بسب تنوع الصباغات السياسية التي تتلون بها الشرائح المجتمعية , بطبيعة الحال إذ لا يمكن لأبناء وطن أن يعيشوا بلا وطن يشتركون فيه ويشعرون بروح الانتماء إليه وإلى لغته وتراثه بغض النظر عن تنوع قومياته وأطيافه , ومن ثم يرسم الوطن سياسته استنادا إلى تحليلات اقتصادية علمية لواقع الأمور وبناء على توصيات يصوغها مستشارون اقتصاديون لا سيما وإن نجاح الدولة يتحقق حيثما ما تكون إدارة اقتصاد الدولة إدارة كفئة وفعالة. علما إن الاقتصاد دائما يولد شرارة تفجر شظايا سياسية واجتماعية فأي إحباط اقتصادي سيؤدي إلى خلل سياسي ونقص في الوعي الاجتماعي وتلك حقيقة أثبتتها معظم المجتمعات العربية لا سيما تلك التي شهدت تحولا ديمقراطيا في أنظمتها أو تلك التي لا تزال تعاني مخاض تغير ولأن الديمقراطية تعني إيجاد مساحة من الحرية لكل مواطن لتمكينه من إظهار قدراته وإمكاناته لأجل التنمية وهكذا إذن أساس كل تغير وكل تحول وكل انقلاب هو شرارة اقتصادية وما يتمخض عنها لزاما تبعات سياسية بما أن الإنسان هو مصدر النشاط الاقتصادي في الوجود لذا نجد المواطن في ديمومة مستمرة يبحث عن مقومات مادية وبذلك يحتاج إلى بيئة قانونية توفر له الخدمات اللازمة ويتم ذلك عن طريق تحقيق منطوق السلطة الخادمة التي توفر الخدمة للمواطن وليس الرؤية السياسية , وتحقيق ذلك يمثل غاية الصعوبة في ظل الأهداف السياسية المتشاكهة التي تتحرك نحوها أجندات خارجية ذات مطامع اقتصادية بأثقال سياسية , حيث نشاهدها كيف ترسم مخططاتها الستراتيجية الهادفة عبر التوغل الفكري والعسكري أحيانا أخرى فهي تتسلل من جار إلى آخر في منطقتنا للوصول إلى أهدافها الجامحة . نعيش اليوم في صراع استباقي قائم على السياسة والاقتصاد , نتج عنه بعض الانقسامات والعنف والحرمان , نلاحظ أن سوق توظيف الأموال العربية وبسبب تلك التصادمات السياسية أصبح من أكبر المشكلات التي تعاني منها الدول العربية في سبيل إقامة مشاريعها التنموية علما أن من حق أي دولة أن توظف مالها خدمة لأهدافها السياسية لا أن تكون خاضعة لإرادات خارجية على حساب الوطن وهذا لا بتحقق إلا بوجود المواطنة الصالحة التي تشكل بدورها الدرع الحصين لدرء مثل تلك المخاطر والحبل المتين لتضيق الخناق على مثل تلك المخططات من شأن ذلك أن يحقق الأمن والسلام لدول منطقتنا جميعا…