عندما تكون لديك القوة ومكامن السيطرة واركان التحكم يكون معك الحق دائما ويكون حوارك منتصرا -ولو كان باطلا -إذا أغفلت العدالة والموضوعية والإنصاف ، واذا كان خصمك ضعيفا مسالما متعثرا كان حواره خاسرا ودفاعه قاصرا -وإن كان على الحق.
يبادر الغربيون والمستشرقون والمتنفذون في اممهم من المخاصمين بين الحين والآخر الى طرح فكرة حوار الأديان وتقارب الحضارات وماشابه هذا من مسميات ، لطرحها على المسلمين او من يمثلهم في عالم اليوم من الدول والحكام او حتى المفكرين .
والسؤال الذي يجب ان يطرح قبل كل حوار يلمح الى ان دافعه مهادنة الاسلام او مصاحبته ، هو : من الذي يبادر اليوم في الهجوم والتعدي وفرض السيطرة وعبور الحدود بالجيوش والعملاء والجواسيس ، المسلمون ام شركاؤهم على هذا الكوكب! لا شك شركاؤهم وخصماؤهم ، فالمسلمون اليوم في أضعف حال وفي آخر ركب الامم وإن بدا أخيرا من تركيا او ماليزيا بعض الرقي الحضاري ،
لكن القوة والقرار والامر في هذا العالم لغير المسلمين سواء ادعوا الاتصاف “بالعلمانية او المادية أو الملائكية” فهو مخاتلة لا مصداقية لها على الواقع ، ففرنسا علمانية (اي لادينية) وعلى مسافة واحدة من مواطنيها ،ولكنها تمنع الحجاب وتتدخل في المساجد والصلاة ولاتفعل ذلك مع شعائر المسيحية او عبدة الشيطان ، سويسرا علمانية لادينية لكنها تمنع الاذان ولاتمنع اجراس الكنائس ، تركيا بنصفها العلماني وبدستورها الاتاتوركي “القائم” تحارب القرآن وتسبه وتعتقلك اذا شتمت دين اتاتورك ، وهكذا الجميع .
فإذن والأمر هكذا فإن حوارا وتقاربا لايكون بين متباينين في القوة والمساحة غير متكافئين في ركائزه ومنطلقاته ، فلن يفلح حوار بين امتين او بالأحرى بين امة واحدة “بآيديولوجية واحدة” هي الاسلام من جهة وبين امم مجتمعة من آيديولوجيات مختلفة لكنها متفقة ضد خصم واحد من جهة اخرى،
فاليهود في العالم والنصارى في اوربا والهندوسيون في الهند والشيوعيون في الصين والانجيليون في امريكا -باستثناء الوجوديين في بعض بقاع الارض- كل هؤلاء ومعهم اذنابهم من العرب المنسلخين والناعقين متفقون على الاسلام ومحاربته ومناوئته ومحاولة تحجيمه ، كل لأسبابه الخاصة دون جنابة بدرت من المسلمين ، فكيف يصح حوار من هذا النوع ومالذي سينتجه لو قبلنا به وانجررنا اليه!
سينتج الدين الإبراهيمي المشوه للإسلام كما رأيناه ، او ينتج قوانينا تقيد العبادات الاسلامية والشعائر وتغير خطاب المسلمين “أي ايقاف الدعوة الى الله” كما اقترح حاكم مصر ، او توسيخ المشاعر المقدسة وارض الوحي بالملاهي والنوادي والرقص والاختلاط وعودة اليهود كما وقع حكام الجزيرة ، او قتل الحكام الاسلاميين وتسليط الجواسيس عليهم ومحاولة الانقلاب عليهم كما فشلوا في تركيا ونجحوا في باكستان ، او او ،، مما نلمس حولنا كثيرا من مشاهدات هذه الاعوام .
حوار الأديان اريد له ان يكون فرض الاديان ونشر الأديان وقبول الاديان ، كل الاديان إلا الاسلام ، وكل الأفكار إلا الإسلام الذي بدأ الحوار اساسا من اجله “كما يظهرون” وبمكيدة سياسية ضحكوا على هيئة كبار العلماء وعلى الرابطة الاسلامية وعلى مشيخة الازهر بانها مبادرة دينية ، فظن المتصدون للشان الاسلامي في امم المسلمين في عصرنا -جهلا- ان البابا يتحرك من عنده وبوحي من دينه او ان الحاخام الاكبر يحاور من اجل شريعته ومن رشد توراته ، او ان الهندوسي يرغب في معايشة المسلم على ارضه ، او ان بن زايد يهمه امر الاسلام الذي ينتسب اليه شكلا او ان بن سلمان ينتخب علماء صادقين مخلصين للرسالة المحمدية ليمثلوا الاسلام في ذلك الحوار بينما هو قائم يقتلهم او يخفيهم في غياهب السجون .
كيف لعقل مميز ان يصدق هذا الهراء وان يفوته كل هذا الخداع وكيف لعين ان تعمى عن كل هذا التآمر والاتفاق والتجمع والتكتل والنشر والتمويل والتحشيد والتجهيل والتشويه ضد الإسلام من قبل كل “محاوريه ” ، ويريدون المسلم البسيط ان يفرح ويصدق ويشجع ويدعم الحبل الذي يلف حول رقبته بصمت وهدوء كل عام بل كل ساعة وكل يوم ، إنما يراد لهذا الحوار بين المسلمين وغيرهم ان يكون حوار الذئب والحمل ، عندما قال له الذئب تعال اشرب الماء جنبي ولك الأمان ، فلما بدا يشرب بجانبه، قال : “لماذا تعكر عليّ الماء؟” فقال الحمل الصغير: وكيف لي أن أعكر عليك الماء وأنت تقف في أعلى مجرى النهر، والماء يأتيني من جهتك ؟ قال الذئب :لقد تذكرت ،،، ابوك الذي كان يعكر علي الماء قبل سنة ، فاخترع له ذنبا ،، وأكلَه.