بدأت الحرب على الفساد شديدة, واستبشر الشعب خيراً, لا سيما وأن رئيس الحكومة, قد أعطى وعوده في البرنامج الحكومي, أولوية للقضاء على الفاسدين, إلا أن خيبة أمل أصابت الأغلبية, فقد أطلق سراح بعض الفاسدين, ما يجعل التشكيك بإجراءات الحكومة, فاستعادة جزء يسير, من المبالغ المسروقة لا يجزي, وقد أصبحت السجون, كأنها كيسٌ فيه عيب, فسرعان ما يهرب الفاسدون, أو يُطلق سراحهم, مع عدم ذكر أسماء أغلبهم, أو عرض التحقيقات, وما آلت له النتائج!
المرجعية العليا عندما أوصت, بشن الحرب على الفساد, كانت تعلم أنها ليست بالسهلة, فوصفتها بأنها لا تقل عن حرب داعش؛ فقد ضرب الفساد أطنابه, وتجذر ليتمدد ويُكَوِّنَ إمتداداً بين دول إقليمية؛ وقد تكون له امتداداتٌ دولية, ويرى بعض المُحللين, أن تلك العصابات لا يمكن, أن تعمل دون سند قوي, لاسيما وأن التصريحات الحكومية تشير, لشخصيات سياسية متنفذة, وتلك الجهات لا بُدَ من أن تكون, قد شكلت واجهات لفسادها, ولعلاقات سرية مع دول, أو مع شخصيات خارجية.
يصف بعض المطلعين, على قضايا الفساد, بأن هناك معضلةٌ كبيرة, فهم ليسوا بالشجاعة الكافية, ليقولوا كل ما توصلوا له, من نتائج لخطورة ذلك الإجراء, لذلك نرى أن التصريحات, تتم تحت تسمية مصدر, رفض الكشف عن إسمه! كونهم لا يتمتعون بحمايةٍ, تجعلهم آمنين من بطش تلك الجهات المتنفذة؛ ما جعل من الحرب على الفساد, عمليات ركيكة مشوبة بالخوف, من كشف كل ما يتصل بقضايا الفساد.
سرقة القرن كلمتان اِختَصَرتا حجم الفساد, في أول قضية تم كشفها, وهي فقدان 2.5 مليار دولار! ليس هذا الرقم بالشيء البسيط, وتُعد عملية كشفه والقاء القبض على المتورطين؛ ضربةٌ موجعة تصورنا أنها قاتلة للفساد, إلا أن ذلك لم يتم, فلم يتم الإعلان لحد الآن, عن النتائج النهائية, ولم يكشف عن باقي الشركاء والساندين.
كُشف ليلة 18_ 19/نيسان عن عملية, هروب المدعو سعد حميد كمبش, رئيس ديوان الوقف السني سابقاً, ليعلّق المستشار الإعلامي, لرئيس الوزراء هشام الركابي، على عملية الهروب، مؤكداً في تغريدةٍ له، أنّ “هروب كمبش سيكون سبباً, للقيام بثورة كبيرة, على الآليات الفاسدة المعتمدة, في احتجاز كبار الفاسدين” مشدداً على أنه “سيتم اقتلاع الآليات الفاسدة, التي حولت مراكز احتجاز كبار الفاسدين, إلى فنادق 5 نجوم”
ما بين سرقة القرن والوقف السني, كوارث كبيرة لا زالت مخفية, فمن ألقي القبض عليهم, منهم من أفرجَ عنه, ومنهم من لم تطله يد القضاء, لكن لنا أملٌ, بما قاله السيد السوداني ” “عازمون على مكافحة جائحة الفساد، تلك المعركة الكبرى, التي إن تهاونا فيها, خسرنا كل معاركنا الأخرى”
يا ترى من المسؤول والمخطط, لهروب سعد كمبش وموته المفاجئ, بعد القاء القبض عليه, وغيره من المتهمين والمدانين؟ ولماذا يتم سجنهم, بأمكنة أشبه ما تكون, بفنادق 5 نجوم؟ وإن لم نرى مسولين كبار, في القضايا الأولى, فهل سنرى قريباً مفاجأة تسر المراقبين؟