وكالات – كتابات :
أعربت صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية عن مخاوف إزاء تطورات المصالحات الجارية في المنطقة، بما فيها المصّالحة “السعودية-الإيرانية”؛ التي توسّطت فيها “الصين” و”العراق”، وهو ما قد يكون له تداعيات على “إسرائيل”، منها تحول التركيز على الصراع مع “فلسطين” وما يجري في “الضفة الغربية” و”قطاع غزة”.
رياح التغيير..
وتحت عنوان: “رياح التغيير في الشرق الأوسط”، ذكرت الصحيفة الإسرائيلية في تقريرٍ لها، أن: “عصر الدبلوماسية بدأ يظهر في الشرق الأوسط، حيث تصالحت السعودية مع إيران في صفقة توسّطت فيها الصين وبدعم من العراق، وهي صفقة رئيسة يمكن أن تحِد من إحدى بؤر التوترات الرئيسة في المنطقة”.
ولفت التقرير الإسرائيلي، إلى أن للصفقة السعودية تداعيات سريعة على “اليمن”؛ وستكون هناك نهاية وشيكة للصراع، بالإضافة إلى وجود تحركات من أجل المصالحة بين “مصر” و”تركيا” قد تُسّاعد في الحد من الاشتباكات في “ليبيا”، إلى جانب محاولات لإنهاء الصراع السوري.
واعتبر التقرير، كل هذه التطورات يمكن أن تقود فجأة إلى إنهاء عقود من الحروب في “الشرق الأوسط”، متسائلاً عما إذا كان صعود السلام في الشرق الأوسط، سيؤدي إلى تحويل التركيز نحو الصراع “الإسرائيلي-الفلسطيني” ؟
وأوضح، أن: “هناك افتراضًا قائمًا؛ منذ سنوات، بأن الصراع (الإسرائيلي-الفلسطيني)، ولأسباب متعددة، أصبح خارج دائرة ضوء الاهتمام، حيث أن الولايات المتحدة، بعد سنوات من التركيز على؛ (خرائط الطريق)، المختلفة للسلام في المنطقة، أصبحت تولي أهمية أكبر للخصوم المتمثلين: بروسيا والصين، في وقت ساعد الغزو الروسي لأوكرانيا في الانتقال نحو هذا التركيز، فيما تقوم الصين بتعّزيز دورها ونفوذها على مستوى العالم”.
دبلوماسية المنطقة..
وما بين تخلي “الولايات المتحدة” عن خطط “السلام” المختلفة وانتقالها للتركيز على “الصين” و”روسيا”، أصبح هناك ميل للاعتقاد بأن “الصراع”؛ الذي سّيطر على الكثير من المناقشات منذ السبعينيات قد يكون على وشك التراجع، في وقتٍ يشهد الإرهاب تراجعًا، ويجري الابتعاد عن التركيز على: “مكافحة التمرد” مع عودة المنطقة إلى الدبلوماسية.
ومن تداعيات ذلك، قال التقرير العبري أنه سيكون هناك فرص أقل لظهور جماعات مثل (القاعدة) و(داعش) والشبيهة بهما؛ التي زرعت النزاعات في كل مكان، وذلك ما سيجعل من “الضفة الغربية” و”غزة”، تحت تركيز أكبر، وفقًا للتقرير الإسرائيلي.
ورأى التقرير، أن: “واشنطن تُركز على موسكو وبكين، ويتم الحد من وجود الجماعات الإرهابية، وهناك فراغ نشأ وتُحاول دول المنطقة تعبئته بالقيام بالأمور بمفردها”، مشيرًا إلى أن: “السعودية تُشكل مثالاً رئيسًا على هذه السياسة المستقلة، في حين أن هناك دولاً أخرى، مثل مصر وتركيا والإمارات والعراق تتبع سياسة المناورة، ولا يبدو أن أيًّا منها يُركز بشكلٍ خاص على القضية (الإسرائيلية-الفلسطينية)”.
واعتبر التقرير الإسرائيلي أن ذلك لا يعني أن هذه الدول لن تأتي في نهاية المطاف للاقتراب من هذه القضية، مضيفًا أن: “هناك رياح التغيّير تهب، وهي تُشبه التغييرات التي جرت خلال حقبة الخمسينيات وأيضًا خلال التسعينيات”.
وأشار إلى أن: “المنطقة تحولت خلال الستينيات نحو القومية العربية مع تلاشي القوى الاستعمارية، ثم في تسعينيات القرن الماضي، انتهت الحرب الباردة وأصبحت المنطقة جزءًا من الهيمنة العالمية للولايات المتحدة.
عراق “صدام”..
ولفت التقرير الإسرائيلي؛ إلى أن: “ضعف الأنظمة العربية أدى مثل (عراق صدام)، إلى حقبة مختلفة، وتنامت الجماعات الإسلامية وعادت الملكيات إلى الهيمنة مرة أخرى، بينما تلاشى التمويل السوفياتي والأسلحة، وسقط زعماء اليمن وليبيا ومصر وتونس”.
وبينما حصل الفلسطينيون على الدعم داخل “الأمم المتحدة”؛ خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، فإن نهاية الحرب الباردة في التسعينيات؛ قادت إلى “اتفاقيات أوسلو”، لكن “الدولة الفلسطينية” لم تظهر، وتأثر الفلسطينيون برياح التطرف التي كانت تجتاح المنطقة، وظنت جماعات مثل: (حماس)، أن التفجيرات الانتحارية يمكن أن تُحقق الانتصار على “إسرائيل”.
وبحسّب التقرير؛ فإن الفلسطينيين خسّروا ووصل بهم الأمر إلى الاعتماد على مهندسي الصواريخ الإيرانية ومحاصرين في “غزة”، مضيفًا أن: “كل الأمور تتغير في النهاية، حيث يقوم قادة (حماس) بالسفر جوًا في أنحاء المنطقة، والآن قد يسّتفيدون من تحول التركيز الإيراني على اليمن”.
عدو لـ”إيران”..
وفي الوقت نفسه: “فإن النظام الإيراني يحتاج إلى عدو ليقاتله، وهو سينقل الموارد من اليمن إلى العراق وسوريا ولبنان، وسيقوم بتعزيز الإرهاب والجماعات المسّلحة في غزة والضفة الغربية”، بحسّب التقرير.
وأضاف أنه ما إن: “تشعر إيران أن الوقت قد حان لتفعيل هذا المفهوم الجديد، فإنه من المُرجّح أن تبدأ في زيادة الضغط على إسرائيل، وهي قامت بذلك بالفعل في أوائل نيسان/إبريل (الحالي)؛ من خلال طائرة مُسيّرة من سوريا، وإطلاق صواريخ (حماس) من لبنان؛ ودعم مجموعة صغيرة في سوريا لإطلاق صواريخ على إسرائيل؛ والتشجيع على مزيد من الاشتباكات في جنين ونابلس، بالإضافة إلى إنها رتبت اجتماعًا لحركة (الجهاد الإسلامي) الفلسطينية في بغداد، فيما كان (قائد حماس) إسماعيل هنية؛ يتجول في بيروت في الشهر نفسه”.
وتابع التقرير أن: “هنية؛ نفسه يسّعى للتواصل مع السعودية التي أبرمت صفقة لتوها مع إيران التي هي نفسها كانت وراء إطلاق الصواريخ على إسرائيل خلال عيد الفصح”.
ونوه التقرير الإسرائيلي، إلى أن: “إيران تقوم بخطوات مهمة حتى عندما تدعي أنها تبرم (السلام) مع السعوديين، فهي في الوقت نفسه تضغط من أجل الحرب مع إسرائيل”.
وخلص التقرير إلى القول إن: “رياح التغيير في المنطقة والحقبة الجديدة للدبلوماسية، والأولويات المتبدلة للولايات المتحدة، والأولويات المتغيرة لإيران، يمكن أن تُضّاف جميعها إلى التحركات التي تُعيد الضفة الغربية وغزة إلى دائرة الضوء”.