5 نوفمبر، 2024 11:10 ص
Search
Close this search box.

كتاب الاسلام الثاني

(ح4)
صورة اخرى للاجتهاد في الفقه السني
نشر الشيخ يوسف القرضاوي في موقعه الخاص مقالا مشتقا من كتاب صدر له بعنوان{ الاجتهاد في الشريعة الإسلامية} عام 2018 جاء في مقدمته: في مفاهيمنا الإسلامية الأصيلة: كلمتان مشتقتان من مادة واحدة، لهما أكبر الأثر في الحياة الإسلامية، وفي مسيرة الأمة على امتداد التاريخ. الكلمتان هما الاجتهاد والجهاد، اشتقتا من مادة (ج هـ د) بمعنى بذل الجُهد أي الطاقة، أو تحمل الجَهد أي المشقة.الكلمة الأولى هدفها: معرفة الهدى ودين الحق الذي أرسل الله به رسوله، والأخرى الجهاد هدفها: حماية الدين والدفاع عنه. عند التأمل نجد كلا المفهومين يكمل الآخر ويخدمه، فالاجتهاد هو لون من الجهاد العلمي، وثمرات الاجتهاد يمكن أن تضيع: إذا لم تجد من أهل القوة من يتبنى تنفيذها، كما أن مكاسب الجهاد يمكن أن تضيع: إذا لم تجد من أهل العلم من يضيء لها الطريق. وهذا راي واضح من الشيخ القرضاوي بجواز وضرورة الاجتهاد الذي يهاجمه { عباقرة القيس بوك} ثم يقول الشيخ:
في عصورنا الإسلامية الزاهرة مضى هذان الأمران جنبا إلى جنب: الاجتهاد والجهاد، فسعدت الأمة بوفرة المجتهدين من حملة القلم، ووفرة المجاهدين من حملة السيف. الأولون لفهم ما أنزل الله من الكتاب والميزان، والآخرون لحمايته بالسيف والبأس الشديد، وهو ما تشير إليه الآية الكريمة: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ}[الحديد:25].ثم يذم فترة توقف الاجتهاد عند الدول الاسلامية التي حكمها خلفاء غيروا واقع الامة نحو الاسوأ .. قال: في بعض العصور: وجد الجهاد لكن لم يصحبه الاجتهاد، فجمدت الحياة الإسلامية وتحجرت، على حين كانت المجتمعات غير المسلمة قد بدأت في اليقظة والتفتح والنهوض. ويعني به ان التقدم لو اتيح للاجتهاد وظهر العلماء علومهم لمعالجة أي شان من شؤون الحياة , لما وصلت الحال على ما نحن عليه الان . ثم تلت عصور أخرى فقد المسلمون فيها الاجتهاد والجهاد معا، فغزوا في عقر دارهم، وفقدوا سيادتهم واستقلالهم ووحدتهم.
تعليقا على ما قاله الشيخ القرضاوي : نقول حدثت ثورات وانتفاضات كثيرة في المجتمعات المسلمة , وربما حصل المسلمون على استقلالهم، ولكنه كان استقلالا ناقصا قاصرا، إذ الاستقلال الحقيقي أن يتحرروا من آثار الاستعمار التشريعي والثقافي والاجتماعي، إلى جوار التحرر من الاستعمار العسكري والسياسي ويعودوا إلى ذاتيتهم الأصيلة، وهذا لا يكون إلا إذا كانت شريعة الإسلام أساس حياتهم كلها: الروحية والمادية، الفردية والاجتماعية، الاقتصادية والسياسية، التشريعية والتربوية، الفكرية والعملية. لان الشريعة الإسلامية خاتمة الشرائع في طياتها فكرا دينيا جاء من الله للبشر, فهي رحمة للعالمين، لكل البيئات والعصور، إلى أن تقوم الساعة، لهذا أودع الله فيها الأصول الفكرية والأحكام الشرعية ما يجعلها قادرة على الوفاء بحاجات الإنسانية المتجددة على امتداد الزمان، وتطور الإنسان.
والدين الاسلامي فيه عوامل السعة والمرونة، وما شرع لعلمائها من حق الاجتهاد فيما ليس فيه دليل قطعي من الأحكام، أما ما كان فيه دليل ظني في ثبوته أو دلالته أو فيهما معا، أو ما ليس فيه نص ولا دليل، فهو المجال الرحب للاجتهاد، وبهذا تتسع الشريعة لمواجهة كل مستحدث، فالإسلام يعالج قضاياه بنفسه , لا بالتسول من الغرب أو الشرق. وهنا يقول الشيخ قولا غاية في الاهمية : ان «الاجتهاد» ، يمكنه قيادة زمام الحياة إلى ما يحب الله ويرضى، دون تفريط في حدود الله، ولا تضييع لحقوق الإنسان، وذلك إذا كان اجتهادا صحيحا مستوفيا لشروطه صادرا من أهله الفقهاء.

أحدث المقالات

أحدث المقالات