نشر الاستاذ نزار حيدر .. على موقع كتابات في الميزان .. مقالا جاء متناسقا بما كتب عن قرار السيد مقتدى الصدر اعتزال العمل السياسي تحت عنوان التيار الصدري اسئلة مشروعة تناول فيه موضوع كتلة الاحرار وطريقة التعامل السياسي المستقبلي ..
ولولا معرفتي بالأستاذ حيدر وما يكتبه من مواضيع تتناول الشأن العراقي وإطلاعه المباشر عما يدور .. بل اكثر من ذلك معرفته بالحركات والأحزاب العراقية ان كانت سياسية ودينية .. لو لا معرفتي تلك لقلت ان الموضوع المكتوب عن التيار الصدري كتبه شخصا يعيش خارج الكوكب الارضي .. وإلا ما ذا اراد حيدر عندما تناول السيطرة الرمزوية على التيار الصدري .. ووجه نصائح لكتلة الاحرار .. وضرورة التخلص مما اسماه الرمزوية المتسلطة وضرورة استقلال الكتلة وبروزها ككيان سياسي مستقل ..بعيدا عما سماه تسلط الرمز على الكتلة والتحكم بقراراتها ومنهجها ..وكأن كتلة الاحرار هي التي اولدت الخط الصدري وتياره وليس التيار هو من صنع كتلة الاحرار وكل المفاصل السياسية الاخرى
ويعلم الاخ نزار وغيره ان التيار الصدري يختلف عن كل المؤسسات الدينية والسياسية .. فهو التيار الوحيد الذي ولد من رحم الجماهير .. ولم يبنى إلا على نظرية الجهاد الصدري التي وضع اساسياتها الصدر الأول وقاد فعالياتها الميدانية بثورة اصلاحية كبرى السيد الشهيد الصدر الثاني من خلال الالتصاق بالجماهير .. في صلاة الجمعة المقدسة في مسجد الكوفة والتي كانت الجماهير العراقية بكل طبقاتها ومستوياتها الاجتماعية هي الرافد لغذائها ا .. حركة اساسها الفقراء وحاجاتهم .. ولم تبنى النظرية الصدرية على افكار جاهزة جامدة وضعت في مطابخ معينه بل كانت في ساحة العراق الجريح امام طاغوت جبروته اسكت الافواه .. فولدت حركة الصدر التي سميت التيار الصدري ..
ورغم جبروت صدام وطغيانه بقي هذا التيار ولودا جبارا شامخا نارا كبيرة وهاجة ملئت العراق عنفوانا والقاءا وشجاعة
وبعد سقوط النظام الهدام ..طرح التيار الصدري نفسه كقوة جماهيرية وأصبح بيضة القبان في التوازن السياسي لكل الكتل السياسية التي تصدت لقيادة العراق .. وكان للسيد مقتدى الصدر .. الصوت الاعلى بكل المشاريع الوطنية الكبرى التي طرحت على ارض العراق
اولا .. التيار الصدري ابن مرجعية دينة بالأساس .. وحوزة ناطقة وضعت النقاط على الحروف في زمن باع الاخرون السنتهم .. وبني على اساس شرعي ..لهذا اوصى مرجعهم بقيادتين احدهما تمثل التقليد وأخرى قيادة ميدانية وكان خير من يتصدى لقيادتها الميدانية هو السيد مقتدى الصدر
ثانيا .. لم يكن السيد مقتدى الصدر في يوم من الايام سقفا حديديا منع بروز القيادات بل له الفضل الاكبر بوضع اصحاب الكفاءة والخيرة والانجاز .. وكان التيار هو ألوحيد الذي كسر شرط الترشيح للمناصب السياسية بالحصول على شهادات عالية بدل الشهادات التي نصت عليها القوانين .. ووضع الكفاءات بالمناصب الاعلامية والاجتماعية والسياسية
ثالثا ..لم يكن السيد مقتدى الصدر يوما .. ديكتاتوريا في قراراته وتحركاته بل فسح المجال الى كل اللجان التي شكلت باختيار القيادات للمناصب .. وما الانتخابات التمهيدية الا دليلا على فسح المجال للجماهير العراقية باختيار من تريده الترشيح للمناصب كالبرلمان ومجالس المحافظات بل ان بعض المؤسسات فشلت باختيار الصالح عندما اوكلت المسؤوليه لها والأدلة كثيرة على ذلك
رابعا ..اشرك الجميع في كل الخطوات بل كان هو وقياداته على الطاولة ولم يضع احدا تحتها.. وكان نموذجا فريدا من بين القيادات الدينية والسياسية التي طبقت القانون الوضعي في التعامل وكان شديدا مع مريديه .. وما مسألة ( الكصكوصة ) إلا دليلا على تطبيق القانون وإزالة الفاسدين والمنحرفين .. وأسس برلمانا شعبيا انبثق من المناطق الشعبية وكان طموحه ان يكون هذا البرلمان عينه التي تراقب تحركات المسؤولين وتؤشر جميع السلبيات والانحرافات في كل المرافق الصدرية المتصدية للعمل التنفيذي والتشريعي
خامسا .. نعم كان قائدا دينيا لأنه ابن بيئة دينية مجاهدة .. ولكنه كان اخا وأبا وصديقا للجميع . ورفض بشكل قاطع ووقف موقفا صلبا امام كل الافكار الضالة المظلة التي تحاول ان تعطيه صفة اكبر من انه ابن محمد الصدر .. وهكذا كان منا وفينا .. جلس مع الفقير والمعدوم والكبير والصغير نساءا ورجالا .. لهذا لم تأخذه الصفة الدينية والعمامة الا الى كنف ما كان يعيشه جده امير المؤمنين (ع) وتعامله مع الفقراء والمساكين وأبية الذي كان يلقب صاحب ( الجوارب الممزقه )..
لهذا وغيرها تفاعلت الجماهير مع هذا القائد الشاب وأصبح السيد مقتدى الصدر عنوانا وطنيا عشق العراق كل العراق بكل اطيافه وقومياته .. فكانت كتلة الاحرار تتشرف با ن تسير ضمن توجيهاته ورغم صغر سنه إلا انه اثبت ذات عقليه كبيرة حيرت المحللين والمراقبين..وكان قراره الاخير الانسحاب من العملية السياسية الا دليل على هذه العقلية الكبيرة بعد ان رأى بان العراق يسير من سيء الى أسوأ