كل ما يتعلق بتطور مجتمع أو دولة مهما كانت فهو مشروط باستقرار عقلية مواطنيها، فكل ما يُتخذ من إصلاحات و تدابير من أجل تقدمها تبقى عرجاء في التنفيذ الميداني حتى و لو كانت البرامج المعدة و كل نظريات العالم مسخرة، فيظل سلوك و معاملة مجتمعها متمسك بما ألفه عائقا لمدة طويلة من الزمن.
فإن التخلص من استقرار هذه العقلية اللاشرعية أو تجهيل مجتمعات دول العالم الثالث كما يسمونها لمدة طويلة من الزمان من طرف أجندات أعدت لها بإحكام. للوصول إلى الاستقرار الشرعي بالوعي و الإدراك و التفطن و التطلع إلى معرفة محيطه الداخلي و الخارجي و الاحترام في ما بينه و ما يجاوره. يشترط تدابير وعمل دؤوب يرتكز أساسا على الشروع من أول وهلة في العمل الميداني المفيد و الملموس فيكون بذلك سرعة في كيفية الاستيعاب و المنفعة المقبولة بالموازاة مع تحاشي طرح النظريات مؤقتا، فيكون الاطمئنان و الاستقبال الجيد وتبرز المبادرات الخفية التي كان يطمس عليها الخوف و الارتجال فتُدْفَع الى التفتح و المساهمة و المساعدة في إبداء الرأي الذي يناسب المحيط و البيئة.
فمن هذا المنطلق أو الاتجاه تبرز ملامح الخطوط العريضة التي تكون بمثابة القواعد الأساسية لمستقبل هذا المجتمع و دولته. و هنا في اعتقادي يترتب على المسيرين النظر إلى ما ينبغي العمل به في معالجة كل القضايا الشائكة و المخلفات بحكمة و بصيرة و تفادي التسرع في تصفية الإرث الموروث المدبر الذي يجر إلى ما لا يحمد عقباه. ربما هذه من بين الطرق و الإجراءات النافعة في هذا المنعرج الذي يتألم منه كل المجتمع الدولي و خاصة الدول الضعيفة و الفقيرة أو الغنية التي يستغل غناها آخرون بدون حق. فالفرصة و الظرف مواتيين لما سبق و من أولوياتها الاستقلال الذهني للشعوب.