لست لصا ولاتاجرا ولانائبا، لم تشملني الايفادات ولالجان المشتريات، ولم ابع البنزين المهرب، انا معلم ولست نشالا، لم اوقع المعاملة بمئة دولار، ولم اكن ممن يضع السيطرات الكاذبة لمصادرة مافي جيوب الاخرين، لم اكن سارقا ولست حمارا الحمير هم نواب الشعب الذين خانوه والسياسيون الاغبياء الذين دمروا العراق، مازلت احيا مع الحرف لا اغادره، واقنع براتبي القليل، لم اتسلم قطعة ارض على الكورنيش ولم اتكلف تسجيلها وسط الرشوة المتصاعدة، لست ممن يهدد السياسيين باعمدة يومية من اجل الابتزاز، ولا ابيع ادوية المستشفيات في السوق السوداء، انا معلم لايستطيع احد اتهامي، لانني مع الطلبة المفاليس ورائحة الكتب التي افضلها على اية رائحة.
لم ابن حماما بدائرتي بعشرين مليونا، انا امتلك كرسيا بسيطا في غرفة المدرسين، قلما اجلس عليه حتى يهرع الجرس فيقول انهض، انا معلم ولست مهرجا امدح فلانا وفلانا ليعطيني سندا او قرضا او سلفة، انا معلم ويكفيني فخرا ان احدا من اللصوص لم يتذكرني.
لم تشر قناة العراقية، قناة الشعب من بعيد او قريب الى عيد المعلم، وانما اظهرت هذه القناة وكيل وزير الثقافة فوزي الاتروشي وهو يرقص الدبكة الكردية مع فتيات جميلات بمناسبة يوم الاعلامية العراقية، والاشارة الوحيدة جاءت من جريدة الزوراء التابعة لنقابة الصحفيين، حيث افردت هذه الجريدة عنوانا ربما هو تدمير وتشهير بالمعلم في عيده، حيث قالت: ( عيد المعلم لدى البعض يوما لقبول هدايا حسب الطلب)، والهدايا ياسادتي اغلبها رمزية، كلمة من الطالب تنبي بعرفانه للجميل تكفي، هم ابناؤنا نحتفل بعيدهم ويحتفلون بعيدنا، لكن للاسف اننا امة نسخر من المعلم، فقد الف العرب في المعلم المجلدات وكلها تحكي قصة غفلته، وحمقه وهذان امران لايسلم منهما احد، وتراث العرب حوى النقيضين، فتارة تراه يبجل المعلم ويقدسه واخرى يسخر منه بشدة وقسوة، وحكايات المعلمين مع السلطة كثيرة ومتشعبة، وتختلف عن ماكان يفعله هارون الرشيد من مبالغة باحترام معلمي ابنائه الامين والمأمون، فقد سخر عدي ابن صدام حسين كثيرا بالمعلمين واساتذة الجامعات، وكذلك لاقى المعلم الامرين في الزمن السابق، ويحكى في هذا ان مديرا لاحدى الشعب الامنية اراد مدرسا خصوصيا لابنته في مادة اللغة الانكليزية، فبعث جلاوزته الى احد المعلمين، وبعد ان جلبوه ، انشغل المدير بامر مهم، فخرج، وبعد اسبوع عاد ليسأل عن الرجل الذي بعثهم اليه، فقالوا: سيدي لقد اعترف المتهم بانه منتم الى الحزب الشيوعي، وهذه الحكاية تشبه الى حد كبير حكاية الحجاج حين احصر في آية قرآنية، فبعث الى احدهم وانشغل عنه في امر آخر، ولم يتذكره الا حين عرضت له نفس الآية بعد فترة طويلة، فسأل عن الرجل فقالوا انه في السجن ننتظر امر الامير فيه، كل الحضارات تحترم المعلم وتبجله، فقد اعتاد القياصرة على تعليم ابناءهم على ايدي معلمين اكفاء بلا تشديد، ليصنعوا منهم ورثة للعرش من بعدهم، وفي التراث الاسلامي حين تسأل عن المعلم الاول، يقولون رسول الله (ص)، وبعدها يؤلفون كتبا ومجلدات في ذم المعلم، فقد حكى الجاحظ انه مر بمعلم للصبيان وهم يدورون حوله وينتفون لحيته، فسأله عن السبب، فقال كنت قد تعاهدت معهم فيمن يحضر متأخرا الى الكتّاب، فغلبني النوم، ولكنني سابكر لهم غدا وسترى فعلي فيهم، حكايات خيالية في التراث العر بي جميعها تنال من المعلم وتعرض سمعته للسخرية والاستهزاء، ولذا فقد ابتنى العقل البشري مخيلته وقناعاته حول هذا الانسان، ونظرة متفحصة بسيطة للمعلم في التراث العالمي، والمعلم في التراث العربي نستطيع ان نميز مدى الفرق، ومقدار التطور العلمي لدى الامم الاخرى، ويكفي ان نقول للمعلم في عيده، الحمد لله ان تجاهلك اللصوص، لصوص السياسة والتخريب.