22 نوفمبر، 2024 7:15 م
Search
Close this search box.

يوميات عراقي مفلس

انا لا انتظر العيد حتى اشتري الهدايا والمكسرات والانواع الاخرى من الحلويات ولكنني انتظر العيد حتى اعلن نهاية شهر رمضان المبارك فقط وتنتهي معه شوربة العدس ووجبة السحور…
انا متمرد في كل شيء خلقني الله هكذا لا اعرف يوما ان اراوغ في حياتي ولا اعرف المجاملة حتى مع اولي الامر. ولا اعرف لماذا يكذب الناس….
نعم هناك اماني في داخل النفس ربما تكون من الناحية العلمية احلام مريضة. ولكنني اليوم ومع هذه الاحلام اعيش مرتاحا جدا في وسط هذا الواقع المشؤوم..
نسيت ان اعرفكم على نفسي انا مواطن من دولة او مملكة او جمهورية لا اعرف ماذا يسميها السياسيين ولكن كل الذي اعرفه كان اسمها المملكة او الجمهورية العراقية وبلحظة ما من الزمن اصبحت جمهورية العراق فحولوا المؤنث الى مذكر وسبحان الله مغير الاحوال من حال الى حال…وما اكثر المتحولين في يومنا هذا..
انا فلاح قروي كنت اعيش في قرية نائيه بعيدة عن المدن وضجيج السيارات لا اعرف كلمة الرشوة والمرتشي ولم اسمع بها الا في كتاب التربية الاسلامية عندما كنت طالب في مرحلة الدراسة الابتدائية. وكنت اتصورها عمل وظيفي يبغضه الله سبحانه وتعالى..
قريتنا كانت معزولة عن العالم وكانت امانينا وحتى اكاذيبنا لا تتعدى حدود هذه القرية..
لم نكن نعرف يوما المراوغة ولم نسمع بالنفاق السياسي وسرقة الاموال العامه كانت الحكومة في نظرنا شيء مخيف وكبير يهابه الناس جميعا حتى اننا كنا نتصور في صغرنا بان الملك نفسه يخاف من الشرطي..
اضحوكات طفولة بريئة كبراءة الذئب من دماء نبي الله يوسف الصديق.. مرت الحياة علينا سريعا فتغيرت احوال البلاد التي كان فيها ابناء القرى لا يرون المدينة الا في مناسبات قليلة وربما حتى يبلغون سن الرشد..
كبرنا وكبرت معنا مدننا واصبحت قرانا اشبه بالمدينة فيها الشوارع المعبدة والاسواق التجارية وصالونات الحلاقة وكل وسائل الراحة… واصبح اليوم كل ابناء القرى يأتون الى اسواق المدينة في ساعات متأخرة من الليل لغرض الاستجمام والتسوق لعوائلهم ويعودون في اي وقت يشاؤون..
الاحلام التي كنا نحلم بها اصبحت موجودة على واقع الحال..
اليوم اصبحت امانينا متغيره فكل واحد فينا يريد ان يعمل له جاه في السلطة او بواسطة المال من خلال الكسب الغير شرعي في الجانب المادي ولما لا الم تكن السلطة جميلة وما اجملها في هذا البلد العظيم خاصة ونحن نرى اليوم اي امرأة او رجل يتزوج من عوائل احد المسؤولين تجده يحصل في زواجه على هدية مجانية اسمها الحصانة الكاملة ولا يستطيع احد ان يقف في طريقه…
حتى نقاط التفتيش الموجودة في بلدي انقسمت الى ثلاثة طرق طريق للمواطنين الذين يحملون معهم ارزاقهم وطريق للمواطن العادي امثالي وغيرهم الذين لم يكونوا يوما مدججين بالسلاح ولم يسير خلفهم الحمايات الخاصة ولم يحملوا هوية كتب فيها مسموح له العبور من اين يريد..
وهؤلاء أصحاب الطريق الخاص الاول حتى لا يتضجروا وربما يشعرون بداء العظمة عندما يروننا واقفون في الطوابير..
ما اجملك ايها البلد وانت تفرق بين ابنائك حتى في تقاسم الطريق نفسه.. اليوم كل مسؤول وابن مسؤول وزوجة المسؤول وربما يتعدى الامر احيانا الى اقاربه محمي تحت القانون واذا اراد من يطبق القانون ان يقول له اف فويل له وسوف يرى مالا يسره. ما اجملك ايها البلد والعالم كله فيه من العجائب سبعة الا انت تمتلك الالاف من العجائب المثيرة لأنك الوحيد الذي يدخل المتهم السارق الى مراكز الشرطة ويخرج منها معززا مكرماً تنتظره طائرة خاصة في المطار ويغادر البلد بسلام ليعلنوا عنه بعدها انه هارب وقد بدأ التفتيش عنه..
اليوم كل العراقيين يتمنون ان يكونوا أعضاء في البرلمان او وزراء ومسؤولين بدرجه مدير عام وما فوق ليس لشيء اسمه خدمة الوطن لان هذه العبارة قد تحولت الى خدعة الوطن وانما للتباهي والعيش في الحياة المترفة والابتعاد عن مظاهر الفقر القاتل.. وان يعيشوا مميزون عن سائر المواطنين الاخرين.
من نحن حتى نعيش او نحلم هكذا حياة سابقاً لولا الديمقراطية التي اتى بها رعاة البقر وهي من جعلتنا نحلم بهذه الاحلام لأنها كانت بالأمس القريب محصورة بين ابناء الطبقات البرجوازية او من يقومون بصناعة الثورات وهؤلاء فقط من يعيش هذه الحياة المترفة..
اما الان فكل منا ربما سوف تتحقق امنيته في يوم ما ويعيش هذه الحياة المترفة ورغم اننا جميعا نعرف ان هؤلاء قد باعوا الأخرة بثمن بخس وقاموا بشراء الدنيا بكل مظاهرها مقابل قيمهم ومبادئهم واخلاقهم..
نعم انك العراق بلد الفقراء والاغنياء بلد المترفون والمعدومون.. بلد السجناء الابرياء والمتهمون الفاسدون الهاربون من القانون اصحاب السيادة والحصانة..
اسف عن الإطالة معكم ولكن الحديث معكم شيق دوما ايها القراء الكرام ولولا تشجيعكم لما كتبت اقلامنا اي موضوع او مقالة…
تقبلوا تحياتي
اخوكم مواطن عراقي مفلس
ملاحظة هذا المواطن لا يهمه العيد ان كان جمعة اوسبت فهو صائم طوال حياته.

أحدث المقالات