وكالات – كتابات :
كشف موقع تقرير بريطاني، عن وساطة: “مالية عراقية، لدى واشنطن للإفراج عن أموال بالدولار الأميركي تطلبها طهران من العراق”، وفيما بيّن أن هناك ضغطًا إيرانيًا بهذا الشأن، أكد وجود عمليات تهريب للدولار في إجراءات السلطات المحلية العراقية لمنح الدولار للمواطنين.
خسّارة العراق..
وقال موقع (ميدل إيست آي) البريطاني؛ عن مسؤولين عراقيين قولهم أن: “إيران كانت تُهدر الأموال من أجل أن تشتري دولارات أميركية من السوق السّوداء في العراق، ولكنها الآن تضغط على الحكومة العراقية من أجل تسّديد ديونها المسّتحقة لطهران من خلال القنوات الرسمية، فيما تقوم بغداد بوسّاطة بينها وبين واشنطن لكي يحصل الإيرانيون على ما تبقى لهم من أموال؛ (08 مليارات دولار)، بالإضافة إلى إعفاء المعاملات بين البلدين من العقوبات”.
وأشار التقرير البريطاني؛ إلى أنه: “ومنذ فرضت الولايات المتحدة نظام عقوبات شديد على إيران؛ في العام 2018، عّانى العراق ليكون بمقدوره دفع ثمن البضائع والخدمات الإيرانية من الغاز والكهرباء والمواد الغذائية ومواد البناء وحاجات أخرى، حيث بلغ إجمالي التجارة بينهما حوالي: 14 مليار دولار سنويًا”.
وبعدما لفت التقرير إلى أن “العراق” تمكن؛ في العام الماضي، من تسّديد معظم ديونه من الغاز والكهرباء للفترة من: (2019 – 2021) بالدينار العراقي، أوضح أنه: “تم في البداية تحويل هذه الدنانير إلى دولارات أميركية، الأكثر فائدة لإيران، وذلك من خلال مزاد للعُملات يُنظمه البنك المركزي العراقي يوميًا، إلا أن واشنطن فرضت في تشرين ثان/نوفمبر؛ قيودًا على المزاد، بحيث لم يُعد بإمكان الأشخاص المجهولين والدول؛ التي فرضت عليها عقوبات مثل إيران، استخدام هذه الخدمة بهدف الحصول على الدولارات”.
ونقل التقرير عن مسؤولين وسياسيين عراقيين من المقربين من “إيران” قولهم إن: “ذلك يعني أن الإيرانيين بدأوا يعتمدون بدرجة كبيرة على السوق السوداء العراقية من أجل الحصول على الدولارات”.
وبعدما لفت التقرير إلى: “ارتفاع أسعار الصرف في السوق السوداء وارتفاع أسعار السّلع الاسّتهلاكية ومعاناة الحكومة العراقية من أجل تأمين الرواتب والمعاشات التقاعدية”، أشار إلى أن: “مسؤولين قالوا إن الدولارات غير المشروعة؛ كانت تتدفق على إيران وتركيا وعُمان ودُبي”.
وفي شباط/فبراير؛ بلغ سعر الصرف في السوق السوداء نحو: 1800 دينار للدولار؛ مقابل: 1480 قبل ثلاثة أشهر.
وأشار التقرير إلى أنه في ظل ارتفاع تكلفة صرف الدينار في السوق السوداء، ازدادت كُلفة رسوم التعاملات غير المشروعة بدرجة كبيرة.
خسّارة إيران..
وقال مسؤولون عراقيون أن: “الإيرانيين صاروا يدفعون حوالي: 40% إضافية مقابل كل مليون دولار يصرفونها، وهي أموال تذهب إلى السّماسرة والوسطاء ومُهّربي الدولار الذين يحولون الأموال إلى خارج العراق”.
ونقل التقرير عن مسؤول عراقي كبير قوله؛ أن: “الإيرانيين تكبّدوا خسّائر كبيرة للغاية خلال الشهور الأربعة الماضية؛ بسبب سّعيهم الحثّيث من أجل شراء الدولار من السوق السوداء، خاصة بعد الضوابط الأخيرة التي فرضها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على مزاد بيع العُملة”.
والآن؛ يقول مسؤولون عراقيون إن الإيرانيين قرروا التوقف عن شراء الدولار من السوق السوداء في “العراق”؛ في الأسبوع الماضي، وبعد ذلك بفترة قصيرة، تراجع سعر الصرف في السوق السوداء بسرعة. وبلغ السعر يوم الإثنين: 1495 دينارًا للدولار مقابل: 1580 في اليوم السابق.
وأوضح التقرير؛ أن عددًا كبيرًا من شركات الصرافة، خصوصًا في “إقليم كُردستان”، وهو المّمر البري الرئيس لعمليات تهريب الدولار، بدأت في تأمين الدولارات لأي شخص كان، بعد حجز العُملة لعملائهم الخاصين؛ خلال شهري شباط/فبراير وآذار/مارس.
ونقل التقرير عن مسؤول كبير قوله؛ أنه: “لا يوجد خيار أمام الإيرانيين سوى إيقاف العملية، لقد تحولت إلى استنزاف وليسوا في وضع يخسّرون فيه نصف أموالهم مقابل الحصول على الدولار”، مضيفًا أنه: “لحُسّن الحظ فإن استجابة السوق سريعة، أسعار صرف الدولار بدأت تتراجع وستتراجع أكثر في خلال أيام قليلة”.
ولفت المسؤول إلى أن: “شركات الصيرفة في كُردستان كانت من اللاعبين الرئيسيين في عمليات تهريب الدولار؛ خلال الشهور الأخيرة، ولهذا فإنها بادرت قبل أي شخص آخر بالتخلص من الكميات الكبيرة من الدولارات التي خّزنتها من أجل الحد من خسّائرها”.
إلا أن التقرير البريطاني اعتبر أنه من السابق لأوانه؛ القول بشكلٍ محدد ما إذا كان انخفاض السعر وقرار مكاتب الصيرفة الكُردية لتفريغ الدولار؛ هو نتيجة مباشرة لوقف الإيرانيين لنشاطهم عبر السوق السوداء، خصوصًا أنه ليس من الواضح من أين ستحصل “إيران” الآن على دولاراتها.
وفي هذا السياق؛ لفت التقرير إلى زيادة في حالة الغموض بسبب الزيادة الملحوظة في المبيعات في مزاد العُملة الخاص بـ”البنك المركزي”؛ خلال الأسبوعين الماضيين، حيث تُظهر بيانات مزاد العُملة للأسبوع الأخير من شهر آذار/مارس، أنه جرى بيع ما لا يقل عن: 200 مليون دولار يوميًا في المتوسط، مقارنة: بـ 168.5 مليون دولار في الأسبوع الأخير من شهر شباط/فبراير.
وبحسّب التقرير؛ فإن معظم هذه المبيعات كانت عبارة عن مبالغ لتغطية: “التحويلات الخارجية” وائتمان البطاقات الإلكترونية المدفوعة مسّبقًا.
وذّكر التقرير البريطاني بتصريح نائب محافظ البنك المركزي؛ “عمار خلف حمد”، قوله لقناة (العراقية) شبه الرسمية، إن: “الزيادة في هذا النشاط سّببها رفع جميع القيود عن المزادات”، إلا أن مسؤولين عراقيين أكدوا أن: “مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي؛ لم يُدخل أية تغييّرات على القيود المفروضة على المزاد، ولهذا فإن الزيادة في النشاط عبر المزاد، ناجمة عن عوامل أخرى، مثل حاجة وزارة التجارة إلى الدولارات لدفع ثمن مشتريات المواد الغذائية”.
وأكد مسؤول كبير للموقع البريطاني؛ أنه لا وجود لتغيّير في الإجراءات التي فرضها “مجلس الاحتياطي الأميركي” على مزاد العُملة؛ كما لا توجد استثناءات، إلا أن: “هناك عودة تدريجية للمتداولين للمشاركة في المزاد بعيدًا عن البنوك الخاصة”، مضيفًا أن: “الحوالات الكبيرة الأخرى مردها السّحب الكبير للدولارات من قبل المواطنين عبر البطاقات الإلكترونية المدفوعة مسّبقًا، وهي التي تُمثل أحدث وسّيلة لتهريب الدولارات”.
وبعدما أشار التقرير إلى: “آلية التهريب الجديدة المتمثلة بالسّماح لكل مسّافر عراقي؛ بالحصول على: 07 آلاف دولار نقدًا في المطار أو شركة صيرفة مع إثبات قيامهم بإيداع مبالغ في حساب بنكي محلي معادلة بالدينار العراقي، وهو ما استفادت منه شركات الصيرفة والوسطاء والمهربون”، أوضح أن: “بعض المُهّربين استخدموا تذاكر مزورة للحصول على النقود، بينما آخرون على العراقيين رحلات سفر مجانية إلى دبي وتركيا وإيران ولبنان مقابل سحب: 07 آلاف دولار”.
ولفت التقرير أيضًا إلى أن: “المهربيّن وشركات الصرافة تتصل بالعراقيين لمعرفة ما إذا كانوا على استعداد للقبول بأن يستخدم المهربون هوياتهم الخاصة للحصول على نقود في المطار مقابل الدفع، بينما قال العشرات من العراقيين، بما في ذلك مسؤولون من الحكومة، إنهم فوجئوا باكتشافهم أن أسمائهم مدرجة في قوائم المسّافرين الذين تلقوا دولارات، مما يُشير إلى أن هوياتهم جرت سّرقتها من أجل الحصول على نقود”.
ولهذا فإن “البنك المركزي” أصدر؛ في 14 آذار/مارس، إرشادات جديدة خفضت حصة المسّافر إلى ألفي دولار فقط. كما أنه سمح للأشخاص الذين يعتزمون السفر الحصول على: 10 آلاف دولار بسعر الصرف الرسمي البالغ: 1320 دينارًا من خلال البطاقات الإلكترونية المدفوعة مسّبقًا الصادرة عن البنوك المرخصة وشركات الدفع الإلكتروني؛ والتي لا يمكن استخدامها إلا في الخارج، ولكن بالإمكان إعادة تعبئتها.
وفي المقابل؛ بدأت البنوك الخاصة وشركات الصيرفة بإصدار آلاف البطاقات المدفوعة مسّبقًا للعراقيين الذين سّمحوا للشركات باستخدام أوراق الهوية الخاصة بهم مقابل مبالغ صغيرة من المال.
وبحسّب التقرير: “فقد تم اكتشاف هذه الحيلة بسرعة من جانب السلطات فبدأت الجمارك باعتقال المسافرين الذين لديهم مئات البطاقات المدفوعة مسّبقًا، حيث جرى اعتقال مسافر يحمل: 366 بطاقة، وثلاثة آخرين يحملون: 522 بطاقة، فيما أشار مسؤولون عراقيون أن وجهة هؤلاء المسافرين كانت إلى دُبي أو الأردن”.
إلى ذلك، ذكر التقرير أن الإيرانيين توقفوا عن شراء الدولارات المهربة.
ونقل التقرير عن أحد مستشاري رئيس الوزراء العراقي؛ “محمد شيّاع السوداني”، قوله أن الإيرانيين: “غاضبون لأنهم يُحمّلوننا مسؤولية الخسائر التي تكبدوها من أجل الحصول على الدولارات”.
وبحسّب المستشار، فإن الناس من “إيران وتركيا” لم يعودوا إلى تهريب الدولارات من “العراق”، وأبقوا على “دبي والأردن”؛ كوجهتين رئيسيتين لهم. وأوضح أنه: “يجري سّحب هذه الأموال من الأردن أو دُبي، ثم إيداعها في حسابات المهربين؛ والتي يقدمونها لمن يطلب تحويلات سريعة بعيدًا عن رقابة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي مقابل عمولات كبيرة”.
الضغط الإيراني..
ونقل التقرير عن مسؤولين عراقيين وإيرانيين أن: “العراق تمكن من سّداد جميع ديونه المسّتحقة لإيران؛ في تشرين أول/أكتوبر الماضي، إلا أن الأموال وضعت في حساب خاص في مصرف التجارة العراقي، بإمكان إيران استخدامه من أجل شراء سلع لا تطالها العقوبات الأميركية مثل الأدوية”.
إلا أن التقرير قال أن: “إيران تستخدم الأموال التي يُدين بها العراق لها بأي وسيلة تختارها”.
ونقل التقرير عن مسؤولين عراقيين قولهم؛ إن: “إيران لا يزال لديها: 08 مليارات دولار في هذا الحساب، وهي غير قادرة على سّحبها، لأن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ُيبقيّها تحت إشرافه”.
وكشف المسؤولون أن: “وزير الخارجية العراقي؛ فؤاد حسين، ومحافظ البنك المركزي؛ علي محسن العلاق، يخوضان مفاوضات مع مسؤولين أميركيين بهدف إيجاد آلية مناسبة من أجل أن تتمكن إيران من الحصول على هذه الأموال”.
وقال مستشار “السوداني”؛ أن: “الإيرانيون يقولون إنكم رتبتم أوراقكم كلها مع الأميركيين، وأهملتمونا. نحن نريد أموالنا ولا نُريد شيئا آخر”.
وتابع المستشار العراقي القول: “إننا نسعى حاليًا من أجل إيجاد حل وسط يُرضي الطرفين. وقلنا للأميركيين: لقد قمنا بكل ما طلبتوه، ويجب أن تعطونا شيئًا في المقابل”.
وأوضح المستشار العراقي أن: “العراق؛ طلب من واشنطن الحصول على إعفاء يسمح له بأن يدفع الأموال لإيران مقابل وارداتها السابقة والمستقبلية من الطاقة بعُملة الدولار من دون أي مشاكل حتى إشعار آخر”. وأضاف أن: “الأميركيين قالوا إنهم يتفهموا موقفنا ووعدوا بتقديم توصيات إلى وزارة الخزانة الأميركية، لكننا لم نتلق ردًا نهائيًا حتى الآن”.
وختم التقرير بالقول أن: “الدلائل تُشير إلى أن الأميركيين سوف يُخففون تدريجيًا الضغوط حول هذه القضية”.