18 ديسمبر، 2024 11:46 م

التلويح بالقسوة لتنشئة مجتمع حضاري .. قوانين مبالغة بقصد التقويم

التلويح بالقسوة لتنشئة مجتمع حضاري .. قوانين مبالغة بقصد التقويم

انطلاقا من صيغ المبالغة اللفظية، بلاغيا؛ شرعت دول قوانين فظيعة.. غير قابلة للتطبيق، ولم نسمع او نقرأ في مدوناتهم حالة تنفيذية لها.
القصد منها التلويح بأقسى العقوبات؛ لتقويم المجتمع على جادة السلوك الحضاري، سيرا على السراط المستقيم، دنيا؛ تؤدي الى جنة الآخرة، التي لا يلقاها الا ذو حظ عظيم، وكما يقول المثل الشعبي: “الزينات ينراد لها بختا”.
ثمة امم تتجذر الفوضى في جيناتها الوراثية، التصاقا بـ “الكروموسومات” المحددة للنوع البايلوجي؛ متنافرة مع كل إنموذج هادئ، لا ترتضي تأملا؛ فهي في ميل دائم للحماقات الهوجاء، إذا افترضنا، أقل منها الحماقات “غير الهوجاء!”.
وأمم يتسلط عليها شرارها، يسومونها مهانة الهمجية، نضحا من ذواتهم الهافية للتجبر على مقدرات الشعب، ناكصين به، في مهاوي الردى.
وأخرى يبتليها القدر بطغاة، يجرونها الى حروب تنتهي بعقوبات دولية، يسهمون هم أنفسهم بتكريسها، جزاء انتفاضة سأم من ويلات الهزائم، يعقبها هروب من ساحة المعركة الى حفرة منبوذة تقيأته الى حبل المشنقة، مخلفين بعدهم ارهابا وفيا لوعيدهم بتسليم البلاد ترابا.
ديكتاتور مهووس بالحروب، قاس بلادا بمسطرة قرية: “اللي ما يكاون ما نريدوا” ولم يصمد هو وولداه في “الكونة” عندما طالت عرشه؛ فروا قبل وصول الجيوش الاجنبية، بعد ان كانوا يجبرون الناس على المواجهة، حين وصلتهم لم يطيقوا صبرا…
تبعات هذا التراكم، تظهر في انفلات المدينة من عقال الحضارة؛ الذي اضطر الفهرر ادولف هتلر، من قبل، الى اصدار قرار بمكافأة لمن يدهس عابرا يخترق الشارع من غير خطوط العبور.
وقوانين من هذا القبيل، صدرت في دول كثيرة، للحد من تقمص روح الهمجية.. قوانين تبدو قاسية، لكنها لتدريب الهمج على التأمل؛ فهم لا يحسنون التفاهم، الا مع الاقوى منهم.. هكذا أنشأتهم حكومات دالت لها الدنيا، فلم تحسب سوى منفعتها، المرهونة بمضرة الناس.
ما يجعل تشريع قانون شديد، حاجة جوهرية، الآن؛ كي ينسلخ المخالفون عن بعثرة تخبطاهم، انتظاما في صف النسق الايجابي، الذي يستثمر جهودهم في انجاز مشهود، ويرتقي بملكاتهم للتفاعل مع المستوى الراقي وجوديا؛ يجمل الحياة وييسرها ويمتن عرى انتماء الفرد للمجموع قوياً.
فثمة مبالغات، ترسب المعنى في الذاكرة، كلما تقشر المعنى مكث الجوهر، وتلك هي القوانين المبالغ بها، تتخفف ويبقى تنفيذها جار، الى ان يتحول الى بديهة تلقائية، من ضمن تقاليد المجتمع المعتادة.