الديمقراطية ثقافة إنسانية كاملة ومطلقة!
فهل أن كلماتنا وعباراتنا وأفكارنا ديمقراطية؟
وهل نكتب بنهج ديمقراطي؟
الديمقراطية بحاجة , لشعر , وقصة , ومسرحية , وتمثيلية , وأغنية , ورواية وأفلام , وصور , وأهازيج تعبّر عنها وتقدمها للناس , لكي تكون من مفردات حياتهم اليومية.
فلنراجع إبداعنا , ونقيّم ما ننتجه , ونتساءل بشجاعة وإرادة واثقة بالعمل الجاد الصادق النزيه , عن الديمقراطية فيما نبدعه بجميع المجالات.
فالديمقراطية بحاجة لمثقفين يترجمون ثقافتها , ومبدعين يرسون دعائمها , فهي ليست من إختصاص المدعين بالسياسة , وإنما من حق كل إنسان ومسؤوليته , ومن ضرورات تقدمه وتحضره ومواكبته للمسيرة الإنسانية.
الديمقراطية مسؤوليتنا جميعا وبلا إستثناء!
إنها مصلحتنا ومصيرنا وحياتنا أجمعين!
نكتب عن الديمقراطية وكأنها تتوطن صومعتها العاجية التي لا يمكننا أن نتلمسها ونتحسسها , وإنما نتخيلها ونضفي عليها ما يجول في خواطرنا من التصورات والرؤى والنظريات.
وعندما نفتش عنها في إبداعاتنا وما تخطه أقلامنا , لا نجد لها أثرا واضحا ودورا فاعلا.
فأشعارنا وعباراتنا ومفرداتنا وقصصنا ورواياتنا ومسرحياتنا وتمثيلياتنا وأغانينا ورسوماتنا وكل ما نبوح به , يتسم بالدكتاتورية والإستبداد الصارخ , وهذا يعني أن هناك تنافر ما بين كوامن الذات والموضوع , وأن المسافة شاسعة فكريا ونفسيا وروحيا بيننا وبين النهج الديمقراطي , مما يترتب عليه إضطرابات سلوكية مدمرة للحياة ومعوقة للتقدم والرخاء.
ويسهم المثقفون بهذا الدور السلبي ويضعون العثرات الفكرية والنفسية أمام المناهج الديمقراطية , لتجاهلهم ضرورات التعبير عنها في ما يبدعونه ويكتبونه , وعدم إنتقائهم للمفردات والأفكار التي ترعى الروح الديمقراطية.
فلا يمكن للديمقراطية أن تكون إذا تجردت من الثقافة المتفقة معها , ولا يستطيع أي مجتمع أن يرسي دعائم تجربتها , إذا أصبح خاليا من مثقفيها ودعاتها والمبشرين بها بأعمالهم وعطاءاتهم الإبداعية المتنوعة.
ويبدو أن المعضلة التي تواجهها الديمقراطيات الوليدة في مجتمعاتنا , غياب المبدعين الديمقراطيين الحقيقيّن , وسيادة الأمية الديمقراطية.