لم تستهوني فكرة العد العكسي على قناتي العراقية وآفاق وصولا الى موعد الانتخابات ، للوهلة الاولى يظن المشاهد ان عرض عداد لحساب الايام المتبقية لموعد الانتخابات انما هو حساب لعدد الايام المتبقية من عمر الحكومة ، وبما ان القناتين (العراقية وآفاق) تابعتان للحزب الحاكم ، فان العد العكسي المعروض من على شاشتيهما هو دليل على سعي البعض الى التأجيل وليس توقا الى خوض غمار تجربة ديموقراطية كما يدعي اصحاب الامر ، او كما يصور بعض السذج لبعض السذج .
وفي جولة قصيرة بين اروقة الكتل السياسية الفاعلة في البلد اليوم يمكننا ان نتعرف عن المستفيد الاول من تأجيل الانتخابات ، الامر ابسط من الخوض في تحليلات سياسية معمقة او استقراء لما قد يحدث في المستقبل، هناك اربع جهات سياسية كبيرة يمكنها ان تؤثر وتتأثر بموعد اجراء الانتخابات ، واول هذه الكتل هي الكتلة الحاكمة (دولة القانون) والتي اكملت عامها الثامن في سدة الحكم ، وهي بصدد الحصول على ولاية ثالثة او انها تقاتل من اجل هذا الطموح (وهذا امر مشروع) ، الكتلة الثانية هي (الاحرار) والتي تعرضت لهزة كبيرة في الصميم ، ذلاك هو انسحاب السيد مقتدى الصدر من العمل السياسي ، الامر الذي القى بظلاله على القائمة والمرشحين والتيار الصدري برمته، القرار كان مفاجئا وقد شكل تحولا كبيرا في مسار العملية السياسية خصوصا وان (الاحرار) كتلة كان يعول عليها التحالف الوطني في كسب عدد كبير من الاصوات لصالح التحالف وقد اصبحت اليوم مشتتة ولا يعرف ابناؤها ماذا يفعلون ، الكتلة الثالثة هي (المواطن) وهي ايضا غير معنية كثيرا بتأجيل الانتخابات ، او ربما ليس من صالحها التاجيل ، لسببين ، الاول انها الكتلة التي تعد الخاسر الاكبر خلال السنوات الثمان المنصرمة ، فقد امتلكت قاعدة شعبية كبيرة الا انها لم تحسن ادارة وتوزيع هذه الاصوات بالشكل المطلوب ، ما افقدها الكثير من الاصوات ، وبالتالي فان تاجيل الانتخابات لا يصب في مصلحة (المواطن) لا من بعيد ولا من قريب ، الكتلة الرابعة هي الكتلة (متحدون) والتي قالت تقارير كثيرة انها تفككت وستتحول الى كتل صغير غير فاعلة ،ولكن الواقع على الارض يقول ان متحدون هي خيار العراقيين السنة الوحيد ، وبالتالي فان لها حظوظا كبيرة في تحقيق شيء خلال الانتخابات المقبلة ، وهذا يعني ان من ابعد الاحتمالات ان تسعى متحدون لتأجيل الانتخابات والسماح للمالكي بان يتولى للمرة الثالثة .
كل البيانات تقول ان تأجيل الانتخابات يصب في صالح الحزب الحاكم وكتلته (دولة القانون) الذي ينفعه تاجيل الانتخابات من اجل كسب الوقت والابتعاد عن الاحتمالات وحسم المعركة مبكرا.
الغريب ان المرجعية العليا في النجف تحذر ليل نهار ، بمناسبة ومن دون مناسبة من تأجيل الانتخابات ، وكأن لديها معلومة بان هناك من سيحاول تاجيل الانتخابات ، وقد اصدرت اكثر من بيان تحذر فيه من مغبة التأجيل.