18 ديسمبر، 2024 9:41 م

التاسع من نيسان وتكرار الاستبداد !!

التاسع من نيسان وتكرار الاستبداد !!

في السياقات التأريخية تشكّل التحولات السياسية منعطفاً في محتوى الانتقال ، فكان التاسع من نيسان 2003 لحظة تأريخية نادرة تطابقت فيها رغبات غالبية الشعب العراقي مع الهدف الاميركي باسقاط صدام ونظامه الاستبدادي والانتقال الى نظام ديمقراطي بغض النظر عن أهداف مابعد السقوط المدوي لعاصمة عربية على ايدي قوى اجنبية ، وهو السقوط الثاني بعد بيروت عاصمة لبنان عام 1982 على ايدي القوات الاسرائيلية !
وبعيداً عن الجدل المكرر في كل ذكرى عن توصيفات الحدث ان كان تحريراً من ربقة الاستبداد أو احتلالاً غاشماً ، فاننا نتجنب او لانريد او نتغافل على ان نجيب على السؤال الاهم لهذه اللحظة التأريخية :
هل حصل التحوّل في المحتوى بين نظامين، استبدادي شكلاً ومحتوى وديمقراطي ؟
وبعيداً عن القضايا النسبية ، فالحقيقة كاملة لاتتجزأ ، تشكّل الاجابة على هذا السؤال مأزقاً فكرياً وسياسياً وأخلاقياً باعتماد المعايير الديمقراطية الحقيقية ، تلك المعايير التي تنتج لنا انظمة ممثلة حقيقية لإرادة الشعوب !
هل النظام الجديد الذي ولد بعد التاسع من نيسان 2003 نظاماً ديمقراطياً ؟
في السياق الشعبوي والتسويقات الاعلامية والانحيازات الايديولجية سيكون الجواب ايجابياً ، هذا الايجاب المرتبط بتحقيق المصالح والمكتسبات الشخصية والحزبية والامساك الاخطبوطي بالسلطة ومنافعها !
نعم على ارضية هذه المخرجات والمعايير فان نظام مابعد 2003 نظاماً ” ديمقراطياً ” !
لكن معايير تمثيل ارادة حقيقية للشعب ، بكل ماتنتجه هذه الارادة من تغيرات حقيقية من مشهد الاستبداد الى مشهد الديمقراطية والتحضر وبناء الدولة على اسس المواطنة ، تحيلنا واقعاً الى توصيف مختلف للنظام الجديد ، على انه نظام شكله ديمقراطي ومحتواه استبدادي ، لأنه يفتقد الى المعيار الاكبر والاعم والاصلح وهو معيار تمثيل الارادة الحقيقية للشعب القائمة على ارضية هوية المواطنة !
الشيطان يكمن في التفاصيل ، وتفاصيل واقع حرية التعبير والحريات الشخصية وتجاهل حقوق مكونات والوضع الاقتصادي لشرائح واسعة من الشعب وواقع حقوق الانسان واساليب التعامل مع حركات الاحتجاج الشعبي والفساد المالي والسلاح المنفلت وغياب سلطة القانون والابرياء في السجون وقوانين تكميم الافواه وليس آخراً ضياع بوصلة مستقبل البلاد، تشهد على تفاصيل الشيطان !
في كل عنوان من هذه العناوين الاساسية تكمن تفاصيل مرعبة عن منتجات نظام استبدادي محسّن يعتقد ويسوّق على ان صناديق الاقتراع هي حاملته الشرعية وعنوانه ” الديمقراطي ” متجاهلا ان كل الانظمة المحيطة في البلاد أنظمة استبدادية تنتجها صناديق اقتراع محسومة سلفاً نتائج مخرجاتها !!
وعلينا ان نجد الاجابة على مجموعة اسئلة في الذكرى العشرين لسقوط الدكتاتورية في البلاد ان كان بامكان هذه الطبقة السياسية الممسكة بالسلطة وتفاصيلها ان تنتج لنا نظاماً ديمقراطياً حقيقيا معبراً عن ارادة حقيقية للشعب ؟
هل بامكانها ان تنتج لنا دولة قائمة على اساس الهوية الوطنية الشاملة ؟
هل بقدرتها ان تعدّل بوصلة المستقبل لنعرف الى اين المسير ؟
هل بامكانها معالجة كل العناوين الاساسية لمعايير الديمقراطية لتتحول الى نظام ديمقراطي شكلاً ومحتوى ؟
اسئلة عالقة حتى الذكرى القادمة لمن يرغب بالاجابة عليها !!!