“مرصاد” الإيراني يرصد .. زيارة الوفد السعودي لعاصمة “أنصار الله” وتغيير المواقف الاستراتيجية !

“مرصاد” الإيراني يرصد .. زيارة الوفد السعودي لعاصمة “أنصار الله” وتغيير المواقف الاستراتيجية !

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

مؤخرًا؛ وبعد فترة إقامة طويلة نسبيًا في عاصمة (أنصار الله)؛ غادر “اليمن”، وفد “السعودية”؛ برئاسة “محمد آل جابر”، أحد أشد الدبلوماسيين معارضة لـ”حكومة الإنقاذ الوطني”؛ خلال السنوات الأخيرة، تلك الزيارة التي تعتبر (وإلا لم تُسّفر عن إنجازات أخرى)؛ بمثابة تطور كبير في الملف اليمني؛ بحسب تقرير “سيد هاشم رضوي”؛ المنشور على موقع مركز دراسات (مرصاد) الإيراني.

ورغم أن الوفود السعودي رجّح؛ أثناء مغادرة “اليمن”، التزام الصمت حيال نتائج الزيارة والمفاوضات، إلا أن وسائل الإعلام وصفت أجواء المباحثات نقلًا مصادر يمنية بالإيجابية، مع توقعات بإمكانية الوصول إلى اتفاق مبدأي حول موضوعات من مثل وقف اعتداء التحالف “السعودي-الإماراتي”، وإنهاء الحصار، وتحسّين الأوضاع الإنسانية السّيئة في مختلف المناطق اليمنية، ودفع رواتب العمال والموظفين في المناطق تحت سّيطرة (أنصار الله)، وتحرير الأسرى، وإعادة ترميم “اليمن”، وتعويض الخسّائر، وسحب القوات الأجنبية السعودية والإماراتية والبريطانية؛ الموجودة في مطار (الغيظه) شرق “اليمن”.

انتصار دبلوماسي لـ”أنصار الله”..

وحال تُحقق هذه الشروط؛ يمكن القول إن (أنصار الله) حصلت على سقف مطالبها ونجحت في إخضاع “السعودية” لمطالبها بالكامل.

وهذا الأداء ليس مستبعدًا لأن زيارة الدبلوماسي السعودي المخضرم؛ “آل جابر”، إلى “صنعاء”، ولقاء عناصر (أنصار الله)، مثل: “محمد علي الحوثي” و”محمد مهدي المشاط”، والجلوس معًا كان مسّألة بالغة الصعوبة حتى من منظور المحللين الأكثر تفاؤلًا لأن “السعودية” كانت ترفع؛ على مدى السنوات الماضية، سقف المطالب فيما يخص الأزمة اليمنية لدرجة أنها لم تعترف مطلقًا بـ (أنصار الله) باعتبارها جزءً من السلطة، ولطالما أعلنت وسائل الإعلام السعودية بوضوح أن الحل الوحيد للأزمة هو إعادة “الحوثيين” إلى الكهوف في “صعدة” وعودة حكومة “عبدربه منصور هادي”؛ إلى “صنعاء”.

زيارة تثير الدهشة..

لذلك فإن هذه الزيارة لم تتسّبب فقط في حيرة ودهشة النشطاء والمتابعون للتطورات اليمنية، وإنما كانت سبب تعجب الخبراء والمحللين، لأن خفض مستوى عداء السنوات الماضية بشكلٍ مفاجيء، وزيارة وفد سياسي بقيادة دبلوماسي صاحب خبرات وصلاحيات واسعة، والدعم الإعلامي السعودي للزيارة، وإبداء التفاؤل إزاء نتائج الزيارة، كلها بمثابة تغيير استراتيجي سعودي في التعامل مع الملف اليمني وقبول صانع القرار السعودي بالحقائق التي لا يمكن إنكارها.

هذا التغيير السعودية لم يكن طاريء وإنما يضرب بجذوره في تراكم الهزائم على مدى السنوات الماضية؛ في مواجهة (أنصار الله)، وعجز التحالف ضد “اليمن” في تحقيق أهدافه.

من جهة أخرى، كان الحل السريع للملفات الخلافية الإقليمية وتهيئة مجالات التعاون بين الطرفين السعودي والإيراني؛ بعد إقرار العلاقات الدبلوماسية بشكلٍ كامل، أحد متطلبات اتفاق المصالحة برعاية “بكين”، لأن استمرار النزاع على القضايا الخلافية من شأن تقويض مستقبل الاتفاق “السعودي-الإيراني” وتقوية احتمالات بروز توترات جديدة.

نتيجة الاتفاق “الإيراني-السعودي”..

لذلك يبدو أن الطرف السعودي؛ بالدخول المباشر وعلى مستوى رفيع، في المفاوضات مع (أنصار الله) يعتزم إنهاء هذا الملف بأسرع وقت والتخلص من تداعياته، ناهيك عن أن تسّوية الخلافات الإقليمية أو على الأقل إيجاد حلول لها هو أحد شروط المهلة المحددة لاستئناف العلاقات بين “طهران” و”الرياض”.

أضف إلى ذلك أن تجربة حرب السنوات الثمانية الماضية؛ أثبتّت أنه في حال تقرر أن يُحدد ميدان الحرب مجددًا مصير هذا “اليمن”، فإن هذه المسألة لن تتسّبب في توتير العلاقات “الإيرانية-السعودية”.

ورغم عدم وجود شكوك في عدم قدرة المأجورين السعوديين والإماراتيين؛ بجنوب “اليمن”، على استعادة “صنعاء” من (أنصار الله)، لكن من غير المسّتبعد أن تسّتولي (أنصار الله) على مدينة “عدن”؛ العاصمة اليمنية الثانية، لأنها تمكنت قبل ذلك ورغم ضعف الإمكانيات والتنظيم العسكري من تحقيق هكذا إنجازات.

كذلك تُعتبر زيارة الوفد السعودي بمثابة اعتراف رسمي بـ”حكومة الإنقاذ الوطني”؛ في “صنعاء”، وتهميش الأحزاب والفصائل السياسية والعسكرية المحسّوبة على “السعودية والإمارات”؛ في “اليمن”، ومن بينها حكومة “رشاد العليمي”. وقد سّعى التحالف “السعودي-الإماراتي”؛ على مدى السنوات الماضية، للحيلولة دون الاعتراف الرسمي بحكومة “صنعاء” في المعاملات الداخلية والخارجية عبر إنشاء مؤسسات وأجهزة حكومية موازية في مدينة “عدن”؛ جنوب “اليمن”.

وأخيرًا؛ فإن هذه الزيارة تُمثل ضوءً أخضر للدول الأخرى بإقامة علاقات مع (أنصار الله)، ويُتيح لحكومة “صنعاء” تهميش المؤسسات الموازية في “اليمن”؛ بحيث تستطيع ترميم الحكومة في “اليمن” سريعًا وبتكلفة أقل وتثبيّت مكانتها في هيكل السلطة اليمنية دون معارضة حقيقية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة