خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
في الفترة ما قبل العام 2019م، اتبعت “الإمارات”، في إطار التشّبه بـ”أسبرطة الصغرى”، إجراءات تدخلية، وهجومية، ومكلفة في المحيط الإقليمي وفوق الإقليمي، لكن تدريجيًا طرأ تحول ملموس على السياسات الخارجية الإماراتية منذ العام 2021م، نتيجة المتطلبات الداخلية، والإقليمية، والدولية.
وفي هذه المقالة؛ بحث “علي أسدي”؛ باحث دكتوراه في العلاقات الدولية بجامعة العلامة “طباطبائي”، والمنشورة على موقع “مركز الشرق الأوسط للبحوث العلمية والدراسات الاستراتيجية” الإيراني، عبر ثلاث خطوات في إجابة على الأسئلة التالي: ما هي ماهية التطورات التي طرأت على السياسة الخارجية الإماراتية؛ في الفترة (2019 – 2023م)، وما هي المكونات الرئيسة لذلك ؟.. ما هي تداعيات هذه السياسات على “الجمهورية الإيرانية” ؟..
وللإجابة لنتصور أن هذا التطور كان عبارة عن: التعامل الاقتصادي المتوازن والذكي، وتشكيل الممر “الهندي-العربي-المتوسطي”، كبديل عن ممر الترانزيت الدول “الشمال-الجنوب”، عن طريق ميناء “چابهار”، وبالتالي عدم تشكيل منتدى التجارة الهندي مع “روسيا وآسيا الوسطى” على السواحل الإيرانية، والتعامل مع هذا البلد كقوة تجارية واقتصادية في غرب “آسيا” من جانب الجهات الدولية الفاعلة الأخرى، ووصل الاقتصاد العراقي بالتركي والإماراتي وإضعاف الأمن القومي الإيراني، وكلها تندرج تحت زمرة التأثيرات التي تتعرض لها “الجمهورية الإيرانية”.
الخطوة الأولى..
في الفترة ما قبل العام 2019م، اتبعت “الإمارات” إجراءات تدخلية، وهجومية، ومكلفة في المحيط الإقليمي وفوق الإقليمي، من مثل الانقلاب في “مصر”، والتطورات الليبية، والسودانية، والحرب اليمنية، لكن تدريجيًا طرأ تحول ملموس على السياسات الخارجية الإماراتية؛ منذ العام 2021م، نتيجة المتطلبات الداخلية أولًا؛ (مثل تضاءل اقتصاد هذا البلد بنسّبة: 6.1%، عام 2020م، نتيجة انتشار وباء كورونا المسّتجد، وتراجع صادرات الطاقة بنحو: 36% بسبب نقص الطلب العالمي، وتفعيل البند الوارد في رؤى 2030م و2071م؛ بشأن أولوية الاقتصاد في السياسية الخارجية، والمعارضات الداخلية في دبي والشارقة ورأس الخيمية لمداخلات؛ ابن زايد، في أمور الدول الأخرى)، والإقليمية ثانيًا: (مثل الفشل في الإطاحة بنظام البعث السوري، تراجع تكلفة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وإجراءات بعض الأطراف الفاعلة المحلية وغير المحلية بالمنطقة في التخلص من مشروع المٌسيّرات، والاستيلاء على ناقلة النفط البريطانية)، وأخيرًا الدولية: (مثل النظام الأميركي الجديد في الشرق الأوسط، واتفاقية السلام الإبراهيمي وتطبيع العلاقات مع الطرف العبري، وضغوط حقوق الإنسان في الحرب على اليمن، ودخول روسيا والصين في ترتيبات أمنية إقليمية حتمية، وغيرها).
الخطوة الثانية..
بالنظر إلى التكاليف المادية والمعنوية الباهظة، يحظى نموذج التعامل الذكي والمتوازن القائم على أربعة محاور أساسية هي: (الحد من التوتر الإقليمية، اتخاذ رؤية متوازنة بين الشرق والغرب، والمشاركة في التحالف الإقليمية “كواد-2″، والإسراع في توقيع اتفاقيات تجارية مع الدول الهدف)، بقبول القيادات الإماراتية.
وعليه اكتسّب خطوة الحد من التوتر الإقليمي وترميم العلاقات مع الأطراف المثيرة للتحديات في السياسات الخارجية الإماراتية الأهمية.
وفي خطوة متوقع تقدم “الإمارات” نفسها للبيئة المحيطة باعتبارها أول دول عربية تعقد اتفاقية تجارة حرة مع “إسرائيل”. ونظرة على محتوى وفصول اتفاقية تطبيع علاقات “تل أبيب-أبوظبي” في مجالات النقل الجوي، والتعاون العلمي في مواجهة (كورونا)، السياحة، والزراعة والمياه، والمصارف والشؤون المالية، والموانيء، التكنولوجيا المتطورة، والتجارة النفطية، وافتتاح سفارة إسرائيلية في “الإمارات”، والتعاون الأمني والاستخباراتي، إنما يؤشر إلى اعتبار اللاعبان العربي والعبري؛ اللعبة التي هي نتاج جمع جبري مزدوج مرغوبة.
بالتوازي مع ذلك، “أبوظبي” التي كانت ترغب بل ومن السابقين إلى ابتاع سياسية إثارة التوتر وفرض ضغوط الحط الأقصى على “طهران”؛ لاسيما بعد صعود “دونالد ترامب” إلى الرئاسة في “الولايات المتحدة الأميركية”، وقامت بالعديد من الإجراءات المعادية لـ”الجمهورية الإيرانية” مثل إغلاق الحساب التجاري، وطرد المعلمين الإيرانيين في “العين”، وخفض مستوى العلاقات مع “طهران”، وتحفيز “واشنطن” على الخروج من “الاتفاق النووي” وتنفيذ هجوم عسكري وغيرها، قامت بانعطاف ملحوظ بالتأييد والتماهي مع السّيادة الحكومية وسائر دول الخليج، لاسيما بعد استلام إدارة “جو بايدن” عملها في “الولايات المتحدة” وانطلاق مارثون مفاوضات إحياء “الاتفاق النووي”، عبر مجموعة من المسّاعي والجهود الدبلوماسية التي تهدف إلى تحسّين العلاقات مع “طهران”.
وفي هذا الصّدد طالب مستشار الأمن القومي الإماراتي في زيارة إلى “طهران”؛ بتشكيل ورش عمل متخصصة للتعريف بإمكانيات التعاون في مجالات الطاقة، والنقل، والسلامة، والاقتصاد والتأكيد على التزام هذه الورش بتقديم حلول للتغلب على عقبات التعاون بين البلدين.