يبدو إن معظم ساسة العراق لا يفهمون أبجديات السياسة، ولا يدركون لغة الحوار، والحقوق، والواجبات، ويتمتعون بخدمة خارج التغطية الأخلاقية، والإنسانية طيلة العشر سنوات المنصرمة.
يمر العراق طيلة هذه العشر سنوات العجاف بأزمات كبيرة، ودخل في أنفاق مظلمة جعلته في نهاية المطاف يقف اليوم على حافة الهاوية؛ بسبب الأزمات الانتخابية التي يفتعلها”لواحيك السياسة” وما إن خرجنا من أزمة إلا ودخلنا في أخرى؛ حتى أصبحنا نعيش الأزمات حسب الأهواء السياسية، والمصالح الشخصية، حيث أصبح ملك الموت يتربص لنا تحت السن ساسة العراق؛ ما إن تفوهوا بشي حتى أصبحنا أشلاء متناثرين، وأيتام مشردين، وأفواج متسولين، وأرامل لا ناصر لها ولا معيل.
إن الشعوب المتطورة، والمتقدمة في جميع المجالات، وعلى كافة الأصعدة تستقي تطورها، وثقافتها، وحضارتها من خلال مشارب ساسة البلاد؛ أو الماسكين”بلجام” الأمور.
إما ساسة العراق اليوم لديهم رؤية مختلفة، وأسلوبا خاصا قد يميزهم عن الكثير من قادة العالم، والمنطقة، والذي من خلاله استطاعوا إن يكسبوا الجولة”مرتين” من خلال افتعال الأزمات، والتسقيط السياسي، وإلقاء التهم جزافا، وشراء الذمم الإعلامية، وفبركة الأمور، وخلق أجواء متشنجة، والاتفاقات خلف الأبواب الموصدة، وتبادل المنافع من تحت الطاولة؛ كل هذه الأساليب المراهقة، والطرق الملتوية، قد كان ينتهجها النظام ألبعثي منذ سبعينات القرن المنصرم إلى 2003 حيث زج الآلاف من أبنائنا في حروب همجية، سلطوية، غايتها التمسك بالكرسي، وحكم الشعب بالحديد، والنار، وإركاعه تحت رحمة المسؤول.
هذا الأسلوب الذي سئمنا منه طيلة تلك الفترة الماضية، بدا يعود ألينا، ويتسلق في الأروقة السياسية العراقية من جديد، وصار ياخذ طابع التقدم عند أصحاب القرار، ويتصدر بوابات الحديث؛ حيث فوجئنا بقرار رئيس مجلس الوزراء السيد نوري المالكي، وخلال كلمته الأسبوعية في كل أربعاء، والتي نسخها من فكرة الملتقى الثقافي الأسبوعي للسيد”عمار الحكيم” رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، وهذا القرار القاضي بتجميد عمل اكبر سلطة تشريعية، ورقابية في العراق، والمؤتمنة على أموال الشعب، ومقدرات البلاد، والحامية للعملية السياسية، وراعية للدستور؛ الذي صوت عليه اغلب أبناء الشعب العراقي، ومشرعة للقوانين التي من شئنها إن تحل الكثير من العقبات في المجتمع بصورة عامة.
لا شك إن مثل هكذا أمور تعد انقلاب واضح على أرادت الشعب، وانتهاك حقوقه، والالتفاف على الدستور، وهذا الأمر يدق ناقوس الخطر على الشعب العراقي، وعلى العملية السياسية برمتها، ويعيدنا إلى ما قبل 2003 أبان حكم إذا قال”القائد قال الشعب”…