( هذه جزءآ من دراسه قدمتها لطلبة الماجستير بالجامعات الجزائريه والليبيه)
تأريخيآ نجد ان القضاء المستعجل يبرز عادة في جميع اشكال الانظمه القضائيه سواءآ أكانت متعلقه بالنظام القضائي العادي او النظام القضائي الاداري في الدول التي تأخذ بنمط ازدواجيه القانون والقضاء. وذلك لان الدعوى الموضوعيه امام قاضي الموضوع والتي تنظر في الطرق العاديه للتقاضي تحتاج الى وقت طويل وغير قصير لتحقيق اهدافها والحكم فيها بحكم بات وقطعي.
ان القضاء المستعجل في الخصومات الاداريه وجد اساسآ لمساعدة اطراف الخصومه بأجراءات وقتيه وعاجله نتيجة لضرورة توفير الحمايه القانونيه والقضائيه من الناحيه الاجرائيه للحق المتنازع عليه. ويعرف قضاء الامور المستعجله في الدعاوي الاداريه بانه قضاء يقصد به الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت فصلآ قضائيآ مؤقتآ لايمس أصل الحق وانما يقتصر الحكم بأتخاذ اجراء وقتي وملزم لاطراف الخصومه القضائيه بقصد المحافظه على الاوضاع القائمه او احترام الحقوق الظاهره وصيانة مصالح الطرفين المتنازعين. والقضاء المستعجل ذو طبيعه مختصره واستثنائيه وسريعه ومصاريف قليله.
وهناك منظومه من الشروط القانونيه والخصائص الموضوعيه والتي يتميز بها القضاء الاستعجالي الاداري او العادي:
اولا:
ضرورة وجود عنصر الاستعجال:
ونعني هنا بعنصر الاستعجال هو وجود الخطر الجدي والحقيقي بالنسبة لموضوع الحق المتنازع عليه. والذي يجب حمايته بشكل عاجل وسريع بعيدآ عن اشتراطات ومستلزمات القضاء العادي والذي تطول اجراءاته زمنيآ والذي قد يؤدي إلى أحداث ضرر بأصل الحق وأهداره ولا يمكن تداركه في المستقبل. الحقيقه لا يوجد تعريف جامع مانع للدعوى الاستعجاليه في الامور الاداريه بسبب حداثة هذا القضاء نسبيآ والذي بدأ في فرنسا أواخر القرن 17 وذلك في العديد من احكام مجلس الدوله الفرنسي. كما ان المشرع العربي وحتى في البلدان العربيه التي تأخذ بقاعدة ازدواجيه القانون والقضاء لم يتم وضع له قواعد تشريعيه مستقله وذلك لارتباط منازعاته جدليآ مع خصومات قاضي الموضوع. حيث عندما يرى المدعي ضرورة ايقاف تنفيذ القرار الاداري لحين النظر في مدى مشروعيته امام قاضي المشروعيه يشترط ان يرد طلب الايقاف في صحيفة الدعوى العاديه. لكن عكس ذلك اوجد المشرع الفرنسي قضاءآ استعجاليآ مستقلأ عن قاضي الامور الموضوعيه العاديه ينظر في الخصومات التي فيها شق استعجالي. وجدير بالذكر مع ذلك انه يبقى للقاضي الاستعجالي ان يستنتج من تلقاء نفسه وضمن سلطته التقديريه من وجود شق الاستعجال من ظروف كل دعوى على حده والامر لا يترك لمحض ارادة الخصوم. وهكذا قاضي الاستعجال موكول له التحري في وجود عنصر الاستعجال من عدمه تأسيسآ على مستندات الدعوى والظروف المحيطه بها وطبيعة الحق المراد المحافظه عليه. كما هنا لايفوتنا ان نشير أن (عنصر الاستعجال) بحد ذاته يستلزم العديد ايضآ من الشروط والتي يمكن ايجازها كالتالي :
1-ان يكون هناك خطر حقيقي يهدد (حقآ) وهو جدير بالحمايه القضائيه.
2-أن يكون الخطر المحدق بهذا الحق مما لايمكن تداركه. مثل: هدم منزل او عقار او ترحيل اجنبي او منع طالب من دخول الامتحان..؟
3- ان يكون الخطر عاجلآ لايمكن به اللجوء لقاضي الامور العاديه.
كما ان عنصر الاستعجال هو عنصر مرن يتغير بتغير الزمان والمكان وبالظروف المحيطه بأصل الحق.
ثانيآ:
ومن شروط عنصر الاستعجال هو عدم مساس قاضي الامور الاداريه المستعجله بأصل الحق وموضوعه وجوهره. وهذا يعني اول مايعني عدم قيام قاضي الامور الاداريه المستعجله بالنظر في (موضوع وأصل الحق) لان هذه تعتبر من الامور الاساسيه لاختصاصات قاضي الموضوع.لان الدعوى الاستعجاليه هي دعوى (وقتيه وموضوعيه)في آن واحد وذلك فأن قاضي الاستعجال من المسلمات القانونيه لعمله ان ينظر في مدى مشروعية ورجحان الحق المطلوب حمايته واتخاذ الاجراء المؤقت والتحفظي والاستعجالي في هذا الصدد. كما انه اذا تبين له عدم جدية الدعوى حتى لو توفر الشق الاستعجالي فانه يجوز له ان يرفض قبول النظر الدعوى القضائيه بغياب (الجديه) المطلوب توافرها في أصل الحق لضمان حمايته قضائيآ. هذا ونجد هنا ان القاضي الاستعجالي في الامور الاداريه يمارس مهامه القضائيه في اطار ماله من صلاحيات واختصاصات مع مراعاته لخصوصيات القضاء الاداري الموضوعي.فهو مقيد بتوفر ركن الاستعجال في الخصومه الأداريه وعدم المساس كما ذكرنا بأصل وموضوع الحق المتنازع عليه.
واخيرآ من الضروري التأكيد ان الحكم القضائي الاستعجالي في الامور الاداريه هو كأي حكم قضائي أخر يتمتع (بحجية الشيئ المقضى به) .كما يكون مشمولآ بالنفاذ المعجل..
والله من وراء القصد