الحياة في ابسط معانيها تعني الحركة والشعور والاحساس والـتأثير والتأثر والتعامل والوجود والتعايش … الخ
تختلف المجتمعات البشرية في طريقة ونمط حياتها وفهمها ودرجة تطورها وثقافتها واهتماماتها ومحاولاتها للتطور والاستمرار وقد كانت هذه المجتمعات مواضيع رئيسة للدراسات والابحاث ونقطة الوقوف عليه عند الكثير من العلماء والباحثين الذين سخروا جلَ اهتمامهم بالبحث والكشف عن كينونات هذه التجمعات من اجل الوصول الى اسرار ديمومتها والولوج الى اعماق هذه المجتمعات.
هناك تصنيفات عديدة لهذه المجتمعات منها البدائية المتخلفة والمتطورة والجامدة والمرنة والمغلقة والمفتوحة ولكننا نضيف اليها المجتمعات الحية والميتة، نعني بالمجتمعات الحية في هذا المقال تلك التجمعات البشرية التي ترتبط مع بعضها البعض بوشائج قوية وتستطيع ان تقف بوجه كل خطأ او مخالفة أياً كان مرتكبها وتقول كلمتها من اجل تصحيحها وتحويلها وارجاعها الى الطريق السليم، اي انه قادر على القول والفعل مهما اختلفت في طريقة قولها وفعلها إلا انها تنتج وتستثمر، هذا النوع يمكنها ان تستمر وتبدع في اسلوب ادارتها وتفسح المجال لأبناءها ليقدموا المستحيل من اجل سلامتها وامنها وتطورها.
قبل اشهر معدودة وفي حادثة تكاد تكون غريبة في المجتمعات الميتة وطبيعية في المجتمعات الحية حيث تم نشر مقطع فيديو لسيارة في احدى محطات الوقود في مدينة صينية وبعد ان قامت عاملة محطة الوقود بتزويد تلك السيارة بما تحتاجها من الوقود قام سائق السيارة بفتح زجاجة السيارة ورمي ثمن الوقود عبر الزجاجة بوجه تلك العاملة المسكينة و وقعت العملة على الارض اضطرت العاملة الى جمعها وكان تصرفاً مشيناً واستهتاراً من قبل السائق ولكن الحادثة لم تمر مرور الكرام بل ان المجتمعات الحية لا تدع المجال للمستهترين والمخالفين للقوانين والاعراف ولا تسمح لهم باللعب بمشاعر الناس والضرب على كرامتهم فسرعان ما نشرت الحادثة عبر وسائل الاعلام المختلفة وقرر اصحاب محطات الوقود على مستوى دولة الصين عدم تزويد تلك السيارة بالوقود والوقوف على جانب تلك العاملة والدفاع عن كرامتها وحقها كانسانة وعاملة لا يمكن المساس بحقوقها، وهذه واحدة من العديد من الامثلة الشبه اليومية خاصة في الدول المتقدمة وكثيراً ما رأينا مسؤولين كبار يعتذرون ويطلبون العفو من شعوبها لإرتكابهم مخالفة معينة وتعرضوا للنقد من ابناء الشعب.
المجتمعات الميتة هي التي لا حركة فيها ولا تأثير وتغاظي الطرف من كل خطأ او مخالفة ترتكب امام اعينها، بل الادهى من هذا ان هذه المجتمعات تشجع وتدعم كل مخالفة وتجعل من كل فعل مخالف وقبيح شجاعة وجرأة.
إن الوقوف بوجه المخالفات والاخطاء هي واحدة من الحدود الفاصلة بين المجتمعات الحية والميتة وبالتأكيد هناك العديد منها.
وسيكون لنا ذكر عدد من النماذج عن فهم المجتمعات الميتة لعدد من المواضيع في الحلقة التالية بأذن الله تعالى.