22 نوفمبر، 2024 7:02 م
Search
Close this search box.

بين أسلام محمد وأسلام ما بعد محمد .. أضاءة

بين أسلام محمد وأسلام ما بعد محمد .. أضاءة

كان الأسلام معتقدا دعويا تاريخيا في حقبة قبلية جاهلية معينة ، موصوفة الزمان والمكان – وهي حقبة ” أسلام محمد “، وأخذ هذا المعتقد صيغا أخرى بعد محمد ، وفق حكام ودول العهود المتعاقبة .. هذا ما سأناقشه في هذا البحث المختصر .
1 . كانت حقبة وعهد محمد قبل 14 قرنا ، رسالة ودعوة ، وبذات الوقت ، كان محمدا يحكم وينفذ ويفتي ويغزو ويسبي ، وكان متعدد الزيجات ، أضافة لملكات اليمين والعبيد والأماء .. ، كل ذلك تم وفق رؤية فكرية وشخصية فردية بحتة ، وكنت قد تكلمت عن تطور هذه الرؤية ، وعبرت عنها بالشخصية المحمدية ، في أربع مقالات منشورة – في مواقع الحوارالمتمدن ومفكر حر وكتابات .. ، بعنوان في ” الشخصية المحمدية ” . وكانت كلمة محمد أنذاك هي العليا ، وفق المعتقد الأسلامي – يأمر بما أنزل أليه من نصوص ، ويحدث بما يوحى له ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى / 3 ’ 4 سورة النجم ﴾ ويمكن القول ، أن هذه الحقبة هي حقبة ” أسلام محمد ” وكانت مدتها 23 عاما ، أنتهت بموته عام 633 م .
2 . وبعد أن قضى محمدا ، وأنتهت دعوته ، وبدأ عهد السلطة والحكم والقوة / لأصحاب محمد وتابعيه ، واجه أصحابه معضلة رئيسية ، وهي عدم وجود مرجعا يحكمون على أساسه ، لأن القرآن لم يدون في عهد محمد ، بل في خلافة عثمان بن عفان / وهو وقت تدوين القرآن الفعلي ( فالصحيح أن القرآن لم يجمع على عهد الرسول في مجلد واحد ، وأنه يتنزل الفقرة بعد الفقرة حسب الوقائع والحوادث ، بل كان متفرقاً في صدور الرجال ، وقد كتب بعض الناس منه في صحف وجريد ولخاف وهي حجارة بيض رقاق ، واستمر الحال هكذا إلى أن استحر القتل في القراء يوم اليمامة في عهد الصديق ، وأمر زيد بن ثابت أن يتتبع القرآن فيجمعه .. / نقل بأختصار من موقع أسلام ويب ) أما ما قيل من أن القرآن محفوظا في الصدور ، فأن الأمر لم يكن عمليا ومقنعا في الفصل والقضاء ، وأرى أن الحكم كان حكم الخلفاء – تحت مظلة القرآن . لذا أن الحقب الزمنية التي تلت عهد محمد ، كان عهدا ممكن تسميته ” أسلاما أخرا ” ، لعدم وجود المرجعية ، حيث كان الحكم مبنيا على المصالح السياسية والقبلية ، والفقهاء كانوا يفتون لمصلحة الحكام – حتى وأن كان ذلك مخالفا للشريعة ، وكان معظم ما يشغل الحكام : قضايا توريث الملك وأحتلال البلدان والغنائم والخراج والسبي والجواري والغلمان
3 . وخلفاء الأسلام ، أعتمدوا أيضا / أضافة لما سبق ، في بعض قضايا وتفاصيل حكمهم على الأحاديث – قبل أن تدون ، وهي بالغالب أحاديث مخترعة ومختلقة ، فهذبوها بما يتفق مع مصالحهم وغاياتهم ، وكتب الأحاديث ذاتها لم يتفق عليها بين المسلمين – فقهاءا وتابعين ، وذلك لأنها تضم الغث والسمين ، الحسن والضعيف ، الأحاد والمتواتر . فأهل السنة والجماعة ، لهم كتبهم ، وأهمها صحاح (1- الإمام البخاري 2- الإمام مسلم 3- الإمام أبو داود 4- الإمام الترمذي 5 – الإمام النسائي 6 – الإمام ابن ماجه / نقل من موقع الأسلام سؤال وجواب ) أما الشيعة فلهم رأيا أخرا ( حيث يعتقد علماء الشيعة أن هذه الكتب حاوية لأحاديث معتبرة ، كما أنها تحوي أحاديث غير معتبرة إلى درجة إن بعض الأحاديث فيها منافية لمسلمات النص القرآني ومسلمات العقل .. / نقل من موقع ويكي شيعة ) . أما الصحاح عند الشيعة ، فهي غير ذلك (( قال محمد جواد مغنية : وعند الشيعة الإمامية كتب أربعة للمحمدين الثلاثة : محمد الكليني ، ومحمد الصدوق ، ومحمد الطوسي ، وهذه : الاستبصار ، ومن لا يحضره الفقيه ، والكافي ، والتهذيب ، وهذه الكتب عند الشيعة تشبه الصحاح عند السنة – المصدر / كتاب الوحدة الاسلامية [ مقال لمحمد جواد مغنية ص ٢٦١ ] )) . وهذا يعني أن مصادر التشريع لدول الأسلام المتعاقبة ، لم تكن واحدة ، بل كانت وفق ما يميل أليه مذهب وهوى الحاكم ، وهذا أيضا يعتبر ” أسلاما أخرا ” .
4 . ركز رجال الأسلام على الخلافة الماضوية ، دون الأسلام كمعتقد وأيمان ورسالة ، وسعى الرجال الى أعادة الخلافة الأسلامية ، دون النظر في التطور المعتقدي للأسلام ذاته ، وذلك لتغير الظروف المجتمعية ، أضافة لتبدل الأوضاع الزمانية والمكانية . لم يؤسس الأسلام ، بأي شكل من الأشكال ركائز دولة بالمفهوم الحديث ، فدولة أيران مثلا ، القائمة سنة 1978 م ليست دولة بالمعنى القويم للدولة / لأنها تعتمد على مفهوم الولي الفقيه المذهبي ، وكذلك ما كان سيحدث في مصر لو أستمر زمن جماعة الأخوان المسلمين عام 2012 م / أبان رئاسة محمد مرسي ، يضاف الى ذلك المملكة العربية السعودية / الوهابية المرجع .. أن الدول المذهبية والقومية والعرقية .. ليست دول بالمفهوم الحداثوي ، وأنما هي نظم أنتقائية فئوية مذهبية ، سميت مجازا دولة ! ، والدول الدينية المذكورة أنفا / تعتبر أيضا ” نهجا أخرا للأسلام “.
خاتمة : تعددت العهود والأنظمة والدول ، وتعاقب الخلفاء والحكام والأمراء ، ووفق هذه المتغيرات ، تبدلت صيغ الأسلام وتنوعت أحكامه وشرائعه – وفق هوى ومصالح الحكام ، ولم يبقى لنا من أسلام محمد في عهود الدول اللاحقة من شئ ! ، سوى الأسم ! . فكل حاكم صنع له أسلامه الخاص به ، وقال فقهائه ووعظائه لهذا المعتقد ، أنه هذا هو ” أسلام محمد ” ! .. ومن جانب أخر ، لا بد لنا أن نذكر ، أن من أهم تجليات الأسلام الحداثوي – الوليد الشرعي للأسلام الماضوي ، هو ظهور الوهابية والسلفية و .. والمنظمات الأرهابية الأسلامية / القاعدة وداعش والنصرة .. – التي تعتمد على الموروث الأسلامي الدموي ، المسطر في النصوص القرآنية والأحاديث والسنن النبوية ، والتي تعتبر هي الأخرى” وجها أخرا للأسلام ” .

أحدث المقالات