خاص: إعداد – سماح عادل
“اليوم العالمي للمرأة” هو احتفال عالمي في اليوم الثامن من شهر مارس/ آذار من كل عام، ويقام للدلالة على الاحترام العام وتقدير وحب المرأة لإنجازاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وفي بعض الدول كالصين وروسيا وكوبا تحصل النساء على إجازة في هذا اليوم.
الاحتفال بهذه المناسبة جاء إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس عام 1945. ومن المعروف أن اتحاد النساء الديمقراطي العالمي يتكون من المنظمات الرديفة للأحزاب الشيوعية وكان أول احتفال عالمي بيوم المرأة العالمي، رغم أن بعض الباحثين يرجح أن اليوم العالمي للمرأة كان على إثر بعض الإضرابات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة. في بعض الأماكن يتم التغاضي عن السمة السياسية التي تصحب يوم المرأة فيكون الاحتفال أشبه بخليط بيوم الأم، ويوم الحب. ولكن في أماكن أخرى غالباً ما يصاحب الاحتفال سمة سياسية قوية وشعارات إنسانية معينة من قبل الأمم المتحدة، للتوعية الاجتماعية بمناضلة المرأة عالمياً. بعض الأشخاص يحتفلون بهذا اليوم بارتداء أشرطة وردية.
أول احتفال..
أقيم أول احتفال بيوم المرأة والذي أطلق عليه (اليوم الوطني للمرأة) في 28 فبراير 1909 في مدينة نيويورك ونظمه الحزب الاشتراكي الأمريكي بناء على اقتراح من الناشطة “تيريزا مالكيل”. هذا اليوم كان إحياء لذكرى احتجاج العاملات في مصانع الملابس في نيويورك في 8 مارس 1857، لكن بعض الباحثين أنكروا أن يكون هذا سبب الاحتفال وقالوا أن الاحتفال يهدف إلى فصل يوم المرأة العالمي عن أصله الاشتراكي.
في أغسطس 1910، عُقد المؤتمر النسائي الاشتراكي الدولي قبل الاجتماع العام للأممية الاشتراكية الثانية في كوبنهاغن في الدنمارك. وبإلهام جزئي من الاشتراكيين الأمريكيين، اقترح المندوبون الألمان “كلارا زتكن” و”كيت دنكر” و”بولا ثيد” وغيرهم إقامة يوم المرأة سنويا بدون أن يحددوا تاريخا معين. ووافق المندوبون المائة الذين يمثلون 17 دولة على الفكرة باعتبارها إستراتيجية لتعزيز المساواة في الحقوق، بما في ذلك حق المرأة في التصويت.
في العام التالي في 19 مارس 1911، احتفل أكثر من مليون شخص في النمسا والدنمارك وألمانيا وسويسرا باليوم العالمي الأول للمرأة. كانت هناك 300 مظاهرة في النمسا والمجر وحدها، خرجت فيها النساء في مواكب كبيرة في طريق فيينا الدائري في فيينا وحملن لافتات تكريما لشهداء كومونة باريس. طالبت النساء في جميع أنحاء أوروبا بالحق في التصويت وتقلد المناصب العامة، وقمن باحتجاجات على التمييز بين الجنسين في العمل.
يوم محدد..
لم يكن لليوم العالمي للمرأة تاريخ محدد في البداية، على الرغم من الاحتفال به بشكل عام في أواخر فبراير أو أوائل مارس. واصل الأمريكيون الاحتفال باليوم الوطني للمرأة في يوم الأحد الأخير من شهر فبراير، بينما احتفلت روسيا باليوم العالمي للمرأة لأول مرة في عام 1913 في يوم السبت الأخير من شهر فبراير وإن يكن ذلك بناء على التقويم اليولياني كما هو الحال في التقويم الغريغوري إذ كان التاريخ هو 8 مارس. في عام 1914 احتفل باليوم العالمي للمرأة في 8 مارس لأول مرة في ألمانيا الذي من المحتمل أنه كان يوم الأحد. وكما هو الحال في أي مكان آخر كان الاحتفال في ألمانيا مكرسا لحق المرأة في التصويت والذي لم تحظ به النساء الألمانيات حتى عام 1918. في الوقت نفسه، كانت هناك مسيرة في لندن لدعم حق المرأة في التصويت، اعتقلت خلالها الناشطة “سيلفيا بانكهورست” من أمام محطة “تشارينغ كروس” بينما كانت في طريقها لإلقاء خطاب في ميدان “ترافالغار”.
مشعلات الثورات..
في 8 مارس 1917 في سانت بطرسبرغ (23 فبراير 1917 بحسب التقويم اليولياني) بدأت العاملات في مصانع النسيج مظاهرة اجتاحت المدينة بأكملها في النهاية طالبن فيها بـ (الخبز والسلام) أي إنهاء الحرب العالمية الأولى، وحل مشكلة نقص الغذاء، ونهاية القيصرية. كانت هذه المظاهرة بمثابة بداية لثورة فبراير التي شكلت إلى جانب الثورة البلشفية ما عُرف بالثورة الروسية الثانية. وصف الزعيم الثوري ليون تروتسكي هذا الحدث قائلًا: «كان من المتوقع عقد اجتماعات وأعمال في يوم 23 فبراير (8 مارس) أي يوم المرأة العالمي. لكننا لم نتخيل أن” يوم المرأة “هذا سيشعل الثورة. كانت الأعمال الثورية متوقعة ولكن بدون موعد محدد. في الصباح على الرغم من الأوامر بعكس ذلك، ترك عمال النسيج عملهم في العديد من المصانع وأرسلوا أشخاصا بالنيابة عنهم لدعم حركة الاحتجاج. الذي أدى إلى إضراب جماهيري. لقد خرج الجميع إلى الشوارع». بعد سبعة أيام من المظاهرات، تنازل القيصر نيقولا الثاني إمبراطور روسيا عن الحكم، ومنحت النساء حق التصويت من قبل الحكومة المؤقتة.
في عام 1917 بعد ثورة أكتوبر، أعلن البلاشفة ألكسندرا كولونتاي وفلاديمير لينين يوم المرأة العالمي عطلة رسمية في الاتحاد السوفيتي. في 8 مايو 1965 أصدرت هيئة رئاسة مجلس السوفيات الأعلى مرسوماً باعتبار اليوم العالمي للمرأة يوم عطلة في الاتحاد السوفيتي احتفالاً بالأعمال البارزة للمرأة السوفياتية في بناء الدولة الشيوعية، ودفاعهن عن الوطن خلال الحرب الوطنية العظمى وشجاعتهن وتفضيلهن للآخرين على أنفسهن، وكذلك إشارة إلى المساهمة الكبيرة للمرأة في تعزيز الصداقة بين الشعوب والنضال من أجل السلام. مع ذلك، لم يكن الاحتفال بيوم المرأة كما هو الحال في الأعياد الأخرى.
بعد اعتماده رسميًا في روسيا السوفيتية، بدأت أغلبية البلدان الشيوعية بالإضافة إلى الحركة الشيوعية في جميع أنحاء العالم بالاحتفال باليوم العالمي للمرأة. قادت الزعيمة الشيوعية “دولوريس إيباروري” مسيرة نسائية في مدريد عام 1936 عشية الحرب الأهلية الإسبانية. في عام 1922 احتفل الشيوعيون الصينيون بالعطلة لأول مرة، التي سرعان ما اكتسبت زخمًا عبر الطيف السياسي، في عام 1927 شهدت مدينة غوانزو مسيرة ضمت 25,000 من النساء والرجال المؤيدين وشارك فيها أيضا ممثلون عن الحزب القومي الصيني وجمعية الشابات المسيحيات والمنظمات العمالية. بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية في 1 أكتوبر 1949، أعلن مجلس الدولة في 23 ديسمبر من نفس العام أن الثامن من مارس سيكون عطلة رسمية وستمنح فيه النساء إجازة نصف يوم.
الأمم المتحدة..
ظل يوم المرأة العالمي في الغالب عطلة في البلدان الشيوعية حتى عام 1967 تقريبا عندما تم اعتماده من قبل الموجة النسوية الثانية. وعاد هذا اليوم للظهور باعتباره يومًا للنضال إذ يُعرف أحيانا في أوروبا باسم يوم النضال العالمي للمرأة. في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي انضم اليساريون والمنظمات العمالية إلى الجماعات النسائية في الدعوة إلى المساواة في الأجور وتكافؤ الفرص الاقتصادية والحقوق القانونية المتساوية وحقوق الإنجاب ورعاية الأطفال المدعومة ومنع العنف ضد المرأة.
بدأت الأمم المتحدة بالاحتفال باليوم العالمي للمرأة في عام 1975 والذي أطلق عليه اسم السنة الدولية للمرأة. في عام 1977 دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء إلى إعلان الثامن من مارس عطلة رسمية للأمم المتحدة من أجل حقوق المرأة والسلام العالمي. ومنذ ذلك الحين يُحتفل بهذا اليوم سنويا من قبل الأمم المتحدة والعديد من دول العالم، حيث يركز الاحتفال في كل عام على موضوع أو قضية معينة من القضايا المتعلقة بحقوق المرأة.
عطلة رسمية..
اليوم العالمي للمرأة هو عطلة رسمية في أفغانستان وأنغولا، أرمينيا، أذربيجان بيلاروس، بوركينا فاسو، كمبوديا، الصين (للنساء فقط)، كوبا، جورجيا، غينيا-بيساو، إريتريا، كازاخستان، لاوس، مقدونيا (للنساء فقط)، ومدغشقر (للنساء فقط)، ومولدوفا، منغوليا، نيبال (للنساء فقط)، روسيا، طاجيكستان وقيرغيزستان، تركمانستان، أوغندا، أوكرانيا، أوزبكستان، وفيتنام وزامبيا.
وفي بعض البلدان، مثل الكاميرون وكرواتيا، رومانيا، والجبل الأسود، البوسنة والهرسك، وصربيا، بلغاريا وشيلي، اليوم ليس عطلة رسمية، ولكن على نطاق واسع يلاحظ مع ذلك في مثل هذا اليوم أنه من المعتاد بالنسبة للرجل أن يعطي المرأة في حياته – أمهات وزوجات، والصديقات، بنات، الزملاء وإلخ – الزهور والهدايا الصغيرة. وفي بعض البلدان (مثل بلغاريا ورومانيا) يلاحظ أيضا كمكافئ لعيد الأم، حيث يعطي الأطفال أيضا الهدايا الصغيرة للأمهات والجدات.
احتجاج العاملات..
عن احتجاج العاملات الذي أصبح ملهما للاحتفال بيوم المرأة العالمي لم أجد سوى مقال واحد على الانترنت يتحدث عن حريق غير مدبر يقول المقال أنه: “يوم 25 آذار/مارس 1911، عاشت مدينة نيويورك الأميركية على وقع أسوأ كارثة صناعية في تاريخها. ففي مساء ذلك اليوم، ذهل الأميركيون لسماعهم خبر نشوب حريق هائل بمصنع الثياب Triangle Shirtwaist وسقوط عدد كبير من القتلى فشل جلّهم في مغادرة المكان بسبب إجراءات السلامة السيئة بمبنى المصنع وسرعة انتشار ألسنة اللهب بالمكان.
كان هذا المصنع، المملوك لكل من ماكس بلانك (Max Blanck) وإسحاق هاريس (Isaac Harris)، موجودا بالطوابق الثلاثة العليا لبناية آش (Asch)، المتكونة من 10 طوابق، بزاوية غرين ستريت بمانهاتن. وبحسب تقارير تلك الفترة، كان مصنع Triangle Shirtwaist معروفا باستغلاله للعمال، حيث اتجه مالكوه لتشغيل مهاجرات صغيرات في السن كان من ضمنهن من كنّ في الرابعة عشرة من عمرهم. وقد تجاوز عدد العمال 500 فرد أجبروا غالبا على العمل بشكل متواصل لمدة 12 ساعة يوميا مقابل أجرة أسبوعية بلغت 15 دولارا.
عانى هذا المصنع من إجراءات سلامة رديئة فقد كانت 3 من مصاعده الأربعة التي تصله بالطابق السفلي معطلة بينما أغلق أحد مدرجيه، الاثنين، من الخارج لمنع عمليات السرقة، حيث خضعت العاملات لعمليات تفتيش يومية عند مغادرتهن لمكان العمل، كما كان مخرج النجدة ضيقا جدا وتطلب إجلاء جميع العمال عن طريقه ساعات عديدة”.
ويواصل: “في المقابل، كانت جميع المؤسسات الصناعية على دراية بقوانين الوقاية من الحرائق. وبسبب الفساد الإداري المتفشي بنيويورك حينها، تجاهلت العديد من المصانع هذه القوانين وفضّلت عدم تطبيقها لتوفير أموال إضافية وسط غياب شبه تام لسلطات المدينة. وبحسب تقارير عديدة، لم يتردد كل من ماكس بلانك وإسحاق هاريس في إحراق مصنعيهما مرات عديدة خلال العقد الأول من القرن العشرين، دون التسبب في خسائر بشرية، للحصول على تعويضات هائلة من صناديق التأمين. ولهذا السبب رفض الرجلان تركيب أجهزة رش المياه بمصنعيهما لمقاومة الحرائق إيمانا منهما بإمكانية إحراقه للحصول على تعويضات في حال إفلاسه”.
ويكمل عن يوم الحريق: “مساء يوم السبت 25 آذار/مارس 1911، اندلع حريق هائل بالمصنع الذي كان يعج بمئات العاملات. وعلى الفور، حاول أحد المسؤولين إطفاء الحريق باستخدام خرطوم المياه وفشل في السيطرة عليه لتمتد بذلك ألسنة اللهب نحو جميع الطوابق، ملتهمة كل ما وقع في طريقها. في الأثناء، حوصر عدد كبير من العاملات داخل المبنى حيث تعطب المصعد، الذي كان يتسع لنحو 12 شخصا فقط، بسبب النيران وبعد نزوله 4 مرات للطابق السفلي، بالتالي علق عدد كبير من النساء بالداخل، ومن خلال إجراء تعيس حاولت بعض العاملات النجاة عن طريق إلقاء أنفسهن من نوافذ الطوابق العليا ففارقن الحياة عقب ارتطامهن بالأرض.
كانت سلالم فرق الإنقاذ قصيرة فبلغت الطابق السابع وفشلت في بلوغ بقية الطوابق. استمر الحريق لمدة 18 دقيقة فقط وأسفر عن مقتل 146 شخصا وإصابة 78 حيث احترق واختنق 49 عاملا وتوفي 36 آخرون بالمصعد وفارق 59 الحياة بعد أن ألقوا بأنفسهم من النوافذ، بينما شهدت الأيام التالية وفاة عاملتين بسبب تبعات إصابتهما. خلال الفترة التالية، رجّح المحققون الأميركيون فرضية اندلاع الحريق بسبب سيجارة، وسرعة التهاب القطن بالمصنع، كما فشلت المحكمة في إدانة كل من ماكس بلانك وإسحاق هاريس.
ولذلك، تظاهر ما يزيد عن 300 ألف شخص بشوارع نيويورك يوم 5 نيسان/أبريل 1911 للمطالبة بتحسين ظروف سلامة العمال، واحتج اتحاد عاملات الثياب العالمي على هذه الحادثة، فكسب مكانة هامة كمدافع عن حقوق العاملات”.