرة” المشترك الذي تبلغ مدته: 25 عامًا.

ويهدف المشروع إلى تمكيّن “العراق” من زيادة استقلاله في مجال الطاقة وتحقيقه التنويع الاقتصادي من خلال التقاط “الغاز” المشتعل من حقول (الرميلة) و(غرب القرنة-1) و(الزبير).

ووفقًا لمصدر يعمل عن كثب مع “وزارة النفط” العراقية، تحدث حصريًا إلى منصة (آويل برايس) الأميركية، كان تعليق هذا الإجراء راجعًا إلى مطالبة عدد من كبار مسؤولي “النفط” بدفع عمولات قدرها حوالي: 30 في المئة من الكلفة الإجمالية لمشروع (نبراس) للبتروكيماويات.

وتبقى العوائد المحتملة لـ (نبراس) ضخمة، ولـ (آرامكو) السعودية؛ القدرات اللازمة لتحقيقها. وباعتماد (نبراس) مشروعًا تأسيسيًا (مثلما استغلت المملكة العربية السعودية مشروع مجمّع للبتروكيماويات في مدينة الجبيل الصناعية)، والإمدادات المسّتدامة والموثوقة من الإيثان (الموجود عادة في تيارات الغاز المصاحبة) لمدة: 20 إلى 25 عامًا على الأقل، سيتّعين على “العراق” إنفاق حوالي: 40 – 50 مليار دولارًا.

لكنه سيُصبح بعد ذلك أحد أكبر منتجي البتروكيماويات في الشرق الأوسط، وستكون أرباحه أعلى من استثماراته.

وقد لا تواجه (آرامكو) في قطاع النفط العراقي الصعوبات نفسها التي تعترض الشركات الغربية؛ ذلك أن المدفوعات بالعمولات تعدّ ممارسة تجارية قياسية في الشرق الأوسط، ولا تخضع لنفس النوع من التدقيق كما يحدث في الغرب. لكن المشكلة التي قد تواجهها في تطوير مشروعي (عكاز) و(نبراس) المخطّطين هي وجهة نظر “الولايات المتحدة” حول الفوائد والمخاطر المحتملة.

وإضافة إلى ذلك يُعد التحول في ولاء “السعودية” الجيوسياسي الطويل؛ من “الولايات المتحدة” إلى “الصين” و”روسيا”، سّمة أساسية لنظام سوق النفط العالمي الجديد. لكن “أميركا” لا تنوي تسّهيل الأمر على المملكة، أو دول الشرق الأوسط التي تتطلع إلى فعل الشيء نفسه.

ويُذكر أن لـ”الولايات المتحدة” سببًا إضافيًا للقلق في حالة حقل غاز (عكاز)، فلطالما اعتبرته جزءًا رئيسيًا من خطة تطوير ثلاثة حقول؛ (تشمل حقلي غاز المنصورية والسيبة).

وتشكّل هذه المواقع الثلاثة مثُلثًا عبر جنوب “العراق”، يمتد من “المنصورية” في الشرق (قريبة جدًا من الحدود مع إيران) إلى “السيبة” في الجنوب (قريبة جدًا من مركز التصدير العراقي الرئيس في البصرة)، ثم غربًا عبر “عكاز” (القريبة من الحدود مع سوريا).

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة