اشتباكات “السودان” .. حرب كلامية متبادلة بين “البرهان” و”حميدتي” .. وتوقعات صادمة لتكلفة الصراع !

اشتباكات “السودان” .. حرب كلامية متبادلة بين “البرهان” و”حميدتي” .. وتوقعات صادمة لتكلفة الصراع !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

وسط هدنة هشة واشتباكات مستمرة لا تنقطع، تبادل قائد الجيش السوداني؛ الجنرال “عبدالفتاح البرهان”، وقائد “قوات الدعم السريع”؛ “محمد حمدان دقلو”، المعروف: بـ”حميدتي”، الاتهامات بالمسؤولية عن مقتل مدنيّين، وصّعدا الحرب الكلامية بينهما، مما يُشير إلى أن لا مجال لتسّوية النزاع بينهما على السّيطرة على ثالث أكبر دولة في “إفريقيا”.

ففي حديث إلى صحيفة (فايننشال تايمز) البريطانية؛ وصف “محمد حمدان دقلو”، خصمه بأنه زعيم: “عصابة إسلامية راديكالية”، تسّعى إلى ترسّيخ دكتاتورية عسكرية، واتهم القوات المسّلحة في البلاد باستهداف المستشفيات ومواقع غير عسكرية.

قال “دقلو”؛ من “الخرطوم”: “نحن مستعدون أن يضربنا، لكن ليس المدنيّين… يجب القبض عليه لتسّليمه للعدالة”.

ولدى سؤاله عما إذا كانت قواته ستنتصر، أجاب: “لدينا الاستعداد، ونحن الآن في ساحة المعركة. ستُحدد ساحة المعركة كل شيء”.

وتوعد “دقلو”، بإلقاء القبض على قائد الجيش السوداني؛ “عبدالفتاح البرهان”، وتقديمه للمحاكمة.

استخدام العنف العشوائي..

وفي مقابلة منفصلة؛ اتهمه خصمه؛ “عبدالفتاح البرهان”، بالعنف العشوائي.

وقال: “جزء كبير من قوات (حميدتي) خارجة عن السّيطرة”، مضيفًا أنها مسؤولة عن أعمال نهب واسعة النطاق في “الخرطوم” ومنطقة “دارفور” الغربية.

وحّمل “البرهان”؛ “حميدتي”، مسؤولية أزمة دبلوماسية من خلال: “اختطاف” مجموعة من الجنود المصريين، الذين قال إنهم كانوا في “السودان” في مهمة رسمية كجزء من تدريب القوات المسّلحة المشتركة. كما اتهم “قوات الدعم السريع”؛ بقتل موظفين من “برنامج الغذاء العالمي” وهاجموا قافلة تابعة للسفارة الأميركية، وهي مزاعم لا يمكن التحقق منها بشكلٍ مستقل.

وفي المقابل، أصر “حميدتي” على أن “البرهان” هو من: “نشر الخوف بين الناس والضيوف والدبلوماسيين”.

استمرار الصراع الوجودي..

وقالت “خلود خير”؛ المحللة المقيمة في “الخرطوم”؛ والتي لا ترى فرصًا كبيرة للجهود الدولية لوقف الصراع: “هذا صراع وجودي للجنرالين… سيرغبان في المضي به حتى النهاية”.

ورأى “تشيدي أودينكالو”؛ من كلية “فليتشر” للقانون والدبلوماسية بجامعة “تافتس”، أن كلاً من الرجلين لن يتوانى عن السّعي إلى النصر الكامل، أن: “أحد هذين الشخصين لن يستمر في السلطة”.

إلى ذلك، قال “حميدتي” إنه لا يُعارض من حيث المبدأ ضم “قوات الدعم السريع” إلى القوات المسّلحة النظامية، معتبرًا أن لقواته دورًا محددًا و”قوات الدعم السريع” لم ترفض الاندماج، متهمًا “البرهان” بعدم استعداده لتنفيذ ما يُسّمى باتفاقية الإطار التي كان من المقرر أن تُمهد الطريق للحكم المدني.

وبينما قال “البرهان”؛ إن “حميدتي” كان يُحاول: “الاستيلاء على السلطة، أبدى قائد قوات الدعم السريع انفتاحه على وقف الأعمال العدائية”، مشيرًا إلى أن: “ليس لدينا مانع من وقف القتال… لكن البرهان لن يتوقف”.

يمكن الانتقال إلى المسّار الصحيح..

على الرغم من خلفياتهما العسكرية، سّعى الرجلان إلى تقديم نفسيهما على أنهما ديمقراطيان، مُصّرين على أنه يمكن إعادة الانتقال إلى الحكم المدني إلى المسّار الصحيح بمجرد تحقيق النصر.

وقال “البرهان” إن الناس دعموا الجيش وبمجرد هزيمة “حميدتي”، يمكن استئناف الانتقال إلى الديمقراطية. وأكد أن: “الجيش مُلتزم باستكمال العملية السياسية وفق الاتفاق الإطاري ونقل السلطة إلى حكومة مدنية”.

واتهم “حميدتي”؛ الذي أيد أيضًا نقل السلطة إلى المدنيّين، “البرهان” بالانحياز إلى الإسلاميين الراديكاليين المصممين على استعادة ديكتاتورية على غرار “البشير”.

وقال: “برهان وعصابته من الإسلاميين وصلوا إلى السلطة وليسوا مستعدين للتخلي عنها”.

أقر “حميدتي” بأن قوات “البرهان” تتمتع بتفوق القوة الجوية، إذ إن “قوات الدعم السريع” ليس لديها طائرات، إضافة إلى المدفعية الثقيلة، لكنه أصر على أن الجانبين متعادلان في ساحة المعركة.

كما نفى التكهنات الغربية بأن عناصر من مجموعة (فاغنر) الروسية قد ينخرطون في القتال من جانبه، ووصف هذه المخاوف بأنها: “رهاب”. وعلى الرغم من أن (فاغنر) ساعدت في تدريب “قوات الدعم السريع” من خلال القوات المسلحة السودانية؛ قبل 2019، إلا أنه قال إنه أوقف التعاملات معها منذ أن وصفت “وزارة الخزانة” الأميركية الجماعة بأنها منظمة إجرامية هذا العام.

قال: “كنت على علاقة جيدة معهم، ولكن بمجرد تضنيفهم، طلبت شخصيًا من البرهان التعامل مع الاتحاد الروسي فقط”.

خسارة نصف دولار يوميًا..

ويُضاعف الصراع الدائر في “السودان”؛ بين الجيش و”قوات الدعم السريع”، الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، مع تقديرات بخسارة نصف مليار دولار يوميًا.

ويرصد خبيران اقتصاديان لموقع (سكاي نيوز عربية)، ما وصفاها: بـ”الخسائر المباشرة وغير المباشرة”؛ للاقتتال الدائر بين الطرفين منذ السبت الماضي، ومؤشرات الأشهر المقبلة، حال طول أمد هذا الوضع.

وفي تقدير الخبير الاقتصادي؛ “أبو بكر الديب”، فإن “السودان” يواجه أزمة اقتصادية غير مسّبوقة، من انعكاساتها على الحياة اليومية: “تُقدر تكلفة المعارك الدائرة بنحو نصف مليار دولار يوميًا؛ اعتمادًا على حجم الخسائر ومعوقات النمو الاقتصادي وتعطيل الخدمات والمرافق الحيوية بالبلاد”.

ومن شأن تصاعد الحرب الحالية أن تدفع الناتج المحلي الإجمالي للتراجع، فضلاً عن تعطل عمل “برنامج الغذاء العالمي”، والإضرار بملايين السودانيين، بعد أن كانت توقعات “صندوق النقد الدولي” للنمو الاقتصادي تُشير إلى نسّبة: 1.2 بالمئة.

“في حال استمرار التصعيد المسّلح بين الجيش وقوات الدعم السريع، فإن مؤسسات التمويل الدولية لن تفرج عن أي مساعدات”.

10 مليارات في أسابيع..

من جانبه؛ يُقدر أستاذ الاقتصاد السياسي؛ “كريم العمدة”، حجم الخسائر المباشرة والغير مباشرة للصراع الراهن في “السودان”، خلال شهر واحد، بنحو: 10 مليارات دولار.

وتفصيلاً يقول أن الخسائر المباشرة تتمثل في انهيار البنية التحتية للدولة، وشلل كافة المرافق.

وتشمل الخسائر غير المباشرة توقف برامج الدعم الإنساني مع “الأمم المتحدة” وغيرها من المنظمات؛ مما يُهدد بأزمة جوع في الدولة.

وحال استمرار المعارك الدائرة ستتهاوى كامل منظومة الاقتصاد لمستوى غير مسّبوق، خاصة وأنه اقتصاد هش أصلاًّ، يبلغ حجمه: 35 مليار دولار، مع ديون تبلغ: 55 مليار.

استمرار الاشتباكات..

ولليوم السادس على التوالي؛ تستمر الاشتباكات الدامية بين الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع”، كثير منها يجري في مناطق وأحياء سكنية، لتلتهم نيرانها مبانٍ مأهولة وأسواق كانت في القريب عامرة، مثل سوق “نيفاشات” في “دارفور”؛ غربًا.

وبحسّب “منظمة الصحة العالمية”، فقد أسّفرت الاشتباكات حتى الآن عن: 300 قتيل وأكثر من: 2600 جريح، وسط توقف العمل في عشرات المستشفيات.

سنوات من المعاناة الاقتصادية..

ويُعاني الاقتصاد السوداني منذ سنوات من مشكلات هيكلية، وضعف في الإنتاج، وجرائم التهرب من الجمارك والضرائب، والتلاعب في الأسعار وفواتير الصادر والوارد؛ مما تسبب في خسارة “السودان” حوالي: 5.4 مليار دولار بشكل سنوي.

وتجاوزت خسائر العقوبات الاقتصادية المفروضة على “السودان”؛ من “الولايات المتحدة”: 40 مليارًا و531 مليون دولار.

فيما لم يتجاوز معدل النمو الاقتصادي: 0.3 بالمئة في نهاية 2022، وفق تقديرات “البنك المركزي” بالسودان، وتراجع معدل التضخم السنوي إلى: 63.3 بالمئة؛ في شباط/فبراير الماضي، بينما كانت النسّبة في كانون ثان/يناير: 83 بالمئة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة