خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد أطوال معركة في الحرب بينهما؛ أعلنت “وزارة الدفاع” الروسية، أمس الأول، السيطرة الكاملة على مدينة “باخموت”، التي تُلقبها “أوكرانيا”: بـ”قلعة المعنويات” و”القلعة المنيعة”.
ورغم إعلان (الكرملين) ورفع العلم الروسي على المدينة ليل السبت بعد 224 يومًا من القتال العنيف، والتهنئة التي قدمها الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، للقوات الروسية بإكمال السّيطرة على “باخموت”، إلا أن هيئة الأركان الأوكرانية تزعم أن: “قتالاً عنيفًا لا يزال مستمرًا في المدينة”.
بينما، أكد الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلنسكي”، الأحد، خسارة قواته لمدينة “باخموت”؛ التي أعلنت “روسيا” السّيطرة عليها بالكامل بعد معارك ضارية وطويلة.
وأشار “زيلينسكي” إلى خسارة مدينة “باخموت” لصالح “روسيا”، إذ قال ردًا على سؤال حول ما إذا كانت المدينة لا تزال تحت سّيطرة “كييف”: “أعتقد لا، اليوم هي فقط في قلوبنا”.
وكان “يفغيني بريجوغين”؛ رئيس (فاغنر)، أعلن مساء السبت، السّيطرة على مدينة “باخموت”، وقال في شريط فيديو بثه جهازه الإعلامي على (تليغرام) ويظهر فيه واقفًا إلى جانب رجال مسّلحين أمام مبانٍ مدمرة: “في 20 آيار/مايو 2023؛ تمت السّيطرة على باخموت بالكامل”.
وأضاف “بريجوغين”؛ الذي يخوض نزاعًا مع القيادة العسكرية الروسية: “استغرقت العملية للسّيطرة على باخموت 224 يومًا، (فاغنر) وحدها كانت هنا”، مؤكدًا عدم وجود أي قوات من الجيش الروسي.
وقال “بريجوغين” إن مجموعة (فاغنر) ستسّحب مقاتليها من المدينة اعتبارًا من 25 آيار/مايو؛ وستُسّلم الدفاع عن المدينة إلى الجيش الروسي، واضعًا مقاتليه تحت تصرف “موسكو” لعمليات مقبلة.
وأضاف: “من الآن حتى 25 آيار/مايو، سنفتش كامل المدينة، وسنُقيّم مواقع دفاعية ونُسّلمها إلى العسكريين. من جهتنا، سنعود إلى القواعد”.
تكبد الطرفان خسائر فادحة في “باخموت”، المدينة التي كان يسّكنها حوالي: 70 ألف نسّمة قبل الهجوم الروسي، وباتت اليوم مدمرة بمعظمها جراء المعارك.
تنشر طائرات استطلاع مُسيّرة..
في غضون ذلك؛ أكدت معلومات استخبارية بريطانية، أمس، أن “روسيا” تنشر طائرات استطلاع مُسيّرة للإعداد لهجوم جوي في “أوكرانيا”، مشيرة إلى أن “روسيا” تحاول إجراء تقيّيم أكثر دقة للضرر الناجم عن المعركة وتحسّين دائرة أهدافها.
وأفادت الاستخبارات البريطانية في تقريرٍ لها أن “روسيا” تُعّزز نشر طائرات (درون) للمراقبة للإعداد لشّن هجمات جوية على “أوكرانيا”.
وقالت “وزارة الدفاع” البريطانية: “انطلاقًا من الموجات السابقة للهجمات العميقة، بدأت روسيا تسيّير مركبات جوية بدون طيار للمراقبة مرارًا وتكرارًا على نحو أكثر من المعتاد”.
وقالت الوزارة إن المركبات تشمل ما يُطلق عليه: “طائرات (سوبر كام) بدون طيار روسية الصنع”، التي يتطلب إنتاجها تكلفة منخفضة، وتتمتع بنطاق كافٍ للتحليق فوق الأهداف الصاروخية المحتملة.
ويُفترض الخبراء أن مثل هذا النوع من طائرات الـ (درون) قادر على التحليق لفترة من أربعة إلى خمس ساعات على ارتفاع يصل إلى: 05 كيلومترات.
وجاء في التقرير أنه: “من المُرجّح أن روسيا تبنّت هذا الأسلوب في محاولة للحصول على تقيّيم أكثر دقة للضرر الناجم عن المعركة وتحسّين دائرة أهدافها”.
وأضاف التقرير: “عملية الاستهداف البطيئة وغير الكافية للجيش الروسي تُمثل نقطة ضعف رئيسة لأدائها في أوكرانيا، مع ذلك، فإن طائرات المراقبة بدون طيار معرضة للخطر بصورة كبيرة من الدفاعات الجوية الأوكرانية”.
وسيلة لبناء السلام..
على جانب آخر؛ اعتبر كل من الرئيس الفرنسي؛ “إيمانويل ماكرون”، ورئيس الوزراء البريطاني؛ “ريشي سوناك”، أن مشاركة الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، في “قمة مجموعة السبع”؛ في “هيروشيما”، بمثابة: “وسيلة لبناء السلام”، متعهدين باستمرار الدعم القوي للشعب الأوكراني.
وقال الرئيس؛ “ماكرون”، إن وضع طائرة فرنسية في تصرف الرئيس الأوكراني لنقله أولاً إلى “قمة جامعة الدول العربية”، ثم إلى “مجموعة السبع” في “اليابان”، يُظهر عمل “فرنسا” على: “بناء السلام والبحث عن حلول”.
وأشار إلى أن زيارة “زيلينسكي”؛ لـ”جدة”، الجمعة؛ أتاحت له: “الحصول على دعم واضح جدًا من السعودية وعدد من القوى في المنطقة”، معتبرًا ذلك: “نقطة تحول حقيقية”.
ودعا “ماكرون” العالم إلى عدم الإكتفاء بوقف محتمل لإطلاق النار بين “كييف” و”موسكو”. وقال إن هذا سيكون: “خطأ لنا جميعًا” لأن: “التجربة علمتنا أن صراعًا مجمدًا سيكون حربًا للغد”.
إقناع “الهند” و”البرازيل”..
كما أكد “ماكرون” أن “قمة مجموعة السبع”؛ في “اليابان”، تُعد فرصة لإقناع الدول الناشئة الكبيرة مثل: “الهند والبرازيل” بالوقوف إلى جانب “أوكرانيا”.
ودعا “ماكرون” إلى ضرورة تجنب الانقسامات بين “مجموعة السبع”؛ وتلك الدول، مشيرًا إلى أن القمة في “هيروشيما” هي قمة للوحدة؛ لا سيما بالنسّبة لـ”أوكرانيا”. وقال: “إنها تهدف إلى بناء إطار لسلام يسّتند إلى القانون الدولي؛ ويجب أن يكون سلامًا دائمًا وليس على أساس وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يؤدي إلى تجميد الصراع”.
ووصف الرئيس الفرنسي مشاركة الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، في “القمة العربية”؛ بـ”السعودية”، بأنها نقطة تحول حقيقية.
دعم لن يتزعزع أبدًا..
ومن جانبه؛ تعهد رئيس الوزراء البريطاني؛ “ريشي سوناك”، بعد لقائه الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، في “قمة مجموعة السبع”؛ في “هيروشيما”، بأن دعم بلاده لـ”أوكرانيا”: “لن يتزعزع أبدًا” .
وقال رئيس الوزراء إنه: “سعيد بموافقة مجموعة الحلفاء على أهمية تزويد الرئيس الأوكراني بالمعدات العسكرية المتطورة التي يحتاجها، في الوقت الذي يدفع فيه من أجل الحصول على مقاتلات (إف-16)، وفقًا لوكالة (بي. إيه. ميديا) البريطانية”.
يُشار إلى أن “زيلينسكي”؛ في طريقه لتلقي دفعة من الطائرات المتقدمة؛ التي تم التبرع بها، بعد أن سمح الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، للحلفاء الغربيين بنقلها إلى “كييف”.
وقال مكتب رئيس الوزراء البريطاني؛ إن “سوناك” أطلع “زيلينسكي” على: “التقدم الإيجابي للغاية” بشأن الطائرات المقاتلة عندما التقيا في المدينة اليابانية.
وأشار “سوناك”؛ في بيانه، إلى أن “مجموعة السبع” كانت في يوم من الأيام مجموعة الثماني وتم طرد “روسيا”؛ في عام 2014، لضمها غير القانوني لـ”شبه جزيرة القِرم” والانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان وسيّادة القانون.
رسالة موجهة لـ”روسيا”..
واعتبر المستشار الألماني؛ “أولاف شولتس”، أن برامج تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات (إف-16) بمثابة رسالة موجهة لـ”روسيا”، وقال: “حتى لا تتوقع موسكو نجاح غزوها لأوكرانيا حتى لو طال أمده”.
وقال “شولتس”؛ للصحافيين، قبل مغادرته “قمة مجموعة السبع” التي عُقدت بمدينة “هيروشيما” اليابانية: “تدريب الطيارين مشروع طويل.. والولايات المتحدة لم تُقرر ما الذي سيحدث في النهاية. المشروع يحمل رسالة لروسيا وهي أنه لا يمكنها التعويل على تحقيق النصر إذا راهنت على حرب طويلة”.
واجتمع الرئيس الأوكراني الأحد، مع رئيس الوزراء الكندي؛ “جاستن ترودو”، على هامش “قمة مجموعة السبع”، المُنعّقدة في مدينة “هيروشيما”؛ بـ”اليابان”.
وأضاف “زيلينسكي”؛ في تدوينةٍ له: “ناقشنا إمكانية زيادة التعاون في المجالين الأمني والدفاعي والوضع على الجبهة وتدريب الضباط الأوكرانيين في إطار مهمة التدريب الكندية”.
نقطة انطلاق للسّيطرة على مناطق أخرى..
ورغم تقليل بعض الخبراء العسكريون الغربيون من قيمة “باخموت” الاستراتيجية، مشيرين إلى أن المدينة لا تُشكل مركزًا للنقل وليست ذات ثقل سكاني كبير، إلا أن آخرين أكدوا أن “روسيا” ستحولها إلى نقطة انطلاق للسّيطرة على مناطق أخرى في منطقة “دونيتسك”.
ماذا تعني خسارة “باخموت” لأوكرانيا ؟
تراجع الروح المعنوية للقوات الأوكرانية؛ بعد أن وصفها الرئيس؛ “فلاديمير زيلنسكي”: بـ”قلعة المعنويات”. كما ستُعاني “أوكرانيا” من هزيمة سياسية، بالإضافة إلى أنها كانت تمنح الأوكرانيين تكتيكات استراتيجية لاصطياد الجنود الروس، وفق موقع (بي. بي. سي) البريطاني.
كما راهنت “أوكرانيا” عليها لتغيّير مسّار الحرب.
وسيؤدي ذلك إلى انتقال المعارك لمناطق أكبر مثل: “كراماتورسك وسلوفيانسك”، في منطقة “دونيتسك”.
وستُجبر خسارة آلاف الأرواح والمعدات؛ “كييف”، على البحث عن تعّزيز خطوط الإمداد للدفاع عن المدن المجاورة.
وستُقلل إمكانيات “أوكرانيا” من شن هجوم الربيع أو تأخيره لاستكمال الدعم اللوجيستي اللازم.
كذلك كانت تُعتبر مركز نقل مهم لتزويد القوات الأوكرانية في “دونباس”؛ ونقطة حصينة لإيصال الإمدادات.
الاتجاه إلى معارك أكثر دموية..
ويقول المحلل الاستراتيجي البريطاني؛ “سيمون غوردان”، إنه: “بعد سّيطرة روسيا على المدينة”؛ وإن صح ذلك فإن: “الأوكرانيون سينسّحبون إلى مناطق دفاعية في مناطق في: كراماتورسك، جهزوها على مدى 08 أعوام”.
مضيفًا أن “كراماتورسك” تقع على أرض أعلى وتتمتع بقدرات دفاعية أكثر من “باخموت”، مؤكدًا أنها ستكون معارك دموية بين الجانبين أكثر من معارك “باخموت”.
وعُرفت “باخموت” بمناجم الملح والجبس وبمصانع إنتاج النبيذ الكبيرة، ولا تُشكل أهمية جغرافية، وفق تقارير غربية.
ووصفها مسؤولون غربيون بأنها: “حدث تكتيكي صغير على خط جبهة أمامية يبلغ طوله: 1200 كلم”.
مكاسّب “روسيا”..
لكن وفق الخرائط؛ تقع “باخموت”، شمالي مقاطعة “دونيتسك”، على بُعد نحو: 65 كيلومترًا شمال مدينة “دونيتسك”، المركز الإداري للمقاطعة التي تُشكل مع “لوغانسك”؛ المجاورة “إقليم دونباس”، وتبُعد نحو: 15 كيلومترًا عن حدود “لوغانسك”، و580 كيلومترًا عن العاصمة “كييف”.
كما تقع على طريق رئيس يؤدي إلى مدينتي: “سلوفيانسك وكراماتورسك”، وهما من أكبر مدن “إقليم دونباس”، كما أن قربها من الطريق الدولي؛ (إم-03)، يصلها مباشرة بمدينة “سلافيانسك” في “لوغانسك”، ويتابع نحو مدينة “خاركيف”.
وبالسّيطرة على المدينة؛ حققت “روسيا” عدة مكاسّب من بينها: أنها تُعتبر نصر رمزي لـ (الكرملين) بعد معارك ضارية استمرت نحو 07 أشهر منذ السّيطرة على “سيفيرودونيتسك وليسيشانسك”؛ الصيف الماضي.
كما أن “روسيا” تحتاج إلى نجاح تروجه أمام المناصرين لـ (الكرملين) في الداخل، وفق صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية.
كذلك؛ ستُشكل منصة انطلاق نحو المزيد من المكاسب الميدانية، كما ستُمكن “روسيا” من تهديد مناطق أكبر مثل: “كراماتورسك وسلوفيانسك”، وفق “وزارة الدفاع” البريطانية.
من جانبه؛ أكد رئيس مقاطعة دونيتسك؛ “دينيس بوشيلين”، أن تحرير مدينة “باخموت” حمل رمزية خاصة بعد عام من استسلام مسّلحي كتيبة (آزوف) النازية في “ماريوبول” المحررة.
وكتب “بوشيلين”؛ عّبر )تليغرام)، قائلاً: “للمرة الثانية يُشكل تاريخ الـ 20 من آيار/مايو يومًا مميزًا ذا رمزية خاصة للقوات الروسية، ففي المرة الأولى قبل عام استسلم آخر مقاتلي كتيبة (آزوف)؛ في ماريو بول، أمام قواتنا، واليوم حررنا مدينة أرتيوموفسك التي يُطلق عليها الأوكرانيون لقب: (القلعة المنيعة) بشكلٍ كامل”، وفق وكالة (نوفوستي) الروسية.
معركة فاصلة في حوض إقليم “دونباس”..
وعلق الخبير العسكري؛ “فلاديمير إيغور”، بأن “باخموت” كانت معركة فاصلة في حوض “إقليم دونباس”، وقطعة الدومينو التي إذا وقعت تحت سيّطرة القوات الروسية ستتّساقط بعدها باقي المناطق والسّيطرة على الإقليم بمقاطعتيه: “دونيتسك” و”لوغانسك”.
وأرجع في تصريحات لموقع (سكاي نيوز عربية)؛ تأخر حسّم المعركة إلى التحصينات القوية التي أنشأتها القوات الأوكرانية بالمدينة، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي المميز جعل القوات الروسية تخوض معارك استنزاف.