17 نوفمبر، 2024 2:37 م
Search
Close this search box.

مفهوم الحب عند الإنسان المعاصر في ظل العولمة وثورة الاتصالات والتكنولوجيا

مفهوم الحب عند الإنسان المعاصر في ظل العولمة وثورة الاتصالات والتكنولوجيا

الحب عند الإنسان المعاصر وهو يعيش في ظل (العولمة) وثورة التكنولوجيا والاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي المتعددة تغير معناه تغييرا جذريا؛ فأضاع مفهومه ولم يعد ذالك (الحب) الذي يوقد المشاعر والأحاسيس ليشعل شغاف القلب بنيرانه، فـ(الحب المعاصر) لم يعد فيضه يثور في المشاعر بود.. واشتياق.. وهيام.. وعاطفة يرسخ في ضمير الإنسان قيم النبل.. والوفاء.. والإخلاص؛ بل أصبح مجرد علاقات سطحية هشة متذبذبة صعودا وهبوط وآيلة للنسيان وعدم المبالاة في كل لحظة ودقيقة، لان بنيانه المعاصر بنيان هزيل هش بدون أسس؛ لدرجة التي لا يأبه أي طرف بتحمل معانات القرب والابتعاد؛ لان المشاعر الطرفيين تتأرجح كأرجوحة الأطفال ذهابا وإياب؛ من دون إن يتحملان أعباء الحياة الثقيلة؛ لتصبح العلاقات بين الطرفين (نقمة) بدل إن تكون (نعمة) والتزاما أخلاقيا لخلق روابط متبادلة بمشاعر الود.. والحب.. والوفاء.. والإخلاص، لان (الحب) في ظل (العولمة) ومفاهيم (الليبرالية الراديكالية) أصبح مجرد مغامرة طائشة ومصلحة وإشباع رغبة مكبوتة ما إن تفرغ الغرائز حتى يحاول كل طرف البحث عن مغامرة جديدة، لان (الإنسان المعاصر) يحاول دوما الهروب من المواجه ومن ضغوطات الحياة وارتباط دائم؛ وان من يصدق في مشاعره – في ظل قيم هذه المعاصرة – فانه سيصطدم بمشاعر متأرجحة من الطرف الأخر بما يحاول كتمان مشاعره في أعماقه فيتمزق الإنسان من داخله بما يصعب بوح بما يعانيه .

 

الحب سقط ضحية التناقضات والصراعات الأيديولوجية في عصر العولمة

 

فـ(الحب) لم يعد دائرة تجمع الطرفين؛ لكونه تحول إلى نزوة.. وغريزة طائشة.. ومنفعة.. ومصلحة؛ بعد غياب جوهره في السمو.. وصفاء.. وراحة البال.. والبحث عن القيم الأخلاقية الرصينة في مجتمع أنساني؛ وليس من اجل احتياجات غرائزية تتماثل مع قيم (العولمة) و(الرأسمالية) في عرض والطلب؛ حاله كحال اية سلعة من السلع المتسلعة في أسواق (الليبرالية المتوحشة) في عالم (الرأسمالية) المتنامية في (المجتمعات المعاصرة)، لان (الحب) سقط ضحية التناقضات والصراعات الأيديولوجية المتناقضة في (عصر العولمة) التي هي من نسفت المفاهيم والدلالات التي تتعلق بمفهوم (الحب) و(الأخلاق)؛ لتحميله جملة من المفاهيم الملتبسة والغامضة من التصورات الأيديولوجية المتناقضة التي رسخت في عقلية (الإنسان المعاصر) لتشوه معاني (الحب) و(الرومانسية) التي كانت ترتبط به لقرون طوال؛ ليكون عرضة للتفسيرات مختلفة لجوهره الأصيل؛ بكونه ود.. وهيام.. وشغف.. وهوى.. وصبوة.. وشغف.. ووجد.. وعشق.. ونجوى.. وشوق.. ووصب.. واستكانة.. وغرام.. وتعبد.. وجنون؛ ليكون تعريفه وفق قيم (العولمة) بمعاني ملتبسة عرضة للتفسيرات والمضامين مشوه بعيدة كل البعد عن قيمه الجوهرية؛ لتتداخل في دلالاتها ومعانيها ومعطياتها الفكرية والذهنية بشكل متناقض.. ومتداخل.. ومتقاطع .

 

تكنولوجيتها الاتصالات وثورتها الصناعية (شيئت) الإنسان المعاصر وجردته من القيم

 

لان المعاصرة وطبيعة العصر بتكنولوجيتها وثورتها الصناعية (شيئت) الإنسان وجردته من القيم؛ ليصبح عتلة من عتلات الآلة الصناعية تدور به كما تدور؛ ليصبح جل همه اقتناء الجديد مما تصدره الصناعة من أدواة واليات حديثة؛ لان في ظل هذا المجتمع (المعولم بالثقافة الرأسمالية والليبرالية)، يتجرد (الحب) من معاني السامية ويفقد (المحب) الشعور الجميل بـ(الحب) ليتحول إلى ألأنانيته والسعي إلى الامتلاك حتى وان كان فاض عن احتياجاته، وهذا ما يحول (الحب) من رغبة لتبادل مشاعر الإنسانية إلى مبتغى من الرغبات لامتلاك الآخر؛ حاله كحال كل الأشياء التي يريد الفرد امتلاكها، فيتعامل مع الأخريين وليس فحسب مع من يقترن به لأغراض خاصة؛ وحاله ينطبق مع الأصدقاء والأقرباء؛ لأنه يتعامل مع مجتمع تعاملا (آلي) ليس إلا، ليتحول (الحب) إلى مجرد (آلة) لتأمين استمرارية حياته وإضافة من إضافات إلى ممتلكاته، ليتم تسليع الإنسان كما تسلع البضاعة؛ لدرجة التي نجد بان مواقع التعارف والتواصل الاجتماعي مليئة بعروض وفق مواصفات خاصة للارتباط وتبادل العلاقات ووفق رغبات هذا الطرف أو ذاك بما تمهد هذه الإعلانات بالتقاء مع الطرف الآخر ضمن رؤية محددة سلفا كبضاعة نشاهدها في السوق؛ فان أعجبتنا فنأخذها، لان (تكنولوجيا الاتصالات) و(الانترنيت) و(العولمة) سلعت كل شيء حتى العلاقات والعواطف الاجتماعية وحولتها إلى بضاعة .

ففي عصر الرومانسية؛ كانت العواطف ومشاعر الإنسانية ومنظومة القيم الأخلاقية من الإخلاص.. والوفاء.. والصدق.. و الشعور بالمسؤولية.. والتزام معمقة في قيم (الحب) وعلاقات (الحب) مع الطرفين لحد التوأمة؛ ولكن للأسف في حياتنا المعاصر لم نعد نجدها، لأنها اضمحلت.. وتلاشت من وجدان وضمير (الإنسان المعاصر)، لان الكل في هذه المعاصرة يبحث عن كل ما هو (مؤقت) و(عابر)، فـ(حب التغيير) تأصلت وتجذرت في عمق مشاعر (الإنسان المعاصر)؛ وأصبحت جزء من هويته وسلوكه اليومي، لان (الحب) في هذه الحياة المعاصرة التي طوقتها مفاهيم (العولمة) و(ثورة الاتصالات) أصبح (الحب) صنعة ككل الصناعات؛ وأصبح منشئه محاصرا في (الفضاء الافتراضي) وفي (غرف الدردشة) وشبكات التعارف عبر (السكايب) و(الانترنيت)؛ لذلك ازداد في المجتمعات المعاصرة علاقات عابره.. وخيانات.. وهذا ما أدى إلى تفسخ نظام الأسرة التي كانت تتميز بكون اقتران الرجل والمرأة بالزواج يقضيان العمر كله معا ويتحملان بعضهما البعض في السراء والضراء؛ ليصبح بقائها – سوء بوجود مشاكل بينهما أو من عدمه – لأشهر إن لم نقل لأيام معدودة.. لمجرد انتهاء النزوات ينتهي كل شيء .

 

الأسرة المعولمة هي التي غيرت نظام الحياة وقتلت الحب وأعلنت نهايته

 

التغيير الذي أحدثته ثورة (التكنولوجيا) و(العولمة)؛ هي التي أنشئت (الأسرة المعولمة)، وهي التي قلبت المفاهيم الأخلاقية الأصيلة.. ومشاعر وكيان (الإنسان المعاصر) وجدانيا.. وعاطفيا. واجتماعيا.. رأسا على العقب؛ ليغير نظام الحياة ويقتل (الحب) ويعلن نهايته، بعد إن أصبح خليط من اضطرابات نفسية مصاحبة لعواصف مزيفة وغرائز حيوانية وبرود المشاعر؛ وهي التي مهدت إلى انهيار منظومة العلاقات الاجتماعية، لان (الأسرة المعولمة) بهذا النمط؛ هي أسرة – لا محال – كل طرف ينتمي إلى ثقافة معينة مغايرة والى دولة أخرى، وان في كثير من حالات يتم الزواج الطرفيين من اجل مصلحة.. أومن اجل تحقيق هدف محدد.. أو لمجرد أن يكون هذا الطرف أو ذاك جسر يعبر من خلاله إلى الضفة الأخرى.. أو من اجل الهجرة إلى الدول المتقدمة ومن هناك كل طرف يذهب إلى حاله، لان تكوين الأسرة اليوم لم تعد تضم أطرافا ينتمون لنفس القبيلة أو العشيرة أو قومية أو دين التي هي روابط تؤصل الإقامة والعشرة الدائمة؛ والأسرة التي تتكون من هذا (الخليط الهجين)؛ هو (خليط) قابل للانهيار في أية لحظة وفي أية مشكلة يواجهان الطرفين ودون الاكتراث، وهذا ما يعمق في (المجتمعات المعاصرة) حالات التشرذم الاجتماعي والتفكك في الروابط العاطفية؛ بما ينجم عن هذه اللامبالاة في (المجتمعات المعاصرة) أزمة أخلاقية ووجودية، لان ثقافة (الإنسان المعاصر) تسطحت وأصبحت (ثقافة معولمة) بقيم (الرأسمالية) بتجلياتها التي تنحصر في قيمة العرض والطلب؛ فالتبست هذه الثقافة بالتناقضات والالتباسات لا أول لها ولا أخر .

 

الرقابة الذاتية محت من ذات الإنسان المعاصر نتيجة تشيؤه

 

(الإنسان المعاصر) نتيجة ضغوطات الحياة فقد (الوعي) الذي هو (ضمير الإنسان) من مكنونات ذاته؛ فتخلى عن كثير من واجباته ومسئولياته اتجاه نفسه واتجاه المجتمع؛ فلم يعد عقله يدرك (سلبية) الأفعال الأخلاقية التي يمارسها هنا وهناك؛ لان (العاطفة) تجردت من وجدانه؛ وهذا ما ترتب عنه غياب (تأنيب الضمير)، لان الرقابة الذاتية محت من ذات (الإنسان المعاصر) نتيجة (تشيؤه) لتصبح أفعاله مواكبة للانفعالات السوق.. وفي قيمة العرض والطلب، فضميره لم يعد يدرك (الخير) و(الشر) إلا من خلال حجم (المنفعة) التي تحقق طموحاته في اقتناء بضاعة وسلع جديدة حتى وان كانت فائضة عن احتياجاته؛ ومن غير تفكير وتأمل وخبرة سابقة، لان (الأخلاق) التي كانت توجه الإنسان إلى قيم الخير.. والحق.. والعدل؛ أصبحت في عصر (العولمة) موجهة بقيمة (المنفعة) و(الربح) كمقياس لإصدار حكم عند (الإنسان المعاصر) وليس على سلوك الإنسان الأخلاقية.. وتأنيب الضمير.. المرتبطة بالأعمال الفرد وبالمسؤولية الاجتماعية، لان (الضمير) في (المجتمعات المعاصرة) أصبح شديد الارتباط بـ(الواجب) و(درجة انجاز هذا الواجب) لتحقيق شهوة الفرد الآنية وفي تلبية للرغبات والميول الغرائزية التي تحقق للفرد حريته لا يجوز للمجتمع اعتراضه؛ لان (المجتمعات الليبرالية المعاصرة والمعولمة) فقدت لـ(الشعور الجمعي) و (الحس الأخلاقي)؛ لان (الكل) يتحرك نحو (المنفعة الذاتية)؛ وهذا ما أدى إلى تصدع المجتمعات وتفككها بغياب قيم الفضيلة.. والخير.. والانسجام المجتمعي؛ وهذا ما سبب إلى (توحش الحضارة الإنسانية المعاصرة) .

 

العولمة والتطور التكنولوجي قلبت كل المفاهيم الأخلاقية والمشاعر الإنسانية النبيلة والحب

 

لأن مفاهيم (العولمة) و(التكنولوجيا) و(الرأسمالية) غيرت تجربة (الإنسان المعاصر) وفهمه بأبعاده نفسية مختلفة عما كانت في السابق لدرجة التي جعلته المعاصرة يعبث بقيم الحياة دون وعي؛ وهذا العبث ينبع في أعماقه من عدم اقتناعه بما يملك بل حاول امتلاك كل ما هو جديد حتى وان كان فاض عن احتياجاته، لان (العولمة) و(التطور التكنولوجي) قلبت كل المفاهيم الأخلاقية والمشاعر الإنسانية النبيلة من (الحب) و(العلاقات العاطفية) رأسا على عقب؛ لتنشأ علاقات عاطفية بشكل أخر ومغاير عما عرفته الإنسانية؛ وذلك من خلال استخدام منصات وتطبيقات التعارف الرقمية؛ بعد إن كانت جل هذه العلاقات تقام مباشرة بين الأصدقاء والأهل وزملاء العمل والدراسة وغيرها من سبل التعارف؛ وهذا التغيير في نمط العلاقات الاجتماعية هو الذي غير معنى (الحب الحقيقي) ليفقد رومانسيته الجميلة؛ فبعد إن كان (التعبير) عن الإعجاب و(الحب)؛ يقوم بين طرفين من خلال نظرة العين.. وملامح الوجه.. ولغة الجسد.. والانطباعات الفعلية في تبادل المودة واحترام كل طرف للأخر والتي كانت تجسد مفهوم (الحب) وتعززه في نيران اللهفة للقاء الأحبة؛ وكثيرا ما كان الطرفيين يواجهان مشاكل ومعوقات تحول دون وصولهما لبعضهما البعض فيدوم عذابهما وآلامهما سنوات طوال ولكن في النهاية ينتصر (الحب) ويلتقيان؛ وما روعة لقائهما بعد طول الانتظار بانتصارهما على كل العقبات التي كان يضعها الزمان والمكان والعالم في طريقهما، لتلعب كل الصعاب والمشاكل التي تواجه طرفين المحبين دورا في (الاختبار الحقيقي) و(الحب الحقيقي) الذي يقيم بمدى قوة وصلابة العلاقات؛ لان إي علاقة بلا تحديات قد لا تجد ما تستند إليه لينمو الحب فوقهما ويكبر في قلوب الطرفيين .

 

الحب الحقيقي هو عطاء بلا ثمن

 

فجوهر (الحب الحقيقي) هو عطاء بلا ثمن.. وتسامح ينبع من نبضات الروح ومن القلب والعقل؛ هو شعور بالإعجاب وبالانجذاب متبادلة بين طرفين يثوران بعواطف جياشة ومودة ويتشوقان سماع أراء بعضهما البعض بما يعمق مشاعر الثقة والاحترام المتبادل وإعجاب بالسلوك وشخصية ومظهر كل واحد بالأخر؛ وهذا ما يجعل الطرفيين يسعيان لنجاح مشوار حياتهما معا دون كلل أو ملل؛ وبهذه المودة واحترام التبادل يستطيعان تخطي الأزمات والعقبات والصعاب التي قد تعترض طريقهما لاستكمال مشوار الحياة معا، لان (الحب) هو إخلاص.. وتفاني.. ووفاء.. وصدق؛ يتمنى الطرفين في لحظات الحزن – لان الحياة ليست فرح دائم ولا حزن دائم – إن يحمل من أعماق قلب الحبيب كل الهموم والأحزان وان يحضن الحبيب حضنا أبديا؛ لان باحتضان الحبيب ستمحى كل الإحزان والهموم والأوجاع والآلام؛ لان الطرفيين لا ينظران لبعضهما البعض بعين الشهوة والغريزة والمصلحة بل بنظرة التضحية ووفاء، لأن (الحب) في أعماق المحب ينبع من روحه التي عشقت روحا لا جسد الذي يحملها، لان (شهوة الجسد) ستبعد الأحاسيس والمشاعر الحقيقية وتحولها إلى مجرد رغبة لإشباع غريزة في ظل انعدام الظروف الموضوعية في تأصيل قيمها الأخلاقية .

 

الموبايل أفقد من الحب رونقه ومشاعره ومعناه وبهجته ولهفته

 

نعم.. اليوم تغير معنى (الحب) بكل ما كان يحمل من مشاعر.. وأحاسيس.. وعواطف وأشواق.. وحنان.. و ود.. وهيام.. وشغف.. وهوى.. وصبوة.. وشغف.. ووجد.. وعشق.. ونجوى.. وشوق.. ووصب.. واستكانة.. وغرام.. وتعبد.. وجنون، هذه تعبيرات والأحاسيس التي كانت تنبع من أعماق العاشق اتجاه الحبيب – للأسف – هذه المفاهيم تغيرت تغييرا جذريا وأصبح التعبير عن (الحب) مجردا من المشاعر؛ بكونه أصبح أسير خطوط (الإنترنت) و(تكنولوجيا الاتصالات الحديثة) و(الموبايل) و(الابتوب) و.. و…و…

ليفقد (الحب) الإحساس والمشاعر وخفقان القلب من خلال ثورة الاتصالات بوسائل مجردة من المشاعر ومن خلال رسوم الكترونية؛ أو الاتصال مع الطرف الأخر الذي أصبح متاح في كل الأوقات عبر (الانترنيت) و(الهاتف النقال)، وهذا ما افقد (الحب) رونقه.. ومشاعره.. ومعناه.. وبهجته.. ولهفته؛ لان علاقات الغرام أصبحت متاحة حتى من دون إن تقع في (الحب) الحقيقي وبلا عناء، لان بإمكان البحث عن علاقة غرامية عبر شبكات ومواقع (الانترنيت)؛ ولا نستغرب بان مثل هكذا علاقات قد تقوم وتنتهي في اقل من عشرة ساعات فقط؛ لان (الحب) عبر (الانترنيت) فقد جماليته وحتى مصداقيته؛ ففي وقت الذي كان في (الزمن الجميل) يمضي (العاشق) عشرات السنيين وهو يخفي سره ولا احد يعرف من هي حبيبته حتى اقرب مقربين إلية؛ اليوم خلال لحظات ينشر سره.. و اسم حبيبته على منصات التواصل الاجتماعي غير مكترث بما يفعل، وكثيرا من أبناء هذا الجيل المعاصر بذلوا كل جهدهم واستثمروها ليترجوا عواطفهم ومشاعرهم وانفعالاتهم مقلدين (العالم الافتراضي) دون اكتراث من مخاطر فعلهم؛ ولمجرد كونهم ينظرون إلى (الحب) من نافذة الشغف.. والاحتواء.. و الإثارة.. والرغبات.. والتقليد؛ ولكن سرعان ما يستفيقوا من غيبوبتهم فيندمون بما فعلوا – هذا إن استيقظ الضمير في نفوسهم – لان الأمر مرتبطة بشخصية الإنسان ذاته وقدرته على مصالحة ذاته وإرثه الثقافي والمعرفي مع (التطور التكنولوجي) و(العولمة) وتقنية الاتصالات التي صارت فضاءا مجتمعيا افتراضيا وديناميكية لتواصل في المجتمعات قاطبة، بعد إن أصبح المجال (الإلكتروني) جزءا حيويا من تواصلنا وعلاقتنا مع من حولنا في ظل (عالم العولمة) والانفتاح الاجتماعي الذي تعيشه المجتمعات العالم قاطبة؛ والذي غير الكثير من العادات والمفاهيم والممارسات في حياتنا والتي قضت على روح التواصل المباشر والصلات الحميمة والدافئة مع الأصدقاء.. والأهل.. والأقرباء؛ والتي كانت تكتسب من الظروف الاجتماعية؛ فكان الفرد يتبناها ويحكم بها والتي من خلالها كان يحدد مجالات تفكيره وسلوكه وتؤثر في تعلمه؛ فالأمانة.. والصدق.. والوفاء.. والإخلاص.. وتحمل المسؤولية؛ كلها قيم كان (الفرد) يكتسبها من المجـتمع الذي يعيش فيه ومن بيئته، علما بان هذه (القيم) كانت تختلف باختلاف المجتمعات ويحملها أفراد المجتمع؛ والتي هي من كانت تعمل على تحديد طريقـة تفكير (الفرد) ونمط السلوك، فالقيم والمثل الأخلاقية التي يهتدي به الفرد والمجتمع من أجل تحقيق الخير والفضيلة؛ هذه (القيم) هي قيم ثابتة ليس لها علاقة بـ(التطور) و(عالم العولمة) و(المفاهيم الليبرالية) و(الرأسمالية)؛ وهي (قيم) بقدر كونها ثابتة كانت دليل الذي تهدي النفوس إلى السلوك السليم بعيدا عن (المفاهيم المعاصرة) و(الثورة التكنولوجية) و(العولمة) التي حاول البعض استغلالها من اجل تشويه هذا العالم الأخلاقي الجميل؛ فالقيمة الأخلاقية هي قيمة عليا و دلالة أخلاقية لنظام أخلاقي عام في المجتمع .

وهذه (القيم) هي الالتزام ذاتي نابع من الذات؛ وفي نفس الوقت هي التزام خارجي تفرضه الحياة الاجتماعية بما تنطوي عليه من معايير أخلاقية، لان الواجب يأخذ صورة (إلزام) و (التزام) يؤديه (الفرد) حتى وإن تعارض مع مصلحته الشخصية أو إي ميوله أخرى .

أحدث المقالات