خرج آلاف الموظفين يطالبون بتعديل (سلم الرواتب ) طلباً لتحقيق العدالة والمساواة لأجل ضمان حقوقهم مع أقرانهم في الوزارات التي تملك من المخصصات المالية والامتيازات الشيء الكبير.
وبعد (( اللتيا وَالّتي)) وخروج متكرر لمجموعة من الموظفين في أغلب محافظات العراق بتظاهرات عارمة طالبوا فيها بتطبيق قانون سلم الرواتب الجديد، وفي هذا الصدد لم نسمع صوتًا أو همسًا من رئيس الحكومة أو حتى تصريحًا لا من شاشات التلفاز أو عبر صفحته الشخصية، والسبب لغاية الآن غامض جدًا، مع العلم أنّ السيد رئيس الوزراء نفسه كان يطالب بتطبيق قانون جديد يضمن تعديل (سلم الرواتب) عندما كان نائبًا في البرلمان ،
وكان شعاره إنصاف الموظفين جميعًا وهذا كان السبب في تقبلهِ أنْ يكون رئيسًا لوزراء العراق من الشارع العراقي.
إلا أنّ الرجل اختلف الآن تمامًا على الرغم من أنه يسير بخطى واثقة وعمل يحسب له أنه جيد، بحملة الإعمار التي تشهدها محافظات العراق ولعل بعضها جاءت كما أتت أخواتها من قبل، فعند تسنم أي رئيس للحكومة تأتي هذه الحملات والإعلانات في مواقع التواصل وكذلك الجولات والتصريحات والزيارات التي يتفنن في نقلها كوادر إعلامية خاصة..!
فأين مطالب الشعب؟ ولماذا يركز رئيس الحكومة دائمًا على مشاعر المواطنين الثائرين وعواطفهم ويترك الموظفين وأصحاب القضايا الرئيسة الذين هم من يقودوا أنظمة الدولة؟..
أليس من حق كلّ موظف خدمة عامة أنْ يتساوى في الحقوق والواجبات مع غيره؟ أم أنّ لغة (التمييز والتفرقة) تبقى سائدة، وتطبيق وضع (فرّق تسد) يبقى متسلطًا على جثمان الشعب الفقير؟!!..
أين هي مبادئ الدين والإنسانية؟ وأين هي الشعارات الرنانة التي صدعت رؤوس العراقيين طيلة العشرين عامًا؟ أم أنّ لغة التسقيط ولي الذراع هي من تطبق في الآخر على من يطالب بحقه القانوني والشرعي؟!!..
ولماذا كان النقد والسبّ والشتم على حكومة الكاظمي اثناء توليه المنصب وبعد مغادرته، وكانت آنذاك حالات الانتقاد تكاد تكون مدوية، ووصفت حكومته بأنّها مثال للفشل والفساد والتفرقة والاعتقالات العشوائية؟ ولكن هي نفسها من شكلت لجنة عليا مهمتها (توحيد رواتب الموظفين) وإلغاء الفروقات بينهم، والآن وبعد طيلة انتظار من الموظفين المنتمين إلى وزارات لاتملك مخصصات أو أية فوائد مالية ، يتفاجؤون بأنّ الحكومة الحالية برئيسها ووزرائها كافة رافضين لهذه الفكرة..
ولم يصرح أي منهم بشيء، بل قامت العناصر والأجهزة الأمنية الخاصة بحملة من الاعتقالات لمن خرج في التظاهرات السلمية، وعمل بعض الوزراء على تحذير الموظفين من الخروج في تلك التظاهرات، وقسم منهم تعمد في إقصاء وتوبيخ ونقل الموظفين الذين اشتركوا في كروبات (سلم الرواتب) والتظاهر لأجله، وهذا بحد ذاته مصادرة للديمقراطية التي كفلها الدستور العراقي، وأشبه بنظام الحكومة السابقة التي تقصي من يقف بوجهها.
وكانت هناك إجراءات تكتيم من بعض القنوات الإعلامية التي تسيطر عليها الدولة أو قسم من الأحزاب المستفيدة ببقاء هذه الفروقات بين الموظفين كون أنّ هولاء الموظفين المستفيدين من الرواتب العالية (أصوات انتخابية) لهم ودائمًا ما يشكلون رقمًا في كل انتخابات تحصل..
نأمل أنْ يعيد السيد رئيس الحكومة المعروف بوطنيته العالية ونزاهته وحبه للشعب حساباته في تبني التصويت على (سلم الرواتب الجديد)، وسوف يحسب له ويضمن له البقاء في المنصب وستكون له شعبية حقيقية وليست مزيفة لدى أوساط الشعب العراقي المثقف والواعي، وأما عكس ذلك فهناك عدالة اسمها (عدالة الله) تقلب كل شيء وتجعل المُحال واقعًا .