عاصفة “مصر” الترابية .. جرس إنذار للعالم يُنبيء بتغيرات مناخية أكثر حدة مستقبلاً .. فكيف يواجهها ؟

عاصفة “مصر” الترابية .. جرس إنذار للعالم يُنبيء بتغيرات مناخية أكثر حدة مستقبلاً .. فكيف يواجهها ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

حالة من الهلع والرعب عاشتها “مصر”؛ الخميس الماضي، بسبب العاصفة الترابية، حيث تخطت بها سّرعة الرياح: 30 عقدة/60 كيلومتر في الساعة، مما أدى إلى وقوع خسّائر بشرية ومادية، حيث نتج عنها وفاة شخص والعديد من الإصابات في المحافظات المختلفة، بالإضافة إلى سّقوط لوحات إعلانية وأشجار على سيارات بالطرق والكباري.

تلك العاصفة؛ أعادت إلى الأذهان التحذيرات من تأثر “مصر” بالتغيّرات المناخية، خلال السنوات الأخيرة، في العديد من المناسبات الدولية المعنية بالتغيّرات المناخية، وكان آخرها “قمة الأمم المتحدة للمناخ”؛ بـ”شرم الشيخ”؛ (كوب-27).

زيادة تلوث الهواء 10 أضعاف..

وقالت وزير البيئة المصرية؛ “ياسمين فؤاد”، أن تلوث الهواء زاد: 10 أضعاف عن الطبيعي للمرة الأولى في تاريخ “مصر”، يوم الخميس الأول من حزيران/يونيو 2023؛ بسبب ظاهرة التغيّر المناخي، إضافة إلى ما حدث من عاصفة ترابية شهدتها محافظات الجمهورية.

وقالت وزير البيئة إن: “المشهد الذي شاهدناه يوم الخميس؛ بسبب العاصفة الترابية جديد علينا؛ لكنه ليس بجديد على ظاهرة التغيّر المناخي وأنه حقيقة وما حدث من عاصفة ترابية شهدتها مختلف محافظات مصر ما هو إلا نتيجة لهذا التغّير”.

وأكدت وزير البيئة، في تصريحات تليفزيونية، أن التغيّرات المناخية ستختلف من فترة لأخرى، وأوضحت: “أننا لم نتعود على مشاهدة تأثير التغيّر المناخي؛ لكن يجب التعود على مثل هذه الظواهر، والدولة مسّتعدة للتغيّرات المناخية ولديها نظام للإنذار المبكر على مستوى الجمهورية الذي يُخبرنا بموعد ومكان تركز الملوثات”.

وعادت وزير البيئة لتؤكد أن: “تغيّر المناخ حقيقة، والدولة مسّتعدة للعاصفة الترابية طوال الفترة الماضية، الأتربة وصلت: 10 أضعاف في الفترة من الواحدة إلى الثالثة عصرًا يوم الخميس، وهذا التلوث يحدث للمرة الأولى في مصر”.

وصرحت بأنه سيتم الإعلان عن مشروع لإدارة تلوث الهواء، في ظل جهود مواجهة التغيّرات المناخية، وتتابع الوزارة مؤشرات جودة الهواء، من خلال منظومة الرصد المستمر التابعة لـ”وزارة البيئة” والمنتشرة في العديد من أنحاء الجمهورية.

بسبب الصحراء المحيطة..

قال الدكتور “مصطفى مراد”؛ رئيس قطاع نوعية البيئة بـ”وزارة البيئة”، إن العاصفة الترابية التي واجهتها البلاد مؤخرًا؛ ظاهرة موجودة بالفعل ولكن زاد حجمها.

وأضاف “مراد” أن تلوث الهواء موجود بصفة عامة في المنطقة نتيجة الصحراء المحيطة.

كما أشار “مراد” إلى أن ظاهرة تلوث الهواء سّاهمت في التغيّرات المناخية في المنطقة بصورة كبيرة؛ وهي ظاهرة معقدة تبدأ بتلوث الهواء ولها تبعات كثيرة.

وأكد “مراد” على أن العاصفة الترابية الأخيرة ظاهرة ليست بجديدة؛ ولكن نوعيتها وحجمها هو الأمر الذي يُشكل جديدًا، حيث تنتج عن التغيّرات المناخية.

يعود إلى تأثر “مصر” السّلبي بالتغيّرات المناخية..

من جانبه؛ أكد خبير الأرصاد الجوية أستاذ المناخ بجامعة الزقازيق؛ الدكتور “علي قطب”، أن العاصفة الترابية على “مصر”، والتي صاحبها هطول أمطار ورعد وبرق، ووصلت سّرعة الرياح خلالها إلى: 30 عقدة أي ما يُعّادل: 60 كيلومتر/الساعة، مع كمية كبيرة جدًا من الأتربة، جاءت نتيجة منخفض خماسّيني يحدث أحيانًا على “مصر” خلال فصل الربيع.

وقال “قطب”؛ لموقع (24) الإماراتي: حدث منخفض خماسيني أكثر قوة وحدة على “مصر”؛ في 02 آيار/مايو من 1997، ووصلت سرعة الرياح خلال هذا المنخفض الخماسيني إلى: 50 عقدة أي ما يُعّادل: 97 كيلومتر/الساعة، وكانت في الساعة الخامسة مساءً.

وأضاف خبير الأرصاد الجوية: “ما حدث في العاصفة الترابية، رغم أنه أقل حدة من عام 1997، إلا أن التوقيت في بداية حزيران/يونيو يعود إلى تأثر مصر السّلبي بالتغيّرات المناخية، حيث أن تأثير التغيّرات المناخية يظهر في ظهور ظواهر الطبيعية في غير توقيتها، أو زيادة قوتها وحدتها وعنفها عن الوضع الطبيعي لها”.

وتابع أستاذ المناخ: “لا أتوقع أن تحدث مثل هذه العاصفة الترابية خلال الصيف المقبل، لأنها تنتهي بنهاية فترة الخماسين في فصل الربيع، والذي ينتهي في 20 حزيران/يونيو الجاري، إلا أن تكرار هذه العواصف الترابية وارد جدًا حدوثها خلال الأيام المقبلة، وحتى انتهاء فصل الربيع”.

من جهته؛ أوضح مدير (مركز التحاليل والتنبؤات) بهيئة الأرصاد الجوية المصرية؛ الدكتور “محمود شاهين”، أن “مصر” تأثرت بالتغيّرات المناخية خلال الفترة الحالية؛ كما لم تتأثر خلال السنوات الماضية، وظهر ذلك واضحًا في التقلبات الجوية والعاصفة الترابية الأخيرة؛ والتي صاحبها أمطار ورعد وبرق وسرعة شديدة للرياح، وهو ما يؤكد أن “مصر” دخلت فعليًا مرحلة التأثر السّلبي بالتغيرات المناخية، كما كان متوقعًا.

إيجابيات التغيّر المناخي..

وقال “شاهين”؛ إن: “التغيّرات المناخية يكون لها أيضًا تأثيرات إيجابية؛ كما يكون لها تأثيرات سلبية، ويظهر ذلك في اختفاء بعض الظواهر الجوية السّلبية التي قد تختفي بسبب التغيّرات المناخية”.

وتابع مدير (مركز التنبؤات) بهيئة الأرصاد الجوية المصرية: “العاصفة الترابية التي حدثت على مصر بسبب المنخفضات الخماسينية أتت من الصحراء الغربية محملة بالرمال والأتربة وسرعة كبيرة للرياح، ما تسّبب في خسّائر بشرية ومادية”.

ارتفاع درجات الحرارة..

وأضاف “شاهين”: “من مظاهر تأثر مصر بالتغيّرات المناخية أيضًا ارتفاع درجات الحرارة بشكلٍ غير طبيعي وبعيدًا عن المعدلات الطبيعية، كما يحدث الآن فدرجة الحرارة في القاهرة: 42 درجة مئوية مع ارتفاع الرطوبة، وهذه الدرجات أعلى من المعدل الطبيعي لدرجات الحرارة في هذه الفترة من العام”.

دخول مرحلة المعاناة..

من جانبه؛ أكد أستاذ التوعية والدراسات البيئية بجامعة “عين شمس”؛ الدكتور “عبدالمسيح سمعان”، أن ما حدث خلال العاصفة الترابية وما صاحبها من تداعيات؛ يؤكد أن “مصر” دخلت مرحلة المعاناة من التغيرات المناخية، فبالرغم من أن هذه الظواهر تحدث دائمًا، إلى أن قوتها وحدتها تعود للتغيّرات السّلبية للمناخ.

جرس إنذار لـ”مصر” والعالم..

وقال “سمعان” أن: “ما يحدث في مصر جرس إنذار للتأثيرات السّلبية للتغيرات المناخية، ليس في مصر فقط، بل في العالم أجمع، سواء على المستوى التغيرات الجوية أو التغيرات البيئية”.

وأضاف أستاذ التوعية والدراسات البيئية: “مصر ستتأثر بيئيًا بالسّلب من التغيّرات المناخية، ومنها: تقدم مياه البحار إلى الشواطيء، وحدوث اختلال في التنوع البيولوجي، وتأثر المياه أيضًا بالسّلب”.

خطوات لمواجهة التغيّر المناخي..

وتابع “سمعان”: “القضية التي تشغلنا في مصر الآن كيف لنا أن نحمي أنفسنا من التغيّرات المناخية وتأثيراتها السّلبية ؟، واتخذت مصر بالفعل خطوات جادة في هذا الطريق من خلال إقامة حواجز داخل البحر المتوسط بالقرب من الشواطيء المصرية لمنع ارتفاع منسّوب المياه بهذه الشواطيء؛ خاصةً بالإسكندرية، وهناك مشروعات لتحلية المياه، ومشروعات للطاقة المتجددة، وإنشاء أول مصنع للهيدروجين الأخضر بالعين السخنة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة