19 ديسمبر، 2024 2:18 ص

(نسوان ستان إزاء سنّيستان و شيعيستان) لا..لإمتهان النسوان ، بحجة حقوق الإنسان

(نسوان ستان إزاء سنّيستان و شيعيستان) لا..لإمتهان النسوان ، بحجة حقوق الإنسان

 طالعت قبل ايام مقالاً ل(الدكتورة)ماجدة غضبان تجاوزت فيها بعض حدود المسموح به لإقتحام ذائقات القراء من مختلف الأجناس والأفكار،بعضهم يتابع الكاتبة ويترقب مداد قلمها لينهل منه ما يناسب تطلعاته الفكرية والسياسية،ومنهم من يقع نظره على مقال هنا ومكتوب هناك للكاتبة المذكورة فيقرأه ثم يلعن الصدفة التي ورطته في الولوج إلى هذا البحر المتلاطم بالتناقضات والمغالطات ،كما حصل لحضرتي.
     بدأت الكاتبة مقالها بعنوان (نسوان ستان إزاء سنّيستان و شيعيستان) والعنوان دالّ بوضوح على مضمون المقال الذي تزدري فيه الكاتبة أفكار وتطلعات البعض إلى تقسيم العراق بأية خارطة كانت..لكنها وبإصرار واضح تدعو لتقسيم العراق ليس كما يهدد البعض بكيفيته المعلنة قومياً وطائفياً ،بل هي تريد تقسيم العراق على خارطة جنسية فيكون هناك إقليم للنساء وآخر للرجال..وعندها ممكن أن يتم التواصل العائلي بين الإقليمين عن طريق الفيس بوك أو البلوتوث مثلاً. وهذا المقال الموجه حصراً لنساء العراق “لإنشاء دولة خاصة بهن ، تدعى نسوان ستان”..يأتي من وجهة نظر الكاتبة كرد فعل على تقسيم العراق” لصالح مذاهب صنعها الذكور ، لا نحن..”كما تقول..لاأدري أية مذاهب تتحدث الكاتبة عنها تلك التي صنعها الذكور..فإذا كانت تقصد المذاهب الإسلامية فهذه المذاهب موجودة منذ مئات السنين ويتعبد بها المسلمون ذكوراً وإناثاً دون أن ينظر أحد ان مَنْ اجتهد بها كان رجلاً أم إمرأة..ولماذا التنويه لنساء العراق إن أعداءهن المفترضين هم الذكور وليس الإرهابيين والمفسدين وخائني ناخبيهم والشافطين أموال الشعب بغير وجه حق..وهم طبعاً نساءٌ ورجال،أو إناثٌ وذكور، كما تحلو التسمية في المقال.ومن غريب القول لهذه الكاتبة انها تقول عن مأساة جريان الدم العراقي على يد الإرهابيين بالمفخخات ” ما صنعها غير ذكور لا رجولة فيهم..”..لماذا تجانبين الحقيقة..كم إمرأة محكومة ومعدومة بتهمة الإرهاب ممن حملن الأحزمة الناسفة على بطونهن ونقلن مواد التفجير من وإلى مواقع الجريمة وآوين المجرمين..لماذا توحين للمرأة العراقية أنها أمام كائن خطير وضارٍ ومفترس إسمه الذكر(الرجل)..”والذكور يتصارعون على كراسيهم”..هل أنت مغمضة العينين ولم تري كم إمرأة في البرلمان جالسات على مقاعد البرلمان وهن جزء من العملية السياسية بحسناتها وسيئاتها كما أنهن جزءٌ من دائرة الصراع على الكراسي التي تزعمين..؟؟..حتى عبارات إستدراج عواطف القارئات كانت محملة بأمارات الضغينة والإستعداء رغم انها استخدمت عبارات فائقة العاطفية..” نحملهم وهناً على وهن تسعة شهور ، و نضعهم كرهاً ، و ألما ، و صراخا ، و بعض من النساء يلفظن أنفاسهن الأخيرة مع صرخة خروج المولود الى الحياة…نرضعهم ، و ننسى حلاوة النوم كي يشبعوا من صدورنا حليبا ، و يكبروا كأجمل حلم ، و أمل لنا ، نخاف عليهم من نسيم الهواء البارد كي لا يمرضوا ، نقلق إن اقتربت منهم بعوضة ، و امتصت بعض دمهم ، يحلو في أعيننا نموهم ، و ضحكهم ، و نجاحهم ، و فرحهم ، و يبكينا مجرد إرتفاع درجة حرارتهم ، و مرضهم ، يدمي قلوبنا (بكائهم) إن لمحوا لعبة نعجز عن شرائها لهم ، نحزن إن لم يوفقوا في الدراسة ، نسهر الليل قلقا ان بلغهم ظلم الدنيا ، و جورها الذي لا يرحم..و حتى يشب من يصل الى سن الشباب فيهم ، يكون شعر الرأس فينا قد شاب ، و نخرت أجسادنا أمراض الضغط و القلب و السكر..الذكور الظالمون لا يدركون ان أولادنا ، و إن أصبحوا راشدين ، فهم قطع من قلوبنا تمشي على الأرض ، لذلك لا يعنيهم ان تحولوا برمشة عين الى عدم ، و قبور تجلس عندها أمهات ثكلى تبكيهم”..
     عجيب أمر هذه المرأة.. هي تتباكى على مولودها الذكر الذي أنفقت على إنشائه وتنميته جلَّ عمرها وتتعامل معه بهذه الشفافية العاطفية والتعظيم،وهو أمر طبيعي لدى معظم النساء، بينما ترمي أولاد الآخرين ورجالهم من الذكور بأنهم آكلو لحوم بشر..إنها تتمادى في تشويه صورة الرجل(الذكر) بنظر شريكة حياته المرأة(الإنثى)وهي الأم والأخت والإبنة والزميلة في العمل والصديقة والقريبة الحبيبة وتُوغل صدورهن على أجمل مخلوق في حياة المرأة (الرجل) والدها وزوجها وأبنها وأخيها وحفيدها..لقد جاءت هذه المرأة بما يختل له التوازن العاطفي في الحياة الطبيعية بين الرجل والمرأة،وقادت القارئة التي اختارتها ضحية للإيقاع بها في جحيم الحقد على الرجل حين ساقت قصة خيالية من فقه العجائز عن”القطة التي لا تمتلك عقلا بشريا تحارب من أجل صغارها الى درجة يخشى فيها الانسان أن يفكر بمجرد الإقتراب منها ، و هي تزأر كأسد هصور رغم ضعفها ، و صغر حجمها ، و معاناتها بعد الولادة و الإرضاع ، و تنتقل بهم من مكان الى آخر خوفا من أن يأكلهم الهر _ابوهم بايولوجيا_ و هو جائع ، فما الذي يمنعنا نحن الأمهات عن حمل أولادنا بعيدا عن الهررة الذكور من البشر ، كي لا يصبحوا زادا لهم ، و هم الجائعون أشد الجوع الى المال ، و السطوة ، و العرش على حساب دمائهم؟..”
     إن هذه الأفكار ليست مجرد مقال بائس لايجد طريقاً إلى قلوب النساء العراقيات اللائي ضربن أمثالاً منقطعة النظير في الصبر والتحمل والمشاركة الفاعلة في الهم العائلي والوطني وقدمن التضحيات والشهداء والشهيدات من أبناء وبنات هذا الوطن الصابر، بل هي دعوة خطيرة للتمرد النسوي على شريك الحياة والأب والإبن والرفيق والزميل بمزاعم ” ستقوم دولة سنيستان لتنأى بالسنة عن الشيعة ، و تقوم دولة الشيعة بعيدا عن السنة ، اما كردستان فقد قامت مع صمت الصامتين ، و كأن الحدود الجديدة ستمنع حربا بين ذكور لا تتوقف أطماعهم عند حد ، و لا تسعهم عروش حتى تسقط غيرها”.
     ربما تكون الكاتبة نفسها ضحية تجربة نفسية أو جسدية عنيفة وصادمة جعلتها تخبط خبط عشواء في ليلة ظلماء،وربما أن إحساسها ـ دون غيرها من زميلات مهنتها ـ تجاه الرجولة والذكورة قد تبدد في خضم تفاصيل مهنة البيطرة،لكنها جاءت بمقال تحريضي فاقد للموضوعية وكأنه قيل في ظلمة طيف كابوسي..
وربّ قولٍ أنفذ من صول.

أحدث المقالات

أحدث المقالات