في زمن القوة تكون الحكمة ضعفا , وفي سوح الغاب يصبح الحكيم فريسة سهلة للأقوياء.
وفي عالمنا الذي يقف على شفا حفرة من الحرب العالمية المروعة الفتاكة , نتمتع بوجود بعض القادة الحكماء الذين يعرفون جسامة التداعيات , وحجم الويلات , فتراهم يتعقلون , برغم هول القوة التي يمتلكون.
لكن الآخرين يهاجمونهم ويحسبونهم ضعفاء , وما هم إلا أقوى الأقوياء , ذلك أنهم يتمكنون من لجم جماح القوة الخارقة التي بقبضة أيديهم.
ويبدو أن إتهامات الضعف للأقوياء , ما هي إلا أساليب لإستدراجهم حتى تقع الواقعة , وإنها لواقعة ذات يوم قريب , ذلك أن موجة إدّعاء الضعف ستلد مجنونا محكوما بالقوة التي سيطلق عنانها , ليؤكد لرافعي لافتات الضعف بأنه أقوى مما يتصورون بكثير جدا.
إن الذين يحسبون الذين إمتلكوا القوة واستثمروا فيها , وتطورت قدراتهم الإبتكارية في ميادين القِوى بجميع معانيها ومجالاتها , ضعفاء أو أنهم فقدوا قوتهم , إنما هم أضعف الضعفاء , فالذين يتهمونهم بالضعف هم أصحاب قوة متنامية بتعجيل لا يخطر على بال المُتهمين لهم بالضعف.
ولا يوجد تفسير واضح لهذا السلوك , إلا أن البشرية تسعى لصناعة مآساة أرضية في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين , فهذا هو سلوك القرون على مر العصور , وهذه طبائعها التي يعبّر عنها البشر , وفقا لسلوكيات جماعية محكومة بإرادة فناء كامنة في لاوعيه المهين على تصوراته ورؤاه.
وإنها لنعمة أن يحكم الدول القوية الحكماء , وإنها لنقمة إذا حكمها السفهاء , الذين تستعبدهم القوة وتملي عليهم إرادتها ونزعاتها الفتاكة.
تحية لكل قائد حكيم يسعى للجم جماح حصان البشرية المتوثب للقفز في أتون الهوجاء.
وإنها لمحنة أرضية , وإرادة خفية تسعى لإعادة التوازن المقهور بالنوازع البشرية , المقيدة بإرادة أمارة الأسوأ الفاعلة في أعماقهم القصية.
ونرجو من حكماء الدينا التمسك بحكمتهم , وأن لا ينهاروا بسبب الضعوطات والإتهامات والتحفيزات والإنتقادات , التي تريدهم أن يتحولوا إلى دمى للقوة التي هم سادتها وربانها.
فهل ستبقى الحكمة منتصرة على إردة القوة , أم أن القوة ستفوز , ولكن أي فوز؟!!
أسودُ الغابِ ما رَضِيَتْ بضعفٍ … ولا هَجَعتْ لياليها لخوفِ
لأنّ الطبعَ منتصرٌ شديدٌ… وإنّ سيادَها يطغى كعًرفِ
فربّ حكيمةٍ نظرتْ بحُلمٍ… وربّ سفيهةٍ سقطتْ بجرفِ