24 نوفمبر، 2024 9:28 ص
Search
Close this search box.

“الطاقة الدولية” تزعم انقلاب في سوق الغاز الطبيعي .. ارتفاع أسعاره برغم قلة الطلب الأوروبي عليه !

“الطاقة الدولية” تزعم انقلاب في سوق الغاز الطبيعي .. ارتفاع أسعاره برغم قلة الطلب الأوروبي عليه !

وكالات – كتابات :

تراجع الطلب على “الغاز الطبيعي”؛ في “الاتحاد الأوروبي”، عام 2022؛ إلى مستوى تاريخي غير مسّبوق، يُعادل إجمالي صادرات “الجزائر”، لكن ذلك لم يُقلص فاتورة استيراده، بل تضاعفت، وفق دراسة حديثة.

ففي أحدث دراسة إحصائية لـ”وكالة الطاقة الدولية”، نُشرت في 14 آذار/مارس الماضي، كشفت عن الأسباب الحقيقية التي تكمُن وراء تمكّن دول “الاتحاد الأوروبي” من امتصاص صدمة أزمة الطاقة، وارتفاع أسعار “الغاز الطبيعي”؛ عقب اندلاع الحرب “الروسية-الأوكرانية”، في 24 شباط/فبراير 2022.

فالزلزال الطاقوي الذي أحدثته الحرب من شأنه؛ ليس فقط تغييّر خريطة كبار مورّدي “الغاز الطبيعي” إلى القارة العجوز، بل تقليّص حجم الاعتماد على “الغاز الطبيعي” والتوجه بسرعة أكبر نحو التحول إلى الطاقات المتجددة.

فرغم انخفاض استهلاك “الغاز الطبيعي” بنسّبة تاريخية بلغت: 13%، سمحت باقتصاد: 55 مليار متر مكعب، إلا أن ذلك لم يكبّح كثيرًا فاتورة استيراده.

فارتفاع أسعار “الغاز الطبيعي” عالميًا تسّبب في ارتفاع فاتورة استيراده لدى دول “الاتحاد الأوروبي” الـ (27)، من: 120 مليار دولار في 2021، إلى: 390 مليار دولار في 2022.

لكن هذه الفاتورة الضخمة كانت أحد أسباب التحول نحو استخدام أسرع وأوسع للطاقات المتجددة، والمفارقة أن استخدام الطاقات الأكثر تلويثًا للبيئة، مثل “الفحم”، ارتفع أيضًا في العام الماضي، في محاولة لتقليّص الاعتماد على الغاز الروسي.

تغيّر خريطة مورِّدي الغاز..

فقدت “روسيا”؛ في 2022، صِفَتها كأكبر مورد للغاز الطبيعي إلى دول “الاتحاد الأوروبي”، بعد تراجع حصتها من: 34% في 2021، إلى 24% في 2022، وفق مزاعم “وكالة الطاقة الدولية”.

ورغم هذا التراجع في حجم الصادرات، فإن “روسيا” استفادت من تضاعف الأسعار، وضاعفت قيمة مبيعاتها من: 40.8 مليار دولار؛ في 2021، إلى: 93.6 مليار دولار في 2022، أي بزيادة: 52.8 مليار دولار، وفق تحليل (الأناضول) لبيانات الدراسة.

المسّتفيد الأكبر من أزمة الطاقة من بين كبار موردي “الغاز الطبيعي”؛ عبر الأنابيب، لـ”أوروبا” في 2022، هي “النرويج”، التي رفعت حصّتها قليلاً إلى: 29% بعدما كانت: 27%.

إذ ضاعفت “النرويج” أرباحها أكثر من ثلاث مرات؛ من: 32.4 مليار دولار إلى: 113 مليار دولار في الفترة ذاتها.

“الجزائر”؛ الدولة العربية الوحيدة بين الموردين الثلاثة الكبار لـ”الاتحاد الأوروبي”، حافظت على مرتبتها الثالثة، وضاعفت إنتاجها من: 10.8 مليار دولار في 2021؛ إلى: 19.5 مليار دولار في 2022، بزيادة: 8.7 مليار دولار.

لكن حصة “الجزائر” من سوق “الاتحاد الأوروبي”؛ تراجعت من: 9% إلى: 5%، رغم زيادة “الجزائر” حجم صادراتها الإجمالي من: 54 مليار متر مكعب في 2021، إلى: 56 مليار متر مكعب في 2022، نحو: 80% منها موجهة إلى السوق الأوروبية؛ بما فيها الدول غير العضوة في “الاتحاد الأوروبي”.

وتعكس هذه الأرقام شراسة المنافسة بين الموردين الرئيسيين عبر أنابيب الغاز؛ (روسيا والنرويج والجزائر)، والموردين الصاعدين للغاز المُسّال وعلى رأسهم “الولايات المتحدة”.

المنافسون الجُدّد..

رغم أن الموردين التقليديين للغاز إلى “أوروبا”؛ (النرويج وروسيا والجزائر)، ما زالوا يسّتحوذون على حصة الأسد بنسّبة: 58% في 2022، إلا أن هذه النسّبة تراجعت كثيرًا عما كانت عليه قبل 2021، عندما بلغت: 70%، وفقًا لتحليل (الأناضول)، لمزاعم بيانات “وكالة الطاقة الدولية”.

فحصة الموردين الآخرين للغاز عبر الأنابيب تضاعفت لنحو ثلاث مرات؛ من: 4% فقط إلى: 11%، في الفترة ذاتها.

ولم تُحدد الدوائر البيانية للدراسة الدول الأخرى الموردة للغاز عبر الأنابيب إلى “أوروبا”، إلا أن “أذربيجان” توجد في الصّدارة، في ظل محدودية صادرات “ليبيا” عبر أنبوب (السّيل الأخضر)، ما يؤشر إلى تصاعد دور غاز “آسيا الوسطى” في تموين السوق الأوروبية.

أما الموردون للغاز المُسّال إلى “أوروبا” عبر السفن، فارتفعت حصتهم من: 26% في 2021، إلى: 31% في العام الماضي.

ولم تذكر الدراسة الدول الموردة للغاز المُسّال إلا أنه من المعروف أن “الولايات المتحدة” تقف على رأس هذه الدول، خاصة بعد أن حوّلت جزءًا من صادراتها من السوق الآسيوية إلى الأوروبية لتشجيعها على التخلي عن الغاز الروسي، بالإضافة إلى دول أخرى مثل: “قطر ونيجيريا”، ناهيك عن “غاز شرق المتوسط”.

عوامل تراجع الطلب على الغاز..

تضع الدراسة ارتفاع إنتاج الطاقة المتجّددة، وبالأخص طاقة الرياح والطاقة الشمسية، على رأس العوامل التي أدت إلى تخفيض حجم الطلب الأوروبي: بـ 55 مليار متر مكعب.

إذ كشفت الدراسة أنه تم تحقيق رقم قياسي من حيث حجم الطاقة المتجددة التي جرى توليدها في 2022، يُقدر بنحو: 50 غيغاواط.

ووفر هذا الإنتاج على دول “الاتحاد الأوروبي” استيراد نحو: 11 مليار متر مكعب من “الغاز الطبيعي”، أي حوالي خُمس الطلب الذي تم تخفيضه.

كما لعب الارتفاع القياسي لأسعار الغاز دورًا في خفض الطلب، خاصة في القطاعات الصناعية كثيفة الاستخدام للغاز، وفق الدراسة.

فتضاعف أسعار الغاز في 2022، دفع عدة مصانع للبحث عن بدائل للغاز الطبيعي من مصادر أخرى، بما فيها البترول والفحم والطاقات المتجددة، كما دفع بعض الفئات إلى تقليل استهلاكها للغاز في الأيام الباردة لعدم قدرتها على تحمل أعباء الفواتير المرتفعة.

وسّاهمت الإجراءات الحكومية في دول الاتحاد للتقشف في استهلاك الغاز، وتقديم منح وقروض لإعادة تأهيل المسّاكن وتركيب المضخات الحرارية التي توفر الماء الساخن والتدفئة شتاء والتبريد صيفًا دون الحاجة إلى استخدام الغاز أو المشتقات النفطية.

ورغم أن الطقس كان أكثر اعتدالاً في شتاء 2022/2023، وسّاهم تقليص حدة الطلب على الغاز، فإن الدراسة أثارت مفارقة مهمة، عندما أشارت إلى أن الطقس المعتدل كان له أثر سلبي على “أوروبا” بسبب تراجع إنتاج الطاقة الكهرومائية والطاقة النووية ما رفع الطلب على الغاز.

أي أن الطقس المعتدل كانت لديه نتائج إيجابية وسلبية في نفس الوقت على الطلب على الغاز في “أوروبا”؛ زيادة أو نقصانًا.

ولفتت الدراسة إلى أن شبكة الغاز الأوروبية المتداخلة بشكلٍ جيد سّاهمت في الاستفادة من الإمدادات البديلة واستبدال الواردات الروسية.

ورغم تراجع حدة التوترات في السوق الغاز الأوروبية بشكلٍ كبير مطلع العام الجاري، فإن “الوكالة الدولية للطاقة” تُحذر من حالة عدم اليقين بشأن إمكانية الوقف الكامل لإمدادات الغاز الروسي، واحتمال اشتداد التنافس على شحنات الغاز المُسّال مع تعافي الطلب الصيني على الغاز.

ناهيك عن تقلبات الطقس، سواء الجفاف صيفًا والبرد القارس شتاء، واللذان يلعبان لصالح زيادة الطلب على الغاز.

وكل هذه العوامل تلعب لصالح تحول “أوروبا” بسرعة أكبر مما هو مُخطط له نحو استخدام الطاقات المتجددة، ما سيقلص الطلب على الغاز خلال العقود المقبلة، ويدفع الدول التي تمتلك احتياطات هامة من الغاز الطبيعي لاستغلال اشتداد الطلب في هذه الفترة لإنتاج أكبر كمية قبل انتهاء عصر الغاز.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة