خاص : كتبت – نشوى الحفني :
مع استمرار التضرر من الحرب “الروسية-الأوكرانية”، تبذل دول العالم مسّاع عديدة للتوصل لأي حلول قريبة تلوح بالأفق، ومن بينها الدول الإفريقية التي دفعت فاتورة الصراع كاملة، نتيجة لنقص سلاسّل الإمداد والتوريد وارتفاع أسعار المواد الغذائية، ومسّتلزمات الصناعة وغيرها.
ويعتزم قادة 06 دول إفريقية السفر إلى “روسيا” و”أوكرانيا” بهدف إيجاد حل للنزاع بين البلدين، في مبادرة تلقى حتى الآن آذانًا مصغية من “موسكو” و”كييف”.
وصرح رئيس جمهورية جنوب إفريقيا؛ “سيريل رامافوزا”، بأن “روسيا” و”أوكرانيا” وافقتا على وساطة القادة الأفارقة لبحث آفاق الأزمة الأوكرانية ضمن مبادرة السلام.
وأوضح “رامافوزا”؛ خلال مؤتمر صحافي جمعه برئيس الوزراء السينغافوري؛ “لي هسين لونغ”، قائلاً: “قدمت المبادرة نيابة عن نظرائي في زامبيا والسنغال والكونغو وأوغندا ومصر، وأعرب كلا الزعيمين الروسي؛ فلاديمير بوتين، والأوكراني؛ فلاديمير زيلينسكي، خلال مكالمة هاتفية عن استعدادهما لقبول وساطة رؤساء الدول الإفريقية في مبادرة السلام، الرامية لحل الأزمة الأوكرانية”.
وأشار إلى أنه اتفق مع الرئيسين: “بوتين” و”زيلينسكي”؛ على بدء الاستعدادات للتفاوض في هذه المسألة مع القادة الأفارقة، وأنه تم بالفعل إبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة؛ “أنطونيو غوتيريش”، ومكتب “الاتحاد الإفريقي” بهذه المبادرة.
وأجرى الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، محادثة هاتفية مع نظيره في جمهورية جنوب إفريقي؛ “سيريل رامافوزا”، يوم الجمعة الماضي، أيد خلالها الرئيس “بوتين” مقترح الوسّاطة الإفريقية لبحث آفاق حل الصراع الأوكراني، مشددًا على أن “موسكو” لم ترفض العمل في المسّار الدبلوماسي لحل الأزمة.
مبادرات سابقة..
وسبق وأن طرحت “الصين” مبادرة سلام من 12 نقطة، أبرزها احترام سّيادة الدول، وعدم سّعي أي دولة لتحقيق الأمن على حساب الأخرى، لكنها لم تُحقق اختراقًا في ضوء تشكيك غربي في مواقف “بكين”.
كما اقترح الرئيس البرازيلي؛ “لولا دا سيلفا”، قبل أسابيع تشكيل مجموعة اتصال من دول غير ضالعة في الحرب، للوسّاطة من أجل إحلال السلام، إلا أن المقترح لم يمض قدمًا.
بالإضافة لنجاح وسّاطة “سعودية-إماراتية”؛ نهاية العام الماضي، في الإفراج عن أميركية محتجزة في “موسكو”، مقابل إطلاق سراح سجين روسي في “الولايات المتحدة”.
وعرض “الفاتيكان”؛ في آذار/مارس 2022، المساعدة في أي نوع من الوسّاطة، و”فعل كل ما هو ممكن” بهدف التوصل إلى وقف إطلاق النار في “أوكرانيا”.
وحاولت “تركيا”؛ في نفس الشهر، دفع عملية التفاوض، واستضافة وفدين روسي وأوكراني في “إسطنبول”، لكن المناقشات الأولية لم تُسّفر عن تقدم في محاولات الحل.
وحدثت لقاءات بين ممثلين روس وأوكرانيين في “بيلاروسيا”؛ في الأيام الأولى للصراع، إلا أنها لم تُقدم حلاً يُذكر.
توقعات بنجاح المبادرة..
وتعليقًا على المبادرة؛ قال سفير مصر الأسبق في السودان؛ “صلاح حلمية”، إن “إفريقيا” هي الأكثر تضررًا من تداعيات الأزمة “الأوكرانية-الروسية”، ومن هنا جاء اهتمامها بالحرب من أجل الأمن والاستقرار ولرفع المعاناة عن دول القارة بعد ارتفاع أسعار الغذاء، ونقص المواد الخام أيضًا.
وأوضح “حليمة”؛ لموقع (24) الإماراتي؛ أن هناك أسباب أمنية أيضًا كان لها تأثير سّلبي على دول القارة، ولذلك استغل رئيس “جنوب إفريقيا”؛ الذي له علاقاته الوثيقة مع “روسيا”، إلى جانب الدول التي لها علاقات متوازنة مع “أميركا” و”أوروبا” لدعم المبادرة.
وأشار الدبلوماسي المصري؛ “صلاح”، إلى أنه يتوقع نجاح المبادرة الإفريقية، لأن الصراع عالمي ومؤثر على الجميع.
كما توقع الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الإفريقية؛ السفير “أحمد حجاج”، نجاح المبادرة، وقال إن الدول الإفريقية متضررة من ارتفاع الأسعار ونقص المواد الخام ومن مصلحتها التوسّط بين “موسكو” و”كييف”؛ وذلك بعد المبادرات التي طرحتها “الصين وتركيا” لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.
موضحًا أن المبادرة تحمل مؤشرات تدعو للتفاؤل، رغم أنها ليست الأولى، ورغم فشل محاولات دولية أخرى سابقة.
وأكد “حجاج” أن القارة تُعتبر الآن كتلة مؤثرة، وربما تُسّاهم ولو باليسّير في إنهاء الصراع، وعن قبول الجانبين للمبادرة الإفريقية يعكس رغبة كل منهما في كسّب الساحة الإفريقية، خاصة أن هذه القارة تُمثل مؤخرًا ساحة للاستقطاب الدولي.
تدعيم خطة “الصين”..
ومن جانبه؛ قال وزير الخارجية المجري؛ “بيتر زيغارتو”، الإثنين الماضي، إن “المجر” تدعم خطة “الصين” لتسّوية الصراع في “أوكرانيا”، متهمًا “أوروبا” بإظهار عقلية قتالية.
وفي حديثه خلال مناقشات مع نظيره الصيني؛ “تشين جانغ”، في “بكين”، شدّد “زيغارتو” على أن “بودابست”: “تُنادي بالسلام في أقرب وقتٍ ممكن”.
وقال “زيغارتو”: “لسوء الحظ، فإن خطاب الحرب قوي للغاية على مستوى العالم، لذلك، نحن بحاجة إلى رفع صوت معسكر السلام، وفي معسكر السلام، نُعلق أهمية كبيرة على دور الصين”.
وعن سبب تأييده لخطة “الصين”، قال “زيغارتو”: “نحن نؤيد خطة السلام التي قدمتها الصين لسّببين: أولاً؛ لأنها تسّعى إلى السلام، وثانيًا لأن الخطة موجودة بالفعل.. هناك أخيرًا شيء لا يهدف إلى مواصلة الحرب، بل إنهاءها”.
يجب إنهاء الحرب بحلول الصيف..
ومن جانبه؛ صرح ضابط الاستخبارات الأميركي؛ “سكوت ريتر”، الأحد الماضي، لصحيفة (كومسومو لسكايا برافدا)، أن الحرب الأوكرانية يجب أن تنتهي بحلول صيف عام 2023.
وقال ضابط الاستخبارات الأميركي؛ إن استمرار الصراع غير مفيد بالنسّبة لـ”روسيا”، كما يرى أن الصيف هو مرحلة الحسّم للعمليات العسكرية الروسية الخاصة في “أوكرانيا”. حسّبما ذكرت وكالة (سبوتنيك) الروسية للأنباء.
وفيما يتعلق بموعد انتهاء الحرب، قال “ريتر”: “من وجهة نظري، في صيف هذا العام، فرصة روسيا محدودة، عندها ستتحقق فرصة الغرب بالكامل، إذا كانت روسيا قادرة حقًا على هزيمة أوكرانيا خلال هذه الفترة الزمنية المحددة، فسيتم استئصال هذا السرطان وستتوقف الولايات المتحدة عن تعّزيز هذه السياسة”.
وأشار إلى أن “الولايات المتحدة” تشك؛ الآن، فيما إذا كانت “كييف” تستطيع الفوز من “موسكو”، وأضاف: “في الواقع، لا تهتم الولايات المتحدة بعدد الجنود الأوكرانيين الذين قُتلوا، أو ما يحدث لأوكرانيا نفسها. لأن الهدف الرئيس هو هزيمة روسيا، وربما تمزيق أوصالها”.
رغبة في كسّب الساحة الإفريقية..
والمبادرة هي الأولى التي تخرج من “إفريقيا”، وتحدث الخبير في شؤون هذه القارة؛ “رامي زهدي”، لموقع (سكاي نيوز عربية)، عنها قائلاً إن: “أي مسّاعٍ من أي طرف سواء إفريقيا أو غيرها ستكون مقبولة، لأن الصراع عالمي ومؤثر على الجميع”.
واعتبر “زهدي” أن: “إفريقيا الآن كتلة مؤثرة، وربما تُسّاهم ولو باليسّير في إنهاء الصراع”، مضيفًا: “الأزمة كبيرة جدًا وتأثير الدول الإفريقية قد يكون جزءًا من الحل”.
وفي السّياق ذاته؛ قال الخبير في العلاقات الدولية؛ “أسامة السعيد”، لموقع (سكاي نيوز عربية)، إن قبول الجانبين للمبادرة الإفريقية يعكس رغبة كل منهما في كسّب الساحة الإفريقية، خاصة أن هذه القارة تُمثل مؤخرًا ساحة للاستقطاب الدولي.
وأضاف “السعيد” أن: “العلاقات الممتدة والمتوازنة للعديد من الدول الإفريقية، ومن بينها مصر، مع الجانبين، تُمكنها من لعب دور مهم في إطار محاولات حل الأزمة”.
ويرى “السعيد” أن: “المبادرة الإفريقية هي الأكثر سهولة في تمريرها من المبادرة الصينية، حيث يُشكّك الطرف الغربي في نوايا بكين، لكنه يريد كسّب الساحة الإفريقية”.
أوجه الاختلاف..
وعن الاختلاف بين المبادرة الإفريقية والمقترحات السابقة عليها، تقول الكاتبة المتخصصة في الشؤون الأوروبية؛ “روزي برشارد”، لموقع (سكاي نيوز عربية)، إن ما أعلنه رئيس “جنوب إفريقيا” من مقترح وساّطة إفريقي: “خطوة جيوسياسية كبيرة؛ ويلقى آذانًا مصغية على الأقل، في ظل استعداد بكين وموسكو لاستقبال الوفد الإفريقي”.
واعتبرت “برشارد” أن: “أوروبا تُشكّك بشكلٍ علني في المقترح الصيني للسلام، لكن سيكون من الصعب عليها تجاهل المبادرة الإفريقية الجديدة”.
تتوقف على تقبل روسيا وأوكرانيا..
أما عن فرص نجاح المبادرة؛ فيقول الخبير المصري في العلاقات الدولية؛ “طارق فهمي”، لموقع (سكاي نيوز عربية)، إن: “اتسّاع حلقات المبادرات لتشمل أكبر عدد ممكن من الدول من قارات مختلف؛ خطوة مميزة في طريق تحقيق السلام، لكن تقبل روسيا وأوكرانيا لمحاولات حل الأزمة يبقى الشرط الأهم لنجاح مثل هذه المبادرات”.
وأضاف: “المبادرة تحمل بعض التفاؤل؛ لكنها لم تكن المبادرة الدولية الأولى في هذه الصدد، وتجمدت المقترحات السابقة بسبب الإرادة الضعيفة وعدم تحولها لمفاوضات واقعية يقبل بها الطرفان”.
وتقترب الحرب في “أوكرانيا” من شهرها الـ 16، وسط تحضيرات متبادلة من طرفي القتال لشّن هجمات مع انكسار موجة البرد وقرب فصل الصيف، لكن هذه الهجمات تُعاني عددًا من العراقيل أهمها نقص الذخيرة.
ووسط هذا الحشد والحشد المضاد، يأمل العالم، خاصة دول الجنوب المتأثرة بشكلٍ أكبر بتداعيات الحرب اقتصاديًا، في استجابة أطراف الأزمة لمحاولات الحل، واللجوء لطاولة المفاوضات.