…… التيـــــــار المفاجـــــــــــئ :
كتب فالح عبدالجبار: ان القوة الصاعدة الجديدة التي كانت وراء الانشقاق في النجف هي عائلة الصدر، التي يقودها الان مقتدى الصدر..
ثم وصف المؤلف جدية الصدر وكثرة اتباعه، وبروزه الذي شكل مفاجأة للعالم، ويرى فالح عبدالجبار ان الصدر يسعى للصدارة..مشيرا الى ان تظاهرات نيسان التي نظمها السيد مقتدى ضد الامريكان، هدفها الصعود الى الصدارة..
وعلى هذا الكلام، نجد عدد من الملاحظات وهي:
اولا: اذا افترضنا صحة ما يذهب اليه المؤلف، بخصوص الانشقاق، في النجف، تنزلا، فان السبب هو ليس عائلة (ال الصدر) المتواضعة بالعدد والعدة، بل هم اتباع الصدر..
ثانيا: ان الانشقاق، ليس كما وصفه المؤلف، بل هو عقائدي، وليس مكانه النجف، بل مكانه العراق، وهو ليس انشقاقا، بل هو تبلور لقواعد شعبية، ساندة، لخط فكري ديني، او لمدرسة فقهية، كانت موجودة، لكنها طمرت بعد اعدام السيد محمد باقر الصدر (رض)..
ثالثا: ان ضغط السلطة، وديكتاتوريتها، وسياسة تكميم الافواه، التي استخدمها الحكم الديكتاتوري، انتج، اكيدا، حراك خفي، او موقف خفي على الاقل، ينتظر اول فرصة، للظهور على السطح.
رابعا: ما يسميه المؤلف بالصعود المفاجئ، يكون مفاجئا للمراقب، وليس لمن هو قريب من النمو والنشوء، لان الحراك ظهر الى الساحة منذ 1991، وبقيادة السيد محمد الصدر (رض).. في الانتفاضة، وتم اعتقال السيد الشهيد وولده السيد مقتدى الصدر، وهذا يعني:
حصول تبلور لقواعد شعبية وقيادة ميدانية منذ 1991، بل قبل ذلك، بسنين. ثم وفر الاعتقال فرصة أخرى لهذه القيادة، لتتواصل مع الناشطين، في معتقلات السلطة.
خامسا: بعد 1993، اي بعد تصدى السيد محمد الصدر للمرجعية الدينية، ثم اعلانه (ولاية الامر).. حصل تحشيد ثقافي وعاطفي، نحو القيادة الصدرية، لم يسبق له نظير.
سادسا: في عام 1997، تم اقامة (صلاة الجمعة).. اصبحت القواعد الشعبية، المرتبطة بهذا الخط، ذات اعداد مليونية، وتجسد ذلك باقامة حوالي 70 صلاة جمعة في العراق، وتبدا من الفاو الى ديالى، مع محاولات لإقامتها في الموصل في شمال العراق.
سابعا: في عام 1999، قام الحكم الديكتاتوي، باغتيال السيد محمد الصدر، وولديه مصطفى ومؤمل.. وبعدها حصلت انتفاضة، في اغلب المحافظات الجنوبية والوسطى، الغت وجود السلطة، والحزب الحاكم، تماما، لساعات، وحينها سقطت الدوائر الرئيسة ومقرات الحزب، بيد المنتفضين، الا ان مثل هذه التطورات يعرفها العراقيون في الداخل، ولم يسمح الحكم الديكتاتوري، لها بالانتشار الى الخارج.
……. التظاهرات الوطنية:
اما فيما يتعلق بالتظاهرات، واستغلالها من قبل الصدر، لاجل الصعود، كما وصفها المؤلف، وهذا كلام بعيد عن الواقع، ويمكن ان نقول فيها:
اولا: اذا كانت العلة لحراك السيد الصدر، هو الصعود، كما يفهمه فالح عبدالجبار، إذن كيف نفسر موقف الصدر الرافض لرئاسة الجمهورية في 2003؟؟
ثانيا: من يحاول الصعود، يحرص على البقاء، وهذا لا ينسجم مع فعل التصدي العسكري لاعظم دولة في العالم. وان الصدر ازعج الدولة الاعظم، وهل فعل ذلك ليبقى ويصعد في عالم تحكمه امريكا؟ والدول كافة تتخضع لها!!
ثالثا: حرص الصدر على ان تكون تلك التظاهرات وطنية عامة، لكن للاسف، كانت العناوين السياسية والحزبية كافة، تتهرب من اقل مشاركة فيها، وقد كنت، شخصيا، محاورا مع عدد من تلك الاحزاب، لاجل مشاركتها، بممثل، على الاقل، لكن الاحزاب كافة، رفضت، بسبب خوفها الشديد من غضب الاحتلال..
ولم يكن في العراق، من له شجاعة التصدي الواضح والصريح للاحتلال، الا السيد مقتدى الصدر، وقواعده الشعبية..
وللحديث بقية..
### الكاتب في سطور:
تدريسي في الجامعة المستنصرية. حصل على الدكتوراه في الهندسة من جامعة بغداد. عارض الديكتاتورية.. ويؤمن بالشراكة الوطنية لاجل عراق مستقل ديمقراطي حر.. تحكمه بعدالة الكفاءات والخبرات.. لتحقيق الرفاهية والخدمات لشعبنا المظلوم..
صفحة الكاتب على الفيس بوك:
https://www.facebook.com/Dr.Nadhim.M.Faleh