بين التشكيك المسّبق والفوز بهامش ضئيل .. المنافسة تشتعل بين “إردوغان” و”كيليجدار” قبل أيام من الانتخابات !

بين التشكيك المسّبق والفوز بهامش ضئيل .. المنافسة تشتعل بين “إردوغان” و”كيليجدار” قبل أيام من الانتخابات !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

مع اقتراب التصويت الداخلي في الانتخابات الرئاسية التركية؛ في 14 آيار/مايو الحالي، تعترف الدوائر السياسية في “تركيا”، أنه من الصعب التنبؤ بما يمكن أن تؤدي إليه المنافسة الشديدة على كرسي الرئاسة في “تركيا”.. وهي المنافسة التي ستُحدد مصير “إردوغان” السياسي، وربما يطول التغيير الخطاب السياسي والهوية الوطنية، في حال فوز “صريح ومريح” لأحد المتنافسين، بينما “إردوغان” ومنافسه؛ “كمال كيليجدار أوغلو”، في مواجهة متكافئة، ما يعني أن الفوز لن يكون حاسمًا، مما يفتح الأبواب لاحتمالات “سيئة”، خاصة أن كلا الجانبين، قد سبق التأكيد بأنه قد لا يعترف بنتيجة التصويت إذا لم تعجبه الأرقام.

فتقول المعارضة التركية عن نزاهة الانتخابات المرتقبة أن الأرضية غير متكافئة.

كذلك تسّود في كواليس حزب (العدالة والتنمية) بعض تقديرات مفادها أن: “السباق بين الرئيس؛ رجب طيب إردوغان، والمرشح الرئاسي لتحالف (الأمة)؛ كمال كليجدار أوغلو، شديد المنافسة أو أن إردوغان متقدم بفارق نقطتين فقط”.

تقديرات الحزب تقول أنه سيخسّر حوالي ما بين: 1 إلى 2 في المئة من أصوات الناخبين لصالح حزب (الديمقراطية والتقدم) وحزب (المستقبل) المنتمين لتحالف (الأمة)؛ وسيعوض هذه الخسّارة ناخبون أكراد محافظون لن يصوتوا لصالح حزب (الشعب الجمهوري)؛ الذي يتزعمه “كمال كليجدار أوغلو”، وأن هذه النسّبة قد تُعيد “إردوغان” إلى الرئاسة.

يُشدّد حزب (العدالة والتنمية) أيضًا على أهمية استخدام “إردوغان” لغة: “تصالحية”، وهو ما حدث في الأسبوع الماضي قبل الانتخابات، والتي قيل إنها قد تؤتي ثمارها في حسّم نتائج الانتخابات. كما أن تعدّدية قيادة المعارضة والأخطاء التكتيكية التي قد ترتكبها يمكن أن تؤدي إلى فوز “إردوغان” في الانتخابات.

وفي كواليس حزب (العدالة والتنمية)، هناك من يتوقع فوز “إردوغان” بالانتخابات في الجولة الأولى، وإن كان بهامش ضئيل، وهناك أيضًا من يعتقد أن فرص “كليجدار أوغلو” و”إردوغان” متعادلة ولا يمكن استبعاد خوض جولة انتخابات رئاسية ثانية.

الخسارة تفتح باب الطعن..

ويقول بعض المحللين؛ إنه إذا خسّر “إردوغان” التصويت بهامش ضئيل، فإن ذلك يفتح أمامه إمكانية الطعن في النتائج، وإذا كانت التجربة السابقة مقياسًا، فقد لا يتعرض الرئيس وحزبه (العدالة والتنمية) للهزيمة.

وخلال انتخابات رئاسة بلدية “إسطنبول” و”أنقرة”؛ لعام 2019، فقد حزب (العدالة والتنمية) السّيطرة على المركز المالي للبلاد وعاصمتها، مما دفع مسؤولي الحزب من المدينتين إلى رفض النتائج، مشيرين إلى وجود مخالفات، وفي النهاية اتخذ المجلس الأعلى للانتخابات قراره لصالح إعادة الترشح؛ وهو ما اعترضت عليه المعارضة بشدة، ثم وبعد الإعادة فاز مرشح حزب (الشعب الجمهوري) بمنصب عمدة “إسطنبول”، مما كان بمثابة ضربة قوية لـ”إردوغان” وحزبه.

وبينما يرى كثير من المتابعين للداخل التركي أن الهيئة العليا للانتخابات لن تتسّم بالحيادية، ويسّتندون في ذلك على تقرير صدر في عام 2023؛ لمؤسسة (فريدوم هاوس)، وقد جاء في ذلك التقرير أن القضاة الذين يشرفون على جميع إجراءات التصويت: “يتم تعييّنهم من قبل الهيئات القضائية التي يُسيّطر عليها حزب (العدالة والتنمية)، والذين يخضعون لتوجيهات حزب (العدالة والتنمية) في قراراتهم”، وهكذا يرى عدد كبير من المحللين أن: “الهيمنة المؤسسية” التي يتمتع بها حزب (العدالة والتنمية) في وسائل الإعلام وفروع المجتمع الأخرى: “تميل كفة الميزان الانتخابي” لصالح “إردوغان”.

استطلاعات الرأي..

يتوقع مسّح (Metropoll) أن عددًا قياسيًّا من الناخبين سيُظهر في انتخابات آيار/مايو، وقد أعلن رئيس المجلس الأعلى للانتخابات؛ الشهر الماضي، أنه من المتوقع أن يُشارك ما يقرب من: 05 ملايين ناخب لأول مرة، معظمهم لم يعرف سوى “إردوغان”؛ كزعيم لـ”تركيا”، وقد أظهر استطلاع (Metropoll)؛ أنه في الجولة الأولى من الانتخابات، من المُرجّح أن يدعم الناخبون؛ “كيليجدار أوغلو”، بينما سيحتل “إردوغان” المرتبة الثانية.

وبلغ تأييد “كيليجدار أوغلو”: 42.6%؛ و”إردوغان”: 41.1%، وإذا انسحب “إنجه” من السباق الرئاسي، فمن المُرجّح أن يتحول عدد أكبر من الناخبين إلى “كيليجدار أوغلو” أكثر من “إردوغان”.

لكن في الانتخابات البرلمانية؛ فإن حزب “إردوغان” يتقدم في استطلاعات الرأي، بأغلبية الأصوات، وعلى مر السنين؛ (بحسّب صحيفة الزمان التركية)،  قامت حكومة “إردوغان” بإسّكات المعارضة واحتجزت النقاد، وخاصة أولئك المنتمين إلى حزب (الشعوب الديمقراطي) الموالي للأكراد، ولم يُقدم حزب (الشعوب الديمقراطي) مرشحًا رئاسيًّا، لكن يوم الجمعة أيد رسميًّا “كيليجدار أوغلو”، قائلًا إن الحزب يؤدي: “واجبه التاريخي تجاه تقاليدنا وتجاه جيل المستقبل”، وأضاف حزب (الشعوب الديمقراطي)، الذي أعلن في آذار/مارس؛ أن مرشحيه يتنافسون تحت قيادة حزب (اليسار الأخضر) وسط مخاوف من الإغلاق، أنه يُشارك في تحالف (العمل والحرية) في الانتخابات البرلمانية، الذي تأسس عام 2022؛ وهو تحالف يساري مكون من ستة أحزاب يقوده حزب (الشعوب الديمقراطي).

ويتوقع المحللون أن تلعب قاعدة ناخبي حزب (الشعوب الديمقراطي) دورًا حاسمًا في الانتخابات، وربما تُرجّح كفة الميزان لصالح “كيليجدار أوغلو”، حيث أظهر استطلاع (Metropoll) الشهر الماضي؛ أن الغالبية العظمى من ناخبي حزب (الشعوب الديمقراطي) من المُرجّح أن يصوتوا لصالح المنافس الرئيس لـ”إردوغان”.

نفوذ غير عادى للأكراد..

إلى ذلك؛ توقع تحليل لوكالة (بلومبيرغ) الأميركية، أن يحصل الأكراد على نفوذ: “غير عادي”، بعد الانتخابات التركية.

تضمن تحليل بعنوان: “أعداء إردوغان اللدودين سيكونون حاسمين لفترة طويلة بعد انتهاء الانتخابات”، أن السياسيين الأكراد، الذين تم استبعادهم من البرلمان لسنوات، سيكون لديهم نفوذ غير عادي.

وأكد التحليل أن السياسيين الأكراد، الذين صنفهم “رجب طيب إردوغان” إرهابيون، برزوا كقوة حاسمة في المعارضة التي اجتمعت للإطاحة بالرئيس، وقد يُصبحون قوة في البرلمان بعد الانتخابات المثيرة للجدل.

وذكر التحليل أنه لن يتمكن أي حزب من الحصول على أغلبية مطلقة في البرلمان.

وفي التحليل؛ قال “إمره بكر”، مدير مجموعة (أوراسيا) الأوروبية، إن حزب (اليسار الأخضر)، الذي قرر حزب (الشعوب الديمقراطي) دخول الانتخابات على قائمته، في طريقه للحصول على مقاعد كافية للحفاظ على حصة ثالث أكبر حزب في البرلمان للأكراد.

وأضاف “بكر”: “لا يمكن للمعارضة أن تكسّب الأغلبية إلا بدعم من (اليسار الأخضر)؛ المؤيد للأكراد، وتحالفهم اليساري. سيلعب الناخبون الأكراد أيضًا دورًا رئيسيًا في دعم مرشح تحالف (الأمة)؛ كمال كيليتشدار أوغلو، للرئاسة”.

ثورة “برتقالية”..

ويرى الباحث السياسي؛ “محمد بيرينجيك”، الأستاذ في جامعة “إسطنبول”، أن رفض الاعتراف بنتائج التصويت بشكلٍ مسّبق يُهدد “تركيا” بصدامات خطيرة للغاية، حيث تُشير استطلاعات الرأي إلى أن الاختلاف في الأصوات يمكن أن يكون ضئيلاً، على سبيل المثال: 51% مقابل: 49%. ومثل هذا الفارق الصغير قد يُشكل ذريعة لمحاولة الكماليين؛ (أنصار المرشح الرئاسي؛ كيليجدار أوغلو)، القيام: بـ”ثورة برتقالية”.. وعلى العكس من ذلك، سيكون لدى “إردوغان” إغراء قوي بعدم تسّليم السلطة للمعارضة إذا خسر بمثل هذه النتيجة.

لن يُخاطر بمسّيرته السياسية..

فيما يستبعد خبير مجلس الشؤون الدولية الروسي، المستشرق؛ “كيريل سيميونوف”، سيناريو العنف والثورة الملونة، مؤكدًا: “حتى لو فاز إردوغان بهامش ضئيل، فمن المسّتبعد أن يُخرج كيليجدار أوغلو مؤيديه إلى الشوارع لتغيير نتائج التصويت بمساعدة الجمهور. فمثل هذه الخطوة ستضع حدًا لمسّيرته السياسية، ولكل السياسيين الذين سيشاركون في محاولة الانقلاب هذه”؛ حيث لا تُشكل خسارة الانتخابات الرئاسية تهديدًا وجوديًا لـ”كيليجدار أوغلو” والتحالف السداسي الذي يدعمه، ويبقى البرلمان الذي من خلاله ستتمكن الأحزاب من التأثير في الوضع في البلاد.

ومحاولة إدخال البلد كله في حالة من الفوضى بمساعدة ثورة ملونة، لعبة يصعب التكهن بعواقبها. فلماذا المخاطرة، إذاً ؟

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة