هذه الاهزوجة قالها حسين احد ابطال رباعية الكبير شمران الياسري، والمناسبة ان ناصر ابن حسين اصطحب حمزة ابن خلف الى المقهى ليطلعه على سر عمل الراديو، والكلام على لسان حمزة، نادى ناصر صاحب المقهى وجعلني احرك ازرار الراديو، واصغي الى تنفس المذيع من لندن، فقاطعه حسين وهوس: ايكح ابلنده وحسّه اهنا، وجاهر حسين بتصديقه لرواية حمزة، ليس ثمة مستحيل بعد الآن، وقد امتلك الانسان سر عجن الحديد وقولبته كما يريد…. هناك حديث نبوي يقول: اذا تكلم الحديد وقرب البعيد، قاطعه خلف على الفور مؤيدا لقد قرب البعيد بصورة لايحتملها العقل، تصور لقد كانت السيارة في اقصى طرف من البترا، ودخلت مسرعا لاكنس الربعة، وقبل اتمام الفراش اجتازت القرية، فقال حسين وكأنه يكمل لخلف: وجثحت التراب بوجوهنا، لم يترك حسين مجالا الا ويسخر فيه من الشيوخ ووعودهم الكاذبة، وليس اكثر من سخريته بالشيخ سعدون ابن مهلهل وابنه فالح حين وعد الشيخ (خلف) ببنزين لزناده، وقال له: جيب بطل احطلك بيه بانزيم لزنادك، فهرع خلف ، لانه تعب من قضية النفط والزناد لايعمل بالنفط، ولكن فالحا اراد ان يسخر من خلف، فامر السائق بعدم التوقف بعد ان لوح خلف بالقنينة، وعاد خائبا فاستغلها حسين بهوسة عراقية معروفة تقال للذي يعود خائبا من مسعى معين: (رد تارس جفّه ابخص…..)، كم كنت اتمنى ان يكون شمران الياسري حاضرا في هذه الفوضى الكبيرة التي يحياها العراق الآن، وماذا سيكتب ابو كاطع عن وضع متهالك، وحين يسخر من نواب الشعب بالعهد الملكي، ويحكي على لسان ناصر ابن حسين، ان نادرة تدور بين عمال سدة الكوت، تتكلم عن الشيخ سعدون ابن مهلهل عضو مجلس الامة، انه يباشر بالنوم ويغط بنوم عميق اثناء المناقشات، فاذا اقتضى الامر توقيع بعض الوثائق عمد جاره الى خلع خاتمه من اصبعه، واذا فرغت القاعة بقي يملأها بشخيره حتى يوقظه الكناسون، لم يكن الامر جديدا على نوابنا الاعزاء، كان النواب آنذاك من الاقطاع وشيوخ العشائر والمتنفذين، سرّاق مهرة، وضعهم الشعب بمكان السيطرة ودفعهم الى الواجهة بجهله وخوفه، والان وضعهم بالمقدمة بسذاجته وهرولته خلف الفتاوى والحلال والحرام، اتذكر فتاوى من قبيل من لاينتخب القائمة الفلانية تحرم عليه زوجته، هذا في الانتخابات السابقة، ولا ادري على ماذا ستنطوي الفتاوى في هذه الانتخابات، الله يكون بعون التحالف المدني الديمقراطي، لانه يقف امام تراكمات استمرت لآلاف السنين، ويقف امام اصوات غير نخبوية، اصوات تتغير بين آونة واخرى بحسب مقتضى الحال، وبحسب غسل الادمغة الذي يجري منذ سنوات، ومع كل الصعوبات فنحن نحتاج الى الوقت الكافي، اي اننا ربما نعود الى محاكاة الحتمية التاريخية، التي ستتكفل بتغيير اقطاب المعادلة بعد ان ينضج الناخب جيدا ويستطيع تمييز الاصوات بشكل صحيح بدون ضوضاء او مؤثرات، وربما اكون متفائلا حين اتذكر الحكاية التالية: في قطاع 55 في مدينة الثورة، نشط الحزب الشيوعي كثيرا، خصوصا بعد اعدام اللاعب الدولي بشار رشيد ورفاقه، فرأى حزب البعث ان يحرك كوادره، على مركز تجمع الشيوعيين، مقهى الثورة، ورأينا حينها ان وجوها غير مألوفة بدأت ترتاد المقهى، وبدأ احدهم يجالس احد الشيوعيين ويقنعه بالعدول عن فكرة الاممية، والدخول في فكرة القومية العربية، ولكن صاحبنا الشيوعي بحسب ما اوتي من وعي وثقافة استطاع ان يقنع الرفيق البعثي بافكار الحزب الشيوعي، وبعد ان عرض البعثي تقريره على حزب البعث اندهش المسؤول الاكبر، وقال له: فلان ماذا كتبت، فرد عليه الرفيق: رفيقي كل حجيهم صحيح، وعندها الغى حزب البعث فكرة ان يقوم بكسب الشيوعيين الى صفه، وانا حاليا ارى هذا امامي بوضوح، واتفاجأ احيانا بان كثيرا من المتدينين وسواهم من المتزمتين قد قرروا التصويت للتحالف المدني الديمقراطي، واستغرب اكثر حين يصرح بهذا افراد من احزاب دينية، سجنوا بعهد النظام السابق، ربما ستدور عجلة التاريخ بسرعة كبيرة، لتتوقف عند نماذج كانوا روعة في النزاهة وحب الوطن، وعندها سيقترب البعيد كما قال حسين في بلابوش دنيا، لتتحقق نبوءة ابو كاطع.