18 يونيو، 2025 11:14 ص

على أراض “الخرطوم” .. حرب إقليمية بـ”الوكالة” ستندلع حال تصاعد الاشتباكات لحرب أهلية !

على أراض “الخرطوم” .. حرب إقليمية بـ”الوكالة” ستندلع حال تصاعد الاشتباكات لحرب أهلية !

وكالات – كتابات :

تحمل المعارك التي اندلعت منذ 03 أيام في “السودان”؛ كل علامات حربٍ أهلية محتمَلة، وهي حرب مرشحة أن تطول وما قد يعني: “ذلك من تدخل محتمَل لقوى خارجية، خاصة في ظل موقع السودان وأهميته وحدوده الواسعة”، فمن من القوى الدولية والإقليمية ستقف مع الجيش السوداني، ومن مع “الدعم السريع”، وهل يتطور الأمر لحرب إقليمية أو صراع دولي ؟

المعارك الحالية؛ هي بين أكبر قوتين في البلاد، وهما جيش البلاد، بقيادة الرئيس السوداني والقائد الأعلى للقوات المسّلحة؛ الفريق “عبدالفتاح البرهان”، و”قوات الدعم السريع”؛ بقيادة نائب الرئيس “محمد حمدان دقلو”، وهي تدور في العاصمة؛ “الخرطوم”، ومدن أخرى.

يقول “آلان بوزويل”، كبير المحللين لمنطقة “القرن الإفريقي”؛ في “مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية”، لصحيفة (فايننشال تايمز) البريطانية: “يملك كلا الطرفين قواعد في البلاد. وكلاهما يعتبر هذه المعركة وجودية. هذا صراع خالص على سلطة الحكم في السودان”.

وقال “بوزويل”؛ إن: “هذه الحرب تُبدد أي آمال في استعادة الحكم المدني سريعًا”، وأضاف أنها: “قد تؤدي إلى تدخُّل كثير من الأطراف الخارجية”، وأن: “آثارها قد تمتد إلى خارج حدود السودان، إذا لم تتوقف قريبًا”.

وكتب “مات ناشد”؛ في مجلة (New Lines) الأميركية: “والآن، قد يتحول هذا القتال إلى صراع طويل الأمد، ويخشى كثيرون أن تجّر هذه الحرب رعاة إقليميين ودولاً مجاورة مثل: تشاد ومصر وإريتريا وإثيوبيا. وفي النهاية، لا أحد يعرف من سيهزم الآخر، لكن هذا الصراع قد يقلب المنطقة رأسًا على عقب”.

أبرز الأطراف الخارجية المؤثرة في “السودان”..

وفي حين أن هذه الفوضى في “السودان” قد تمتد إلى خارج الحدود، فهي تغذيها، جزئيًا، أطراف خارجية، فالنظام المؤقت الذي يُهيّمن عليه “البرهان” و”حميدتي” تدعمه: “الإمارات والسعودية” بمليارات الدولارات، حسّبما ورد في تقرير لصحيفة الـ (واشنطن بوست) الأميركية.

بينما يُنظر إلى الدول العربية الرئيسة؛ مثل: “مصر”، وأغلب دول الخليج، بأنهم حلفاء لمُجّمل القوى العسكرية الحاكمة في “السودان”؛ بقيادة “البرهان” و”حميدتي”، معًا، فإن مواقف هذه الدول قد تتبّاين في حال الخلاف بين الرجلين.

وعّززت “مصر” دعمها لقوات “البرهان”، بينما نسّجت “السعودية والإمارات” علاقات قوية مع “حميدتي”.

أما “الولايات المتحدة” فتزعم بأنها راعية القوى المدنية لحدٍ كبير، مع احتفاظها بعلاقات وثيقة مع الجيش السوداني و”الدعم السريع” على السواء.

فيما أقامت “روسيا”، علاقات واتصالات مع قوات “حميدتي”. وانتهى المطاف بالمقاتلين السودانيين، وخاصة من “دارفور”، في الخطوط الأمامية للحرب التي تقودها “السعودية والإمارات”؛ في “اليمن”، وكذلك الحرب في “ليبيا”، التي تنخرط فيها قوى إقليمية، مثل: “الإمارات وقطر وليبيا وروسيا”.

“روسيا والإمارات” تُريدان بناء قاعدة على ساحل البحر الأحمر..

وتستهدف قوى إقليمية مختلفة الساحل السوداني المُطّل على “البحر الأحمر”، ومنها “روسيا” التي تعمل على إبرام اتفاق لإنشاء قاعدة بحرية في “السودان”، ستمنح “موسكو” طريقًا إلى “المحيط الهندي”؛ بحسّب ادعاءات الآلة الدعائية الأميركية وتوابعها من وسائل إعلام عربية.

وكذلك “الإمارات”، التي: “تأمل في حماية مصالحها الاستراتيجية طويلة الأمد في السودان، مثل قدرتها على إبراز قوتها العسكرية والاقتصادية في اليمن والقرن الإفريقي من الموانيء والمنشآت الأخرى هناك، وفي كانون أول/ديسمبر عام 2022، بالتزامن مع الاتفاق الإطاري بين الجيش السوداني والقوى المدنية، وقّعت الإمارات والسودان اتفاقية بقيمة: 06 مليارات دولار مع شركتين إماراتيتين لبناء ميناء جديد على ساحل البحر الأحمر السوداني”، وفقًا لما أشار إليه موجز سياسي من مركز (صوفان) الاستشاري للشؤون الأمنية.

تُساعدان “حميدتي” على بيع الذهب..

وتزعم تقارير غربية أن “قوات الدعم السريع”؛ بقيادة “حميدتي”، تُسّيطر على الجزء الأكبر من مناجم الذهب المُربحة في “السودان”، التي منحته مصدرًا مستقلاً للتمويل تغذيه تجارة غير مشروعة في الذهب الخام المهرَّب، الذي يدعي محللون غربيون إنه يشق طريقه إلى “الإمارات وروسيا”، يجعل ذلك البلدين مهمين لـ”حميدتي”، ويجعلهما قادرين على الضغط عليه، رغم أن الذهب عادة يمكن إيجاد زبائن آخرين له.

ويدعي موقع (ميدل إيست آي) البريطاني (التابع للآلة الدعائية الأمنية الأميركية)؛ إن وجود مجموعة (فاغنر) في “السودان” والمنطقة المحيطة أمر مثُبت؛ (دون تقديم أي دليل على صحة مزاعمه).

ويزعم أن “حميدتي” مرتبط بـ (فاغنر)، من خلال ميليشيا “قوات الدعم السريع”؛ وله علاقات وثيقة مع “موسكو”، التي زارها مع بدء الحرب في “أوكرانيا”.

وهناك تقارير غربية غير مؤكدة؛ عن توفير الروس لتدريب “قوات الدعم السريع”، إضافة لتقديم “موسكو” عربات مدرعة لها.

ويخشى محللون غربيون من توسّع نفوذ (فاغنر)، التي تُقّيم علاقات مع الأنظمة الانقلابية في: “مالي وبوركينا فاسو”، ونفذت عمليات لصد التمرد في “جمهورية إفريقيا الوسطى”. وحذّر مسؤولون فرنسيون تحديدًا من نفوذ (الكرملين) المتزايد في منطقة الساحل المضطربة.

وكتبت “خلود خير”، المحللة المقيمة في “الخرطوم”: “في عالم ما بعد الغزو الأوكراني، علاقة حميدتي الواضحة مع شركة المرتزقة الروسية؛ (فاغنر)، وضعته في مرمى نيران المكائد الدولية في منطقة الساحل”؛ بحسب ادعاءاتها المضللة.

“مصر” من أقوى المؤيدين لـ”البرهان”..

أما “القاهرة”، فترى في احتمالية القضاء على “حميدتي” فرصة قوية لا ترغب في تفويتها، والتوقيت مناسب في ظل تركز الاهتمام الغربي على وقف تأثير الدومينو الناجم عن إدارة المستعمرات الفرنسية السابقة ظهورها لـ”باريس” وتوجهها لـ”موسكو”، حسّبما ورد في تقرير لمجلة (New Lines) الأميركية.

و”مصر”، التي دعمت مؤخرًا مبادرات “السعودية والإمارات” في المنطقة، من أقوى المؤيدين لـ”البرهان”، الذي تعتبره “القاهرة” حصّنًا للاستقرار وحليفًا محتملاً في الخلافات الجيوسياسية مع “إثيوبيا” حول بناء “سّد النهضة”.

وتحتجز قوات “حميدتي”؛ مجموعة من الجنود المصريين المنتشرين في “السودان”، وهي خطوة قد تؤدي إلى توسّيع دائرة الصراع.

وأعلنت “مصر”، في بيان لـ”وزارة الخارجية”، الإثنين 17 نيسان/إبريل 2023، أنها أبلغت: “الطرفين السودانيين” في الأزمة الحالية، ضرورة وقف إطلاق النار، وأنها تُنسّق مع “السعودية” جهود إنهاء الأزمة.

وكان لافتًا تصريح السياسي المخضرم الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية؛ “عمرو موسى”، عن أن: “بعض المصالح العربية قد تتعارض مع مصالح مصر الأكثر عمقًا بالسودان”، وقال: “هنا يُتوقع من مصر وقفة صريحة وجريئة، إذ إن مصالحنا الحيوية في تلك المنطقة بأسّرها أصبحت مهددة وعلى المحك”.

وأكد في تغريدة أخرى أنه: “يتوقع سياسة ديناميكية من جانبنا وجولات نشطة للدبلوماسية المصرية على مختلف مسّتوياتها، علنية وسّرية، في المجالين العربي والإفريقي، تحجز موقعًا رئيسًا لمصر في مسّار الأمور، وتقضي على محاولات الاستبعاد من الاتصالات الجارية حاليًا”.

“إثيوبيا وإريتريا” مع من تقفان ؟

“إثيوبيا وإريتريا”؛ أصبحتا حليفتين منذ تولي رئيس الوزراء؛ “آبي أحمد”، السلطة؛ حيث استخدم القوات الإريترية لقمع متمردي (جبهة تحرير تيغراي)، والدولتان تاريخيًا لهما تأثير كبير في “السودان”، خاصة شرقه، وجنوبه (بالنسبة لإثيوبيا).

وتوسّط “آبي أحمد”؛ بين المعارضة السودانية وبين الجيش السوداني، ولكن بعد اندلاع الحرب في “إقليم تيغراي” استغل الجيش السوداني الحرب للتوغل في منطقة “الشفقة” السودانية لاستعادتها من أيدي العصابات والمزارعين الإثيوبيين. كما كان موقف “السودان” في بعض الأوقات أقرب لموقف “مصر” في أزمة “سّد النهضة”.

قد يعني ذلك أن “آبي أحمد” قد يميل لتأييد “حميدتي” في مواجهة “البرهان”، خاصة أن قائد “قوات الدعم السريع” يحظى بدعم خجول من القوى المدنية، التي هي بدورها يُنظر لها أنها كانت راضية بوسّاطة “آبي أحمد”.

وفيما بدا أنه تبادل للتحذيرات الضمنية بين “مصر” و”إثيوبيا”، أشار “عمرو موسى” إلى أن: “احتمال استغلال إثيوبيا للوضع يُفّاقم مشكلة السّد بالنسبة لنا”.

كما قال “محمد العرابى”؛ وزير الخارجية المصري الأسبق، إن “إثيوبيا” تسّعى للاستفادة من مشاكل “مصر” و”السودان”، وسّبق لها أن استغلت ثورة 25 كانون ثان/يناير فى بناء السّد، موضحًا أنهم سيُحاولون استغلال الوضع في “السودان” بنفس الطريقة.

في المقابل؛ حذّر رئيس الوزراء الإثيوبي؛ “أبي أحمد علي”، مما وصفه: بـ”أية محاولات ذات دوافع وأجندات خفية للتدخل في الشأن السوداني تسّعى لتدمير مقدرات البلاد”.

وقال “أبي أحمد”؛ في بيان الإثنين: “نحن في إثيوبيا لدينا إيمانٍ راسّخ بأن الشعب السوداني الأبي لديه كل الحكمة لتجاوز هذه المحنة التي يمر بها الآن”، معتبرًا أنه: “من الصواب أن يترك له حلها بنفسه، وأن أي تدخل في الشأن السوداني يجب أن يكون هدفه فقط قصد تحقيق المصالحة بين الأشقاء وإحلال السلام، معربًا عن إدانته بشدة كل المحاولات التي تسّعى للتدخل في الشأن السوداني بطرق غير مشروعة”.

الدول الغربية نفوذها محدود..

وقد حثّت مجموعة من الحكومات الأجنبية، من ضمنها الأميركية والسعودية والإماراتية، على وقف القتال. لكن كلا القائدين العسكريين يتوعدان بعضهما بسّحق الآخر، ولم يُبّديا أي نية للتراجع، “الدول الغربية نفوذها محدود الآن”، حسبّ صحيفة الـ (واشنطن بوست):

فـ”السودان”؛ في عُزلة كبيرة منذ استيلاء “حميدتي” و”البرهان” على السلطة في انقلاب 2021؛ ضد رئيس الوزراء السابق؛ “عبدالله حمدوك”، الذي أنهى حكومة مدنية قصيرة العمر. والدولة المثقلة بالديون بحاجة ماسّة إلى عشرات المليارات من الدولارات لدعم اقتصادها المحتضر، لكن إبرام صفقات يبدو مسّتبعدًا ما دام الرجلان يتقاتلان على السلطة. وقد انهار اقتصاد “السودان” بعد استقلال الجنوب الغني بالنفط عام 2011، والتضخم المفرط يُغذي الاحتجاجات الشعبية المتكررة.

وقد أدت إطاحة “البشير” إلى خروج “السودان”، ثالث أكبر دولة في “إفريقيا”، من عُزلته إلى حدٍ ما. إذ رفعته “وزارة الخارجية” الأميركية من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فيما زار “البرهان” و”حميدتي” عواصم العالم المختلفة. لكن “خلود” وشخصيات أخرى في المجتمع المدني السوداني يرون أنه في هذه الظروف الحالية، لا يصح دعم أي من الحاكمين العسكريين لتهدئة الموقف.

تقول “داليا محمد عبدالمنعم”، وهي من سكان “الخرطوم” وصحافية سابقة، لصحيفة الـ (واشنطن بوست): “جميع النشطاء والمدنيين كانوا يُحذرون؛ طوال الوقت، من الثقة بهما. فهما قاتلان؛ ويقتلان منذ 30 عامًا. هذان هما من كان المجتمع الدولي يُحاول استرضائهما”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة