سؤال إيراني .. هل تخرج “الإمارات” بالفعل عن المدار الأميركي ؟ (2)

سؤال إيراني .. هل تخرج “الإمارات” بالفعل عن المدار الأميركي ؟ (2)

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

مع تغيّر السياسيات الأميركية في منطقة “غرب آسيا” اتخذت الكثير من دول المنطقة؛ وبخاصة العربية منها، قرارًا بشأن إعادة النظر في مباديء سياساتها الخارجية بما يتناسب والأوضاع الجديدة، والتحول باتجاه توسّيع نطاق العلاقات مع سّائر أقطاب القوة الحديثة: كـ”الصين وروسيا والهند”؛ بحسّب تقرير أعده موقع (راهبرد معاصر) الإيراني.

وربما في ضوء هذا النظام الجديد تكون “الإمارات” الأسبق في إعادة تعريف علاقاتها مع القوى الجديدة، وهو ما تسبب في تداول الأوساط “العلمية-البحثية”؛ سؤال بشأن إمكانية خروج “الإمارات” عن المدار الأميركي والكتلة الغربية بشكلٍ كامل ؟

تحسّن العلاقات مع “إيران”..

مع احتدام الحرب الخفية بين “إيران” و”الكيان الصهيوني”؛ في مياه الخليج و”بحر عُمان”، سّعى “طحنون بن زايد”؛ مستشار الأمن القومي الإماراتي، بزيارة “طهران”، إلى إعادة الأمن مجددًا إلى موانيء “الفجيرة” و”جبل علي”، والحيلولة دون تحول “الإمارات” إلى ميدان حرب بالوكالة.

كذلك فقد أثبتّت هجمات (أنصار الله)؛ على مطارات ومنشآت “أبوظبي” و”دبي”، ضرورة وسّاطة الطرف الإيراني للعمل على وقف الهجمات اليمنية. وقد سّعى الإماراتيون في ضوء ما سبق؛ إلى الخروج عن المدار الأميركي؛ (بشكلٍ سّري)، عّبر تقديم بعض الامتيازات؛ مثل زيادة الاستثمارات في “إيران”، والتعاون مع “طهران” على الالتفاف على العقوبات الأحادية الأميركية، وبيع “النفط الإيراني” وتوفير مصادر العُملات الأجنبية.

كذلك فإن تصاعد وتيرة التحركات الدبلوماسية بين “أبوظبي” و”دمشق”؛ بغرض عودة الأخيرة إلى “الجامعة العربية”، أحد اهم إنجازات تحسّن العلاقات “الإيرانية-الإماراتية”. وتتبادل “الإمارات” و”سوريا” الزيارات؛ في حين تعتبر “واشنطن” أحد الأطراف الرئيسة التي تُعارض عودة “دمشق” إلى العالم العربي، وتُهدد جميع الدول بردود فعل غاضبة وعقوبات.

ووفق الخبراء، فقد كان للوسّاطة الإماراتية تأثير بالغ وهام على إذابة جليد علاقات “دمشق”؛ مع الكثير من الدول، وبخاصة “المملكة العربية السعودية”.

“أميركا” تخدع “الإمارات” في مجال السلاح..

تُعتبر “الإمارات” رابع وجهة للسلاح الأميركي، ومع هذا ماتزال تقف في طابور الدول الراغبة في شراء مقاتلات (f-35) الاستراتيجية.

وبحسّب تقارير خبراء في شؤون شرق آسيا ووسائل الإعلام الغربية، كان أحد الشروط الرئيسة للحصول على مقاتلات الجيل الخامس ومنظومة دفاع جوي على غرار (القبة الحديدية)، تطبيع العلاقات مع “الكيان الصهيوني” والانضمام إلى “الاتفاقيات الإبراهيمية”، لكن “واشنطن” لم تكن صادقة؛ وكذلك “تل أبيب”، في الوفاء بوعودهما.

وكانت “الإمارات”؛ وقعت في العام 2020م، اتفاقية شراء: 50 مقاتلة طراز (f-35)؛ وعدد: 18 مُسّيرة استراتيجية وغيرها من معدات عسكرية؛ بقيمة: 22 مليار دولار، لكن هددت “أبوظبي” بإلغاء الاتفاقية بشلل صعوبة العملية الأمنية الأميركية.

وتعتقد وسائل الإعلام ومراكز الدراسات المعنية بمشكلات غرب آسيا، أن من أسباب عرقلة تنفيذ الاتفاقية العسكرية بين “الإمارات” و”الولايات المتحدة”؛ هو الخوف أولًا: من سّرقة أو بيع التكنولوجيا الأميركية إلى الدول المنافسة، ثانيًا: المحافظة على التفوق الجوي لـ”الكيان الصهيوني”.

علاوة على ذلك؛ فإن عدم تعاون الغرب الكامل مع “الإمارات” في الأزمة اليمنية، كان سببًا في تحرك هذا البلد الخليجي باتجاه تطوير التعاون مع “روسيا والصين”، ثم العمل على الخروج من “اليمن” مؤخرًا، في إطار المحافظة على الأمن القومي لـ”أبوظبي” و”دبي”.

في ظل هذه الأجواء؛ قرر “محمد بن زايد”، المضي قدمًا على صعيد تطوير العلاقات مع القوى العالمية الجديدة بالتوازي مع المحافظة على العلاقات الاستراتيجية مع “واشنطن”.

بعبارة أخرى، لن يبقى الإماراتيون ضمن المنظومة الأميركية فقط، وإنما يتطلعون إلى علاقات مشابهة مع سائر الأطراف الأخرى.

الخلاصة..

في النظام “الدولي-الإقليمي” المتّنامي، تسّعى “الإمارات”؛ من خلال الرصد الدائم للمتغيرات والتطورات، إلى القيام بدور مختلف فيما يرتبط بالعلاقات مع القوى العالمية وزيادة ثقلها في المعادلات المستقبلية لمنطقة غرب “آسيا”.

ومن متطلبات السياسية الخارجية انفصال “أبوظبي” عن “الولايات المتحدة الأميركية”؛ والتقارب مع مدار القوى الجديدة مثل: “الصين وروسيا وإيران وتركيا”.

والمؤكد أن هذا الموضوع لا يعني انسحاب “أبوظبي” الكامل عن مدار “واشنطن”، لكنه يُثبت ميل ورغبة هذه الإمارة لإعادة تعريف علاقاتها المتميزة مع الجهات الفاعلة.

حاليًا يجب أن ننتظر ونرى هل تتحمل “الولايات المتحدة”؛ هذا التغيير في التوجهات الإماراتية، أم ستحول دون ذلك باتخاذ رد فعل قوى.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة